ومورد الإشكال في ميراثهم هو جهالة من هو الذي مات منهم قبل الآخر ليتعين من يرث منهم الآخر، وهو ما سوف نفصله في هذا المبحث في مسائل:
ـ إذا توفي شخصان أو أكثر بينهما نسب أو سبب موجبان للإرث، فإن عُلم أنَّ الوفاة قد حدثت لهما في وقتٍ واحد، سواءً كان الموت حتف الأنف أو كان بأي سبب من الأسباب، كالحرق والغرق والقتل وغيرها، لم يرث أحدهما الآخر ما دام كل منهما لم يتوفر فيه شرط الميراث الأساس وهو: أن يكون الوارث حياً حين موت المورِّث؛ بل يرث كلَّ واحد منهما وارثُه الحي، وهكذا الحكم في موت أكثر من شخصين في وقت واحد؛ فلو مات الزوجان في وقت واحد لم يرث أحدهما الآخر، بل يرثهما أبناؤهما وآباؤهما مع وجودهم، وإلا فغيرهم من سائر الطبقات، ومثله ما لو مات الوالد والوالدة وأبناؤهما جميعاً في وقت واحد، فلا يرث أحدهم الآخر، بل يرثهم سائر الورثة الأقرب فالأقرب. وإن لم يعلم حالهما هذه الجهة، فجُهل إن كانا قد تقارنا في الموت أو سبق أحدهما الآخر، أو عُلم سبق أحدهما وجُهل السابق، ففي هذه الحالة يرث كل واحد منهما الآخر، كما يرث كلَّ واحد منهما ورثتهُ الأحياءُ، سواءٌ في ذلك أسبابُ الموت الواقعة عليهم، وسواءٌ ما لو اتحد السببُ فيهم جميعاً أو اختلف، وذلك كالغرق والحرق والخسف وحوادث السير والوقوع من شاهق والتَسمُّم والقصف وغيرها مما لا يكاد يُحصى. نعم إذا كان الموتُ حتفَ الأَنفِ، أي: بدون سبب ظاهر، فإن وراثة كل منهما للآخر محل إشكال، والأحوط وجوباً تصالح الورثة فيما بينهم بالنحو الذي يُرضي الطرفَ المتضرر منهم على تقدير عدم ثوريثه أو نقصان نصيبه بذلك.
ـ إن توزيع التركة بين الأطراف الذين تُوفوا معاً بعضهم مع البعض الآخر، من جهة، ثم توزيعها نفسها ـ بضميمة ما زاد عليها وما نقص منها نتيجةً لتوارث المُتوفِّين بعضهم للبعض الآخر ـ بين الأحياء الوارثين لكلا الطرفين الميتين، من جهة أخرى، إن توزيع التركة بين هؤلاء جميعاً يجب أن يُنطلَقَ في حلِّ تعقيداته من لحاظين: