حكم ديون التجارة

حكم ديون التجارة

حكم ديون التجارة:

لا تكاد تخلو عملية تجارية من ديون للتاجر عند زبائنه أو ديون عليه للتجار أو البنوك، ولما كان دين التجارة مختلفاً في بعض أحكامه عن دين المؤنة فإنه لا بُدَّ من استعراض أحكامه في عنوانين:

أ ـ حكم الديون التي عليه:

وهي تنقسم إلى قسمين:

الأول: ما كان بدل دينه موجوداً، ويُراد به ما يبقى عند التاجر بعينه أو ببدله من أجل استخدامه في عملية التجارة، كأن يقترض مقداراً من المال ليجعله رأس مال له، فيتجر به كنقد في عمليات مالية، أو يشتري به بضاعة أو محلاً، أو ليدفعه خلواً، أو ليجهز به محله أو يشتري به آلات صنعته، أو نحو ذلك.  أو أن يأخذ بضاعة أو آلات أو عقاراً في الذمة، على أن يسدّد ثمنه فيما بعد، دفعة واحدة أو أقساطاً، ونحو ذلك من الموارد التي يبقى فيه وجود لذلك المال بصورته النقدية أو العينية خلال تقلبات العملية التجارية.

وحكم هذا القسم ما يلي:

إنَّ رأس المال الذي يكون كلّه أو بعضه ديناً على التاجر مُنَزَّل منزلة المعدوم ما دام لم يفِ منه شيئاً، فمن كان رأسماله خمسين ألفاً، نصفها مملوك له ونصفه الآخر مقترض، فإنَّ رأس المال لهذا التاجر هو خصوص القسم المملوك، ومعنى ذلك أنه إذا دارت السنة على المكلّف لم يجب عليه تخميس ذلك النصف الذي اقترضه ما دام لم يفِ منه شيئاً.

كذلك فإنه لا يستثني مقدار ذلك الدين من أرباحه كي لا يخمسها، بل إنَّ من ربح في المثال المذكور عشرين ألفاً يلزمه خمسها على كلّ حال، سواء ضمَّها إلى رأس المال أو وفى بها القسم المقترض من رأسماله، وذلك طبعاً بعد استثناء نفقات مؤنته ومؤنة الإنتاج بالنحو الذي ذكرناه سابقاً.

وهذا يعني أنَّ التاجر الذي عليه أقساط شهرية مثلاً إذا فرض أنه وفى من ديونه عشرة آلاف خلال هذه السنة فإنه يعتبرها في آخر السنة ربحاً ويلزمه دفع خمسها، وهكذا الأمر فيما يوفيه من الدين في السنوات التالية.

وهنا يجب الإلتفات إلى أنَّ من اتخذ رأس مال بالدين، مثل من اقترض مالاً وبنى به مصنعاً للخياطة مثلاً، ولم يكن يخمس ما يدفعه كلّ سنة من أرباح المصنع وفاءً لدينه جهلاً أو عصياناً، فإنه إذا أراد أن يخمس المصنع بعد عدّة سنوات مثلاً لم يجب عليه تخميسه بقيمته الحالية، ولو صارت أضعاف القيمة السابقة، بل إنَّ عليه أن يخمسه بثمنه الأول مع زيادة خمس الخمس عليه، فيكون الحقّ الشرعي المترتب عليه هو مقدار ربع ثمنه السابق تقريباً.

م ـ 1154: لا يختلف أمر الإقتراض من البنوك عن الإقتراض من غيرها، كذلك فإنه لا يختلف دين البنوك بين ما كان بطريقة "فتح اعتماد" أو ما كان بطريقة "التسليف"، ولا بين ما كان من دون فائدة أو كان بفائدة، سواء كان التاجر معذوراً بدفع الربا أو غير معذور، فإنه يصدق عنوان "الدين" في الجميع وتجري عليه الأحكام السابقة.

