مدفن الزهراء
هناك أحاديث للإمام الرضا(ع) تتصل بحياة أهل البيت(ع)، فلقد كان آنذاك، كما هو الآن، جدلٌ حول مدفن الزهراء(ع)، فهناك رواية ترى أنَّها(ع) دُفنت في (البقيع) بمدينة رسول الله(ص)، وهناك رواية تقول إنَّها دُفنت بجانب قبر رسول الله(ص).. وقد سُئِل الإمام الرضا(ع) عن هذه المسألة، كما في (عيون أخبار الرضا، للشيخ الصدوق).. فعن أحمد بن محمد بن أبي نصير البيزنطي، قال: "سألت أبا الحسن الرِّضا(ع) عن قبر فاطمة(ع)، قال: "دُفنت في بيتها، فلما زادت بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد". وعلى هذا، فالإمام عليٌّ(ع) لم يخرجها من بيتها ليدفنها في البقيع أو في مكانٍ آخر، فهو حينما قال: أُخِّر دفنها هذه الليلة، إنَّما أراد دفنها ليلاً في بيتها، ليتمثّل بذلك الاحتجاج على القوم الذين ظلموها.. وهذا الرأي مما يتبنّاه الكثيرُ من علمائنا الأوّلين.
استرجاع فَدَك
وحول (فدك) التي أعطاها رسول الله(ص) للزهراء(ع)، سأل الحسن بن علي بن فضال الإمام الرِّضا(ع): لِمَ لمْ يسترجع أميرُ المؤمنين عليٌّ(ع) فَدَك لمّا وُلِي أمر الناس؟ فقال(ع): "إنَّا أهل بيت إذا ولاّنا الله عزَّ وجلّ لا يأخذ لنا حقوقنا ممن ظلمونا إلا هو ـ فالله سبحانه وتعالى هو الذي يحقّق الظروف التي نسترجع فيها حقّنا ـ ونحن أولياء المؤمنين، إنَّما نحكم لهم ونأخذ لهم حقوقهم ممن يظلمهم ولا نأخذ لأنفسنا"(35). فالإمام هنا يقول له، إنَّه كان بإمكان الإمام عليّ(ع) أن يسترجع فدك، لكنه كان يرى أنَّ مسؤوليته هي أن يأخذ للناس حقوقهم من الناس، ولا يأخذ حقَّه ممن ظلمه.
ونظنّ أنَّ هذا أسلوبٌ خاصٌ في التعامل مع مسألة حقِّ أهل البيت(ع) المغتَصَب، فالإمام(ع) يرى أنَّ مهمة الأئمة(ع) هي أن يطالبوا بحقوق الناس لا بحقوقهم، فالله هو الذي يأخذ لهم حقَّهم، حتى لا يقول قائلٌ إنَّهم اتخذوا الحكم وسيلةً لتحقيق مطالبهم. والإمام أمير المؤمنين عليٌّ(ع) قد عبّر عن ذلك بقوله: "وما أصنع بفَدَك وغير فَدَك والنفس مظّانها في غدٍ جَدَث"(36).
إحياء أمر أهل البيت
وعن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى(ع) يقول: "رحم الله عبداً أحيا أمرنا ـ والكثير من الناس يستشهدون بهذه الكلمة في التعبير عن الولاء بالأساليب القلقة، ويتصوّرون أنَّ ذلك هو حقيقة إحياء الأمر، ولكنّ الإمام(ع) يفسّر إحياء أمر أهل البيت(ع) بشكل آخر، يكمل الراوي روايته فيقول: ـ فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال(ع): يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس، فإنَّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"(37). فأمر أهل البيت(ع) هو الإسلام، والقرآن، وهو السُنَّة، وأن نقدّم أهل البيت(ع) إلى كلِّ جيلٍ من الأجيال من خلال المفاهيم التي أصّلوها، والعقائد التي أوضحوها، والأخلاق التي نهجوها، والعلوم التي نشروها، وأن نثقّف الناس بثقافة أهل البيت(ع) المتعدّدة الغنيّة. وهذا هو الذي يحيي أمرهم.. ولو أننا أجرينا استفتاءً شعبيّاً، فكم يا ترى في المائة ممن ينتمون لأهل البيت(ع) مَن يملكون ثقافة أهل البيت(ع)؟ كم منهم يعرف نهج البلاغة؟ وكم منهم يعرف الإمام الحسين(ع) في مواعظه وكلماته ومواقفه؟ فإحياء الأمر، هو إبقاء النهج والخطّ والرسالة، والأئمة(ع) ليس لديهم شيءٌ خاصٌّ سوى الإسلام، وأمير المؤمنين عليٌّ(ع) يقول: "فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلامَ وأهلَه أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فَوْت ولايتكم"(38).
