من قواعد التهذيب الاجتماعي في الإسلام، احترام حريّة الإنسان في منزله، فليس لك أن تدخله دون إذنه، سواء أكان حاضراً فيه أم كان غائباً عنه، لأنَّ من الممكن أن لا يكون الوضع الداخلي للمنزل لائقاً في نظره لاستقبالك، أو يكون قد احتفظ ببعض الأسرار الخاصّة التي لا يريد اطّلاع أحد عليها، أو غير ذلك من المبرّرات التي تدعو الإنسان للمحافظة على حرمة منزله.
وليس لك أن تنفعل أو تتأثّر أو تعتبر الموقف عدائيّاً ضدّك، عندما يرفض إنسان ما استقبالك وأنتَ تذهب إليه دون موعد، لأنَّ من الممكن أن لا يكون هذا الإنسان في حالة صحيّة أو نفسيّة أو فكرية تسمح له باستقبالك.
وربّما يكون قد ارتبط بموعد مع إنسانٍ آخر غيرك في هذا الوقت نفسه، الأمر الذي يجعل استقباله لك اعتداءً على حقّ ذلك الإنسان في الموعد وخيانة لالتزامه به.
لذلك، فإنَّ عليك أن تتقبَّل ذلك بروح واقعيّة تدرس ظروف الآخرين كما لو كانت معك.
وقد صوَّر القرآن هاتين الحالتين في قوله تعالى في سورة النور:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[النّور: 27 ـــ 28].
أمّا واقعنا العمليّ، فيتنافى مع ذلك.
فنحن نجد السلوك الاجتماعي يتمثّل في الدخول إلى البيت أو الدائرة أو المكتب دون إذن، إذا لم يجد القادم أحداً يأذن له، وقد يلقاك على حال لا تحبّ أن يجدك عليها، أو ليقتحم عليك خلوة كنتَ تحبّ أن تستسلم فيها لأفكارك وأعمالك بهدوء.
ونلاحظ إلى جانب ذلك الكثيرين الذين يأتون إليك دون موعد، حتّى إذا اعتذرت عن استقبالك لهم في هذا الوقت، أو اعتذر لهم بعض مَن في الدار عن ذلك، بعد أن يتأكّدوا من وجودك هناك، اعتبروا هذا إهانة لهم وإساءة إلى كرامتهم، ووجدوا فيه موقفاً عدائياً من جانبك.
أمّا القرآن، فإنَّه يريد أن يربطنا بالحياة العملية الواقعية التي تنظر إلى طبيعة الأجواء العامّة للإنسان، ولذلك يرفض اعتبار هذا الموقف إهانة أو إساءة، بل يرى فيه سلوكاً طبيعياً واقعياً يرتبط بتنظيم حياة الإنسان ومواعيده وأوقاته، الأمر الذي يرفع من مستوى المجتمع ويجلب الراحة لأفراده.
وقد جرَّبت الشعوب المتحضّرة هذا السلوك العملي الذي أرادنا القرآن أن نسير عليه، حتى صار جزءاً من حياتها العملية، تنطلق فيه ببساطة وعفوية وواقعية، دون أن تجد فيه أيّاً من هذه الانفعالات الوهمية، واستطاعت أن تجعل ذلك من معالِم الحضارة الأساسيّة التي يحاول الكثيرون منّا أن يترسّموها أو يحملوا لواء الدّعوة إليها بصفتها الحضارية الأوروبيّة، في الوقت الذي نجد ـــ في ما قدّمنا من حديث ـــ انطلاق الآيات القرآنيّة لتعلّم الناس كيف يمارسون هذا السّلوك منذ مئات السنين.
*من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".
من قواعد التهذيب الاجتماعي في الإسلام، احترام حريّة الإنسان في منزله، فليس لك أن تدخله دون إذنه، سواء أكان حاضراً فيه أم كان غائباً عنه، لأنَّ من الممكن أن لا يكون الوضع الداخلي للمنزل لائقاً في نظره لاستقبالك، أو يكون قد احتفظ ببعض الأسرار الخاصّة التي لا يريد اطّلاع أحد عليها، أو غير ذلك من المبرّرات التي تدعو الإنسان للمحافظة على حرمة منزله.
وليس لك أن تنفعل أو تتأثّر أو تعتبر الموقف عدائيّاً ضدّك، عندما يرفض إنسان ما استقبالك وأنتَ تذهب إليه دون موعد، لأنَّ من الممكن أن لا يكون هذا الإنسان في حالة صحيّة أو نفسيّة أو فكرية تسمح له باستقبالك.
وربّما يكون قد ارتبط بموعد مع إنسانٍ آخر غيرك في هذا الوقت نفسه، الأمر الذي يجعل استقباله لك اعتداءً على حقّ ذلك الإنسان في الموعد وخيانة لالتزامه به.
لذلك، فإنَّ عليك أن تتقبَّل ذلك بروح واقعيّة تدرس ظروف الآخرين كما لو كانت معك.
وقد صوَّر القرآن هاتين الحالتين في قوله تعالى في سورة النور:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[النّور: 27 ـــ 28].
أمّا واقعنا العمليّ، فيتنافى مع ذلك.
فنحن نجد السلوك الاجتماعي يتمثّل في الدخول إلى البيت أو الدائرة أو المكتب دون إذن، إذا لم يجد القادم أحداً يأذن له، وقد يلقاك على حال لا تحبّ أن يجدك عليها، أو ليقتحم عليك خلوة كنتَ تحبّ أن تستسلم فيها لأفكارك وأعمالك بهدوء.
ونلاحظ إلى جانب ذلك الكثيرين الذين يأتون إليك دون موعد، حتّى إذا اعتذرت عن استقبالك لهم في هذا الوقت، أو اعتذر لهم بعض مَن في الدار عن ذلك، بعد أن يتأكّدوا من وجودك هناك، اعتبروا هذا إهانة لهم وإساءة إلى كرامتهم، ووجدوا فيه موقفاً عدائياً من جانبك.
أمّا القرآن، فإنَّه يريد أن يربطنا بالحياة العملية الواقعية التي تنظر إلى طبيعة الأجواء العامّة للإنسان، ولذلك يرفض اعتبار هذا الموقف إهانة أو إساءة، بل يرى فيه سلوكاً طبيعياً واقعياً يرتبط بتنظيم حياة الإنسان ومواعيده وأوقاته، الأمر الذي يرفع من مستوى المجتمع ويجلب الراحة لأفراده.
وقد جرَّبت الشعوب المتحضّرة هذا السلوك العملي الذي أرادنا القرآن أن نسير عليه، حتى صار جزءاً من حياتها العملية، تنطلق فيه ببساطة وعفوية وواقعية، دون أن تجد فيه أيّاً من هذه الانفعالات الوهمية، واستطاعت أن تجعل ذلك من معالِم الحضارة الأساسيّة التي يحاول الكثيرون منّا أن يترسّموها أو يحملوا لواء الدّعوة إليها بصفتها الحضارية الأوروبيّة، في الوقت الذي نجد ـــ في ما قدّمنا من حديث ـــ انطلاق الآيات القرآنيّة لتعلّم الناس كيف يمارسون هذا السّلوك منذ مئات السنين.
*من كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".