حكم التصرّف بمال الشركة غير الاستثمارية
وفيه مسائل:
ـ لما كان تصرف أحد الشركاء بأي جزء من أجزاء العين المشتركة موجباً لتصرّفه بمال الغير، فضلاً عما لو تصرف بجميع العين، وحيث قد يرغب جميعهم ـ أو بعضهم ـ في التصرف فيها كلياً أو جزئياً، فإنهم إذا تراضوا فيما بينهم على أمر يُبقي الشركة ويُسَهِّل التصرف بالعين، أو على أمر يلغي الشركة، كالتقاسم، كان خيراً، وإن لم يتراضوا على أمر وجب على كل منهم إجابة الآخر إلى القسمة ـ إجمالاً ـ بالنحو الذي سنبيّنه إذا طلبها، أو يأذن المطلوب منه للطالب بالتصرّف بجزء من العين مجاناً إذا كان بمقدار حصته، أو بما هو أزيد من حصته ـ ولو بتمام العين ـ مجاناً أو بعوض، وبخاصة إذا كان طالب الانتفاع متضرراً بتركه؛ فإذا امتنع عن القسمة وعن الإذن بالتصرف، مع إمكانهما أو إمكان أحدهما، كان آثماً، وجاز للمتضرر رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي ليفض النزاع. وكيفما كان الأمر فإنه لا يجوز لأحد الشركاء أن يتصرف بالعين المشتركة إلا أن يأذن سائر الشركاء بذلك أو يأذن به الحاكم الشرعي مع امتناعهم وعدم التراضي على القسمة.
نعم، يغني عن الإذن كونُ الاشتراك في بعض الأعيان مبتنياً على التصرف فيه بدون استئذان، وذلك كمثل الأرض المشتركة إذا جُعلت موقفاً لسيارات الشركاء، أو ملعباً رياضياً لهم، أو نحو ذلك، فإنه يجوز لكل شريك أن ينتفع بها بالنحو المتفق عليه دون استئذان سائر الشركاء.
هذا، ولا يكفي في تصرف الآذن بالعين المشتركة كونُه قد أذن لشريكه بالتصرف، بل لا بد له من استئذان المأذون له أيضاً، وبعبارة أخرى: إن تصرف الشريكين بالعين المشتركة بينهما يحتاج إلى أن يأذن كلُّ واحد منهما للآخر، فلا يغني الإذن لأحدهما عن لزوم استئذان الآخر.
ـ يجب أن يقتصر المأذون له في التصرف بالعين المشتركة على المقدار والكيفية اللتين نص عليهما الآذن، ويكفي لجواز التصرف في توابع العين الإذنُ بالتصرف في العين ما لم يَنُصَّ على المنع من بعض توابعها، فإذا أذن له في سكنى الدار كان ذلك إذناً ـ عرفاً ـ في إسكان زوجته وأطفاله وخادمه وتردد ضيوفه وزواره، إلا أن يمنعه من بعضها فيلزمه الامتناع.
ـ إذا أذن لشريكه بتصرف معين لم يُلزم الآذن به دائماً، فيجوز له الرجوع عن إذنه بعد صدوره منه بمدة قصيرة أو طويلة، بدون فرق في ذلك بين الأعيان أو المنافع أو الحقوق، وبدون فرق بين ما لو كان الإذن صادراً في إطار ما يصطلح عليه بـ (المهايأة) أو غيرهـا؛ و(المهايـأة) ـ بالهمزة على الألف قبل التاء ـ بمعنى الموافقة، من (هايأه) أي وافقه؛ ويراد بها في الفقه: (توافق الشركاء على نحو من الانتفاع المتبادل بينهم بالمال المشترك)، كالمنزل المشترك الذي يتفقان على أن يسكنه هذا في هذا الشهر والثاني في الشهر الثاني، وكذا لو كان المشترك منه خصوص منفعته، كما لو استأجراه معاً؛ فإذا أذن أحدهما لشريكه أن ينتفع به بهذا النحو جاز له الرجوع عن هذا الإذن. وسوف نعرض لهذه المسألة لاحقاً في مبحث القسمة. (أنظر في ذلك الأمر الثاني من المسألة: 29).
ـ إذا كان الجدار مشتركاً بين اثنين أو أكثر لم يجز لأحد الشركاء التصرف فيه بالبناء عليه ليزيد في ارتفاعه، ولا بجعل سقف عليه، بل ولا إدخال وتد فيه، إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال، كما في التصرفات اليسيرة مثل الاستناد إليه أو طرح ثوبه عليه أو نحو ذلك، إلا أن يمنعه عنها ـ ولو بإظهار الكراهة ـ فيلزمه الإمتناع. لكنَّ الظاهر مما هو متعارف في زماننا من كيفية التصرّف في الجدران المشتركة في الأبنية الحديثة ذات الطبقات المتعددة، هو أن الاشتراك فيها مبني على الإذن لمن يشغل أحد جانبي الجدار بالتصرف فيه بما هو متعارف له، من ثقب الجدار لتعليق صورة أو نحوها، أو جعل أخدود فيه لمد أنابيب الماء أو أسلاك الكهرباء ونحو ذلك.
ـ إذا احتاجت العين المشتركة إلى بذل مال عليها، كالإنفاق على طعام الحيوان وعلاجه ومبيته، أو دفع أجرة حراسة المسكن وضرائب البلدية المترتبة عليه، أو نحو ذلك مما هو لازم له في حالته التي هو عليها، كانت نفقته ومصاريفه على الجميع، كل بمقدار حصته، ويجبر الممتنع مع الإمكان، وإلا يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي لحل النزاع.
وإذا كانت العين بناءً فتصدّع، أو سيارة فتعطّلت، أو نحو ذلك مما يعرض عليه الفساد ويحتاج إلى إصلاح، لم يكن لأحد الشركاء أن يصلحها دون رضا الآخرين، وإذا أُذن له في إصلاحها لم يكن له أن يجبرهم على البذل معه، فإن تراضوا عليه كان خيراً، وإن لم يتراضوا، وأمكنت القسمة، وطلبها بعضهم وجبت إجابته، وإلا رفع أمره إلى الحاكم الشرعي ليفض النزاع بينهم بالحسنى، أو ليأذن له بإصلاحها.
هذا، ولو استقل أحدهم بإصلاحها من ماله بإذن الآخرين، كان له الحق بحرمان سائر الشركاء من الانتفاع بثمرة تلك الإصلاحات إن أمكن الجمع بين حرمانهم منها وبين بقاء حقهم السابق على ما هو عليه، وإلا كانت ثمرتها للجميع بما في ذلك زيادة قيمتها وهي صالحة عن قيمتها وهي فاسدة.
حكم التصرّف بمال الشركة غير الاستثمارية
وفيه مسائل:
ـ لما كان تصرف أحد الشركاء بأي جزء من أجزاء العين المشتركة موجباً لتصرّفه بمال الغير، فضلاً عما لو تصرف بجميع العين، وحيث قد يرغب جميعهم ـ أو بعضهم ـ في التصرف فيها كلياً أو جزئياً، فإنهم إذا تراضوا فيما بينهم على أمر يُبقي الشركة ويُسَهِّل التصرف بالعين، أو على أمر يلغي الشركة، كالتقاسم، كان خيراً، وإن لم يتراضوا على أمر وجب على كل منهم إجابة الآخر إلى القسمة ـ إجمالاً ـ بالنحو الذي سنبيّنه إذا طلبها، أو يأذن المطلوب منه للطالب بالتصرّف بجزء من العين مجاناً إذا كان بمقدار حصته، أو بما هو أزيد من حصته ـ ولو بتمام العين ـ مجاناً أو بعوض، وبخاصة إذا كان طالب الانتفاع متضرراً بتركه؛ فإذا امتنع عن القسمة وعن الإذن بالتصرف، مع إمكانهما أو إمكان أحدهما، كان آثماً، وجاز للمتضرر رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي ليفض النزاع. وكيفما كان الأمر فإنه لا يجوز لأحد الشركاء أن يتصرف بالعين المشتركة إلا أن يأذن سائر الشركاء بذلك أو يأذن به الحاكم الشرعي مع امتناعهم وعدم التراضي على القسمة.
نعم، يغني عن الإذن كونُ الاشتراك في بعض الأعيان مبتنياً على التصرف فيه بدون استئذان، وذلك كمثل الأرض المشتركة إذا جُعلت موقفاً لسيارات الشركاء، أو ملعباً رياضياً لهم، أو نحو ذلك، فإنه يجوز لكل شريك أن ينتفع بها بالنحو المتفق عليه دون استئذان سائر الشركاء.
هذا، ولا يكفي في تصرف الآذن بالعين المشتركة كونُه قد أذن لشريكه بالتصرف، بل لا بد له من استئذان المأذون له أيضاً، وبعبارة أخرى: إن تصرف الشريكين بالعين المشتركة بينهما يحتاج إلى أن يأذن كلُّ واحد منهما للآخر، فلا يغني الإذن لأحدهما عن لزوم استئذان الآخر.
ـ يجب أن يقتصر المأذون له في التصرف بالعين المشتركة على المقدار والكيفية اللتين نص عليهما الآذن، ويكفي لجواز التصرف في توابع العين الإذنُ بالتصرف في العين ما لم يَنُصَّ على المنع من بعض توابعها، فإذا أذن له في سكنى الدار كان ذلك إذناً ـ عرفاً ـ في إسكان زوجته وأطفاله وخادمه وتردد ضيوفه وزواره، إلا أن يمنعه من بعضها فيلزمه الامتناع.
ـ إذا أذن لشريكه بتصرف معين لم يُلزم الآذن به دائماً، فيجوز له الرجوع عن إذنه بعد صدوره منه بمدة قصيرة أو طويلة، بدون فرق في ذلك بين الأعيان أو المنافع أو الحقوق، وبدون فرق بين ما لو كان الإذن صادراً في إطار ما يصطلح عليه بـ (المهايأة) أو غيرهـا؛ و(المهايـأة) ـ بالهمزة على الألف قبل التاء ـ بمعنى الموافقة، من (هايأه) أي وافقه؛ ويراد بها في الفقه: (توافق الشركاء على نحو من الانتفاع المتبادل بينهم بالمال المشترك)، كالمنزل المشترك الذي يتفقان على أن يسكنه هذا في هذا الشهر والثاني في الشهر الثاني، وكذا لو كان المشترك منه خصوص منفعته، كما لو استأجراه معاً؛ فإذا أذن أحدهما لشريكه أن ينتفع به بهذا النحو جاز له الرجوع عن هذا الإذن. وسوف نعرض لهذه المسألة لاحقاً في مبحث القسمة. (أنظر في ذلك الأمر الثاني من المسألة: 29).
ـ إذا كان الجدار مشتركاً بين اثنين أو أكثر لم يجز لأحد الشركاء التصرف فيه بالبناء عليه ليزيد في ارتفاعه، ولا بجعل سقف عليه، بل ولا إدخال وتد فيه، إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال، كما في التصرفات اليسيرة مثل الاستناد إليه أو طرح ثوبه عليه أو نحو ذلك، إلا أن يمنعه عنها ـ ولو بإظهار الكراهة ـ فيلزمه الإمتناع. لكنَّ الظاهر مما هو متعارف في زماننا من كيفية التصرّف في الجدران المشتركة في الأبنية الحديثة ذات الطبقات المتعددة، هو أن الاشتراك فيها مبني على الإذن لمن يشغل أحد جانبي الجدار بالتصرف فيه بما هو متعارف له، من ثقب الجدار لتعليق صورة أو نحوها، أو جعل أخدود فيه لمد أنابيب الماء أو أسلاك الكهرباء ونحو ذلك.
ـ إذا احتاجت العين المشتركة إلى بذل مال عليها، كالإنفاق على طعام الحيوان وعلاجه ومبيته، أو دفع أجرة حراسة المسكن وضرائب البلدية المترتبة عليه، أو نحو ذلك مما هو لازم له في حالته التي هو عليها، كانت نفقته ومصاريفه على الجميع، كل بمقدار حصته، ويجبر الممتنع مع الإمكان، وإلا يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي لحل النزاع.
وإذا كانت العين بناءً فتصدّع، أو سيارة فتعطّلت، أو نحو ذلك مما يعرض عليه الفساد ويحتاج إلى إصلاح، لم يكن لأحد الشركاء أن يصلحها دون رضا الآخرين، وإذا أُذن له في إصلاحها لم يكن له أن يجبرهم على البذل معه، فإن تراضوا عليه كان خيراً، وإن لم يتراضوا، وأمكنت القسمة، وطلبها بعضهم وجبت إجابته، وإلا رفع أمره إلى الحاكم الشرعي ليفض النزاع بينهم بالحسنى، أو ليأذن له بإصلاحها.
هذا، ولو استقل أحدهم بإصلاحها من ماله بإذن الآخرين، كان له الحق بحرمان سائر الشركاء من الانتفاع بثمرة تلك الإصلاحات إن أمكن الجمع بين حرمانهم منها وبين بقاء حقهم السابق على ما هو عليه، وإلا كانت ثمرتها للجميع بما في ذلك زيادة قيمتها وهي صالحة عن قيمتها وهي فاسدة.