فضائل أهل البيت(ع)
وفي تحديده لفضائل أهل البيت(ع)، يقول إبراهيم بن أبي محمود، وهو من الثقاة: "قلت للرِّضا(ع): إنَّ عندنا أخباراً في فضائل أمير المؤمنين(ع) وفضلكم أهل البيت وهي من مخالفيكم ـ أي أنَّ مصادرها ليست شيعيّة ـ ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها؟ ـ فهل نلتزم بها؟ ـ فقال: "يابن أبي محمود، لقد أخبرني أبي عن أبيه عن جدّه، أنَّ رسول الله(ص)، قال: مَن أصغى إلى ناطق فقد عبده ـ أي إذا استغرق في كلمات المتحدّث ـ فإن كان الناطق عن الله عزَّ وجلّ فقد عبد الله، وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس". ثم قال(ع): "يابن أبي محمود: إنَّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها: الغلوّ ـ وهي أحاديث الذين يناصبوننا العداء، فأحاديث الغلوّ الموضوعة من قِبَلِهم تُخرجنا من إطار البشرية وتجعلنا قريبين من الربوبيّة، فهو ليس حديثنا ـ وثانيها: التقصير في أمرنا ـ وإنزالنا عن مراتبنا التي رتّبنا الله فيها ـ وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا ـ وهي أحاديثُ سبِّ الآخرين الذين نختلف معهم، ونحن لم نسبّ أحداً ولا أمرنا أحداً بالسبّ ـ فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفّروا شيعتنا ـ فيُقال لهم إنَّكم تغالون (ترفعون أئمتكم إلى مستوى الألوهيّة) ـ ونسبوهم إلى القول بربوبيّتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالبَ أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا ـ أي إذا ورد عنّا سبّ، فإنَّ الأعداء يتخذونه ذريعةً لسبّنا ولعننا ـ وقد قال الله عزَّ وجلّ: {وَلا تسبُّوا الذين يَدْعُون من دون الله فيسبُّوا الله عَدْوَاً بغير علم} [الأنعام:108] يابن أبي محمود، إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا ـ فإنَّ طريقتنا هي الصراط المستقيم، وهي المحجّة البيضاء، وهي الجادّة الوسطى ـ فإنَّه مَنْ لَزِمَنا لَزِمْناه، ومَن فارقنا فارقناه، إنَّ أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة نواة ـ أي أن يغيّر حقائق الأشياء ـ ثم يدين بذلك ويبرأ ممن خالفه، يابن أبي محمود، احفظْ ما حدّثتك به، فقد جمعت لك خيرَ الدنيا والآخرة".
ونعود إلى الحديث عن منهج الإمام(ع) في المسألة التربويّة والأخلاقيّة، ليكون خطّاً نسير عليه نمتلك فيه وسيلة النجاة في الدنيا والآخرة.
حدّ التوكّل
ولذلك، فنحن مع الإمام علي بن موسى الرضا(ع)، ليحدّثنا من وراء التاريخ، وهو الحاضر فينا بما كان يحدّث أصحابه، فلقد سأله أحد أصحابه وهو (الحسن بن الجهم) قال: سألتُ الرضا(ع): جُعلت فداك ما حدُّ التوكل؟ قال: "أن لا تخاف مع الله أحداً" فكأن هذا السائل يقول، إنّ الله يحدّثنا عن التوكل، ونحن نواجه الكثير من قضايا الحياة مع هذا الإنسان الذي يهددنا، ومع ذاك الإنسان الذي يخوّفنا، فكيف يكون التوكل على الله في حركتنا في الحياة أمام الأخطار والضغوط والتهديدات؟
هنا يركز الإمام(ع) أن قضية التوكل هي قضية معرفتك بالله مقارنةً بمعرفتك بالإنسان وبمعرفتك بالأشياء، فأنت عندما تتحرك في معرفتك بالله عقليّاً، فإنك تجد أنّ الله هو خالقُ كلّ شيء، وهو مدبّرُ كلّ شيء، وأنه المهيمن على الأمر كله، وأنه يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء، وأنه على كلِّ شيء قدير، فإذا استوعبت هذه المعرفة بالله سبحانه وتعالى، فإنك عند ذلك لا تشعر بوجود أحد مع الله، فالوحدانية هناك تجعلك تستغرق في وجدانك العقليّ، بحيث لا تتصور في الوجود إلا الله، أما الآخرون، كل الآخرين، فإنك تنظر إليهم على أنهم مخلوقات الله، وأنّ قدرتهم هي من خلال ما أعطاهم من قدرة، وأنّ علمهم هو من خلال ما أعطاهم من علم، وأن حركتهم تنطلق من خلال ما هيّأه لهم من وسائل الحركة، وعلى ضوء هذا، فإنك عندما تتوكل على الله، تفرّغ عقلك وقلبك وإحساسك وشعورك من الخوف من أي أحد، وعندما تتطلع إلى الله وتخاف من عباد الله، فمعنى ذلك أنك تبتعد بعباد الله عن الله.
