[جاء في خطبة الرَّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك:]
"أيّها النَّاس، من حَسَّن منكم في هذا الشَّهر خلقه - بعض النّاس لا يحتمل أن يتكلّم معه أحد بحجّة أنّه صائم، فأنت كما تصوم عن الأكل والشّرب، عليك أن تصوم عن الغضب وعن ظلم الآخرين1... فالله يريدنا أن نعيش الصّوم الاجتماعي في حسن الأخلاق -2 كان له جواز على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام - ألا نتطلَّب جوازاً في كلّ سفر يمكن أن نلاقي فيه المشقّة والصّعوبات؟! إنَّك إذا حسَّنت أخلاقك مع أهلك وجيرانك وأرحامك وأصدقائك والنّاس من حولك، فإنَّ حسن الأخلاق يتحوَّل إلى جواز تتحرّك فيه على الصِّراط، فلا تزلّ قدمك هناك3.
ومَنْ خفّف في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه - إذا كان عندنا موظّفون، فإنّ علينا أن نخفِّف عن موظّفينا وعمّالنا إذا كانوا صائمين - خفَّف الله عليه حسابه.
ومن كفَّ فيه شرَّه، كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه - فعليك أن تكفَّ شرَّك عن الناس دائماً، ولكن يتعاظم هذا المعنى الاجتماعيّ في كفِّ شرِّك عن الناس في هذا الشَّهر...
فالله يريدنا في هذا الشَّهر أن نعيش الصَّوم الاجتماعي الذي يجعل منا مؤمنين صالحين، نعيش إنسانيّتنا في كلّ معانيها، في داخل أنفسنا وفي خارجها، وقال الإمام الصَّادق (ع): "ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا"4، وسمع رسول الله (ص) امرأةً تسبُّ جاريةً لها - ونحن قوم نسبّ بعضنا بعضاً في الكبير والصَّغير، بمناسبة وبغير مناسبة - وهي صائمة، فدعا رسول الله (ص) بطعام، فقال لها: "كلي" - ولم يكن المقصود من الرَّسول أن يجعلها تأكل، ولكن ليعطيها الموعظة بأسلوبٍ صالحٍ - فقالت: إنّي صائمة، فقال (ص): "كيف تكونين صائمةً وقد سببت جاريتك؟! وإنَّما جعلَ الله ذلكَ حجاباً عن سواهما من الفواحش من الفعلِ والقولِ"5، فالإنسان الَّذي يسبُّ إنساناً آخر وهو صائم، فكأنَّه أفطر في صومه، لأنَّ هناك إفطاراً على قسمين؛ فهناك إفطار مادّيّ، بأن لا يأكل ولا يشرب، وهناك إفطار معنويّ، كأن تسبّ إنساناً آخر أو تؤذيه أو تضربه، فأنت بذلك مفطر روحيّاً وإن كنت صائماً مادياً6.
[1]من خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ 1رمضان العام 1430 هـ/ الموافق: 21/ 8/ العام 2009م.
[2]خطبة جمعة لسماحته، بتاريخ: 2 رمضان العام 1420 هـ/ الموافق 10/12/ 1999.
[3]المصدر نفسه.
[4]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج93، ص 292.
[5]بحار الأنوار، ج 93، ص 293.
[6]المصدر نفسه.