لا يخفى أنه لما كان الهدف الأهم من الوقف هو تحقيق فائدة مستمرة للموقوف عليه من العين الموقوفة، فإن ذلك يعني عدم انفكاك الوقوف بأسرها عن لحاظ الموقوف عليه حين الوقف، بما في ذلك وقف مكان مسجداً أو مشهداً، رغم أن لحاظ الموقوف عليه في وقف غير المسجد أقوى من لحاظه في وقف المسجد، فمثلما يُلحظ انتفاع طلاب العلوم الدينية مثلاً عند وقف بناء مدرسةً فإنه يُلحظ انتفاع المصلين عند وقف بناءٍ مسجداً، والواقف في كلا الحالتين يريد "تمليك" منفعة هذا البناء للمستفيدين منه، وبذلك لا يكون فرقٌ في الأحكام التي تلحق الوقوف العامة بين المسجد وغيره، نعم تترتب على عنوان المسجدية أحكام خاصة به من غير جهة كونه وقفاً نذكرها لاحقاً، إضافة لما سبق ذكره منها في مبحث (مكان المصلي) في الجزء الخاص بالعبادات. (
أنظر في ذلك المسألة(604) وما بعدها من الجزء الأول).
وعلى هذا الأساس، فإن
أقسام الوقف، وخاصة من جهة تملك الموقوف عليه للعين والمنفعة معاً أو لإحداهما أو عدم تملكه لهما، هي ما يلي:
الأول: ما يكون وقفاً خاصاً، إما على إنسان، كوقف داره أو سيارته أو كتبه على شخص محدد، واحداً كان أو متعدداً،كزيد وحده أو مع ذريته؛ وإما على شيء، كوقف بستانٍ لهذا المسجد أو لهذا الميتم أو غيرهما مما يوقف على شيءٍ معين.
م ـ501: إن العين الموقوفة ومنافعها في هذا القسم تكون ملكاً للموقوف عليه إذا أطلق الواقف صيغة الوقف، فضلاً عما لو نص على تمليكهم، بل إن هذا النوع من الوقف يرتكز على تملك الموقوف عليه للعين والمنفعة معاً؛ وعليه فإن جميع آثار الملكية تلحق تلك العين الموقوفة ما عدا نقل نفس العين عن ملك الموقوف عليه، فتجب الزكاة في حصة كل واحد من الموقوف عليهم إذا بلغت حصته نصاباً، وكذا الخمس في النماء إذا اجتمعت شروطه، ويجوز له أن يبيع نماءها ويؤجر منفعتها ويرثها ورثتُه وغير ذلك من آثار الملك.
نعم إذا اشترط الواقف مباشرة الموقوف عليه للانتفاع، كأن يقف الدار على زيد ليسكن فيها بنفسه، أو البستان عليه ليأكل من ثمره، فإنه لا يجوز له إيجار الدار ولا بيع ثمر البستان للاستفادة من أجرة الدار أو ثمن الثمار.
الثاني: ما يكون وقفاً عاماً، وذلك إما على عنوان إنساني له أفراد على مدى الزمن، كالوقف على المرجع الأعلى، أو على العلماء أو المسافرين أو الفقراء أو العابرين أو نحو ذلك؛ وإما على عنوان لا ينطبق على الأعيان، بل يراد منه إحداث فعل من أفعال الخير، وهو ما يصطلح عليه هنا بـ(الجهة)، مثل: وقف بستان لصرف نمائه في عزاء الإمام الحسين(ع)، أو لصرف نمائه في معالجة المرضى أو إطعام شخص معين أو الفقراء عامة، أو تبليغ المذهب، أو تعبيد طريق، أو نحو ذلك من المصالح العامة ووجوه الخير.
م ـ502:
العين الموقوفة في هذا القسم إذا كانت موقوفة على عنوان إنساني فإنها تكون ملكاً للموقوف عليهم، بما في ذلك مثل وقف مكان مسجداً أو مصلى أو مشهداً، وأما منافعها ونماؤها فتكون لها إحدى حالات ثلاث:
الأولى: أن يلحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم بأنفسهم من العين الموقوفة، كالصلاة في المسجد، والنوم في الفندق، أو استقاء العابر من البئر، ونحو ذلك من الأوقاف العامة المبذولة منفعتها للعموم من دون توسط أحد.
ومن الواضح أنّ مثل هذه المنفعة لا تجوز المعاوضة عليها، كأن يخلي مكانه في المسجد أو في الفندق مقابل عوضٍ معين، كما أن هذه المنفعة لا تورث، بل إنها حتى إذا كانت من نوع استقاء العابرين من البئر أو أكلهم من ثمرة البستان، أو نحوهما مما كان المبذول فيه نماؤها المنفصل، فإن المستفيد من العابرين ليس له إلا أن يأخذ من الماء ما يصرفه على نفسه، ولا أن يأخذ من البستان إلا ما يأكله، فلا يصح أن يبيع من الماء مقدار ما يحق له أخذه ولا من ثمار البستان ما كان يريد أن يأكله.
الثانية: أن يلحظ الواقف تمليك العنوان ويجعل ولياً على توزيعها على الأفراد الموجودين منه في كل زمان، كوقف ثمار البستان على علماء البلد مثلاً، وحينئذ فإن أفراد العنوان الموجودين لا يملكون حصتهم قبل دفعها لهم من قبل الولي، فإذا دفعها لهم ملكوها، وجاز لهم التصرف بها كما يشاؤون.
الثالثة: أن يلحظ الواقف ملكية أفراد العنوان الموجودين للمنفعة على نحو الإشاعة من دون توسط ولي، على أن يكون نماؤه ملكاً للموجودين منهم حين ظهور الثمرة، أو بكيفية خاصة.
وفي الحالتين الثانية والثالثة إنما يتم ذلك عند كون عدد أفراد العنوان محصورين بحيث يمكنهم الانتفاع من العين بالنحو المناسب بتوسط الولي أو بدونه.
م ـ503: العين الموقوفة في هذا القسم الثاني إذا كانت على ما اصطلح عليه بالجهة، كمثل وقف نماء بستان ليصرف في إطعام زيد وعائلته، وهي جهة خاصة، أو في مثل: صرف نماء البستان لمعالجة المرضى، وهي جهة عامة، فإن العين ومنافعها تكون ملكاً لتلك الجهة إجمالاً، ولكن في مثل الصرف على إطعام زيد مثلاً، إذا كان مراد الواقف تمليكه النماء فإنه يلحقه حكم القسم الأول الذي يملك فيه الموقوف عليه العين ومنافعها وتترتب عليه جميع آثار الملك ما عدا المعاوضة على نفس العين، وإن كان مراده الصرف عليه من دون تمليك المنافع فإنه لا يملك حينئذ إلا الحصة التي يدفعها له الولي، فله أن ينقلها عن ملكه ببيع ونحوه، وتورث إذا مات عنها، وغير ذلك من آثار الملكية.
لا يخفى أنه لما كان الهدف الأهم من الوقف هو تحقيق فائدة مستمرة للموقوف عليه من العين الموقوفة، فإن ذلك يعني عدم انفكاك الوقوف بأسرها عن لحاظ الموقوف عليه حين الوقف، بما في ذلك وقف مكان مسجداً أو مشهداً، رغم أن لحاظ الموقوف عليه في وقف غير المسجد أقوى من لحاظه في وقف المسجد، فمثلما يُلحظ انتفاع طلاب العلوم الدينية مثلاً عند وقف بناء مدرسةً فإنه يُلحظ انتفاع المصلين عند وقف بناءٍ مسجداً، والواقف في كلا الحالتين يريد "تمليك" منفعة هذا البناء للمستفيدين منه، وبذلك لا يكون فرقٌ في الأحكام التي تلحق الوقوف العامة بين المسجد وغيره، نعم تترتب على عنوان المسجدية أحكام خاصة به من غير جهة كونه وقفاً نذكرها لاحقاً، إضافة لما سبق ذكره منها في مبحث (مكان المصلي) في الجزء الخاص بالعبادات. (
أنظر في ذلك المسألة(604) وما بعدها من الجزء الأول).
وعلى هذا الأساس، فإن
أقسام الوقف، وخاصة من جهة تملك الموقوف عليه للعين والمنفعة معاً أو لإحداهما أو عدم تملكه لهما، هي ما يلي:
الأول: ما يكون وقفاً خاصاً، إما على إنسان، كوقف داره أو سيارته أو كتبه على شخص محدد، واحداً كان أو متعدداً،كزيد وحده أو مع ذريته؛ وإما على شيء، كوقف بستانٍ لهذا المسجد أو لهذا الميتم أو غيرهما مما يوقف على شيءٍ معين.
م ـ501: إن العين الموقوفة ومنافعها في هذا القسم تكون ملكاً للموقوف عليه إذا أطلق الواقف صيغة الوقف، فضلاً عما لو نص على تمليكهم، بل إن هذا النوع من الوقف يرتكز على تملك الموقوف عليه للعين والمنفعة معاً؛ وعليه فإن جميع آثار الملكية تلحق تلك العين الموقوفة ما عدا نقل نفس العين عن ملك الموقوف عليه، فتجب الزكاة في حصة كل واحد من الموقوف عليهم إذا بلغت حصته نصاباً، وكذا الخمس في النماء إذا اجتمعت شروطه، ويجوز له أن يبيع نماءها ويؤجر منفعتها ويرثها ورثتُه وغير ذلك من آثار الملك.
نعم إذا اشترط الواقف مباشرة الموقوف عليه للانتفاع، كأن يقف الدار على زيد ليسكن فيها بنفسه، أو البستان عليه ليأكل من ثمره، فإنه لا يجوز له إيجار الدار ولا بيع ثمر البستان للاستفادة من أجرة الدار أو ثمن الثمار.
الثاني: ما يكون وقفاً عاماً، وذلك إما على عنوان إنساني له أفراد على مدى الزمن، كالوقف على المرجع الأعلى، أو على العلماء أو المسافرين أو الفقراء أو العابرين أو نحو ذلك؛ وإما على عنوان لا ينطبق على الأعيان، بل يراد منه إحداث فعل من أفعال الخير، وهو ما يصطلح عليه هنا بـ(الجهة)، مثل: وقف بستان لصرف نمائه في عزاء الإمام الحسين(ع)، أو لصرف نمائه في معالجة المرضى أو إطعام شخص معين أو الفقراء عامة، أو تبليغ المذهب، أو تعبيد طريق، أو نحو ذلك من المصالح العامة ووجوه الخير.
م ـ502:
العين الموقوفة في هذا القسم إذا كانت موقوفة على عنوان إنساني فإنها تكون ملكاً للموقوف عليهم، بما في ذلك مثل وقف مكان مسجداً أو مصلى أو مشهداً، وأما منافعها ونماؤها فتكون لها إحدى حالات ثلاث:
الأولى: أن يلحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم بأنفسهم من العين الموقوفة، كالصلاة في المسجد، والنوم في الفندق، أو استقاء العابر من البئر، ونحو ذلك من الأوقاف العامة المبذولة منفعتها للعموم من دون توسط أحد.
ومن الواضح أنّ مثل هذه المنفعة لا تجوز المعاوضة عليها، كأن يخلي مكانه في المسجد أو في الفندق مقابل عوضٍ معين، كما أن هذه المنفعة لا تورث، بل إنها حتى إذا كانت من نوع استقاء العابرين من البئر أو أكلهم من ثمرة البستان، أو نحوهما مما كان المبذول فيه نماؤها المنفصل، فإن المستفيد من العابرين ليس له إلا أن يأخذ من الماء ما يصرفه على نفسه، ولا أن يأخذ من البستان إلا ما يأكله، فلا يصح أن يبيع من الماء مقدار ما يحق له أخذه ولا من ثمار البستان ما كان يريد أن يأكله.
الثانية: أن يلحظ الواقف تمليك العنوان ويجعل ولياً على توزيعها على الأفراد الموجودين منه في كل زمان، كوقف ثمار البستان على علماء البلد مثلاً، وحينئذ فإن أفراد العنوان الموجودين لا يملكون حصتهم قبل دفعها لهم من قبل الولي، فإذا دفعها لهم ملكوها، وجاز لهم التصرف بها كما يشاؤون.
الثالثة: أن يلحظ الواقف ملكية أفراد العنوان الموجودين للمنفعة على نحو الإشاعة من دون توسط ولي، على أن يكون نماؤه ملكاً للموجودين منهم حين ظهور الثمرة، أو بكيفية خاصة.
وفي الحالتين الثانية والثالثة إنما يتم ذلك عند كون عدد أفراد العنوان محصورين بحيث يمكنهم الانتفاع من العين بالنحو المناسب بتوسط الولي أو بدونه.
م ـ503: العين الموقوفة في هذا القسم الثاني إذا كانت على ما اصطلح عليه بالجهة، كمثل وقف نماء بستان ليصرف في إطعام زيد وعائلته، وهي جهة خاصة، أو في مثل: صرف نماء البستان لمعالجة المرضى، وهي جهة عامة، فإن العين ومنافعها تكون ملكاً لتلك الجهة إجمالاً، ولكن في مثل الصرف على إطعام زيد مثلاً، إذا كان مراد الواقف تمليكه النماء فإنه يلحقه حكم القسم الأول الذي يملك فيه الموقوف عليه العين ومنافعها وتترتب عليه جميع آثار الملك ما عدا المعاوضة على نفس العين، وإن كان مراده الصرف عليه من دون تمليك المنافع فإنه لا يملك حينئذ إلا الحصة التي يدفعها له الولي، فله أن ينقلها عن ملكه ببيع ونحوه، وتورث إذا مات عنها، وغير ذلك من آثار الملكية.