الثاني: أن يكون الدين الذي على التاجر من نوع التلف والخسارة الواقعة على رأس المال، كمن اقترض لسدّ النقص الحاصل في رأس المال، أو لوفاء أجور العمال أو لنفقات الوقود أو نحو ذلك مما لا يكون له بدل موجود مستثمر في عملية الإنتاج.

وحكمه أنه إذا ربح في تلك السنة.

فإن وفى دينه من ذلك الربح أعفي مقداره من الخمس، وكان ذلك الربح تعويضاً لتلك الخسارة، وإن لم يف دينه منه بل وفاه من ربح السنة الثانية جاز له ذلك ولكن يلزمه دفع خمسه عند وفاء الدين به.

وأمّا إذا لم يربح في سنة الدَّين فإنه يوفّيه من أرباح السنة الثانية من دون أن يخمسه.

م ـ 1155: ما ذكرناه من حكم الدين في المسألة السابقة مختص بالدين المتعلّق برأس المال، أمّا إذا كان الدين الذي عليه هو الخمس الذي كان ينبغي دفعه من أرباح سنته فلم يدفعه، لعذر أو بدون عذر، وصار يدفعه من أرباح السنة الثانية أو التي بعدها، فإننا قد ذكرنا حكمه مفصلاً في المسألة (1129) من أحكام المؤنة المستثناة، وخلاصة ما ذكرناه فيها: أنَّ الخمس إن كان عن عين ما تزال موجودة فإنَّ عليه تخميس مقدار الخمس عند دفعه، فيصير مقداره ربعاً تقريباً، وإن كان عن عين تالفة كفاه دفع مقدار الخمس الذي عليه من دون تخميسه.

ب ـ حكم الديون التي له:

م ـ 1156: لا يختلف حكم الديون التي تكون للتاجر عند زبائنه عن حكم الديون التي تكون لغير التاجر عند النّاس، وذلك لأنَّ هذا الدين يعدّ مالاً مملوكاً له، وكونه غائباً عنه لا يخرجه عن ملكه، فإن كان قد حل أجله، أو كان يعطى له لو طلبه ولو قبل حلول الأجل، لزمه تخميسه، وأمّا إذا لم يحل أجله، أو لا يدفع له لو طالب به، فإنه بالخيار بين تخميسه الآن وبين انتظار الوقت الذي يدفع فيه إليه فيخمسه حينئذ، ولكنَّه في هذه الحالة يعتبره من أرباح سنة الإقراض لا سنة الوفاء.

م ـ 1157: التعويض الذي يعطى للموظف عند نهاية الخدمة على نحوين:

الأول: أن يكون مقتطعاً من راتبه الشهري ويُدخر له إلى حين انتهاء خدمته أو استقالته، فيكون حكمه حكم الديون التي له، ولما كان ـ عادة ـ لا يمكنه أخذ شيء من المبلغ خلال خدمته فإنَّ له أن يؤجل تخميسه إلى حين قبضه فيخمس منه ـ فوراً ـ ما دارت عليه السنة أو السنون، كأي مال آخر.

الثاني: أن لا يكون كذلك، بل هو مبلغ يستحقه عند تقاعده أو استقالته، فتكون ملكيته له حادثةً وجديدة، فيكون المال من أرباح سنته التي قبضه فيها، فيدخل في مؤنته ويلحقه حكمها، فما يصرفه منه في حاجاته لا شيء فيه، ويخمّس ما يبقى منه عند حلول رأس سنته إذا كان له رأس سنة، أو عند مرور سنة عليه من تاريخ قبضه إذا لم يكن له رأس سنة.

ولا يختلف الحكم بين الموظف في شركة أهلية أو في مؤسسة حكومية.

م ـ 1158: من له دين على إنسان ويئس من تحصيله، فإن كان الخمس قد تعلّق بذلك المال قبل إقراضه لزمه دفع خمسه، وذلك كأن تكون قد مرّت عليه سنة عنده بدون تخميس ثُمَّ أقرضه، وإلاَّ لم يجب عليه تخميسه.