تحريك القدرات
وقد يقول قائل إنَّ مسألة الخوف هي مسألة القدرة التي نملكها والتي يمتلكها الآخرون، فقد يملكون قدرات مما أعطاهم الله سبحانه وتعالى ولا نملك مثل هذه القدرات، كما أنّ مسألة الخوف تتحرك في الجانب الذي يملكونه من القدرة زائداً على ما نملك نحن من القدرة، فكيف لا نخاف؟
إنّ المسألة المطروحة هنا هي ما نستوحيه من هذه الكلمة ومن الكلمات الأخرى، ذلك أنّ الله يريد لك أن تتحرك بقدرتك، فالتوكل لا ينطلق من تجميد قدراتك، ثم إذا وصلت إلى نهاية الطريق وجاءتك تهاويلُ نقاط ضعفك، أو تهاويلُ الشيطان الذي يخوّفك، توكلت على الله تعالى وقلتَ: يا ربّ، أنت القادر على كلّ شيء والمهيمن على كلّ شيء، وقد استعملت كلَّ الأسباب التي وضعتها بين يديّ في حماية نفسي، وفي حماية كلِّ قضاياي، هذا ما أستطيع وأنا أتوكل عليك في ما لا أستطيع، وعند ذلك عليك أن تنطلق من اعتقادك بأنّ الله سبحانه وتعالى هو المهيمن على الأمر كلّه، فقد تكون حكمته بأن يحميك، وقد تكون حكمته بأن يبتليك، ولكن إيّاك أن تفكر في أن قدرة هؤلاء يمكن أن تغلب قدرة الله ـ جلّت قدرته ـ والله هو الغالب على كل شيء، ولكنّه قد جعل لكل شيء قدراً.
الخوف تعطيل للقدرة
ومن هنا، فإنّ الخوف شيء وحركتك في الواقع شيء ودراستك للواقع شيء آخر، لا تخف أحداً، ولكن اعرف بأن لله سنةً في الكون، فإذا غلبك الغالبون، فليس ذلك لأن قدرتهم غلبت قدرة الله أو قدرة الأنبياء، ولكنّ الله سبحانه وتعالى، وهو يوجِّه الأنبياء ليؤيدهم وهم رسله، يبتليهم بذلك، وهم لا يخافون أحداً، وآية ذلك قوله تعالى: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا} [التوبة:40]، والمؤمنون كذلك لا يخافون أحداً، وآية ذلك قوله سبحانه: {الذين قال لهم النّاس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم* إ نَّما ذلكم الشيطانُ يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 173ـ175].
التوكّل نبذ للخوف
وخلاصة القول هي أنّ التوكل حالة في النفس تتمثل في إفراغ عقلك وقلبك من كل خوف لمن عدا الله، وأن تكل أمرك إلى الله ليدبّر أمرك بحكمته، إن شاء يعافيك، وإن شاء يبتليك، فإذا ابتلاك فليس من خلال أنّ الآخرين غلبوا إرادتك، وإذا عافاك فإنّ معافاته لك تأتي من خلال حكمته. ومن هنا، فإنّ التوكل على الله لا يعني أنك تصل إلى ما تريد دائماً من خلال التوكل، ولكن معنى ذلك أن تشعر بالقوة مع الله لتترك أمرك إليه، كأنك تقول: يا ربّ، إنّي أوكل أمري إليك لتتصرف في أمري، فكما خلقتني برحمتك ودبّرت أمري بحكمتك، فأنا أكِلُ الأمر إليك، لأنّي أعتقد أن الأمر أوّلاً وآخراً إليك، لذلك، فإنّ المتوكلين هم الواثقون بالله والواثقون بأنفسهم من خلال الله، والواثقون بالنتائج، سواء كانت منسجمة مع مشاعرهم أو غير منسجمة، لأنهم يعرفون أنّ الله لا يفعل إلا ما هو الحكمة والمصلحة، لأنّه سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا، فهو الذي يعلم ما يصلحنا وما يفسدنا، لأنه المحيط بالأمر كله: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيفُ الخبيرُ} [الملك:14].
حدّ التواضع
وسأله: فما هو حدُّ التواضع؟ أي كيف يكون الإنسان متواضعاً؟ والتواضع هو من القيم الإسلامية والإنسانية التي تتحرك على أساس أن تعيش مع الآخر إنسانيتك، فكما تريد أن يحفظ لك إنسانيتك، فعليك أن تحفظ له إنسانيته، قال(ع): "أن تعطي الناس من نفسك ما تحب أن يعطوك مثله"(39)، فكيف تحب للناس أن يتعاملوا معك، هل تحب أن يتكبّروا عليك؟ هل تحب أن يضطهدوك؟ هل تحب أن يهملوا إنسانيتك؟ إنّ التواضع هو أن تعطي الناس ما تحب أن يعطيك الناس، وإذا فكّرت بالمسألة في العمق فسوف تكون إنساناً لا يعيش مع الناس في خيلاء الذات، ولا في تكبّر العنفوان، ولا يعيش مع الناس في أنانية النفس، ولا يعيش معهم في إهمال قضاياهم ومصالحهم، عند ذلك يتعايش الإنسان مع الإنسان ليحب لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.
إنّك لن تكون متواضعاً إذا لم تعش هذه الروحية في مشاعرك وأحاسيسك، ولن تكون متواضعاً إذا لم تعش هذه الذهنية في وجدانك وفكرك، وهي أن يكون فكرك إنسانياً منفتحاً على الإنسان الآخر، يتألم له ويفرح له وينفتح عليه في كل قضاياه.
منزلتك عند الآخرين
قلت ـ وهذه نقطة ذاتية ـ "جعلتُ فداك، أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟ وما هي منزلتي لديك، وما هي مشاعرك اتجاهي"؟ قال: "كيف أنا عندك"، فإذا أردت أن تعرف منزلتك عند شخص في انفتاحه الإنسانيّ عليك، فحاول أن تدرس كيف هي مشاعرك اتجاهه، لأنّ المشاعر تنفتح على منطقة الشعور لدى الآخر، وقد عالجها الإمام علي(ع) في الاتجاه السلبي الذي يعيشه الإنسان حيال الآخر، وذلك عندما قال: "احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك"(40). حاول أن تقتلع من صدرك كلَّ الشر الذي يطوف في وجدانك ضد الآخر، وعند ذلك سوف تنفتح إنسانيتك عليه لتجعل إنسانيته منفتحة على ذلك، لأن مشاعر الحقد تعدي في ردّة الفعل، كما أن مشاعر الخير كذلك تعدي في رد الفعل.
العُجُب مفسد للعمل
ولقد سأله "أحمد بن نجم" عن العُجب الذي يفسد العمل، ففي دعاء (مكارم الأخلاق) يقول الإمام زين العابدين(ع) "وعبّدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب"، قال له: ما هي مظاهر العجب؟ قال: "العجب درجات، منها أن يرى العبدُ سوءَ عمله حسناً فيعجبه، ويحسب أنه يحسن صنعاً" {قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالاً* الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} [الكهف:103ـ104]، {أفمن زُيّن له سوءُ عمله فرآه حسناً} [فاطر:8]، وقد اغترف الإمام الرضا(ع) هذا المعنى من القرآن، وقد قدّمنا أنّ كل انتزاعاته في أجوبته كانت من القرآن، فأن تعجب بنفسك يعني أن تستغرق في ذاتك، وأن تبتعد عن التفكير فيما حولك ومَنْ حولك، وأن تتعبّد لذاتك بأن تعتبر الفكر الذي يصدر منك الفكر العظيم، وأنّ كل حركة تتحرك بها فهي الحركة التي تتمثل بها كل القيم، وأن تدرس نفسك من خلال نفسك، لا أن تدرس نفسك من خلال الفكر الذي ينطلق به الآخر لتدخل في عملية مقارنة بين فكرك وبين فكر الآخر.
المعجبون بأنفسهم
إنّ هؤلاء النرجسيين الذين يتعبّدون لأنفسهم تماماً كما تقف المرأة التي يعجبها جمالها أمام المرآة من الصباح إلى المساء من أجل أن تتعبّد لذاتها في جمالها، هؤلاء الذين يستغرقون في مرآة أنفسهم، فلا يرون أنفسهم إلا في داخل أنفسهم، في حين أن المؤمن مرآة أخيه، أي إن عليك أن ترى نفسك في غيرك، وعليك أن ترى نفسك في وحي الله تعالى، وعليك أن ترى نفسك في كلّ ما ينطلق به رسلُ الله وأولياؤه.
إنّ مشكلة المعجب بنفسه هي أنه يعتبر العالم محصوراً في نفسه، فلا يجد هناك شيئاً غير نفسه، فكأنه يختصر العالم فيها. ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمنّ على الله ولله المنةُ عليه، ويصلي بعض الركعات في ما يتنفّلُ به أو يحجُّ استحباباً أو يتصدّق هنا وهناك، ثم إذا ما ابتلاه الله عاتب الله في ابتلائه، لماذا تبتليني وقد عبدتك، لماذا تبتليني وقد صلّيت لك صلاة الليل، وقد حججت، وقد تصدقت "مُدِّلاً عليك في ما قصدت فيه إليك، فإن أبطأ عنّي عتبتُ بجهلي عليك، ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خيرٌ لي لعلمك بعاقبة الأمور". فقد تكون حالة الإدلال على الله منطلقة من أن الإنسان يشعرُ أنّه قدّم إلى الله خدمة عندما صلّى، وأنه فعل مع الله جميلاً عندما صام وحجّ، في ما يعتبر الله سبحانه وتعالى أنّ كل طاعة الإنسان إنّما هي لنفسه، ذلك لأنّ الله "لا تنفعه طاعة مَن أطاعه ولا تضرّه معصية من عصاه".
تمام العقل
وتحدّث الإمام الرضا(ع) في ما روي عنه من عنوان مهم جداً، وهو كيف نحكم على الإنسان أنه تامّ العقل، والإمام يتحدث حسب هذه الرواية التالية في "العقل العمليّ"، الذي إذا انفتح الإنسانُ عليه وانطلق به، كان دليلاً على أنّ وعيه للحياة وللإنسان وللقيم وللواقع عقلانيّ وليس وعياً عاطفياً، قال(ع): "لا يكون المؤمن عاقلاً حتى تجتمع فيه عشرُ خصال: الخيرُ منه مأمول"(41)، أي عندما يعيش مع الناس وهو يملك العناصر التي يمكن لها أن تعطي الخير للناس، سواء كان الخير ما يملكه من عنصر علم أو خبرة أو عنصر قوة أو مال أو جاه أو ما إلى ذلك، فإذا تطلّع الناس إليه فإنهم يأملون خيره، لأنه ينفتح على الناس من موقع الخير.
"والشر منه مأمون"، فإذا عاش مع الناس فإنّ الناس يأمنون شرّه، لأنه لا يفكر بالشرّ ضد الناس، بل يعمل على إبعادهم عن شرّ نفسه ويحميهم من نفسه، كما يعمل على إبعادهم عن شرّ غيره، وقد لاحظنا ذلك في دعاء الإمام زين العابدين(ع) في (مكارم الأخلاق) عندما يقول: "ولا أُظلمنَّ وأنت مطيقٌ للدفع عنّي، ولا أظلِمنّ وأنتَ القادرُ على القبض منّي"، أي كما أريد، يا رب، أن لا يظلمني الناس، فاجعلني لا أظلم الناس أيضاً، وإذا انطلقت قدرتي من أجل أن تتحرك لظلم إنسان بريء، فسلّط يا ربِّ قدرتك عليّ واقبض عليَّ، اقبض يدي واقبض كلّ طاقتي عن أن تتحرك لظلم الناس.
وفي فقرة أخرى: "اللهم فكما كرهتَ لي أن أُظلَم فقني من أن أظلِم"، وهكذا فإنّ من صفات المسلم العاقل أن يأمن الناسُ شرّه، لأنّ عقل الإنسان هو الذي يميّز له الحسن من القبح، ويوجهه إلى الحَسَن ويبعده عن القبيح، وعندما يفكّر الإنسان في الخير، فإنّ عقله يقول له إنّ الخير ينفعك مع الناس، لأنك إذا فعلت الخير أحبّوك، ثم إنه ينفعك عند الله: {فمن يعمل مثقالَ ذرّةٍ خيراً يره} [الزلزلة:7] وأما إذا فكّرت بالشرّ، فإنّ الشرّ يجعلك تجني عداوة الناس وبغضهم، وفي الوقت نفسه، فإنّ ذلك يبعدك عن كثير من مصالحك عندما ينغلق الناس عليك وعلى حياتك، ثم إنك إذا فعلت الشر فإنّه يتصل بهلاكك في مصيرك و{من يعملْ مثقالَ ذرّةٍ شرّاً يره} [الزلزلة:8].
