قلبي، على ذكراك، يضطربُ ودمي، يوقدُ رثاك يلتهبُ
وخواطري جنّتْ، وغاضَ بها ينبوعُ نورٍ، منكَ ينسكبُ
وارتاعَ من ألقِ الحياةِ على روحي، غدٌ، لعلاكَ ينتسبُ
ودجى على شفتيّ في وجلِ الــذِكرى بيانٌ راحَ ينتحبُ
أوّاهِ.. أنت هناك في الأبدِ الـنَائي، فماذا الشّعر والخطبُ
عمّاهُ كيفَ ألحظةٌ... أكذا يخبو الشّعاعُ وأنت تُسْتَلَبُ؟
وتمرُّ ساعاتٌ نراكَ بها والموتُ من دنياك يَقْتَرِبُ
والّليلُ يلهثُ كالسّراجِ وقدْ بتْنا تداهمُ أفقَنا الرِّيبُ
نرنو إليك وأنت في حُجُبٍ علويّةٍ تدعو وترتقبُ
ونجومٌ حولَك كالفراشِ وفي أعماقِنا من لوعةٍ لهبُ
ونعودُ، لكِنَّ الصَّبَاحَ دُجَىً مُحْلَوْلِكٌ، والأفْقُ مُكْتَئِبَ
يحدو بنا نحوَ الرّجا أملٌ ويعيدُنا نحوَ الأسى رهبُ
وإذا بروحِكَ شهقةٌ نفضَتْ عنها الحياة تضمُّها الحجبُ
وإذا بنا ينهارُ من غدِنا صرحٌ وتعصفُ بالمنى النّوبُ
إنّي أكادُ أجنُّ كيفَ ترى أقوى على البقيا وأحتسبُ
عمّاهُ أنت هناكَ في الأبدِ الــنَّائي يضمُّك أفْقُهُ الرّحِبُ
ويهزُّ روحَكَ عالمٌ ألقٌ يلقاكَ فيه نهجُكَ اللّحِبُ
سبحَتْ رؤاك به وأنت هنا في عزلةِ الأبرارِ تحتجبُ
فعزفْتَ عن دنيا يشيّدُها دَجَلٌ ويفرشُ دربَها الوَصَبُ(1)
ويسيلُ في أعماقِها عفِنا دنس الضّميرِ يشدّه الشّغبُ(2)
وصِرَاعُ أطماعٍ تراقُ على محرابِها الأحسابُ والقرَبُ
ورأيْتَ أنَّ الخيرَ أثمنُ ما يهدي الفتى للكونِ أو يهبُ
والدّينُ أن يهبَ الضّمير على ذاتٍ تمرَّدَ عندَها الأرَبُ(3)
وجهادُ عاطفةٍ يؤجّجُها ضرمٌ من الأعماقِ يجتذبُ..
فمضيْتَ ينتحرُ الهوى نهماً في جانبيْك ويرتمي السّغبُ(4)
لتبثَّ للدّنيا شعاع هدىً من ثورةٍ في القلبٍ تصطخبُ(5)
والحرُّ من يهبُ الحياةَ سَنَاً من أصغريه وهو يلتهبُ
عمّاهُ أنت هناك في الأبدِ النْائي ونحنُ رهنُ البلا نصبُ(6)
كنْتَ الظّلالَ لنا نفيءُ بها من لهبةِ الجلَّى ونحتجبُ
ترعى حياتي أن يمرَّ بها شبحُ الأسى أو تعرضَ النّوبُ
وتحوطُ قلبي بالحنانِ إذا ماجتْ به الأحزانُ والكربُ(7)
وتبثُّ فيه النّورَ يبعثُهُ طهرُ الضّميرِ وخلقُكَ العذبُ
ويلذُّ روحُكَ أن يهدهدَني حلمٌ بألطافِ السّنا يثبُ
وتهيبُ بي للمجدِ مرتقياً أنّي مع العلياء أصطحبُ
هذي حياتي كنْت روضتَه واليومَ صوَّح(8) حقلَها الخصبُ
عمّاه يا قبسَ الحياةِ جرى فيه الحنانُ ورفرفَ الحدبُ(9)
نثرَتْ يداك البذرَ في كبدي فاهتزَّ فيها الماءُ والعشبُ
وجرى رقيقاً في عواطفِهِ روحٌ من الألطاف منسكبُ
ألهمْتَني وحيَ الحياةِ فمِنْ دنياكَ يملأُ روحيَ الأدبُ
ويموجُ في أعماقِ خواطري فكرٌ تدفّق فوقَه الشّهبُ
هذي حياتي جفَّ ريقُها(10) حزناً وحامَتْ فوقَها السّحبُ
وجرى بها قدرٌ فضاقَ بها أفقٌ وأفعمَ جوَّها الصَّخبُ
واجتاحَها الإعصارُ فارتجفًتْ أحناؤُها وسرى بها العطبُ(11)
لا الحقلُ يزهيها بمنظرِهِ الزَّاهي ولا ألوانُهُ القشُبُ(12)
والنّورُ ليسَ يهزُّها ألِقَاً ينسابُ منه على الرّبى ذهبُ
وشبابي الممراحُ(13) أذبلَهُ وهجُ الفجيعةِ فهْوَ منتهَبُ
هذي حياتي ليسَ في غدِها إلا الأسى والدّمعُ والوَصَبُ
(1) الوصب: المرض ــ التعب.
(2) الشغب: اللغط المؤدي إلى الشر.
(3) الأرب: الغاية.
(4) السغب: الجوع.
(5) يصطحب: يختلط صوته.
(6) نصب: جمع أنصاب، الشيء المنصوب.
(7) الكُرب: مفردها كُرْبة: الحزن والمشقة.
(8) صوَح: يبس.
(9) الحدب: الحنان.
(10) الريق: أول الشباب.
(11) العطب: التلف.
(12) القُشُب: مفرده قشيب، الجديد، الأبيض، النظيف.
(13) الممراح: اللين، الزاهي.
قلبي، على ذكراك، يضطربُ ودمي، يوقدُ رثاك يلتهبُ
وخواطري جنّتْ، وغاضَ بها ينبوعُ نورٍ، منكَ ينسكبُ
وارتاعَ من ألقِ الحياةِ على روحي، غدٌ، لعلاكَ ينتسبُ
ودجى على شفتيّ في وجلِ الــذِكرى بيانٌ راحَ ينتحبُ
أوّاهِ.. أنت هناك في الأبدِ الـنَائي، فماذا الشّعر والخطبُ
عمّاهُ كيفَ ألحظةٌ... أكذا يخبو الشّعاعُ وأنت تُسْتَلَبُ؟
وتمرُّ ساعاتٌ نراكَ بها والموتُ من دنياك يَقْتَرِبُ
والّليلُ يلهثُ كالسّراجِ وقدْ بتْنا تداهمُ أفقَنا الرِّيبُ
نرنو إليك وأنت في حُجُبٍ علويّةٍ تدعو وترتقبُ
ونجومٌ حولَك كالفراشِ وفي أعماقِنا من لوعةٍ لهبُ
ونعودُ، لكِنَّ الصَّبَاحَ دُجَىً مُحْلَوْلِكٌ، والأفْقُ مُكْتَئِبَ
يحدو بنا نحوَ الرّجا أملٌ ويعيدُنا نحوَ الأسى رهبُ
وإذا بروحِكَ شهقةٌ نفضَتْ عنها الحياة تضمُّها الحجبُ
وإذا بنا ينهارُ من غدِنا صرحٌ وتعصفُ بالمنى النّوبُ
إنّي أكادُ أجنُّ كيفَ ترى أقوى على البقيا وأحتسبُ
عمّاهُ أنت هناكَ في الأبدِ الــنَّائي يضمُّك أفْقُهُ الرّحِبُ
ويهزُّ روحَكَ عالمٌ ألقٌ يلقاكَ فيه نهجُكَ اللّحِبُ
سبحَتْ رؤاك به وأنت هنا في عزلةِ الأبرارِ تحتجبُ
فعزفْتَ عن دنيا يشيّدُها دَجَلٌ ويفرشُ دربَها الوَصَبُ(1)
ويسيلُ في أعماقِها عفِنا دنس الضّميرِ يشدّه الشّغبُ(2)
وصِرَاعُ أطماعٍ تراقُ على محرابِها الأحسابُ والقرَبُ
ورأيْتَ أنَّ الخيرَ أثمنُ ما يهدي الفتى للكونِ أو يهبُ
والدّينُ أن يهبَ الضّمير على ذاتٍ تمرَّدَ عندَها الأرَبُ(3)
وجهادُ عاطفةٍ يؤجّجُها ضرمٌ من الأعماقِ يجتذبُ..
