[جاء في خطبة الرّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك:]
"واذكروا بجوعِكم وعطشِكم جوعَ يومِ القيامةِ وعطشَهُ"، لأنَّ الله علَّم رسوله في القرآن، أنّ اليوم الآخر هو الَّذي يجعل الإنسان يملك ضميراً روحياً ووعياً مسؤولاً، لأنّك وأنتَ تتحرَّك في حياة ليس فيها حساب، لا بدَّ أن تعمِّق معنى الحساب في نفسك. فلا بدَّ وأنت لا ترى الله في حسّك، أن تعمِّق ربوبية الله في عقلك وموقفك أمام ربّك: {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}[الإسراء: 14]، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطفّفين: 6]، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ}[الانفطار: 19]...
فالَّذين يختصرون موقفهم في يوم القيامة، ويختصرون جوعهم وعطشهم، هم الَّذين تحفَّفوا من أثقال معاصيهم، وهم الَّذين انفتحوا على طاعتهم لربّهم، وهذا ما نستوحيه من بعض أدعية الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (ع) عندما كان يتأوَّه ويبكي ويشتاق ويقول:
"وَا سَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا، وَلِلْمُثْقِلِينَ حُطُّوا، أَمَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ، أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحُطُّ؟ وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَايَايَ وَلَمْ أَتُبْ، أَمَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي؟!"1، وهو يتحدَّث بلسان الإنسان كلّه، لا بلسانه الخاصّ، لأنّه كان القمَّة في الطّاعة، وهو المعصوم.
"اذكروا بجوعِكِم وعطشِكِم فيه جوعَ يومِ القيامةِ وعطشَهُ" {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشّعراء: 88 – 89]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: 34 - 37]، اذكروا ذلك، لتخفِّفوا عن أنفسكم قسوة الجوع، فأنتم لا تتحمَّلون جوع يوم ولا عطش يوم، فكيف تتحمَّلون جوع وعطش يوم مقداره ألف سنة ممّا تعدّون، وأكثر من ذلك كما في آيةٍ أخرى.
واذكروا ـــ بعد ذلك ـــ الفقراء والمساكين والجائعين الَّذين لا يشبعون، لا لأنَّ هناك مانعاً شرعيّاً من الشَّبع، ولكنّهم لا يجدون ما يأكلون أو يشربون.
"وتصدَّقُوا على فقرائِكِم ومساكينِكِم"، فإنَّ الصَّدقة تدفع البلاء، ويقول الإمام عليّ (ع): "سوسوا إيمانكم بالصَّدقة"2، فإنَّ الصَّدقة تربّي لكم إيمانكم وتحميه، وليست الصَّدقة كما استهلكها النَّاس، بأن تحمل ليرة لتعطيها هذا الشحّاذ أو ذاك، بل أن تدرس ظروف هذه العائلة وتلك وهؤلاء الّذين {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}[البقرة: 273]، أن تتصدَّق بالصَّدقة التي تحلّ المشكلة للفقير ولو آنيّاً، أو تخفِّف من ثقلها عليه.
* من محاضرة لسماحته بعنوان: "في استهلال شهر رمضان المبارك: الإعدادُ للصّومِ الكبير"، النَّدوة، ج3.
[1]من دعاء له (ع) في المناجاة.
[2]نهج البلاغة، الحكمة 143.
[جاء في خطبة الرّسول (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك:]
"واذكروا بجوعِكم وعطشِكم جوعَ يومِ القيامةِ وعطشَهُ"، لأنَّ الله علَّم رسوله في القرآن، أنّ اليوم الآخر هو الَّذي يجعل الإنسان يملك ضميراً روحياً ووعياً مسؤولاً، لأنّك وأنتَ تتحرَّك في حياة ليس فيها حساب، لا بدَّ أن تعمِّق معنى الحساب في نفسك. فلا بدَّ وأنت لا ترى الله في حسّك، أن تعمِّق ربوبية الله في عقلك وموقفك أمام ربّك: {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}[الإسراء: 14]، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطفّفين: 6]، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ}[الانفطار: 19]...
فالَّذين يختصرون موقفهم في يوم القيامة، ويختصرون جوعهم وعطشهم، هم الَّذين تحفَّفوا من أثقال معاصيهم، وهم الَّذين انفتحوا على طاعتهم لربّهم، وهذا ما نستوحيه من بعض أدعية الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (ع) عندما كان يتأوَّه ويبكي ويشتاق ويقول:
"وَا سَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا، وَلِلْمُثْقِلِينَ حُطُّوا، أَمَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ، أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحُطُّ؟ وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَايَايَ وَلَمْ أَتُبْ، أَمَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي؟!"1، وهو يتحدَّث بلسان الإنسان كلّه، لا بلسانه الخاصّ، لأنّه كان القمَّة في الطّاعة، وهو المعصوم.
"اذكروا بجوعِكِم وعطشِكِم فيه جوعَ يومِ القيامةِ وعطشَهُ" {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشّعراء: 88 – 89]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: 34 - 37]، اذكروا ذلك، لتخفِّفوا عن أنفسكم قسوة الجوع، فأنتم لا تتحمَّلون جوع يوم ولا عطش يوم، فكيف تتحمَّلون جوع وعطش يوم مقداره ألف سنة ممّا تعدّون، وأكثر من ذلك كما في آيةٍ أخرى.
واذكروا ـــ بعد ذلك ـــ الفقراء والمساكين والجائعين الَّذين لا يشبعون، لا لأنَّ هناك مانعاً شرعيّاً من الشَّبع، ولكنّهم لا يجدون ما يأكلون أو يشربون.
"وتصدَّقُوا على فقرائِكِم ومساكينِكِم"، فإنَّ الصَّدقة تدفع البلاء، ويقول الإمام عليّ (ع): "سوسوا إيمانكم بالصَّدقة"2، فإنَّ الصَّدقة تربّي لكم إيمانكم وتحميه، وليست الصَّدقة كما استهلكها النَّاس، بأن تحمل ليرة لتعطيها هذا الشحّاذ أو ذاك، بل أن تدرس ظروف هذه العائلة وتلك وهؤلاء الّذين {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}[البقرة: 273]، أن تتصدَّق بالصَّدقة التي تحلّ المشكلة للفقير ولو آنيّاً، أو تخفِّف من ثقلها عليه.
* من محاضرة لسماحته بعنوان: "في استهلال شهر رمضان المبارك: الإعدادُ للصّومِ الكبير"، النَّدوة، ج3.
[1]من دعاء له (ع) في المناجاة.
[2]نهج البلاغة، الحكمة 143.