استكثار الخير واستقلاله
والخصلة الأخرى هي: "يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقلُّ كثير الخير من نفسه". فإذا فعل الناس الخير فإنه يعمل على أن يشجعهم على الخير، ولذلك فإنه يتكلم معهم على أساس تقدير ما قاموا به، حتى لو كان الخير الصادرُ منهم قليلاً، لأنه عندما يستكثر ذلك بما يوحي إليهم بالقيمة في أعمالهم، فإنّه يعمل على أن يشجّعهم في ذلك. أمّا بالنسبة إلى نفسه، فهو الطَمُوحُ ليبلغ القمة في الخير، والطَمُوحُ إلى أن يضاعف كلّ طاقاته من أجل أن يكسب خيراً هنا وخيراً هناك، فإذا وصل إلى مرحلة من الخير وكانت هناك مرحلة أعلى منها، فإنه يشعر بأنه لم يقم بما يريد، لأنّ الإنسان الذي يطلب الكمال لا يقبل بأيّ درجة من درجات النقص، فإذا بقيت ثمة درجة، فإنّه يعمل على أن يصعد إليها نحو القمة، وهذا ما ورد في بعض أحاديث أئمة أهل البيت(ع): "إنَّ المؤمن نفسُه ظنون عنده"، أي أنه يتهم نفسه دائماً بالتقصير، وفي الحديث أيضاً: "لا تُخرج نفسكَ من حدّ التقصير"، فمهما فعلت فاعتبر نفسك مقصّراً، حتى تستطيع أن تدفع نفسك إلى مراحل الخير أكثر وفي مراقي الكمال أكثر.
قضاءُ الحوائج
ويُكمل(ع) قوله: "لا يسأم من طلب الحوائج إليه"، ذلك أنه يعتبر أن طاقته في ما أعطاه الله من طاقة ليست ملكَه، بل هي أمانةُ الله عندهُ، فعلمه أمانة الله عنده، فمهما طلب الناس من علمه فإنه لا يملّ من سؤالهم ولا يملُّ من عطائه لهم، وهكذا يرى أنّ ماله أمانة الله عنده، فمهما طلب الناس من ماله ومما يملك أن يعطيهم فإنه لا يسأم من تلبية ذلك.
وهكذا بالنسبة إلى قوّته وبالنسبة إلى جاهه، لأنه يعتقد أن طاقاته سوف تموت عندما يموت، وسوف تذهب في الفراغ عندما يمضي الوقت من دون أن تمتلىء طاقاته بالقيم التي يريد أن يحرّكها نحوها، لذلك، فهو يعتبر أنّ عليه أن يؤدّي إلى الله تعالى الأمانة التي أودعها عنده الناس في أن يمنحهم من طاقته وهو يملك أن يعطيهم ذلك، والله سبحانه وتعالى سوف يحتجّ عليه بطاقته، وهذا هو حديث الإمام الصادق(ع): "إنّ الله لم ينعم على عبدٍ بنعمةٍ إلا وقد ألزمهُ فيها الحجّة من قبله، فمن منَّ الله عليه فجعلهُ موسّعاً عليه في ماله، فحجّتهُ عليه ماله ثم تعاهدُهُ الفقراءَ بفرائضه ونوافله، ومَنْ منَّ الله عليه فجعله قوياً في بدنه، فحجّته القيام بما كلّفهُ واحتمال مَنْ هو دونه ممّن هو أضعفُ منه، ومن منّ الله عليه فجعله شريفاً في قومه جميلاً في صورته، فحجّته عليه أن لا يغمط حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله"، وإذاً فهو لا يسأم من طلب الحوائج إليه، بل يرتاح لذلك، لأنّه يرى أن الله سبحانه وتعالى يعطيه أضعاف ذلك، ولا يملّ من طلب العلم طولَ دهره، فهو الطالب للعلم أبداً ما دام عقله معه، وما دامت قدراته الفكرية معه، لأنّ العلم هو نموُّ إنسانيته، وهو معرفته بربّه، وهو الطاقة التي يمكن أن يفجّرها فكراً واكتشافاً وإبداعاً وعطاءً.
لذلك، فإنّ الإنسان المؤمن يشعر أنّ قضية العلم بالنسبة إليه تمثّل خط حياته، فالذي يطلب شيئاً من العلم ويحسّ بالاكتفاء فإنه إلى تراجع، ومن بقي يشعر بحاجته إلى العلم، فإنه كلما انفتح له أفق جديد شعر بجهلٍ جديد عنده، ولذلك فإنه يحاول أن ينطلق من أفق إلى أفق، ليكتشف أسرار الكون وأسرار المسؤولية في ذلك كلّه.
الفقر في الله
وخصلته الأخرى هي: "الفقر في الله أحبُّ إليه من الغنى"، فلو دارَ الأمرُ بين أن يكون غنياً مع الشيطان ومع أولياء الشيطان يعطونه المال كله، ولكنه عندما يسير في خطّ الله فإنه قد يعيش فقراً هناك وقد يعيش حاجة هنا، فإذا ما وقف بين خطِّ الله تعالى وبين خطِّ الشيطان بكلّ ما يمثله خطُّ الله من خط النبوّات والرسالات والأولياء، وما يمثله خطُّ الشيطان من الكفر والضلال، فإنه يفضّلُ السير في خط الله حتى لو كان الفقرُ هناك، ويفضّل أن يقف ضد خط الشيطان حتى لو كان الغنى معه، ليحصل على محبة الله ورضوانه ورحمته في ذلك، وما دام الله تعالى هو الذي يملك رزقه كما يملك حياته، فإنّ عليه أن لا يسمع للشيطان عندما يعدُه الفقر، بل يفكر في أنه إذا افتقر اليوم فإنّ الله لا بدّ له من أن يغنيه غداً: {أليس الله بكافٍ عبده ويخوّفونك بالذين من دونه} [الزمر:36]، {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً} [البقرة:268].
الذلُّ في الله
والخصلة الأخرى هي: "والذلُّ في الله أحبُّ إليه من العزّ مع عدوّه"، فربما تنطلق مع أعداء الله ليعطوك موقعاً متقدماً من مواقع الجاه في الحياة، ولكنّك عندما تبتعد عنهم وتنفتح على الله، فقد تكون إنساناً عادياً لا تملك ما يملكون، لكنّ المؤمن العاقل يفضّل هذا الذلّ الشكلي، لأنَّه ليس بالذليل بل هو عزيز في نفسه، والله تعالى يقول: {بشّر المنافقين بأنّ لهم عذاباً أليماً* الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزَّة فإنّ العزة لله جميعاً} [النساء:138ـ139]، فعندما ينظر الناس إلى مسألة الذلّ والعزّ، فإنَّ النظر إنَّما يكون الجانب الشكلي، أمّا المؤمن فينظر إلى قضية العزّ والذل على أنها شيء في العقل وفي القلب وفي الإحساس والشعور.
فقد تكون العزيز الذي تمتلك نفسك وتمتلك كرامتك وتمتلك حريتك وإرادتك في الوقت الذي لا تمتلك أيّ موقع بين الناس، وقد يكون الإنسان الآخر ذليلاً في الوقت الذي يملك فيه أرفع المواقع، لأنّه لا يملك أن يريد ولا يريد، فربما احتلّ موقعاً هناك، بينما يكون الآخرون قد استلبوا إرادته وموقفه منه وأخذوا منه حريّته، فليست القضية هي أن تربح العالم، إذ ما قيمة أن يربح الإنسانُ العالمَ ويخسر نفسه {قلْ اللّهم مالك المُلك تؤتي الملكَ مَنْ تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلُّ من تشاء بيدك الخيرُ إنّك على كل شيء قدير} [آل عمران:26].
الهروب من الشهرة
ومن خصاله أيضاً: "والخمول أشهى إليه من الشهرة"، فإذا دار الأمرُ بين شهرة ترضي ذاته بحيث يشعر بأنها هي التي تكبّره، وهي التي تعظّمه، وهي التي ترفع مقامه، لأنّ نفسه فارغة من القيمة، بحيث يستعير من الآخرين قيمة نفسه في موقع اللاشيء وفي موقع اللااحترام، إنّ إنساناً كهذا يستعير ثقته بنفسه من الآخرين، فيطلب الشهرة ليرتفع، لأنه يعتبر أن ارتفاعه بمقدار ما يصفّقُ الناس لهُ، وبمقدار ما يتحرك الناس خلفه، لأنه لا يجد في نفسه أيّ معنى من الغنى ولا الامتلاء، فهذا هو الإنسان الذي يتوقف عند الشهرة من موقع الإحساس والانشغال والاهتمام الكبير، أمّا المؤمن، فإنه يفضّل الخمول بأن يبقى إنساناً عادياً لا يبيع نفسه ولا يبيع موقفه، لأنه يشعر بالغنى من داخل نفسه، ولا يشعر بأنّ مدح الناس وإقبالهم عليه يمكن أن يرفع من مقامه، وهذا ما عبّر عنه أمير المؤمنين(ع) عندما قال: "لا تزيدُني كثرةُ الناس حولي عزّة، ولا تفرّقهم عنّي وحشة"،(42) لأني لا أستعيرُ ثقتي بنفسي من خلال الناس، وإنما أستعير ثقتي بنفسي من نفسي، مما أعرفه منها في كل هذا الغنى الذي يشتمل عليه الإنسان.
وليس معنى ذلك أنّ الخمول قيمة إيجابية في المطلق، وأنّ الشهرة قيمة سلبية مطلقة، بل معناه أنّ الشهرة بحسب طبيعتها ليست هي القيمة، وأنّ الخمول بحسب طبيعته ليس ضدّ القيمة، فالقيمة هي في نفسك عندما تكون ممتلىء العقل بالعلم النافع، وممتلىء القلب بالعواطف الطيبة، وممتلىء الحركة بنشاطك المسؤول، وعندها فأنت الكبير حتى لو كنت خاملاً لا يذكرك أحد، وإذا كنت فارغاً من ذلك كلّه، فأنت الصغير حتى لو هتف كلُّ الناس باسمك.
إجلال الآخرين
وقال: ما المعاشرةُ؟ قال: "لا يرى أحداً إلا قال هو خيرٌ منّي"، فهو لا يرى أنه خير من الناس، "فإنّما الناسُ رجلان: رجلٌ خيرٌ منه وأتقى" أي أفضل منه، "ورجلٌ شرٌّ منه وأدنى"، فإذا لقي الذي هو شرٌّ منه وأدنى، قال: "خيرُ هذا باطنٌ وهو خيرٌ له، وخيري ظاهر وهو شرٌّ لي"، فقد يكون هذا الشخص بحسب ظاهره شرّيراً، ولكن قد يكون عنده باطنٌ خيرٌ من باطني، وقد أكون بحسب ظاهري خيّراً، ولكن يمكن أن يكون باطني شرّيراً، فعليّ أن لا أنظر في مجال المقارنة بين نفسي وبين الآخر من خلال ما هو ظاهر منّي وما هو ظاهر من الآخر، لأنه يمكن أن يكون ظاهري مشتملاً على باطن سيّىء، ويمكن أن يكون ظاهر الآخر مشتملاً على باطن خيّر، وهذا هو ما يشير إليه الإمام زين العابدين(ع) في عملية التكامل النفسيّ: "اللهم لا ترفعني في الناس درجةً إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدثُ لي عزّاً ظاهراً إلا أحدثت لي ذلّةً باطنة عند نفسي بقدرها". ويمضي الإمام الرضا(ع) فيقول: "وإذا رأى الذي هو خيرٌ منه تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجدُه وطابَ خيرهُ وحسُن ذكرُه وساد أهلَ زمانه"(43) بهذه الصفات.
خط أهل البيت(ع)
هذا هو خطُّ أهل البيت(ع).. فإذا كنا نريد السير في خطهم، فإنّ خطّهم هو ارتفاع الإنسان بإنسانيته، وخط أهل البيت هو أن ينطلق الإنسان في إيمانه بربّه وبحركة مسؤوليته اتجاه الآخر، وخطُّ أهل البيت هو أن تفهم نفسك جيداً، وأن تدخل في مقارنة دائمة بين نفسك وبين الآخرين، أن تكون إنساناً في موقع القيمة وفي موقع المعرفة بالله والقرب إليه سبحانه وتعالى، أن تتحرك بمحبة الناس في خطّ المسؤولية، هذا هو خط أهل البيت(ع)، فهو ليس كلمات ومظاهر تتحرك من دون وعي، فأهل البيت(ع) ينطلقون من خلال الإسلام، فكن مسلماً موالياً لأهل البيت، فليس عندهم شيء إلا الإسلام، يقول الإمام الباقر(ع): "مَن كان مطيعاً لله فهو لنا ولي، ومن كان عاصياً لله فهو لنا عدو، والله لا تُنال ولايتنا إلاّ بالورع"(44).
المصادر:
(35)عيون أخبار الرضا، ج:2، ص:86.
(36)نهج البلاغة، الكتاب:45.
(37)عيون أخبار الرضا، ج:1، ص:307.
(38)نهج البلاغة، الكتاب:62.
(39)البحار، ج:71، ص:134.
(40)البحار، ج:75، ص:212.
(41)البحار، ج:1، ص:108.
(42)البحار، ج:10، ص:362.
(43)البحار، ج:78، ص:336.
(44)البحار، ج:70، ص:98.