فمضيْتَ ينتحرُ الهوى نهماً في جانبيْك ويرتمي السّغبُ(4)
لتبثَّ للدّنيا شعاع هدىً من ثورةٍ في القلبٍ تصطخبُ(5)
والحرُّ من يهبُ الحياةَ سَنَاً من أصغريه وهو يلتهبُ
عمّاهُ أنت هناك في الأبدِ النْائي ونحنُ رهنُ البلا نصبُ(6)
كنْتَ الظّلالَ لنا نفيءُ بها من لهبةِ الجلَّى ونحتجبُ
ترعى حياتي أن يمرَّ بها شبحُ الأسى أو تعرضَ النّوبُ
وتحوطُ قلبي بالحنانِ إذا ماجتْ به الأحزانُ والكربُ(7)
وتبثُّ فيه النّورَ يبعثُهُ طهرُ الضّميرِ وخلقُكَ العذبُ
ويلذُّ روحُكَ أن يهدهدَني حلمٌ بألطافِ السّنا يثبُ
وتهيبُ بي للمجدِ مرتقياً أنّي مع العلياء أصطحبُ
هذي حياتي كنْت روضتَه واليومَ صوَّح(8) حقلَها الخصبُ
عمّاه يا قبسَ الحياةِ جرى فيه الحنانُ ورفرفَ الحدبُ(9)
نثرَتْ يداك البذرَ في كبدي فاهتزَّ فيها الماءُ والعشبُ
وجرى رقيقاً في عواطفِهِ روحٌ من الألطاف منسكبُ
ألهمْتَني وحيَ الحياةِ فمِنْ دنياكَ يملأُ روحيَ الأدبُ
ويموجُ في أعماقِ خواطري فكرٌ تدفّق فوقَه الشّهبُ
هذي حياتي جفَّ ريقُها(10) حزناً وحامَتْ فوقَها السّحبُ
وجرى بها قدرٌ فضاقَ بها أفقٌ وأفعمَ جوَّها الصَّخبُ
واجتاحَها الإعصارُ فارتجفًتْ أحناؤُها وسرى بها العطبُ(11)
لا الحقلُ يزهيها بمنظرِهِ الزَّاهي ولا ألوانُهُ القشُبُ(12)
والنّورُ ليسَ يهزُّها ألِقَاً ينسابُ منه على الرّبى ذهبُ
وشبابي الممراحُ(13) أذبلَهُ وهجُ الفجيعةِ فهْوَ منتهَبُ
هذي حياتي ليسَ في غدِها إلا الأسى والدّمعُ والوَصَبُ
(1) الوصب: المرض ــ التعب.
(2) الشغب: اللغط المؤدي إلى الشر.
(3) الأرب: الغاية.
(4) السغب: الجوع.
(5) يصطحب: يختلط صوته.
(6) نصب: جمع أنصاب، الشيء المنصوب.
(7) الكُرب: مفردها كُرْبة: الحزن والمشقة.
(8) صوَح: يبس.
(9) الحدب: الحنان.
(10) الريق: أول الشباب.
(11) العطب: التلف.
(12) القُشُب: مفرده قشيب، الجديد، الأبيض، النظيف.
(13) الممراح: اللين، الزاهي.