وفيه مسائل:
م ـ324: يكفي في الصيغة كل لفظ يُظهر رغبة الجاعل وإرادته التعهد بشيء لمن ينجز له عملاً معيناً، سواء في ذلك اللغة العربية أو غيرها، وسواء في ذلك ما يلفظه بلسانه أو يكتبه في وثيقة أو ينشره في وسيلة إعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة؛ وهذه الصيغة إيقاع وإيجاب يصدر من طرف الجاعل من دون حاجة إلى صدور قبول من العامل، سواء كان الخطاب عاماً أو موجهاً إلى فرد بخصوصه.
م ـ325: يعتبر في الجاعل العقل والاختيار وعدم الحجر عليه لسفه، وكذا عدم الحجر عليه لفلس إذا استلزم الجَعْلُ تصرفاً بأموال المحجور عليه، وإلا صحّت جعالته، وذلك كما في صورة ما لو كان عوض الجعالة عملاً يؤديه بنفسه، وأما الصبي فإن جعالته صحيحة إذا كان تصرفه بإذن من الولي. هذا، ولا يشترط في الجاعل أن يكون العمل له، فلو جعل شيئاً لمن خاط ثوب زيد، أو لمن عالجه من مرضه، صح الجعل ولزم على الجاعل إذا رضي زيد بخياطة ثوبه أو معالجته.
م ـ326: لا يشترط شيء في العامل الذي يستجيب للجعالة سوى القدرة على إنجاز العمل وتحقيقه، فيقبل منه عمله ويستحق عليه الجعل حتى لو كانت الوسائل التي توسل بها لإنجاز العمل محرمة، كمثل ما لو كنست الحائض المسجد، أو ركب العامل سيارة مغصوبة حين بحثه عن المال الضائع، أو نحو ذلك؛ بل حتى لو كان العامل صبياً أو مجنوناً. هذا، ولا بد في مثل المال الضائع المطلوب إيجاده أن يكون في غير يد الواجد، فلو فرض أن ماله كان عند شخص بغصب أو عارية حالّة الأجل، فإذا ردها الغاصب أو المستعير للجاعل لم يستحق عليه الجعل ما دام يجب عليه ردها له؛ وهكذا الحال في مثل ما لو كان الجاعل قد استأجر شخصاً للبحث عن بقرته الضالة مثلاً ثم جعل جعلاً لمن وجدها، فإن إذا وجدها الأجير لم يستحق عليه إلا ما كان قد سماه له من الأجرة، لأن عمله هذا قد وجب عليه بمقتضى عقد الإجارة، بدون فرق في ذلك بين ما لو كان الجاعل قد نسي أنه استأجر من يبحث له عنها، أو كان ذاكراً لذلك ولكنه رغب في زيادة البحث وسرعته.
م ـ327: يشترط في العمل (المجعول عليه) أمور:
الأول: أن يكون عملاً محللاً، فلا تصح الجعالة على ما كان بنفسه حراماً كشرب الخمر، ولا على ما اشتُرط فيه مقدمة محرمة، كمثل اشتراط قيام الجنب أو الحائض بكنس المسجد، وفي هذه الحالة الثانية لو فرض قيام العامل بالعمل بما اشترط فيه لم يستحق الجعل المعلن عنه، بل ولا يلزم بدفع أجرة المثل للعامل.
الثاني: أن يكون للعمل فائدة معتبرة عند العقلاء، فلا يصح الجعل على العمل العابث الذي لا فائدة منه، كمثل القفز في الهواء، أو تعبئة ماء من هذه البركة في دلو ثم إفراغه فيها، ونحو ذلك.
الثالث: أن لا يكون من الأعمال التي عُلِم من الشرع لزوم قيام المكلف بها بنفسه، كمثل الصلاة والصوم والجهاد ونحوها من الأمور العبادية وغيرها، وذلك بالنحو الذي تقدم تفصيله في المسألة: (157) وما بعدها من بحوث الإجارة.
الرابع: أن يكون العمل معلوماً بنفسه وبتفاصيله بدرجة لا توجب التنازع، فلا يضر الجهل ببعض التفاصيل، كالجهل بالمسافة أو بنوع الدابة في مثل قوله:"من رد دابتي الشاردة فله علي كذا"، بل يضر فيها مثل ما لو قال:"من وجد شيئاً ضائعاً يخصني فله عليَّ كذا"، أو: " … حيواناَ ضائعاً" من دون أن يحدد أنه من جنس الطيور أو البهائم أو الأسماك؛ والمهم في المقام أن لا يكون العمل المطلوب إنجازه مبهماً، بل لا بد فيه من الوضوح بدرجة تمكن العامل من تشخيص مراد الجاعل وتمنع من التنازع معه، فهي في ذلك بخلاف الإجارة التي تحتاج إلى تمام الوضوح في العمل المطلوب.
م ـ328: لا يعتبر في (العوض) المجعول على العمل أن يكون واضحاً ومعلوماً من جميع النواحي، فيكفي فيه أن لا يكون مبهماً ولا مجهولاً بحد يكون الإقدام على العمل معه سفهياً، فلو قال: "بع هذه الدار بألف والزائد لك"، أو قال:"من رد سيارتي فله نصفها"، صحت الجعالة رغم عدم معرفته بالمقدار الزائد ولا بقيمة نصف السيارة، وأما إذا قال: "من وجد سيارتي فله شيء" بطلت الجعالة، وعليه لمن وجدها له أجرة المثل.
م ـ329: إذا عدل عن جعله الأول إلى ما هو أقل منه أو أكثر، فإن جهر بذلك العدول وعُرف عنه كان العمل على الثاني حتى لو كان العامل يجهله، وإن لم يعرف عنه ذلك العدول لزمه دفع الأمرين معاً، أي المقدار المذكور في الجعل الأول والمقدار المذكور في الجعل الثاني.
م ـ330: الجعالة من المعاملات التي يجوز لكل واحدٍ من الطرفين العدول عنها وترك العمل بمقتضاها إجمالاً، فالجاعل يجوز له أن يتراجع عن تعهّده قبل شروع العامل بالعمل، وكذا بعده إن كان الرجوع بالاتفاق مع العامل، وإلا أشكل الرجوع؛ وكذا يجوز للعامل ترك العمل بمقتضى الجعالة وعدم إتمامه إذا كان قد شرع فيه إلا إذا كان ترك العمل موجباً للإضرار بالجاعل أو بمن يكون له العمل، وذلك كما في مثل موارد العلاج ونحوه مما يكون ترك العمل بعد الشروع فيه موجباً لتعيّب المريض أو العمل، فيجب إتمام العمل حينئذٍ من جهة حرمة الإضرار لا من جهة لزوم الجعالة.
وفيه مسائل:
م ـ324: يكفي في الصيغة كل لفظ يُظهر رغبة الجاعل وإرادته التعهد بشيء لمن ينجز له عملاً معيناً، سواء في ذلك اللغة العربية أو غيرها، وسواء في ذلك ما يلفظه بلسانه أو يكتبه في وثيقة أو ينشره في وسيلة إعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة؛ وهذه الصيغة إيقاع وإيجاب يصدر من طرف الجاعل من دون حاجة إلى صدور قبول من العامل، سواء كان الخطاب عاماً أو موجهاً إلى فرد بخصوصه.
م ـ325: يعتبر في الجاعل العقل والاختيار وعدم الحجر عليه لسفه، وكذا عدم الحجر عليه لفلس إذا استلزم الجَعْلُ تصرفاً بأموال المحجور عليه، وإلا صحّت جعالته، وذلك كما في صورة ما لو كان عوض الجعالة عملاً يؤديه بنفسه، وأما الصبي فإن جعالته صحيحة إذا كان تصرفه بإذن من الولي. هذا، ولا يشترط في الجاعل أن يكون العمل له، فلو جعل شيئاً لمن خاط ثوب زيد، أو لمن عالجه من مرضه، صح الجعل ولزم على الجاعل إذا رضي زيد بخياطة ثوبه أو معالجته.
م ـ326: لا يشترط شيء في العامل الذي يستجيب للجعالة سوى القدرة على إنجاز العمل وتحقيقه، فيقبل منه عمله ويستحق عليه الجعل حتى لو كانت الوسائل التي توسل بها لإنجاز العمل محرمة، كمثل ما لو كنست الحائض المسجد، أو ركب العامل سيارة مغصوبة حين بحثه عن المال الضائع، أو نحو ذلك؛ بل حتى لو كان العامل صبياً أو مجنوناً. هذا، ولا بد في مثل المال الضائع المطلوب إيجاده أن يكون في غير يد الواجد، فلو فرض أن ماله كان عند شخص بغصب أو عارية حالّة الأجل، فإذا ردها الغاصب أو المستعير للجاعل لم يستحق عليه الجعل ما دام يجب عليه ردها له؛ وهكذا الحال في مثل ما لو كان الجاعل قد استأجر شخصاً للبحث عن بقرته الضالة مثلاً ثم جعل جعلاً لمن وجدها، فإن إذا وجدها الأجير لم يستحق عليه إلا ما كان قد سماه له من الأجرة، لأن عمله هذا قد وجب عليه بمقتضى عقد الإجارة، بدون فرق في ذلك بين ما لو كان الجاعل قد نسي أنه استأجر من يبحث له عنها، أو كان ذاكراً لذلك ولكنه رغب في زيادة البحث وسرعته.
م ـ327: يشترط في العمل (المجعول عليه) أمور:
الأول: أن يكون عملاً محللاً، فلا تصح الجعالة على ما كان بنفسه حراماً كشرب الخمر، ولا على ما اشتُرط فيه مقدمة محرمة، كمثل اشتراط قيام الجنب أو الحائض بكنس المسجد، وفي هذه الحالة الثانية لو فرض قيام العامل بالعمل بما اشترط فيه لم يستحق الجعل المعلن عنه، بل ولا يلزم بدفع أجرة المثل للعامل.
الثاني: أن يكون للعمل فائدة معتبرة عند العقلاء، فلا يصح الجعل على العمل العابث الذي لا فائدة منه، كمثل القفز في الهواء، أو تعبئة ماء من هذه البركة في دلو ثم إفراغه فيها، ونحو ذلك.
الثالث: أن لا يكون من الأعمال التي عُلِم من الشرع لزوم قيام المكلف بها بنفسه، كمثل الصلاة والصوم والجهاد ونحوها من الأمور العبادية وغيرها، وذلك بالنحو الذي تقدم تفصيله في المسألة: (157) وما بعدها من بحوث الإجارة.
الرابع: أن يكون العمل معلوماً بنفسه وبتفاصيله بدرجة لا توجب التنازع، فلا يضر الجهل ببعض التفاصيل، كالجهل بالمسافة أو بنوع الدابة في مثل قوله:"من رد دابتي الشاردة فله علي كذا"، بل يضر فيها مثل ما لو قال:"من وجد شيئاً ضائعاً يخصني فله عليَّ كذا"، أو: " … حيواناَ ضائعاً" من دون أن يحدد أنه من جنس الطيور أو البهائم أو الأسماك؛ والمهم في المقام أن لا يكون العمل المطلوب إنجازه مبهماً، بل لا بد فيه من الوضوح بدرجة تمكن العامل من تشخيص مراد الجاعل وتمنع من التنازع معه، فهي في ذلك بخلاف الإجارة التي تحتاج إلى تمام الوضوح في العمل المطلوب.
م ـ328: لا يعتبر في (العوض) المجعول على العمل أن يكون واضحاً ومعلوماً من جميع النواحي، فيكفي فيه أن لا يكون مبهماً ولا مجهولاً بحد يكون الإقدام على العمل معه سفهياً، فلو قال: "بع هذه الدار بألف والزائد لك"، أو قال:"من رد سيارتي فله نصفها"، صحت الجعالة رغم عدم معرفته بالمقدار الزائد ولا بقيمة نصف السيارة، وأما إذا قال: "من وجد سيارتي فله شيء" بطلت الجعالة، وعليه لمن وجدها له أجرة المثل.
م ـ329: إذا عدل عن جعله الأول إلى ما هو أقل منه أو أكثر، فإن جهر بذلك العدول وعُرف عنه كان العمل على الثاني حتى لو كان العامل يجهله، وإن لم يعرف عنه ذلك العدول لزمه دفع الأمرين معاً، أي المقدار المذكور في الجعل الأول والمقدار المذكور في الجعل الثاني.
م ـ330: الجعالة من المعاملات التي يجوز لكل واحدٍ من الطرفين العدول عنها وترك العمل بمقتضاها إجمالاً، فالجاعل يجوز له أن يتراجع عن تعهّده قبل شروع العامل بالعمل، وكذا بعده إن كان الرجوع بالاتفاق مع العامل، وإلا أشكل الرجوع؛ وكذا يجوز للعامل ترك العمل بمقتضى الجعالة وعدم إتمامه إذا كان قد شرع فيه إلا إذا كان ترك العمل موجباً للإضرار بالجاعل أو بمن يكون له العمل، وذلك كما في مثل موارد العلاج ونحوه مما يكون ترك العمل بعد الشروع فيه موجباً لتعيّب المريض أو العمل، فيجب إتمام العمل حينئذٍ من جهة حرمة الإضرار لا من جهة لزوم الجعالة.