ليس لأحد أن يكفِّر مسلماً

ليس لأحد أن يكفِّر مسلماً
 

عندما ندرس القرآن الكريم، نجد أنّه أكّد العقيدة الإسلامية في أصلين أساسيّين ثابتين يتفرّع منهما أصل ثالث، وأوّل هذه الأصلين، هو توحيد الله الذي يمثّل جوهر رسالات الأنبياء كلّهم، والذي يعبّر عن أنّ الله سبحانه وتعالى هو سرّ الوجود والخلق والنعمة وسرّ الحياة بشكل عام، وأنّه لا اله إلا هو، ولا عبادة لغيره، ولا طاعة لسواه في ما أمر به أو نهى عنه. والثابت الثاني، هو الإيمان برسول الله، باعتباره الرسول الذي يتحرك من خلال الرسالة التي أوحى الله بها إليه.

وعلى هذا الأساس، فإنّ الرسول ينطلق في رسالته من خلال ما أوحى الله به إليه وما رخّصه له، وما ألهمه إياه من أسس ترتكز عليها الأحكام الشرعيّة والمفاهيم الأخلاقيّة، مما يدخل في حساب السُنّة فيما لم يُفَصّله القرآن، لأنّ السُنّة النبوية الشريفة تمثّل خطاً لبيان ما أجمله القرآن من التفاصيل...

ونحن نقرأ في القرآن: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: 7]. ونقرأ أيضاً: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}[آل عمران: 31]، لأنّ اتّباعكم لي ليس اتّباعاً لذاتي، وإنما هو اتّباعٌ للرّسالة التي أوحى الله بها إليّ، وما أكلّفكم به هو ما كلّفكم به الله.

أمّا الأصل الثالث الّذي يتفرّع من هذين الأصلين، فهو الإيمان باليوم الآخر.

ومن الطبيعي أنّ الإيمان بالرسول يفرض الإيمان بحقائق العقيدة وحقائق الشّريعة التي بلغها، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون هناك مجال للاجتهاد في فهم التفاصيل التي جاءت بها الآيات أو السنة النبويّة، لأنَّ النصّ ثابت في مفرداته، لكنّ المعاني التي يشتمل عليها النصّ متحرّكة، كما أنّ فهم النصّ يخضع لاجتهاد المجتهدين، ممّا يختلف باختلاف القدرات والملكات التي يتمتّع بها كلّ منهم.

فعندما نتحدّث عن العدل مثلاً، فإن مفهوم العدل في اللغة يعني الاستقامة على الخطّ، ولكن حركة العدل فيما يتعلّق بحقوق الناس وفي علاقات بعضهم ببعض وما إلى ذلك، هو مما يمكن للإنسان أن ينفتح عليه بكثير من الاجتهاد. لذلك، من آمن بالله والرّسول واليوم الآخر فهو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وليس لأحد أن يكفِّره، لأنّ النبي(ص) قال: "كلّ المسلم على المسلم حرام"، وقال: "لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".

من آمن بالله والرّسول واليوم الآخر، فهو مسلم، وليس لأحد أن يكفّره...

حوار مع مجلة "فكر" الثقافية، بتاريخ 5 صفر 1430 هـ / ٣١/١٢/٢٠٠٩م
 

عندما ندرس القرآن الكريم، نجد أنّه أكّد العقيدة الإسلامية في أصلين أساسيّين ثابتين يتفرّع منهما أصل ثالث، وأوّل هذه الأصلين، هو توحيد الله الذي يمثّل جوهر رسالات الأنبياء كلّهم، والذي يعبّر عن أنّ الله سبحانه وتعالى هو سرّ الوجود والخلق والنعمة وسرّ الحياة بشكل عام، وأنّه لا اله إلا هو، ولا عبادة لغيره، ولا طاعة لسواه في ما أمر به أو نهى عنه. والثابت الثاني، هو الإيمان برسول الله، باعتباره الرسول الذي يتحرك من خلال الرسالة التي أوحى الله بها إليه.

وعلى هذا الأساس، فإنّ الرسول ينطلق في رسالته من خلال ما أوحى الله به إليه وما رخّصه له، وما ألهمه إياه من أسس ترتكز عليها الأحكام الشرعيّة والمفاهيم الأخلاقيّة، مما يدخل في حساب السُنّة فيما لم يُفَصّله القرآن، لأنّ السُنّة النبوية الشريفة تمثّل خطاً لبيان ما أجمله القرآن من التفاصيل...

ونحن نقرأ في القرآن: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: 7]. ونقرأ أيضاً: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}[آل عمران: 31]، لأنّ اتّباعكم لي ليس اتّباعاً لذاتي، وإنما هو اتّباعٌ للرّسالة التي أوحى الله بها إليّ، وما أكلّفكم به هو ما كلّفكم به الله.

أمّا الأصل الثالث الّذي يتفرّع من هذين الأصلين، فهو الإيمان باليوم الآخر.

ومن الطبيعي أنّ الإيمان بالرسول يفرض الإيمان بحقائق العقيدة وحقائق الشّريعة التي بلغها، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون هناك مجال للاجتهاد في فهم التفاصيل التي جاءت بها الآيات أو السنة النبويّة، لأنَّ النصّ ثابت في مفرداته، لكنّ المعاني التي يشتمل عليها النصّ متحرّكة، كما أنّ فهم النصّ يخضع لاجتهاد المجتهدين، ممّا يختلف باختلاف القدرات والملكات التي يتمتّع بها كلّ منهم.

فعندما نتحدّث عن العدل مثلاً، فإن مفهوم العدل في اللغة يعني الاستقامة على الخطّ، ولكن حركة العدل فيما يتعلّق بحقوق الناس وفي علاقات بعضهم ببعض وما إلى ذلك، هو مما يمكن للإنسان أن ينفتح عليه بكثير من الاجتهاد. لذلك، من آمن بالله والرّسول واليوم الآخر فهو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وليس لأحد أن يكفِّره، لأنّ النبي(ص) قال: "كلّ المسلم على المسلم حرام"، وقال: "لا ترجعنّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".

من آمن بالله والرّسول واليوم الآخر، فهو مسلم، وليس لأحد أن يكفّره...

حوار مع مجلة "فكر" الثقافية، بتاريخ 5 صفر 1430 هـ / ٣١/١٢/٢٠٠٩م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية