يحاول القرآن الكريم أن يُثير لدى المظلومين الضّعفاء، الشّعور بضرورة الوقوف موقفاً إيجابيّاً في مواجهة الظّالمين، من أجل مقاومتهم وتحطيم قوّتهم، فيأذن لهم بالقتال دفاعاً عن حقِّ بقائهم في ديارهم، وفي حريّة ممارستهم للعقيدة التي يؤمنون بها.
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحجّ: 39 ــ 40].
فقد أذن الله لهم بالقتال، مع الإشارة إلى حيثيات هذا الإذن وأسبابه، التي تتمثّل في الدفاع عن حقّهم الشرعي ببقائهم في ديارهم أحراراً فيما يؤمنون به من عقيدة، وفيما يقومون به من عمل. ثمّ تعهَّد لهم بالنصر على الأعداء، فيما إذا استمرّوا في الخطّ السليم الذي يلتقي بالله وسيلةً وغايةً.
ثم أراد القرآن الكريم الّتأكيد أنّ أسلوب مقاومة الضّعفاء للأقوياء الذين يستغلّون قوّتهم في سبيل اضطهاد الضّعفاء، يلتقي بالسنّة الطبيعيّة التي سنَّها للحياة، ليشعر الإنسان بالاطمئنان لحياته ولمقدَّساته. فلولا ذلك، لَمَا استقام نظامٌ على وجه الأرض، ولما عاشت قِيَم ومقدَّسات. فهو التّبرير الشّرعيّ والطّبيعيّ لمقاتلة أعداء الحريّة والحياة، لأنّ ذلك هو الطريق الواقعيّ لبناء الحياة واستمرارها على أساس النظام العادل.
وتعود الآية ـــ من جديد ـــ لتؤكّد لهؤلاء المقاتلين في سبيل الله، أنّ النّصر هو وعد الله لمن ينصرون الله ويأخذون بأساليب النّصر ـــ ولو بعد حين ـــ كأسلوبٍ من أساليب رفع المعنويّات، من جهة، والإيحاء بأنَّ معركتهم هي معركة الله التي يرعاها بقوَّته، من جهة أخرى. إنّه الأسلوب الواقعيّ الجديد من القرآن في حشد نفوس الضّعفاء بالقوّة الكبيرة، بدعوتهم إلى ممارسة هذه القوَّة ضدّ هؤلاء الأقوياء، بالاعتماد على قوّتهم الذاتية، وعلى الله، أوّلاً وأخيراً، للإيحاء لهم بأنّهم يملكون القوّة، ولكنَّهم غافلون عنها، لِما كانوا يشاهدونه من مظاهر قوّة الأقوياء، فتضعف ثقتهم بأنفسهم، ما يؤدي بهم إلى الهزيمة، في نهاية المطاف.
ونلمح في بعض الآيات القرآنيّة، الإيحاء بأنّ الانتصار للنّفس ضدّ الباغين، يمثّل قيمة إسلاميّة كبيرة، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}[الشّورى: 39]، فقد ذكرت هذه الآيات في ضمن العديد من الآيات الّتي تصف المؤمنين المتّقين الذين حصلوا على رضا الله وغفرانه.
ثم تشير بعض الآيات، في موضعٍ آخر، إلى أنَّ المظلومين لا يتحمَّلون مسؤوليّة نتائج ما يحدث من خلال انتصارهم لأنفسهم ضدَّ الظّلم، بل المسؤوليّة الكبيرة واقعة على عاتق الظّالمين، لأنّهم السّبب في ذلك كلّه:
{وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشّورى: 41 ــ 42].
ويبلغ الأسلوب القرآنيّ ـــ في هذا الاتجاه ـــ القمّة، عندما يسجِّل الله فيه وعداً على نفسه، بأن يتسلَّم المستضعفون مركز القيادة في الأرض، ما يجعل من قصّة ولادة القوّة الجديدة للضعفاء، قصةً يؤكِّدها الإيمان في الواقع من خلال وعد الله لهم، كما في قوله تعالى:
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: 5 ــ 6].
* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".
يحاول القرآن الكريم أن يُثير لدى المظلومين الضّعفاء، الشّعور بضرورة الوقوف موقفاً إيجابيّاً في مواجهة الظّالمين، من أجل مقاومتهم وتحطيم قوّتهم، فيأذن لهم بالقتال دفاعاً عن حقِّ بقائهم في ديارهم، وفي حريّة ممارستهم للعقيدة التي يؤمنون بها.
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحجّ: 39 ــ 40].
فقد أذن الله لهم بالقتال، مع الإشارة إلى حيثيات هذا الإذن وأسبابه، التي تتمثّل في الدفاع عن حقّهم الشرعي ببقائهم في ديارهم أحراراً فيما يؤمنون به من عقيدة، وفيما يقومون به من عمل. ثمّ تعهَّد لهم بالنصر على الأعداء، فيما إذا استمرّوا في الخطّ السليم الذي يلتقي بالله وسيلةً وغايةً.
ثم أراد القرآن الكريم الّتأكيد أنّ أسلوب مقاومة الضّعفاء للأقوياء الذين يستغلّون قوّتهم في سبيل اضطهاد الضّعفاء، يلتقي بالسنّة الطبيعيّة التي سنَّها للحياة، ليشعر الإنسان بالاطمئنان لحياته ولمقدَّساته. فلولا ذلك، لَمَا استقام نظامٌ على وجه الأرض، ولما عاشت قِيَم ومقدَّسات. فهو التّبرير الشّرعيّ والطّبيعيّ لمقاتلة أعداء الحريّة والحياة، لأنّ ذلك هو الطريق الواقعيّ لبناء الحياة واستمرارها على أساس النظام العادل.
وتعود الآية ـــ من جديد ـــ لتؤكّد لهؤلاء المقاتلين في سبيل الله، أنّ النّصر هو وعد الله لمن ينصرون الله ويأخذون بأساليب النّصر ـــ ولو بعد حين ـــ كأسلوبٍ من أساليب رفع المعنويّات، من جهة، والإيحاء بأنَّ معركتهم هي معركة الله التي يرعاها بقوَّته، من جهة أخرى. إنّه الأسلوب الواقعيّ الجديد من القرآن في حشد نفوس الضّعفاء بالقوّة الكبيرة، بدعوتهم إلى ممارسة هذه القوَّة ضدّ هؤلاء الأقوياء، بالاعتماد على قوّتهم الذاتية، وعلى الله، أوّلاً وأخيراً، للإيحاء لهم بأنّهم يملكون القوّة، ولكنَّهم غافلون عنها، لِما كانوا يشاهدونه من مظاهر قوّة الأقوياء، فتضعف ثقتهم بأنفسهم، ما يؤدي بهم إلى الهزيمة، في نهاية المطاف.
ونلمح في بعض الآيات القرآنيّة، الإيحاء بأنّ الانتصار للنّفس ضدّ الباغين، يمثّل قيمة إسلاميّة كبيرة، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ}[الشّورى: 39]، فقد ذكرت هذه الآيات في ضمن العديد من الآيات الّتي تصف المؤمنين المتّقين الذين حصلوا على رضا الله وغفرانه.
ثم تشير بعض الآيات، في موضعٍ آخر، إلى أنَّ المظلومين لا يتحمَّلون مسؤوليّة نتائج ما يحدث من خلال انتصارهم لأنفسهم ضدَّ الظّلم، بل المسؤوليّة الكبيرة واقعة على عاتق الظّالمين، لأنّهم السّبب في ذلك كلّه:
{وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشّورى: 41 ــ 42].
ويبلغ الأسلوب القرآنيّ ـــ في هذا الاتجاه ـــ القمّة، عندما يسجِّل الله فيه وعداً على نفسه، بأن يتسلَّم المستضعفون مركز القيادة في الأرض، ما يجعل من قصّة ولادة القوّة الجديدة للضعفاء، قصةً يؤكِّدها الإيمان في الواقع من خلال وعد الله لهم، كما في قوله تعالى:
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: 5 ــ 6].
* من كتاب "الإسلام ومنطق القوّة".