في ذكرى شهادة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب (ع)، لا بدَّ لنا أن نطلّ على الأجواء الّتي كان يحشدها رسول الله (ص) في وجدان الأمَّة، من أجل أن يعمّق حضور هذين الإمامين (الحسن والحسين) في أعماقها، كانطلاقة تهيِّئ السَّاحة المستقبليَّة لهما، على أساس أن يكونا في موقع القيادة التي توجِّه الأمَّة إلى الصِّراط المستقيم.
فممَّا يرويه رواة السنّة والشيعة، أنَّ رسول الله (ص) قال: "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّة"1. وعندما نستنطق هذه الكلمة، فإنّها تعني أنَّ كلَّ ما قام به الإمام الحسن (ع)، فإنّه يمثّل الشرعية الإسلاميَّة بكلّ مفرداتها، وأنَّ كلَّ ما قام به الإمام الحسين (ع) يمثّل الخطّ الإسلامي بكلِّ استقامته، لأنَّ مَن كان سيّداً لشباب أهل الجنّة، لا بدّ أن يكون معصوماً في فكره وفي حركته وفي كلّ منطلقاته، وفي الجنّة يوجد الَّذين اصطفاهم الله تعالى للقرب منه. ومن هنا، فإنّنا لا نحتاج إلى الكثير من التَّحليل لنعرف شرعيَّة صلح الإمام الحسن (ع) في دائرة الظروف التي عاشها، وشرعيّة ثورة الإمام الحسين (ع) في دائرة التحدّيات التي واجهها.
ثم ننطلق لنسمع من رسول الله (ص) فيما رواه السنّة والشّيعة: "اللَّهمَّ إنّي أُحبُّهما فأَحبَّهما وأحبَّ مَن يُحبِّهما"2. وهناك رواية أخرى تقول: "مَن أحبَّهما فقدْ أحبَّني، ومَن أبغضَهما فقدْ أبغضني"3.
وهكذا نقرأ، كما في (أسد الغابة) عن ابن أمّ سلمة عن أمّ سلمة، أنّ هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33]، نزلت على النبيّ (ص) في بيت أُمّ سلمة، فجاء بكساء ودعا حسناً وحسيناً وفاطمة، والتفّوا به، وعليّ خلف ظهره، فقال: "اللّهمَّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً"4، وقالت أمّ سلمة: هل أنا منهم؟ قال: "إنَّك على خير".
في هذا الجوّ، نستطيع أن نطلّ على هذين الشَّخصين اللَّذين لم تنطلق كلمات رسول الله (ص) بحقّهما من إحساس عاطفي في احتضان الجدّ لسبطيه، لأنّه كما قال الله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النّحم: 3 -4]، فللنبيّ إحساسه العاطفي، والعاطفة هي من صفات الإنسان في عمق إنسانيَّته، ولكنّ تقييم الأشخاص لا يمكن أن ينطلق من عاطفة نبيّ أراد الله له أن يقول الحقّ حتى في أقرب النَّاس إليه، وقد قال الحقّ ممّا أوحاه الله إليه في عمّه أبي لهب {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد: 1]. ولذلك، فعندما يتحدّث النبيّ (ص) عن سبطيه بحديث فيه القيمة كأرفع القيمة، وفيه المحبّة كأعمق المحبّة، فإنّنا لا نجد في ذلك إلَّا معنى الحقيقة في معناه، وإلَّا عاطفة الحقّ في عاطفته.
* من كتاب "النَّدوة"، ج3.
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج43، ص 263.
[2]الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص 28.
[3]الغدير، الشيخ الأميني، ج11، ص 5.
[4]تفسير الطبري، ج22، ص 6.
في ذكرى شهادة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب (ع)، لا بدَّ لنا أن نطلّ على الأجواء الّتي كان يحشدها رسول الله (ص) في وجدان الأمَّة، من أجل أن يعمّق حضور هذين الإمامين (الحسن والحسين) في أعماقها، كانطلاقة تهيِّئ السَّاحة المستقبليَّة لهما، على أساس أن يكونا في موقع القيادة التي توجِّه الأمَّة إلى الصِّراط المستقيم.
فممَّا يرويه رواة السنّة والشيعة، أنَّ رسول الله (ص) قال: "الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّة"1. وعندما نستنطق هذه الكلمة، فإنّها تعني أنَّ كلَّ ما قام به الإمام الحسن (ع)، فإنّه يمثّل الشرعية الإسلاميَّة بكلّ مفرداتها، وأنَّ كلَّ ما قام به الإمام الحسين (ع) يمثّل الخطّ الإسلامي بكلِّ استقامته، لأنَّ مَن كان سيّداً لشباب أهل الجنّة، لا بدّ أن يكون معصوماً في فكره وفي حركته وفي كلّ منطلقاته، وفي الجنّة يوجد الَّذين اصطفاهم الله تعالى للقرب منه. ومن هنا، فإنّنا لا نحتاج إلى الكثير من التَّحليل لنعرف شرعيَّة صلح الإمام الحسن (ع) في دائرة الظروف التي عاشها، وشرعيّة ثورة الإمام الحسين (ع) في دائرة التحدّيات التي واجهها.
ثم ننطلق لنسمع من رسول الله (ص) فيما رواه السنّة والشّيعة: "اللَّهمَّ إنّي أُحبُّهما فأَحبَّهما وأحبَّ مَن يُحبِّهما"2. وهناك رواية أخرى تقول: "مَن أحبَّهما فقدْ أحبَّني، ومَن أبغضَهما فقدْ أبغضني"3.
وهكذا نقرأ، كما في (أسد الغابة) عن ابن أمّ سلمة عن أمّ سلمة، أنّ هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33]، نزلت على النبيّ (ص) في بيت أُمّ سلمة، فجاء بكساء ودعا حسناً وحسيناً وفاطمة، والتفّوا به، وعليّ خلف ظهره، فقال: "اللّهمَّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً"4، وقالت أمّ سلمة: هل أنا منهم؟ قال: "إنَّك على خير".
في هذا الجوّ، نستطيع أن نطلّ على هذين الشَّخصين اللَّذين لم تنطلق كلمات رسول الله (ص) بحقّهما من إحساس عاطفي في احتضان الجدّ لسبطيه، لأنّه كما قال الله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النّحم: 3 -4]، فللنبيّ إحساسه العاطفي، والعاطفة هي من صفات الإنسان في عمق إنسانيَّته، ولكنّ تقييم الأشخاص لا يمكن أن ينطلق من عاطفة نبيّ أراد الله له أن يقول الحقّ حتى في أقرب النَّاس إليه، وقد قال الحقّ ممّا أوحاه الله إليه في عمّه أبي لهب {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد: 1]. ولذلك، فعندما يتحدّث النبيّ (ص) عن سبطيه بحديث فيه القيمة كأرفع القيمة، وفيه المحبّة كأعمق المحبّة، فإنّنا لا نجد في ذلك إلَّا معنى الحقيقة في معناه، وإلَّا عاطفة الحقّ في عاطفته.
* من كتاب "النَّدوة"، ج3.
[1]بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج43، ص 263.
[2]الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص 28.
[3]الغدير، الشيخ الأميني، ج11، ص 5.
[4]تفسير الطبري، ج22، ص 6.