المجيب عن الاستشارة: حنان محمد مرجي، مختصّة في علم النّفس العيادي والتوافقي.
استشارة..
عندما كنت طفلاً صغيراً، شاهدت مقطع فيديو لطفلٍ مشوّهٍ بشكلٍ كامل، زرع الرعب في قلبي، وأصبح لديَّ خوف من أن أرى هذا الطّفل أمامي، وهو خوفٌ يتفاقم عند موعد الاستيقاظ لصلاة الصّبح، وفي أوقات المساء، ويجعلني أخشى البقاء بمفردي في المنزل. هذه المشكلة تضاءلت مع الوقت، لكنّها تجدَّدت عندما رأيت مقطع فيديو لطفلٍ آخرَ مشوَّه.
أعلم أنَّ هذا الأمر سخيف، ولكنَّه قهري، ويصعب عليَّ التخلّص منه. حاولت مشاهدة هذا الفيديو مرّةً ثانية، انطلاقاً من قول: "إذا هبت شيئاً فقع فيه"، ولكنّني لم أنجح بسبب التخوّف من هذا المشهد.
فهل من علاجٍ لمشكلتي تجعلني أخرج من هذه الحالة النفسيّة؟
وجواب..
قد يبدو سبب المشكلة في الظَّاهر سخيفاً، إلا أنَّ المشاعر المرتبطة بها، والانفعالات الّتي تعانيها، ليست سخيفةً أبداً.
إنَّ الطّفل عادةً يمتلك مخيّلةً واسعةً، وتحتفظ ذاكرة الإنسان بكلّ الصّور والتّجارب والخبرات الّتي تحصل معه، وتختزنها في لاوعيه. وترتبط المشاعر والانفعالات بالصّور، بحيث قد تثير أيّ صورةٍ انفعالاً سابقاً عند مشاهدتها مجدّداً. وبعض المخاوف لا تتبدَّد، بسبب حضورها الدّائم في الذهن واسترجاعها في كلّ وقت.
إنَّ الإنسان بشكلٍ عامّ لا يُحبّ الشعور بالنّقص والبشاعة والتشوّه، لأنّه لا يستطيع أن يتقبّل بسهولة أن يعاني هو هذه المشاكل. لذا، نجد الخوف هو الأبرز على ساحة الانفعال عند مشاهدة هذه الصّور، لأنَّ الإنسان لديه صورة مثاليَّة في خياله عن نفسه، يطمح إليها في لاوعيه، ولا يحتمل أن ينالها أيّ تشوّه.
وللتخلّص من هذه المخاوف، حاول أن تتبع الإرشادات التّالية:
ـ عند الشّعور بالخوف من الفكرة، حاول أن تُركّز على التنفّس، وخذ نفساً عميقاً(شهيق وزفير).
ـ حاول أن تركّز أثناء ذلك على ذكرٍ معيّنٍ تحبّه، أو اسمٍ من الأسماء الحسنى، مثل: "يا الله"، "سبحان الله"، لتشتيت الأفكار السلبيَّة.
ـ عند النّوم، واجه نفسك بأنَّ هذه الفكرة ليست مخيفةً، وأنت الذي تسمح لها بأن ترافقك، وحاول أن تتخيَّل أشياء جميلةً وأماكن جميلة، أو أنَّك تنجز أمراً ناجحاً بعد أن تؤدِّي بعض الأذكار المستحبَّة قبل النّوم، فهذه الخطوة تساعد الدِّماغ على إزالة الخوف تدريجيّاً .
ـ ركِّز على حوارك الدّاخليّ مع نفسك، وتحدَّث بتفاؤلٍ وشجاعة، واجعل حوارك الذاتيّ منطقيّاً، وتخيَّل مثلاً أنَّ أحداً آخر هو من يطرح هذه المشكلة: ما هو جوابك له؟ وبمَ تنصحه؟ كيف ترشده؟ وكن مُعلّم نفسك.
وأخيراً، إذا وجدت نفسك لا تستطيع فعل هذه الخطوات وحدك، لا تتردَّد في الحصول على استشارة في العيادة، لتغيير هذا الواقع، والتخلّص من المشكلة نهائيّاً.
أطيب التمنّيات لك، وأهلاً وسهلاً بك. تحيّاتي.
***
مرسل الاستشارة: ...
التّاريخ: 25 آذار 2015م.
نوع الاستشارة: نفسيّة.