استقبال وفد فاعليات منطقة جبيل

استقبال وفد فاعليات منطقة جبيل

أحدّق ملياً فلا أرى إلا لبنان الأميركي والإيراني والسوري والسعودي...
 فضل الله لوفد فاعليات جبيل: سنظل ساحة مفتوحة للخارج لأن فينا من يعمل لاجتذاب الآخرين

استقبل سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من فاعليات منطقة جبيل من مختلف الطوائف اللبنانية، من أساتذة الجامعات والثانويات ومن الكتّاب والفنانين التشكيليين، والنحات والمحامين والذين أداروا مع سماحته حديثاً حول مشكلة البلد وآفاق الخروج من الوضع القائم، وألقى سماحته في الوفد كلمة، جاء فيها:

إنّ الظروف التي صنعت لبنان في المنطقة من خلال "سايكس بيكو" وغيرها، والخلفيات والتعقيدات التي تقاطعت عندها الأهداف الاستعمارية في تلك المرحلة، أرادت أن يكون في المنطقة العربية بلداً لا توحده دولته، وإنما يعيش في نطاق القسمة المذهبية والطائفية والتي مهما أعطيت من عناوين فإنّها تمعن تقديم الانقسام على كل شيء، لأنّها تظل تعمل على تقسيم البلد وتقسيم الناس... لأن كل طائفة تظل تبحث عن نفسها في الكيان الطائفي العام فلا تجد لنفسها وجوداً مميزاً إلاّ من خلال الانفتاح الطائفي لا الوطني على الخارج، ومن هنا دخلنا في وطن الولايات غير المتحدة.

أضاف: لماذا تصر المواقع الدينية والسياسية على أن النائب المسيحي لا بد أن ينتخب من قبل المسيحيين والنائب المسلم من قبل المسلمين... ولماذا تستمر الخلافات حول قانون الانتخاب تارة لحساب عناوين سياسية وأخرى لحساب العناوين الطائفية؟... كل ذلك لتغليب المنطق الطائفي والمذهبي على مبدأ المواطنة... لذلك فإنّ النظام الطائفي لا يزال يتحكم بلبنانه إلى أن صار لبنان غير لبناني... ولذلك فإنّك عندما تحدّق مليّاً في هذا اللبنان فإنك لا تبصر إلاّ لبنان الأميركي ولبنان السعودي ولبنان الإيراني، ولبنان السوري!... ثم لماذا تتكرّر زيارات المسؤولين الدوليين والإقليميين إلى لبنان من دون أن تكون زيارات مجاملة، أو زيارات تتحرك في النطاق الموضوعي لسياسة الدول، ولماذا تتحرك المساعدات من هنا وهناك، لتدخل في الحسابات الطائفية لا في الحسابات الوطنية، ولماذا تستمر الاستراتيجية المعتمدة من قبل الكثيرين في الخارج لشحذ الطوائف بالأسلحة الاقتصادية الخاصة ولا يعمل أصدقاء لبنان الكُثر على رفع المديونية عنه، وخصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس ومع البحبوحة النفطية الأخيرة في بلاد العرب وغيرهم؟

وتابع: إذا حدّقت ملياً في الإنتماءات اللبنانية فستجد أكثرها غير لبناني، وستستمع إلى حديث متواصل عن "المجتمع الدولي"، ولكنّنا نتساءل: من هو المجتمع الدولي؟... المجتمع الدولي هو أمريكا، وهو إسرائيل، وهو المجتمع الذي لم يُحرّك ساكناً عندما دمرّت إسرائيل لبنان، وقتلت أطفاله في سلسلة من المجازر التي لا يجرؤ أحد على القيام بمثلها إلاّ أمريكا، كما تفعل في العراق وأفغانستان والصومال.

ورأى سماحته، أن لبنان سيبقى الساحة المفتوحة على كل رياح العالم، وسيبقى الرئة التي تتنفس فيها كل مشاكل المنطقة، وسيظل ساحة للصراع بين أميركا وخصومها، وكل كلام للمسؤولين اللبنانيين على أنّنا لا نريد أن يكون لبنان ساحة للصراعات الخارجية هو كلام غير دقيق، لأنّ هناك من يعمل على اجتذاب الآخرين، وهناك من يستمع إليهم جيداً ومن يعمل برأيهم حتى في الوقت الذي ترتفع شعارات الحرية والاستقلال، لأن لبنان سيبقى بعيداً من ساحة الاستقلال الحقيقي في ظل هذا الاندماج مع الخارج، وسيظل يلعب دور الساحة أو دور مانع الصواعق... وسنظل نلتقي بجمهور أميركي وجمهور سعودي وجمهور إيراني وجمهور مصري وجمهور سوري في لبنان... وسنظل نلتقي بالعصبيات والحزبيات في ما يسمّونه تنوعاً... وسيبقى هذا اللبنان الذي لا يملك من أمره شيئاً يحظى باهتمام الخارج شريطة أن لا يتفق من هم في الداخل... وسنظل نلتقي بجمهور هنا وهناك يُصّفق كثيراً في لعبة القداسة لمن ليس هو بمقدس، وفي مسرحية الخضوع للزعماء والشخصيات التي لا تنتج إلا ألواناً عصبية في الخطاب والموقف والحركة.

وختم سماحته مشدداً على ضرورة أن يسعى الجميع، كلّ بحسب طاقاته وإمكاناته، لاستيلاد لبنان الجديد من خلال العمل على إنتاج جيل لبناني منفتح وغير متعصب، مشيراً إلى دور الجامعات الأساسي في هذا المجال، ومحذراً من تحويل المواقع الدراسية إلى مراكز تنتج المزيد من العصبيات والفئويات وعبادة الأشخاص.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 29 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 05/05/2008 م

أحدّق ملياً فلا أرى إلا لبنان الأميركي والإيراني والسوري والسعودي...
 فضل الله لوفد فاعليات جبيل: سنظل ساحة مفتوحة للخارج لأن فينا من يعمل لاجتذاب الآخرين

استقبل سماحة العلاّمة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وفداً من فاعليات منطقة جبيل من مختلف الطوائف اللبنانية، من أساتذة الجامعات والثانويات ومن الكتّاب والفنانين التشكيليين، والنحات والمحامين والذين أداروا مع سماحته حديثاً حول مشكلة البلد وآفاق الخروج من الوضع القائم، وألقى سماحته في الوفد كلمة، جاء فيها:

إنّ الظروف التي صنعت لبنان في المنطقة من خلال "سايكس بيكو" وغيرها، والخلفيات والتعقيدات التي تقاطعت عندها الأهداف الاستعمارية في تلك المرحلة، أرادت أن يكون في المنطقة العربية بلداً لا توحده دولته، وإنما يعيش في نطاق القسمة المذهبية والطائفية والتي مهما أعطيت من عناوين فإنّها تمعن تقديم الانقسام على كل شيء، لأنّها تظل تعمل على تقسيم البلد وتقسيم الناس... لأن كل طائفة تظل تبحث عن نفسها في الكيان الطائفي العام فلا تجد لنفسها وجوداً مميزاً إلاّ من خلال الانفتاح الطائفي لا الوطني على الخارج، ومن هنا دخلنا في وطن الولايات غير المتحدة.

أضاف: لماذا تصر المواقع الدينية والسياسية على أن النائب المسيحي لا بد أن ينتخب من قبل المسيحيين والنائب المسلم من قبل المسلمين... ولماذا تستمر الخلافات حول قانون الانتخاب تارة لحساب عناوين سياسية وأخرى لحساب العناوين الطائفية؟... كل ذلك لتغليب المنطق الطائفي والمذهبي على مبدأ المواطنة... لذلك فإنّ النظام الطائفي لا يزال يتحكم بلبنانه إلى أن صار لبنان غير لبناني... ولذلك فإنّك عندما تحدّق مليّاً في هذا اللبنان فإنك لا تبصر إلاّ لبنان الأميركي ولبنان السعودي ولبنان الإيراني، ولبنان السوري!... ثم لماذا تتكرّر زيارات المسؤولين الدوليين والإقليميين إلى لبنان من دون أن تكون زيارات مجاملة، أو زيارات تتحرك في النطاق الموضوعي لسياسة الدول، ولماذا تتحرك المساعدات من هنا وهناك، لتدخل في الحسابات الطائفية لا في الحسابات الوطنية، ولماذا تستمر الاستراتيجية المعتمدة من قبل الكثيرين في الخارج لشحذ الطوائف بالأسلحة الاقتصادية الخاصة ولا يعمل أصدقاء لبنان الكُثر على رفع المديونية عنه، وخصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس ومع البحبوحة النفطية الأخيرة في بلاد العرب وغيرهم؟

وتابع: إذا حدّقت ملياً في الإنتماءات اللبنانية فستجد أكثرها غير لبناني، وستستمع إلى حديث متواصل عن "المجتمع الدولي"، ولكنّنا نتساءل: من هو المجتمع الدولي؟... المجتمع الدولي هو أمريكا، وهو إسرائيل، وهو المجتمع الذي لم يُحرّك ساكناً عندما دمرّت إسرائيل لبنان، وقتلت أطفاله في سلسلة من المجازر التي لا يجرؤ أحد على القيام بمثلها إلاّ أمريكا، كما تفعل في العراق وأفغانستان والصومال.

ورأى سماحته، أن لبنان سيبقى الساحة المفتوحة على كل رياح العالم، وسيبقى الرئة التي تتنفس فيها كل مشاكل المنطقة، وسيظل ساحة للصراع بين أميركا وخصومها، وكل كلام للمسؤولين اللبنانيين على أنّنا لا نريد أن يكون لبنان ساحة للصراعات الخارجية هو كلام غير دقيق، لأنّ هناك من يعمل على اجتذاب الآخرين، وهناك من يستمع إليهم جيداً ومن يعمل برأيهم حتى في الوقت الذي ترتفع شعارات الحرية والاستقلال، لأن لبنان سيبقى بعيداً من ساحة الاستقلال الحقيقي في ظل هذا الاندماج مع الخارج، وسيظل يلعب دور الساحة أو دور مانع الصواعق... وسنظل نلتقي بجمهور أميركي وجمهور سعودي وجمهور إيراني وجمهور مصري وجمهور سوري في لبنان... وسنظل نلتقي بالعصبيات والحزبيات في ما يسمّونه تنوعاً... وسيبقى هذا اللبنان الذي لا يملك من أمره شيئاً يحظى باهتمام الخارج شريطة أن لا يتفق من هم في الداخل... وسنظل نلتقي بجمهور هنا وهناك يُصّفق كثيراً في لعبة القداسة لمن ليس هو بمقدس، وفي مسرحية الخضوع للزعماء والشخصيات التي لا تنتج إلا ألواناً عصبية في الخطاب والموقف والحركة.

وختم سماحته مشدداً على ضرورة أن يسعى الجميع، كلّ بحسب طاقاته وإمكاناته، لاستيلاد لبنان الجديد من خلال العمل على إنتاج جيل لبناني منفتح وغير متعصب، مشيراً إلى دور الجامعات الأساسي في هذا المجال، ومحذراً من تحويل المواقع الدراسية إلى مراكز تنتج المزيد من العصبيات والفئويات وعبادة الأشخاص.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 29 ربيع الثاني 1429 هـ  الموافق: 05/05/2008 م

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية