قد يتساءل البعض للوهلة الأولى، أنه لماذا في كثير من الأماكن في القرآن الكريم،
يعبِّر بعض الأنبياء عن توتّرهم أو قلقهم أو صدمتهم من حدث معيَّن يجري معهم بشكل
يجعلهم يطلقون كلمات ومواقف في ظاهرها قد يفهم منها المشتبه أنها تتعارض مع
روحانيّتهم العالية ومع إيمانهم وتسليمهم بإرادة الله المطلقة، ومن ذلك، ما قاله
نبي الله زكريا (عليه السلام) عندما صدم واندهش بأنّ الله تعالى سيرزقه ولد على كبر
سنّه، وقد جرى توجيه المسألة وتوضيحها من قبل المفسّرين.
العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)، وفي معرض جوابه عن سؤال حول قضيّة
تفاجؤ زكريا، يقول:
"تفاجؤه لا يعبّر عن عدم الثقة بالقدرة الإلهيّة، ولكن عن الدهشة من حصول ذلك مع
الحواجر الطبيعية التي تحول بينه وبين ذلك، مع علمه بأنّ الله أجرى الحياة في
الولادة وغيرها على نظم معينة، فهو يعبّر عن ردّ الفعل الطبيعية للإنسان أمام خرق
عادة الكون والنظام، والقرآن الكريم يعبّر عن موقفه: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ
لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}(آل عمران: 40)". (استفتاءات – شبهات وردود).
وفي موضع آخر، يوضح سماحته أسباب هذه الصّدمة من قبل نبيّ الله زكريا (عليه السلام)،
إذ كانت بطريقة طبيعية عفويّة تبرز عمق الإيمان والطمأنينة، وتؤكّد الثقة المطلقة
بالله تعالى عن صدق وإخلاص: "وربما كان من مظاهر الضعف البشري الّذي لا ينافي
العصمة، هو هذه الصّدمة ـ المفاجأة التي هزّت أعماقه بالبشارة بالولد، وقد بلغ هو
وامرأته ما بلغا من الكبر، وهو ما لا يتناسب مع واقعيّة إنجاب الولد، فقد انطلقت
بطريقةٍ عفويّةٍ كأية حالةٍ إنسانيةٍ في الظروف المماثلة، في الوقت الذي كان يعيش
الثقة بالله من خلال إيمانه عندما دعاه أن يرزقه وليّاً يرثه ويرث من آل يعقوب،
لكنها الحالات الإنسانية اللاشعورية، تماماً كما هي التقلًّصات الجسدية التي تحدث
للإنسان عند حصول أية حالةٍ من الخوف أو الضعف أو الرغبة أو الرهبة من دون اختيار
له، ثم ينطلق الوعي الفكري أو الروحي أو الشعوري لينظِّم حركة هذا الشعور، وليعالج
الصّدمة، ويستكين للإيمان الواعي الذي يفلسف الأمور ليرجعها إلى أسبابها وطبيعتها
في قدرة الله في الأشياء التي تملك في ذاتها قابليّة حركة القدرة فيها.
ولعلّ هذا هو تفسير العجب الذي استولى على زكريّا، مع إيمانه العميق بالقدرة
الإلهيّة التي لا يعجزها شيء، والذي كان وراء الدعاء الخاشع الصّادر عنه لله". (تفسير
من وحي القرآن – ج 5).
إنه تعبير عن واقع حال الإنسان الضعيف المحدود الذي تبهره قدره الله ومعاجزه، فلا
سنن وقوانين تقف في وجه معاجز الله وإرادته الّتي تدلّ على حكمته في خلقه. يقول
العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة (رحمه الله):
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ}، أي عظمت قدرتك التي تخطّت السنن
والعادات بالمعجزات! {وَقَدْ بَلَغَنِيَ اَلْكِبَرُ} قيل كانت له 99 سنة وقيل 120 {وَاِمْرَأَتِي
عَاقِرٌ} لا تلد، قيل: لها ثمان وتسعون سنة {قَالَ كَذَلِكَ اَللهُ يَفْعَلُ مَا
يَشَاءُ}، ولا رادّ لمشيئته.
إنّ الأنبياء كبشر يتصرّفون أمام المواقف بكلّ عفوية وبساطة تعبر عن إنسانيتهم وما
يختلج في صدورهم وما يدور في فكرهم، بما يؤكّد ثقتهم التامّة بالله تعالى عن رشد
وفهم وقناعة، وبما يجعل إيمانهم مرتكزاً على السير الطبيعي للأحداث والمواقف، وعن
بصيرة وسؤال معرفي يضع الأمور في سياقاتها الطبيعيّة.
قد يتساءل البعض للوهلة الأولى، أنه لماذا في كثير من الأماكن في القرآن الكريم،
يعبِّر بعض الأنبياء عن توتّرهم أو قلقهم أو صدمتهم من حدث معيَّن يجري معهم بشكل
يجعلهم يطلقون كلمات ومواقف في ظاهرها قد يفهم منها المشتبه أنها تتعارض مع
روحانيّتهم العالية ومع إيمانهم وتسليمهم بإرادة الله المطلقة، ومن ذلك، ما قاله
نبي الله زكريا (عليه السلام) عندما صدم واندهش بأنّ الله تعالى سيرزقه ولد على كبر
سنّه، وقد جرى توجيه المسألة وتوضيحها من قبل المفسّرين.
العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)، وفي معرض جوابه عن سؤال حول قضيّة
تفاجؤ زكريا، يقول:
"تفاجؤه لا يعبّر عن عدم الثقة بالقدرة الإلهيّة، ولكن عن الدهشة من حصول ذلك مع
الحواجر الطبيعية التي تحول بينه وبين ذلك، مع علمه بأنّ الله أجرى الحياة في
الولادة وغيرها على نظم معينة، فهو يعبّر عن ردّ الفعل الطبيعية للإنسان أمام خرق
عادة الكون والنظام، والقرآن الكريم يعبّر عن موقفه: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ
لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}(آل عمران: 40)". (استفتاءات – شبهات وردود).
وفي موضع آخر، يوضح سماحته أسباب هذه الصّدمة من قبل نبيّ الله زكريا (عليه السلام)،
إذ كانت بطريقة طبيعية عفويّة تبرز عمق الإيمان والطمأنينة، وتؤكّد الثقة المطلقة
بالله تعالى عن صدق وإخلاص: "وربما كان من مظاهر الضعف البشري الّذي لا ينافي
العصمة، هو هذه الصّدمة ـ المفاجأة التي هزّت أعماقه بالبشارة بالولد، وقد بلغ هو
وامرأته ما بلغا من الكبر، وهو ما لا يتناسب مع واقعيّة إنجاب الولد، فقد انطلقت
بطريقةٍ عفويّةٍ كأية حالةٍ إنسانيةٍ في الظروف المماثلة، في الوقت الذي كان يعيش
الثقة بالله من خلال إيمانه عندما دعاه أن يرزقه وليّاً يرثه ويرث من آل يعقوب،
لكنها الحالات الإنسانية اللاشعورية، تماماً كما هي التقلًّصات الجسدية التي تحدث
للإنسان عند حصول أية حالةٍ من الخوف أو الضعف أو الرغبة أو الرهبة من دون اختيار
له، ثم ينطلق الوعي الفكري أو الروحي أو الشعوري لينظِّم حركة هذا الشعور، وليعالج
الصّدمة، ويستكين للإيمان الواعي الذي يفلسف الأمور ليرجعها إلى أسبابها وطبيعتها
في قدرة الله في الأشياء التي تملك في ذاتها قابليّة حركة القدرة فيها.
ولعلّ هذا هو تفسير العجب الذي استولى على زكريّا، مع إيمانه العميق بالقدرة
الإلهيّة التي لا يعجزها شيء، والذي كان وراء الدعاء الخاشع الصّادر عنه لله". (تفسير
من وحي القرآن – ج 5).
إنه تعبير عن واقع حال الإنسان الضعيف المحدود الذي تبهره قدره الله ومعاجزه، فلا
سنن وقوانين تقف في وجه معاجز الله وإرادته الّتي تدلّ على حكمته في خلقه. يقول
العلامة الشيخ محمد جواد مغنيّة (رحمه الله):
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ}، أي عظمت قدرتك التي تخطّت السنن
والعادات بالمعجزات! {وَقَدْ بَلَغَنِيَ اَلْكِبَرُ} قيل كانت له 99 سنة وقيل 120 {وَاِمْرَأَتِي
عَاقِرٌ} لا تلد، قيل: لها ثمان وتسعون سنة {قَالَ كَذَلِكَ اَللهُ يَفْعَلُ مَا
يَشَاءُ}، ولا رادّ لمشيئته.
إنّ الأنبياء كبشر يتصرّفون أمام المواقف بكلّ عفوية وبساطة تعبر عن إنسانيتهم وما
يختلج في صدورهم وما يدور في فكرهم، بما يؤكّد ثقتهم التامّة بالله تعالى عن رشد
وفهم وقناعة، وبما يجعل إيمانهم مرتكزاً على السير الطبيعي للأحداث والمواقف، وعن
بصيرة وسؤال معرفي يضع الأمور في سياقاتها الطبيعيّة.