حكم ديون التجارة:

لا تكاد تخلو عملية تجارية من ديون للتاجر عند زبائنه أو ديون عليه للتجار أو البنوك، ولما كان دين التجارة مختلفاً في بعض أحكامه عن دين المؤنة فإنه لا بُدَّ من استعراض أحكامه في عنوانين:

أ ـ حكم الديون التي عليه:

وهي تنقسم إلى قسمين:

الأول: ما كان بدل دينه موجوداً، ويُراد به ما يبقى عند التاجر بعينه أو ببدله من أجل استخدامه في عملية التجارة، كأن يقترض مقداراً من المال ليجعله رأس مال له، فيتجر به كنقد في عمليات مالية، أو يشتري به بضاعة أو محلاً، أو ليدفعه خلواً، أو ليجهز به محله أو يشتري به آلات صنعته، أو نحو ذلك.  أو أن يأخذ بضاعة أو آلات أو عقاراً في الذمة، على أن يسدّد ثمنه فيما بعد، دفعة واحدة أو أقساطاً، ونحو ذلك من الموارد التي يبقى فيه وجود لذلك المال بصورته النقدية أو العينية خلال تقلبات العملية التجارية.

وحكم هذا القسم ما يلي:

إنَّ رأس المال الذي يكون كلّه أو بعضه ديناً على التاجر مُنَزَّل منزلة المعدوم ما دام لم يفِ منه شيئاً، فمن كان رأسماله خمسين ألفاً، نصفها مملوك له ونصفه الآخر مقترض، فإنَّ رأس المال لهذا التاجر هو خصوص القسم المملوك، ومعنى ذلك أنه إذا دارت السنة على المكلّف لم يجب عليه تخميس ذلك النصف الذي اقترضه ما دام لم يفِ منه شيئاً.

كذلك فإنه لا يستثني مقدار ذلك الدين من أرباحه كي لا يخمسها، بل إنَّ من ربح في المثال المذكور عشرين ألفاً يلزمه خمسها على كلّ حال، سواء ضمَّها إلى رأس المال أو وفى بها القسم المقترض من رأسماله، وذلك طبعاً بعد استثناء نفقات مؤنته ومؤنة الإنتاج بالنحو الذي ذكرناه سابقاً.

وهذا يعني أنَّ التاجر الذي عليه أقساط شهرية مثلاً إذا فرض أنه وفى من ديونه عشرة آلاف خلال هذه السنة فإنه يعتبرها في آخر السنة ربحاً ويلزمه دفع خمسها، وهكذا الأمر فيما يوفيه من الدين في السنوات التالية.

وهنا يجب الإلتفات إلى أنَّ من اتخذ رأس مال بالدين، مثل من اقترض مالاً وبنى به مصنعاً للخياطة مثلاً، ولم يكن يخمس ما يدفعه كلّ سنة من أرباح المصنع وفاءً لدينه جهلاً أو عصياناً، فإنه إذا أراد أن يخمس المصنع بعد عدّة سنوات مثلاً لم يجب عليه تخميسه بقيمته الحالية، ولو صارت أضعاف القيمة السابقة، بل إنَّ عليه أن يخمسه بثمنه الأول مع زيادة خمس الخمس عليه، فيكون الحقّ الشرعي المترتب عليه هو مقدار ربع ثمنه السابق تقريباً.

م ـ 1154: لا يختلف أمر الإقتراض من البنوك عن الإقتراض من غيرها، كذلك فإنه لا يختلف دين البنوك بين ما كان بطريقة "فتح اعتماد" أو ما كان بطريقة "التسليف"، ولا بين ما كان من دون فائدة أو كان بفائدة، سواء كان التاجر معذوراً بدفع الربا أو غير معذور، فإنه يصدق عنوان "الدين" في الجميع وتجري عليه الأحكام السابقة.

الثاني: أن يكون الدين الذي على التاجر من نوع التلف والخسارة الواقعة على رأس المال، كمن اقترض لسدّ النقص الحاصل في رأس المال، أو لوفاء أجور العمال أو لنفقات الوقود أو نحو ذلك مما لا يكون له بدل موجود مستثمر في عملية الإنتاج.

وحكمه أنه إذا ربح في تلك السنة.

فإن وفى دينه من ذلك الربح أعفي مقداره من الخمس، وكان ذلك الربح تعويضاً لتلك الخسارة، وإن لم يف دينه منه بل وفاه من ربح السنة الثانية جاز له ذلك ولكن يلزمه دفع خمسه عند وفاء الدين به.

وأمّا إذا لم يربح في سنة الدَّين فإنه يوفّيه من أرباح السنة الثانية من دون أن يخمسه.

م ـ 1155: ما ذكرناه من حكم الدين في المسألة السابقة مختص بالدين المتعلّق برأس المال، أمّا إذا كان الدين الذي عليه هو الخمس الذي كان ينبغي دفعه من أرباح سنته فلم يدفعه، لعذر أو بدون عذر، وصار يدفعه من أرباح السنة الثانية أو التي بعدها، فإننا قد ذكرنا حكمه مفصلاً في المسألة (1129) من أحكام المؤنة المستثناة، وخلاصة ما ذكرناه فيها: أنَّ الخمس إن كان عن عين ما تزال موجودة فإنَّ عليه تخميس مقدار الخمس عند دفعه، فيصير مقداره ربعاً تقريباً، وإن كان عن عين تالفة كفاه دفع مقدار الخمس الذي عليه من دون تخميسه.

ب ـ حكم الديون التي له:

م ـ 1156: لا يختلف حكم الديون التي تكون للتاجر عند زبائنه عن حكم الديون التي تكون لغير التاجر عند النّاس، وذلك لأنَّ هذا الدين يعدّ مالاً مملوكاً له، وكونه غائباً عنه لا يخرجه عن ملكه، فإن كان قد حل أجله، أو كان يعطى له لو طلبه ولو قبل حلول الأجل، لزمه تخميسه، وأمّا إذا لم يحل أجله، أو لا يدفع له لو طالب به، فإنه بالخيار بين تخميسه الآن وبين انتظار الوقت الذي يدفع فيه إليه فيخمسه حينئذ، ولكنَّه في هذه الحالة يعتبره من أرباح سنة الإقراض لا سنة الوفاء.

م ـ 1157: التعويض الذي يعطى للموظف عند نهاية الخدمة على نحوين:

الأول: أن يكون مقتطعاً من راتبه الشهري ويُدخر له إلى حين انتهاء خدمته أو استقالته، فيكون حكمه حكم الديون التي له، ولما كان ـ عادة ـ لا يمكنه أخذ شيء من المبلغ خلال خدمته فإنَّ له أن يؤجل تخميسه إلى حين قبضه فيخمس منه ـ فوراً ـ ما دارت عليه السنة أو السنون، كأي مال آخر.

الثاني: أن لا يكون كذلك، بل هو مبلغ يستحقه عند تقاعده أو استقالته، فتكون ملكيته له حادثةً وجديدة، فيكون المال من أرباح سنته التي قبضه فيها، فيدخل في مؤنته ويلحقه حكمها، فما يصرفه منه في حاجاته لا شيء فيه، ويخمّس ما يبقى منه عند حلول رأس سنته إذا كان له رأس سنة، أو عند مرور سنة عليه من تاريخ قبضه إذا لم يكن له رأس سنة.

ولا يختلف الحكم بين الموظف في شركة أهلية أو في مؤسسة حكومية.

م ـ 1158: من له دين على إنسان ويئس من تحصيله، فإن كان الخمس قد تعلّق بذلك المال قبل إقراضه لزمه دفع خمسه، وذلك كأن تكون قد مرّت عليه سنة عنده بدون تخميس ثُمَّ أقرضه، وإلاَّ لم يجب عليه تخميسه.


اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية