وصيّةُ الإمامِ الصَّادقِ إلى أصحابِهِ

وصيّةُ الإمامِ الصَّادقِ إلى أصحابِهِ

كان من وصيّة الإمام الصّادق (ع) لأحد أصحابه، وهذه الوصيّة ليست لأولئك، ولكنّها لكم أيضاً، ولكلّ من يعيش في السّاحة الإسلاميّة عقليّة الانغلاق على المسلمين الآخرين، بفعل ما تحاول المخابرات الدوليّة الاستكباريّة أن تزرعه من الحقد بين المسلمين المختلفين في مذاهبهم أو في داخل المذهب الواحد. استمعوا إلى الإمام جعفر الصادق كيف يوصي كلّ مَن يطيعه منهم، ومنكم إذا كنتم تريدون أن تطيعوه، قال له:

"، فمن لم يكن ورعاً عن الحرام في دينكم، فليس ممّن يعيش وصايا أهل البيت (ع)، "والاجتهاد لله"، اجتهدوا لله بأن تكونوا له بكلّ ما تملكون من طاقة، وبكلّ ما تملكون من قوّة. معنى الاجتهاد لله، أن يكون جهدكم كلّه في ما تحملون من علم وقوَّة ومن كلّ الإمكانات، أن يكون جهدكم لله؛ تبذلونه له ولا تبذلونه لغيره، "وصِدْقِ الحديث"، فالكذّابون لا مكان لهم في دائرة أهل البيت، لأنَّ أهل البيت هم الصّادقون، ولأنَّ رسول الله سيّد أهل البيت وسيّد العالم، كان الصّادق، "وأداء الأمانة"، الخائنون لأماناتهم الّذين لا يحفظون أماناتهم، هؤلاء ليسوا من أهل البيت في شيء، "وطول السّجود" أن تكون خاشعاً لله، خاضعاً له، منسحقاً في شخصيَّته، لا كلمة لك أمام كلمة الله، ولا رأي لك أمام ما يريده الله، ولا شخصية لك أمام الله، عندما تقف في كلّ الساحات ويقال لك إنَّ الله يريد منك أن تفعل كذا وتفعل كذا، طأطئ رأسك لربّك، وعندما يريد الناس منك شيئاً لا يريده الله، ارفع رأسك وصَلِّبْه وقل: أنا حرّ في أن لا أفعل ما تقولون، لكن أمام الله أنا العبد الفقير الّذي لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً إلّا بالله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: 36].

أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، لأنَّ السجود يجسِّد معنى العبوديّة، يقال معنى الركوع أن تمدَّ عنقك لربّك: يا ربّي، إنّي خاضعٌ لك، وهذا عنقي بين يديك حتّى لو ضربته، وتسجد؛ يداك ساجدتان، وجبهتك ساجدة، وكلّ جسمك ساجد، لتقول له: يا ربّي، سَجَدَ لك جسمي، وسَجَدَ لك كلّ عقلي، وتسجد لك كلّ مشاعري، فأنا لا شيء أمامك، بك أصير شيئاً، بك صرتُ إنساناً، بكَ أصير قويّاً، بكَ أصير حرّاً، أمامك أنا لا أُساوي شيئاً، ولكن أمام الناس ـــ عندما أكون معك ـــ فإنّي أقف أمام أعظم شيء آخر.

إنَّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، وقد قالها رسول الله (ص): "وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخَفِّفوا عنها بطولِ سجودكم"1، تعلَّموا طول السّجود الذي تستنزفون به دموعكم بين يدي الله، وتنفتحون به لكلّ حاجاتهم ولكلّ مشاعركم أمام الله.

"وحُسْن الجوار" كونوا الجيران الطيّبين لكلّ من جاوركم، تحمَّلوا الأذى منهم ولا تؤذوهم وأحسنوا إليهم.

ثمّ قال: "أدُّوا الأمانة إلى مَن ائتمنكم عليها برّاً أو فاجراً، فإنَّ رسول الله (ص) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط"، لو استعرتم من أحدهم خيطاً وإبرة، فإنّ رسول الله يقول أدّوها إلى صاحبها مهما كانت قليلة.

"وصلوا عشائركم" ممّن تختلفون معهم في المذهب، "واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأَدّوا حقوقهم، فإنَّ الرّجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدَّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع النّاس، وقيل هذا جعفريّ، يسرّني ذلك، ويدخل على قلبي السرور، وقيل هذا أدب جعفر. وإذا كان غير ذلك، دخل عليَّ بلاؤه وعاره"2، أتحمّل بلاءه وعاره.

إذاً، أن تكون مسلماً شيعياً، وأن تكون جعفريّاً، فتلك مسؤوليّة. اُنظر ما عليه أئمّة أهل البيت (ع) وافعله، حتّى يكون انتسابك إليهم يجعلهم يعتزّون بهذا الانتساب، ولا يشعرون بالحرج من ذلك، لأنَّ التشيُّع ليس تعصُّباً، والتشيّع ليس سباباً، والتشيّع ليس طائفيّة، التشيّع هو خطّ الإسلام الذي انطلق أئمّة أهل البيت عليه في فهمهم للإسلام، لماذا قال رسول الله (ص): "إنّي تاركٌ فيكم الثّقلين، ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي من أهل بيتي"3؟ لأنَّ أهل البيت لا ينفصلون عن كتاب الله. كلام الله هو الوحي لكلامهم، وشريعة الله هي الأساس لما يتحرَّكون به من أحكام، مفاهيم الإسلام هي مفاهيمهم، ليس لأهل البيت حساب خاصّ بعيد من حساب الإسلام، ولهذا قال (ص): "جعل أهل بيتي في أُمّتي كسفينة نوح، مَن رَكِبَها نجا، ومَن رغب عنها غرق وهوى"4، لأنَّ أهل البيت يريدون أن يخرجونا من طوفان الضّلال والظّلم، ومن طوفان الكفر والانحراف.

ولهذا، إذا أردتم أن تنسبوا أنفسكم إلى أهل البيت (ع)، فانظروا ما هو التزامكم بالإسلام، وانظروا ما هو عملكم في خطّ الإسلام، وانظروا ما هو انتماؤكم إلى الإسلام، لأنَّ عليّاً يفكّر بالإسلام ولا شيء عنده غير الإسلام.

لهذا، كان الإمام الصادق (ع) يريد من أتباعه وشيعته أن يعيشوا في الأُفق الإسلاميّ الواسع، وأن يلتقوا مع كلّ المسلمين، حتّى لو اختلفوا معهم في الرّأي على أساس الإسلام، ليكون هذا الجوّ المنفتح هو السّبيل لأن تدخلوا في حوارٍ معهم، على أساس أنَّ هناك وضعاً طبيعيّاً، فبإمكانكم أن تتحدَّثوا معهم بحريّة، ويتحدّثوا معكم بحريّة، لتصلوا إلى الحقّ من خلال ذلك الحوار.

*من كتاب " الجمعة منبر ومحراب".

[1]البحار، ج:96، ص:357، رواية:25، باب:46

[2]الكافي، الكليني، ج2، ص 636.

[3]البحار، ج:2، ص:99، رواية:59، باب:14.

[4]البحار، ج:77، ص:77، رواية:3، باب:4

كان من وصيّة الإمام الصّادق (ع) لأحد أصحابه، وهذه الوصيّة ليست لأولئك، ولكنّها لكم أيضاً، ولكلّ من يعيش في السّاحة الإسلاميّة عقليّة الانغلاق على المسلمين الآخرين، بفعل ما تحاول المخابرات الدوليّة الاستكباريّة أن تزرعه من الحقد بين المسلمين المختلفين في مذاهبهم أو في داخل المذهب الواحد. استمعوا إلى الإمام جعفر الصادق كيف يوصي كلّ مَن يطيعه منهم، ومنكم إذا كنتم تريدون أن تطيعوه، قال له:

"، فمن لم يكن ورعاً عن الحرام في دينكم، فليس ممّن يعيش وصايا أهل البيت (ع)، "والاجتهاد لله"، اجتهدوا لله بأن تكونوا له بكلّ ما تملكون من طاقة، وبكلّ ما تملكون من قوّة. معنى الاجتهاد لله، أن يكون جهدكم كلّه في ما تحملون من علم وقوَّة ومن كلّ الإمكانات، أن يكون جهدكم لله؛ تبذلونه له ولا تبذلونه لغيره، "وصِدْقِ الحديث"، فالكذّابون لا مكان لهم في دائرة أهل البيت، لأنَّ أهل البيت هم الصّادقون، ولأنَّ رسول الله سيّد أهل البيت وسيّد العالم، كان الصّادق، "وأداء الأمانة"، الخائنون لأماناتهم الّذين لا يحفظون أماناتهم، هؤلاء ليسوا من أهل البيت في شيء، "وطول السّجود" أن تكون خاشعاً لله، خاضعاً له، منسحقاً في شخصيَّته، لا كلمة لك أمام كلمة الله، ولا رأي لك أمام ما يريده الله، ولا شخصية لك أمام الله، عندما تقف في كلّ الساحات ويقال لك إنَّ الله يريد منك أن تفعل كذا وتفعل كذا، طأطئ رأسك لربّك، وعندما يريد الناس منك شيئاً لا يريده الله، ارفع رأسك وصَلِّبْه وقل: أنا حرّ في أن لا أفعل ما تقولون، لكن أمام الله أنا العبد الفقير الّذي لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً إلّا بالله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: 36].

أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، لأنَّ السجود يجسِّد معنى العبوديّة، يقال معنى الركوع أن تمدَّ عنقك لربّك: يا ربّي، إنّي خاضعٌ لك، وهذا عنقي بين يديك حتّى لو ضربته، وتسجد؛ يداك ساجدتان، وجبهتك ساجدة، وكلّ جسمك ساجد، لتقول له: يا ربّي، سَجَدَ لك جسمي، وسَجَدَ لك كلّ عقلي، وتسجد لك كلّ مشاعري، فأنا لا شيء أمامك، بك أصير شيئاً، بك صرتُ إنساناً، بكَ أصير قويّاً، بكَ أصير حرّاً، أمامك أنا لا أُساوي شيئاً، ولكن أمام الناس ـــ عندما أكون معك ـــ فإنّي أقف أمام أعظم شيء آخر.

إنَّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، وقد قالها رسول الله (ص): "وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخَفِّفوا عنها بطولِ سجودكم"1، تعلَّموا طول السّجود الذي تستنزفون به دموعكم بين يدي الله، وتنفتحون به لكلّ حاجاتهم ولكلّ مشاعركم أمام الله.

"وحُسْن الجوار" كونوا الجيران الطيّبين لكلّ من جاوركم، تحمَّلوا الأذى منهم ولا تؤذوهم وأحسنوا إليهم.

ثمّ قال: "أدُّوا الأمانة إلى مَن ائتمنكم عليها برّاً أو فاجراً، فإنَّ رسول الله (ص) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط"، لو استعرتم من أحدهم خيطاً وإبرة، فإنّ رسول الله يقول أدّوها إلى صاحبها مهما كانت قليلة.

"وصلوا عشائركم" ممّن تختلفون معهم في المذهب، "واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأَدّوا حقوقهم، فإنَّ الرّجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدَّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع النّاس، وقيل هذا جعفريّ، يسرّني ذلك، ويدخل على قلبي السرور، وقيل هذا أدب جعفر. وإذا كان غير ذلك، دخل عليَّ بلاؤه وعاره"2، أتحمّل بلاءه وعاره.

إذاً، أن تكون مسلماً شيعياً، وأن تكون جعفريّاً، فتلك مسؤوليّة. اُنظر ما عليه أئمّة أهل البيت (ع) وافعله، حتّى يكون انتسابك إليهم يجعلهم يعتزّون بهذا الانتساب، ولا يشعرون بالحرج من ذلك، لأنَّ التشيُّع ليس تعصُّباً، والتشيّع ليس سباباً، والتشيّع ليس طائفيّة، التشيّع هو خطّ الإسلام الذي انطلق أئمّة أهل البيت عليه في فهمهم للإسلام، لماذا قال رسول الله (ص): "إنّي تاركٌ فيكم الثّقلين، ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً؛ كتاب الله، وعترتي من أهل بيتي"3؟ لأنَّ أهل البيت لا ينفصلون عن كتاب الله. كلام الله هو الوحي لكلامهم، وشريعة الله هي الأساس لما يتحرَّكون به من أحكام، مفاهيم الإسلام هي مفاهيمهم، ليس لأهل البيت حساب خاصّ بعيد من حساب الإسلام، ولهذا قال (ص): "جعل أهل بيتي في أُمّتي كسفينة نوح، مَن رَكِبَها نجا، ومَن رغب عنها غرق وهوى"4، لأنَّ أهل البيت يريدون أن يخرجونا من طوفان الضّلال والظّلم، ومن طوفان الكفر والانحراف.

ولهذا، إذا أردتم أن تنسبوا أنفسكم إلى أهل البيت (ع)، فانظروا ما هو التزامكم بالإسلام، وانظروا ما هو عملكم في خطّ الإسلام، وانظروا ما هو انتماؤكم إلى الإسلام، لأنَّ عليّاً يفكّر بالإسلام ولا شيء عنده غير الإسلام.

لهذا، كان الإمام الصادق (ع) يريد من أتباعه وشيعته أن يعيشوا في الأُفق الإسلاميّ الواسع، وأن يلتقوا مع كلّ المسلمين، حتّى لو اختلفوا معهم في الرّأي على أساس الإسلام، ليكون هذا الجوّ المنفتح هو السّبيل لأن تدخلوا في حوارٍ معهم، على أساس أنَّ هناك وضعاً طبيعيّاً، فبإمكانكم أن تتحدَّثوا معهم بحريّة، ويتحدّثوا معكم بحريّة، لتصلوا إلى الحقّ من خلال ذلك الحوار.

*من كتاب " الجمعة منبر ومحراب".

[1]البحار، ج:96، ص:357، رواية:25، باب:46

[2]الكافي، الكليني، ج2، ص 636.

[3]البحار، ج:2، ص:99، رواية:59، باب:14.

[4]البحار، ج:77، ص:77، رواية:3، باب:4

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية