وتفصيل أحكامه يقع في مسائل:
م ـ715: يثبت خيار العيب للمشتري عند انكشاف عيب في المبيع، وللبائع عند انكشاف عيب في الثمن، والمراد من العيب هو: (ما يكون من نقص أو زيادة في الشيء على خلاف طبيعته وخلقته الأصلية، أو ما يكون معدوداً عند العرف عيباً حتى لو كان تامّ الخلقة وطبيعي التكوين، مما يختلف باختلاف الأعيان والمجتمعات)؛ نعم إذا كانت معظم أفراد النوع معيبة بذلك العيب لم يثبت بسببه خيار العيب، إلا أن يكون فيه عيب آخر. هذا ولا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية، بل يثبت به الخيار إن عُدّ عيباً رغم عدم نقص ماليته، غاية الأمر أنه لا يثبت به الأرش في موارد ثبوته ما دامت العين غير ناقصة المالية.
م ـ716: إذا ثبت العيب في العين ثبت الخيار به لصاحبها، فإن شاء أمضى المعاملة ورضي بالعين كما هي دون أن يطالب بأرش(أي: عوض ) التفاوت الواقع بين العين السليمة والمعيبة، وإن شاء فسخ المعاملة ورد العين إلى مالكها الأول؛ فإن لم يمكن الرد لزمه المضي في المعاملة والمطالبة بالأرش، وإنما يمتنع الرد في موارد:
الأول: تلف العين بأي سبب ومن أي متلف، فيتساوى في ذلك ما لو كان آفة طبيعية أو فعلاً بشرياً، وما لو كان المتلف هو المالك الأول أو الثاني أو الأجنبي، إذ إن حدوث التلف على العين بأي نحو موجبٌ لزوال حق صاحب الخيار بالفسخ ورد مثلها أو قيمتها وانحصار حقه بالرضى بالمعاملة مع أخذ أرش التفاوت.
الثاني: خروجها عن الملك بناقل لازم، كالبيع والهبة المعوضة، أو بناقل جائز كالهبة غير المعوضة.
الثالث: التصرف بالعين حال كونها عند مالكها الجديد، سواءً بفعله أو بفعل غيره، وذلك بتصرف خارجي موجب لتغير العين، كمثل صبغ الثوب أو خياطته أو نحوهما، دون ما لو كان غير مغير لها، كلبس الثوب وقيادة السيارة ونحوهما؛ أو بتصرف اعتباري مستلزم لتغير وضع العين، بمثل خروج منفعتها عن سلطة مالكها بالإجارة أو الرهن، لا بمثل إعارتها لأجنبي أو بمثل استخدامها من قبل أهل بيته ونحو ذلك مما لا يعد تصرفاً مهماً بها.
الرابع: حدوث عيب في العين بعد قبضها من مالكها السابق، دون فرق بين ما لو كان العيب بفعل أحدهما أو بفعل أجنبي أو حادث طبيعي.
م ـ717: إذا اشترى ما هو من المكيل أو الموزون بجنسه بدون تفاضل تجنباً للربا، فإنه إذا ظهر عيب في أحدهما فله المطالبة بأرش التفاوت عند عدم التمكن من الرد على الأقوى، وإن كان الأحوط استحباباً عدم المطالبة به، والرضا بالعقد على ما هو عليه.
م ـ718: كما يثبت الخيار بالعيب الحادث قبل العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض، وذلك بالنحو السابق، نعم إذا لم يتمكن من رد العين للأسباب المذكورة في مسألة سابقة جاز لمن انتقلت إليه العين المعيبة ـ ولنفرض أنه المشتري ـ أخذ الأرش إذا لم يكن ذلك العيب الحادث بعد العقد بفعله، وإلا فلا شيء له.
م ـ719: إذا كان الثمن أو المثمن شيئين على نحو الصفقة الواحدة المأخوذة بشرط الاجتماع وبقاء جزئيها، فظهر عيبٌ في أحد الشيئين، كان صاحب العين المعيبة بالخيار بين فسخ العقد برد المعيب وحده أو برد المعيب وغيره، لكنه إذا ردّ المعيب كان للآخر فسخ العقد في الصحيح بخيار تبعض الصفقة.
م ـ720: إذا اشترك شخصان في شراء شيء أو بيعه، فوجدا الثمن أو المثمن معيباً، جاز لأحدهما الفسخ في حصته، إضافة إلى جوازه لهما معاً في حصتيهما، لكنه إذا فسخ أحدهما في حصته كان للمالك الأول، بائعاً أو مشترياً، أن يفسخ العقد في حصة الآخر بخيار تبعض الصفقة.
م ـ721: إذا زال العيب قبل ظهوره لمالك العين الجديد سقط خياره.
م ـ722: المعيار في تحديد مقدار التفاوت بين قيمة الشيء صحيحاً وقيمته معيباً ـ وهو الذي يسمى (الأرش) ـ، أن يُرجَعَ إلى أهل الخبرة لتقويمه صحيحاً وتقويمه معيباً، فتؤخذ النسبة بينهما وينقص بقدرها من الثمن، سواء كان مختلفاً عن قيمته صحيحاً عند أهل الخبرة أو متفقاً معها؛ مثلاً: إذا كان قد اشترى الكتاب بثمانية، وكان سعره صحيحاً عند أهل الخبرة ثمانية ومعيباً بأربعة، كان الأرش الذي ينقص من الثمن هو الأربعة، أي نصف ثمنه صحيحاً؛ وإذا كان قد اشتراه بأربعة، وقوم صحيحاً ومعيباً بالسعرين السابقين، فإنه ينقص من الثمن مقدار نصفه وهو اثنان، وهكذا.
وإذا اختلف أهل الخبرة في تقويمه لوحظت النسبة بين القيم المختلفة، فإن اتحدت أسقط من الثمن بمقدارها؛ ومثال ذلك: أن يقومه بعضهم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة، وبعضهم الآخر صحيحاً بستة ومعيباً بثلاثة، فالنسبة بين القيمتين في كل من التقويمين هي النصف، فيسقُط بالأرش نصفُ ثمن المعيب.
وأما إذا اختلفت النسب بين التقويمين أو التقاويم وجب اعتماد الطريقة التالية التي نبينها على ضوء المثال التالي، وهو الذي افترضنا فيه حدوث الاختلاف بين تقويمين فقط، كما أننا افترضنا فيه الثمن المسمى أربعة دنانير ثمناً للثوب، مثلاً:
التقويم الأول: الصحيح (ثمانية) والمعيب (أربعة).
التقويم الثاني: الصحيح (عشرة) والمعيب (ستة).
فهنا نجمع قيم الصحيح مع بعضها ونقسمها على عدد التقاويم، فإن كانت اثنين قسم المجموع على اثنين، وإن كانت ثلاثة قسم على ثلاثة، وفي المثال المفروض لدينا تقويمان، فنأخذ نصف مجموع قيمتي الصحيح، ومقداره (9)، وهو حاصل الحساب التالي: (8+10÷2=9)؛ ثم نجمع قيم المعيب مع بعضها البعض بنفس الطريقة السابقة، ثم نأخذ نصف مجموع قيمتي المعيب المفترضتين في المثال، ومقداره (5)، وهو حاصل الحساب التالي: (4+6÷2=5) فتكون النسبة بين نصفي المجموعتين هي (5/9)، وهو الذي يمثل النسبة الواجب دفعها من الثمن المسمى، والذي هو حسب الفرض (4)، فيكون ما يجب دفعه من هذه الأربعة دنانير ثمناً لذلك المعيب هو: (2/2)، أي ديناران وجزءان من عشرة أجزاء من الدينار، وهو حاصل الحساب التالي: 4×5/9=20/36= (2،2) تقريباً، ويكون مقدار الأرش الساقط من الأربعة دنانير هو: (8،1)، وهو حاصل الحساب التالي: 4×4/9=16/36= (8،1) تقريباً.
م ـ723: إنما يثبت خيار العيب فيما إذا كان الثمن أو المثمن المعيب عيناً شخصية، أما إذا كان كلياً ودفع البائع أو المشتري منه فرداً معيباً فلا خيار، بل إن على دافع العين المعيبة إبدالها بفرد صحيح، فإن امتنع كان للآخر عليه خيارالفسخ لتعذر التسليم.
م ـ724: تعتبر الفورية العرفية في هذا الخيار، فلا يصح من صاحبه التباطؤ في استخدامه وتأخير الفسخ إن أراده أكثر من المتعارف فيه بحسب اختلاف موارده، وحيث لا يعتبر في نفوذ الفسخ حضور مَنْ عليه الخيار، فإنه لا يكون انتظار حضوره عند غيبته عذراً في ترك الفورية إلا إذا كان المتعارف في المعاملات حضوره عند إيقاع الفسخ.
م ـ725: يسقط الرد والأرش بأمور:
الأول: ببراءة أحد الطرفين أو كليهما من العيب حين العقد، مما يعد تعبيراً عن اشتراط عدم رد العين المعيبة وترك المطالبة بأرشها.
الثاني: بالاشتراط الصريح لسقوط حقه في الرد والأرش معاً وقبول الآخر بالشرط، وعليه فإنه لو اشترط سقوط الرد وحده دون الأرش صح الاشتراط، فيسقط الرد ويبقى الأرش.
الثالث: بإسقاط حقه في الخيار رداً وأرشاً، وإلا فإنه يسقط ما ينص على سقوطه منهما دون الآخر.
الرابع: بالعلم بالعيب قبل العقد.
الخامس: بالرضا بالعقد والالتزام به بعد العلم بالعيب، إذا ظهر منه ما يدل على تنازله عن الأرش، وإلا لم يكف مجرد الرضا بالعقد في سقوط الأرش.