كان إعداد الرّسول (ص) لعليّ (ع) ثقافيّاً وروحيّاً، حيث بقي (ع) ملازماً لرسول الله (ص)، فعندما كان النبيّ (ص) يذهب إلى المسجد الحرام، كان عليّ (ع) يصلِّي خلفه عن يمينه، وخديجة تقف خلفهما، حتّى جاء أبو طالب وقال لجعفر: يا بنيَّ، صل جناح ابن عمِّك.
فلم يفارق عليٌّ (ع) رسول الله (ص) في عبادته، وكان يقول إنَّ أوّل بيت في الإسلام هو البيت الذي ضمّه وضمّ رسول الله وخديجة، وليست المسألة العائليّة هي التي كانت تربط أفراد هذا البيت، بل هي المسألة الإسلاميّة التي يتحمَّل الجميع مسؤوليّاتها: رسول الله (ص) بالدعوة، وخديجة (رض) بمالها ورعايتها لرسول الله (ص)، وعليّ (ع) بإعداد قوَّته ليشهر سيفه دفاعاً عن الإسلام، وعقله دفاعاً عن الحقّ، وحركته في الخطِّ الَّذي ينطلق منه وإليه، ولقد عرفنا أنَّ رسول الله (ص) أعطاه سرَّه في الهجرة، وأراده أن يعبّر عن إخلاصه وتضحيته ليغطِّي على غيبته، فبات عليّ (ع) في فراشه بعد أن اطمأنَّ لا إلى سلامته، ولكن إلى سلامه رسول الله (ص).. وكان الوحيد الَّذي ائتمنه رسول الله (ص) على أن يؤدِّيَ ودائعه إلى النَّاس.
وكان يتثقَّف على يدي رسول الله (ص) حتّى قيل إنَّ نساء النبيّ (ص) كنّ يغرن من عليّ، لأنّه كان يشغل رسول الله عنهنَّ، عندما يتناجيان أو يتشاوران في أمر، حتّى قال عليّ (ع) وهو يتحدَّث عن وعيه الثقافي مع رسول الله (ص) وتتلمذه على يديه: "عَلَّمَنِي رَسول الله أَلْفَ باب مِنَ العِلْم، يُفْتَح لي مِنْ كلِّ بابٍ ألْف باب"1.
وقد رعاه رسول الله (ص) في عقله وروحه وحركته وزهده وإخلاصه للإسلام، وانفتاحه على الواقع الإسلاميّ كلّه، لأنَّه مكَّنه من أن يرى ويسمع ما يسمع، ويتحرّك مع النبيّ (ص) في كلّ التجارب التي مرَّت عليه، وبهذا كان نفسه، لأنّه كان صورةً عنه، ورسول الله (ص) هو الَّذي صنع هذه الصّورة على صورته، ونستطيع أن نستوحيَ ذلك من مسألة خاصَّة، وهي أنَّ النبيّ (ص) عندما آخى بين المسلمين، ترك عليّاً بلا أخ، فسأله عليّ (ع) عن ذلك، فقال رسول الله: "أَمَا ترضى أن تكون أخي؟"2، وآخاه في الله، فكانت أخوّتهما تعني أن ليس هناك من المسلمين مَن هو في مستوى أن يكون أخاً لرسول الله، ذلك أنَّ الأُخوّة بينهما كانت أُخوّة عقل، وأُخوّة روح، وأُخوّة إخلاص، وأُخوّةً لله ولرسوله، وأخوّة انفتاحٍ على الإسلام والمسلمين.
إذاً، فعليّ (ع) صنعة الرّسول (ص)، وهو صورته، وكان لطفُ الله الَّذي يفيض على رسول الله (ص) يفيض على عليٍّ (ع)، ليعيش الكمال كأفضل ما يكون الكمال، وهذا ملمحٌ من ملامح صورة الإعداد النبويّ لعليّ (ع).
*من كتاب "عليّ ميزان الحقّ".
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج26، ص 29.
[2]بحار الأنوار، ج37، ص 41.
كان إعداد الرّسول (ص) لعليّ (ع) ثقافيّاً وروحيّاً، حيث بقي (ع) ملازماً لرسول الله (ص)، فعندما كان النبيّ (ص) يذهب إلى المسجد الحرام، كان عليّ (ع) يصلِّي خلفه عن يمينه، وخديجة تقف خلفهما، حتّى جاء أبو طالب وقال لجعفر: يا بنيَّ، صل جناح ابن عمِّك.
فلم يفارق عليٌّ (ع) رسول الله (ص) في عبادته، وكان يقول إنَّ أوّل بيت في الإسلام هو البيت الذي ضمّه وضمّ رسول الله وخديجة، وليست المسألة العائليّة هي التي كانت تربط أفراد هذا البيت، بل هي المسألة الإسلاميّة التي يتحمَّل الجميع مسؤوليّاتها: رسول الله (ص) بالدعوة، وخديجة (رض) بمالها ورعايتها لرسول الله (ص)، وعليّ (ع) بإعداد قوَّته ليشهر سيفه دفاعاً عن الإسلام، وعقله دفاعاً عن الحقّ، وحركته في الخطِّ الَّذي ينطلق منه وإليه، ولقد عرفنا أنَّ رسول الله (ص) أعطاه سرَّه في الهجرة، وأراده أن يعبّر عن إخلاصه وتضحيته ليغطِّي على غيبته، فبات عليّ (ع) في فراشه بعد أن اطمأنَّ لا إلى سلامته، ولكن إلى سلامه رسول الله (ص).. وكان الوحيد الَّذي ائتمنه رسول الله (ص) على أن يؤدِّيَ ودائعه إلى النَّاس.
وكان يتثقَّف على يدي رسول الله (ص) حتّى قيل إنَّ نساء النبيّ (ص) كنّ يغرن من عليّ، لأنّه كان يشغل رسول الله عنهنَّ، عندما يتناجيان أو يتشاوران في أمر، حتّى قال عليّ (ع) وهو يتحدَّث عن وعيه الثقافي مع رسول الله (ص) وتتلمذه على يديه: "عَلَّمَنِي رَسول الله أَلْفَ باب مِنَ العِلْم، يُفْتَح لي مِنْ كلِّ بابٍ ألْف باب"1.
وقد رعاه رسول الله (ص) في عقله وروحه وحركته وزهده وإخلاصه للإسلام، وانفتاحه على الواقع الإسلاميّ كلّه، لأنَّه مكَّنه من أن يرى ويسمع ما يسمع، ويتحرّك مع النبيّ (ص) في كلّ التجارب التي مرَّت عليه، وبهذا كان نفسه، لأنّه كان صورةً عنه، ورسول الله (ص) هو الَّذي صنع هذه الصّورة على صورته، ونستطيع أن نستوحيَ ذلك من مسألة خاصَّة، وهي أنَّ النبيّ (ص) عندما آخى بين المسلمين، ترك عليّاً بلا أخ، فسأله عليّ (ع) عن ذلك، فقال رسول الله: "أَمَا ترضى أن تكون أخي؟"2، وآخاه في الله، فكانت أخوّتهما تعني أن ليس هناك من المسلمين مَن هو في مستوى أن يكون أخاً لرسول الله، ذلك أنَّ الأُخوّة بينهما كانت أُخوّة عقل، وأُخوّة روح، وأُخوّة إخلاص، وأُخوّةً لله ولرسوله، وأخوّة انفتاحٍ على الإسلام والمسلمين.
إذاً، فعليّ (ع) صنعة الرّسول (ص)، وهو صورته، وكان لطفُ الله الَّذي يفيض على رسول الله (ص) يفيض على عليٍّ (ع)، ليعيش الكمال كأفضل ما يكون الكمال، وهذا ملمحٌ من ملامح صورة الإعداد النبويّ لعليّ (ع).
*من كتاب "عليّ ميزان الحقّ".
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج26، ص 29.
[2]بحار الأنوار، ج37، ص 41.