وفيه مسائل:
م ـ121: لا يشترط خروج الدم بعد الذبح أو النحر بالكمية المتعارفة له، وكذا لا يشترط تحرك شيءٍ من الحيوان بالذبح أو بعده، بل الأصل في ذلك -كما سبق القول - العلم بحياته حين ذبحه أو نحره، فإن لم تُعلم حياته حين تقديمه للذبح لم يحل أكله إلا إذا ظهرت عليه أمارات الحياة، كأن خرجت منه بعد ذبحه كمية الدم المتعارفة أو حرَّك أجفان عينيه أو شيئاً من أطرافه، حيث يكتفى بإحدى هاتين العلامتين في استكشاف حياة الحيوان وحليّته بالذبح أو النحر.
م ـ122: إذا فُعِلَ بالحيوان بعد ذبحه ما يَستلزم موتَه لو حدث مستقلاً عن الذبح، كأن يذبحه ثم يبادر هو أو غيره إلى شق بطنه واستخراج أمعائه مثلاً، فإنه يحكم بحلية الذبيحة إذا كان موتها مستنداً إلى ذبحها لا إلى شق بطنها الذي هو مجرد أمر طارىء غير مؤثر كثيراً في موتها، وإلا لم تحل الذبيحة؛ نعم قد يحكم بحرمة هذا الفعل إذا استلزم تعذيب الحيوان أو التشنيع على الإسلام في ظروف خاصة.
أما إذا تردّى الحيوان من نفسه بعد ذبحه في بئر أو وقع من شاهق أو سقط في الماء بحيث ساعد ذلك كثيراً أو قليلاً على موته فإنه لا يحرم بذلك، خلافاً لما ذكر في الحيوان المصطاد. (أنظر المسألة:86).
م ـ123: لا يعتبر اتحاد الذابح أو الناحر، فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معاً، أو يقطع أحدهما بعض الأعضاء والآخر الباقي، دفعة أو على وجه التدريج، ولا تجب التسمية منهما معاً بل يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.
م ـ124: قلنا في مستهل هذا البحث: "إن الحيوان المحلل يحل أكله بعد تذكيته بالصيد أو الذباحة"، وهنا نزيد على ذلك فنقول: إن حلية الحيوان بهذين الأمرين لا تشمل جميع أجزاء الحيوان، بل يحرم منه أمور هي:
1 ـ الدم، ولو كان قليلاً، كمثل الذي يتخلّف ويبقى في داخل القلب أو الكبد.
2 ـ غائطه المتخلف في داخله، ويقال له: "الروث" في المواشي، و"السلح" في الطيور.
3 ـ العضو التناسلي، وهو القضيب والبيضتان من الذكر؛ والفرج ظاهره وباطنه من الأنثى، والمثانة.
4 ـ المشيمة، وهي موضع الولد.
5 ـ العَصَبان الممتدان من الرقبة على جانبي سلسلة الظهر ما بينها وبين الجلد وصولاً إلى الذَنَب، ويقال لهما: (العلباوان) مفردها (علباء)، وهي حبل أبيض قاسٍ جداً.
6 ـ خرزة الدماغ، وهو حبة تشبه الحمّص وبقدرها، يميل لونها إلى البني الغامق، وتوجد في أسفل الدماغ.
7 ـ النخاع الشوكي، وهو حبل أبيض طري يمتد في داخل سلسلة الظهر من الرقبة إلى الحوض.
8 ـ الغدد، ويقال لها: "الدّرن"، وهي كتل من اللحم لونها رمادي، وتتواجد في أماكن مختلفة من الجسم، وأكثر ما توجد في الدهن الذي يكون مع الرئتين، والمعروف في بعض البلدان بإسم "المعلاق".
9 ـ الطحال ـ 10 ـ المرارة ـ 11 ـ حدقة العين، وهي "البؤبؤ".
وما عدا ذلك فهو حلال، بما في ذلك الغضروف والأمعاء؛ وإن كان يكره الكلى وأذنا القلب؛ وأما ما لا يعتاد أكله، كالعظم والجلد من الحيوان، فإن الأحوط الأولى تركه، ولا بأس بما كان منهما من الأسماك والطيور.
ثم إنه لا يختلف الحكم بحرمة هذه الأجزاء بين ما هو موجودٌ منها في حيوان البر وبين الموجود منها في حيوان الجو أو البحر من الطيور والأسماك، وإن كان الموجود من هذه الأعضاء في الطيور أقلّ مما في الحيوان، وما في الأسماك منها أقل مما في الطيور.
م ـ125: ذكر الفقهاء (رضوان الله عليهم) أنه يستحب عند ذبح الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه، وتطلق الأخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد.
وعند ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه.
وعند نحر الإبل أن تربط يداها ما بين الخفين إلى الركبتين أو إلى الإبطين وتطلق رجلاها، هذا إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة.
وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف.
ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر.
ويستحب أن يتعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره بنحو لا يوجب أذاه وتعذيبه، وذلك بأن يحدّ الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة، ويجِدَّ في الإسراع، فعن النبي(ص) أنه قال: "إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبْحةَ، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحتهُ"، وفي خبر آخر بأنه(ص) أمر أن تُحدّ الشِفار وأن تُوارى عن البهائم.
م ـ126: يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أمور: منها سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها، ومنها أن تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة، ومنها أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه، ومنها أن يَذْبَح ما ربّاه بيده من النعم.