بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:
الإيمان يجسِّده العمل والعمل الصالح هو الطريق إلى الجنة
الإيمان والعمل الصالح
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينّه حياةً طيبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل:97]. ويقول سبحانه: {فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين} [القصص:67]، وقال سبحانه: {ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى} [طه:75].
يؤكد الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات، أنّ العقيدة الإسلامية في برنامجها الفكري والعبادي تنفتح على العقل، وتتجذّر فيه، وتتحرك في واقع الإنسان وتمتد فيه، لأن الله تعالى خلق هذه الدنيا وخلق الإنسان فيها من أجل أن يملأها خيراً وعدلاً وإصلاحاً وصلاحاً من خلال الإيمان به، فالإيمان ليس مجرد حالة شخصية يرضى تعالى من الإنسان أن يختزنها في نفسه، ولكنّه يمثّل حركةً في الواقع ينطلق بها الإنسان ليغيّر من أوضاع الحياة، ليجعلها على الصورة التي يحبها الله ويرضاها.
ولذلك، فإن الله تعالى لازم بين الإيمان والعمل الصالح، فلا يكفي الإنسان أن يكون مؤمناً بدون عملٍ صالح، ولا أن يكون صالحاً بدون إيمان، لأن الإيمان هو الذي يعطي للعمل حيويته وروحيته، وهو الذي يرتفع به إلى الله، كما أن العمل إذا لم ينطلق من الإيمان، فإنه لا يمكن أن يرتفع إلى الدرجات العلى.
وقد أكد رسول الله(ص) والأئمة من أهل البيت(ع) الجانب العملي في خط الجانب الإيماني، وهذا ما نقرأه في كلام الإمام عليّ (ع) عندما كان يخاطب الناس في عهده: "العمل العمل، ثم النهاية النهاية ـ التي تنتهي بكم من خلال أعمالكم إلى الحصول على النهاية السعيدة ـ والاستقامة الاستقامة ـ لأن الله يريد للإنسان أن يستقيم على خط التوحيد، فلا يتحرك وهو يحمل إيمانه يميناً ويساراً، بل أن يظل في خط الاستقامة الذي يطلّ من بدايته على النهاية ـ ثم الصبر الصبر ـ لأن الاستقامة على الخط الذي يريده الله، على الرغم مما يمكن أن يعترض ذلك من مصاعب ومشاكل، يحتاج من الإنسان إلى الصبر والتماسك، حتى لا تسقطه المشاكل، ولا تهزّه الأوضاع القلقة ـ والورع الورع ـ الورع عن محارم الله تعالى، لأن الإنسان الذي يؤمن بربه، لا بد من أن يخاف مقامه، فيمنعه ذلك من ارتكاب الخطايا والاستغراق في المعصية ـ إن لكم نهاية ـ وهي الدار الآخرة {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء:88-89] ـ فانتهوا إلى نهايتكم".
القلق الإيماني
ويحدثنا الإمام عليّ(ع) عن بعض النماذج القلقة في الدنيا، وينهانا عن أن نكون مثلها. يقول(ع): "لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل ـ فبعض الناس يفكر في أن يدخل الجنة ويتمنى على الله ذلك، ولكنه لا يعمل للسير في طريق الجنة، ولا يعمل بالتقوى، وقد ربط سبحانه وتعالى دخول الجنة بالتقوى، قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنّة عرضها السموات والأرض أُعدّت للمتقين} [آل عمران:133]، فالجنة إنما هي لمن اتقى الله. وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع)، وكان بعض أصحابه يحدّثه عن أن فلاناً يرجو الجنة ويخاف من النار، فقال(ع) له: "كذِبوا، ليسوا براجين، إنّ من رجا شيئاً طلبه، ومن خاف من شيء هرب منه". ـ يحبّ الصالحين ـ يمدح فلاناً لأنه طيّب وصالح وخيّر ـ ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم ـ فهو يبغض المذنبين، ولكن عندما تدرس طريقته في الحياة، تجده يمارس الخطيئة ويعمل الذنب ـ يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ـ يخاف على الآخر أن يدخل النار بسبب ذنبه، ولا يخاف على نفسه مع أنّ ذنبه أكبر من ذنب الآخر ـ ويرجو لنفسه بأكثر من عمله... يقصّر إذا عمِل، ويبالغ إذا سأل... فهو بالقول مدلّ، ومن العمل مقل".
أعمالٌ للدنيا والآخرة
ويتوجه الإمام عليّ(ع) إلى الناس كافة بالقول: "فاعملوا وأنتم في نفس البقاء ـ أنتم الآن في الدنيا أحياء، وهذه فرصتكم للعمل الصالح ـ والصحف منشورة، والتوبة مبسوطة ـ فرص التوبة موجودة أمامكم ـ والمدبر يُدعى، والمسيء يُرجى، قبل أن يخمد العمل ـ عندما تنطفئ الحياة ـ وينقطع المهل".
ويقول تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يُجز به ولا يجد له من دون الله وليّاً ولا نصيراً* ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيراً} [النساء:123-124].
ويقول رسول الله(ص): "يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله". فاعمل لكي تبقي معك في قبرك ما ينفعك. وفي ذلك قال رسول الله(ص): "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ـ الصدقة الجارية كالماء الجاري، فما دام الناس ينتفعون بها، فإن أجر ذلك يعود عليه ـ أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، في الغالب نحن نهتم بعمل أولادنا ومستقبلهم في الدنيا، أما ما هو مصيرهم في الآخرة؟ فإن الغالب من الناس لا يلتفتون إلى هذه الناحية.
ويقول رسول الله(ص): "سبعة أسباب يُكتب للعبد ثوابها بعد وفاته: رجل غرس نخلاً ـ ومعنى ذلك أنه يُطعم الناس من هذا النخل وهو ميّت ـ أو حفر بئراً، أو أجرى نهراً ـ فتح مجالاً في النهر لسقاية الأرض، فتخصب ويستقي الناس ـ أو بنى مسجداً، أو كتب مصحفاً ـ بمعنى طبع مصحفاً ـ أو ورّث علماً ـ إما ربّى علماء ينفعون الناس، أو ترك كتباً ينتفع الناس بها ـ أو خلَّف ولداً صالحاً يستغفر له بعد وفاته".
عناصر الفوز بالجنة
ويقول عليّ(ع): "شتّان بين عملين: عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ـ فعندما تؤيد الظالمين أو تزني أو تسرق أو تأكل أموال الناس بالباطل، قد تلتذ بهذا العمل، ولكن اللذة تذهب ويبقى الحساب والمسؤولية ـ وعمل تذهب مؤونته ـ عندما تعبد الله وتحسن إلى الناس وتقوم بأعمال الخير، فإنّ تعب هذا العمل يذهب ـ ويبقى أجره".
وأخيراً، هناك سورة في القرآن الكريم تؤكد عناصر النجاح للإنسان، على المستوى الفردي وعلى المستوى الاجتماعي، يقول تعالى: {والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا ـ الذين عاشوا الإيمان في قلوبهم ـ وعملوا الصالحات ـ في حياتهم ـ وتواصوا بالحق ـ عندما ترد عليهم الشبهات من الكفار والمضللين، يوصي أحدهم الآخر بالالتزام بالحق ـ وتواصوا بالصبر} [سورة العصر]، لأن الحق مرّ وكريه طعمه، ولذلك لا بد من أن نوصي بعضنا بعضاً بالصّبر.
إنّ الدنيا فانية، وعندما يأتي الأجل، لا يبقى للإنسان إلا عمله {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره* ومن يعمل مثقال ذرة شراً خيره} [الزلزلة:7-8].
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف بالمسؤولية التي حمّلنا الله إياها، وتواصوا بالحق أمام كل التحديات التي توجّه إلى الإسلام والمسلمين، فماذا هناك؟
السياسة الأمريكية: إسرائيلية المضمون والأداء
لا تزال الوقائع والأحداث تؤكّد لنا أنّه ليس للولايات المتّحدة الأمريكية سياسة خارجيّة أمريكيّة، وإنّما سياسة إسرائيليّة مع كلّ دول المنطقة. وآخر ذلك، إيقاف صفقة سلاح أمريكيّة مع لبنان، والتي تقدّر بـ 400 مليون دولار، تحت ضغطٍ إسرائيليّ، بحجّة أن الجيش اللبناني لا يمثّل الجهة التي يُمكن الاعتماد عليها. واكتفت الإدارة الأمريكية بتكثيف برامج التسليح للجيش اللبناني بالسلاح الخفيف، إضافةً إلى التدريب. ومن اللافت أن بعض الدول العربية زوّدت هذا الجيش بعدد من المروحيات من دون تزويدها بأنظمة إطلاق الصواريخ، خوفاً من اعتراض أمريكا على ذلك؛ لأنّه لا يُراد للبنان ـ أمريكياً وإسرائيليّاً ـ أن يملك القوّة التي يستطيع من خلالها أن يدافع عن نفسه بالسلاح الصاروخي ضد عدوان إسرائيل.
ولنا أن نضع تساؤلاً برسم كلّ العقلاء في لبنان وخارجه: هل من المقبول أمام كلّ العراقيل التي توضع أمام تقوية الجيش اللبناني ليكون في موقع الدفاع عن الأرض والإنسان، إضافةً إلى أنّه إلى الآن لم يصدر عن مجلس الأمن قرار وقفٍ لإطلاق النار منذ عدوان تمّوز 2006، وأمام كلّ الحماية الدوليّة التي وصلت إلى حدّ التواطؤ مع الكيان الغاصب، ممّا لا يمنع مستقبلاً أي حركة عدوانيّة على لبنان، للثأر من هزائمها المتتالية، أو لفرض الاستسلام على هذا البلد أمام كلّ الأطماع الصهيونيّة؛ هل من المقبول والمنطقيّ أن يُتحدّث، في ظلّ هذا الوضع، عن سلاح المقاومة الذي يملك مواجهة أيّ عدوانٍ إسرائيليّ على لبنان، وقد عرف اللبنانيّون تجربة المقاومة منذ 1982 وصولاً إلى عام 2000 وانتهاءً بتجربتها الرائدة في تمّوز 2006؟
أم لعلّ البعض لا يزال يرى أن لبنان ليس دولة حرب في الدفاع عن حدوده؛ لأن قوته في ضعفه، في الوقت الذي يعرف الجميع أن المجتمع الدولي لم يتدخّل في أيّ مرحلة لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي أو من عدوان هذا الكيان الغاصب عليه، بما في ذلك احتلال عاصمته، قبل أن يكون هناك تنظيمٌ للمقاومة؟
إنّ المنطق الحضاريّ يقول: إنّ من لديه أوراق قوّة لا يُلقيها من يده، ولاسيّما في ظلّ التحدّيات الكُبرى والمنعطفات الخطيرة التي يمرّ بها عالمنا العربيّ والإسلاميّ، وفي ظلّ انعدام أدنى مستويات القيم الإنسانيّة والحضاريّة في حركة السياسة العالميّة التي تسيطر الدول المستكبرة على كلّ مفاصل القرار الفاعل فيها.
الدول الأوروبية: انسحاق القيم أمام إسرائيل
وفي السياق نفسه، تؤكّد حركة كثير من الدول الأوروبّية، انسحاق قيمها الإنسانيّة والحضاريّة أمام إسرائيل التي زارها الرئيس الفرنسي مؤخّراً، وقد تنكّر فيها ـ أمام الكنيست ـ لمبادئ حرّية الشعوب التي أطلقتها الثورة الفرنسيّة، عندما أكّد حماية إسرائيل، ذلك الكيان الذي قام على أنقاض شعبٍ طُرد من أرضه بالحديد والنار، من دون أن نسمع منه، أو من أيّ مسؤول أوروبي، أنّه سوف يحمي الشعب الفلسطيني الذي يواجه مجازر إسرائيل الوحشية وحصارها الخانق، واغتيالاتها اليومية للشباب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وآخرُها من خلال مجموعة الاغتيالات التي أنشأها الجيش الصهيوني، إضافةً إلى الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي لعائلة الجندي الإسرائيلي الأسير "شاليط"، تعبيراً عن مدى اهتمامه بقضيته، متجاهلاً عذابات الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين وما يعانونه من أنواع التعذيب الوحشي الذي يمارسه الجيش الصهيوني ضد المعتقلين بوسائل وحشية غير إنسانية، وهو ما أُثير الحديث عنه حتى في داخل هذا الكيان، من دون أن نسمع أيّ احتجاج أو استنكار دولي أو حتى عربي على ذلك، لأنهم لا يحترمون إنسانية الشعب الفلسطيني.
ومن اللافت، أن هذا الرئيس الفرنسي يتحدث عن أن الأزمة الإيرانية هي الأكبر في العالم، ما يدعو إلى السخرية، لأن المسألة في مشروع إيران هي أنه مشروع سلمي، ثم لو كان مشروعاً نووياً عسكرياً، فهل يملك أن يكون الأخطر في العالم أمام الترسانات الذرية التي تملكها الدول الكبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا، حتى إسرائيل التي تملك 200 قنبلة ذرية، والتي قامت بمناورات عسكريّة ضخمة، في مستوى حشد مائة طائرة من طراز أف 15 وأف 16، في بداية تجربة تبدو استعداداً لهجوم محتمل للجيش الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية، في محاولةٍ أمريكية لشنّ حربٍ نفسيّة على إيران باليد الإسرائيلية، لأن أيّ ضربة لإيران لا يمكن أن تتجرّأ عليها إسرائيل إلا بضوء أخضر وقرار أمريكي؟
إنّهم يحاولون إثارة الخوف لدى الشعوب، وخصوصاً الشعوب العربية، في التأكيد أن هذا الحشد النووي العسكري، بما فيه الإسرائيلي، يمثل حشد سلام لا مشروع حرب، في استغلال للسذاجة السياسية، لإثارة الخوف من إيران وزرع الاطمئنان تجاه إسرائيل.
الاتحاد الأوروبي: ديكتاتورية سياسية واقتصادية
وفي موازاة ذلك، نرى أن الاتحاد الأوروبي استجاب لرغبات الرئيس الأمريكي بوش في فرض مجموعة من العقوبات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة على إيران، حيث بتنا أمام دولٍ تحوّلت إلى أنظمة دكتاتورية تضغط على حريات دول العالم الإسلامي في محاولته الحصول على الخبرات العلمية؛ لأنهم يريدون بقاء هذا العالم في حاجة إلى صناعاتهم، ليفرضوا عليه شروطهم السياسية والأمنية والاقتصادية.
ومن المؤسف أن العالم الإسلامي الذي لم يستطع أن يتحوّل إلى كيانٍ صناعيّ يعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من جهة، وتصدير ثرواته إلى العالم بشروطه الاقتصادية من جهة أخرى، قد تحوّل إلى مزق متناثرة خاضعة لسياسات الدول الكبرى حتى في التصرف بثرواته وتحديد أسعارها، كما نلاحظ في الضغط عليه لزيادة إنتاج النفط من دون أية حاجة اقتصادية عالمية، لأن ارتفاع الأسعار خاضع للمضاربات لا لقلة الإنتاج.
لبنان: سجن الشعب
أما في لبنان، فإن اللعبة الداخلية والخارجية لا تزال تتحكّم بأوضاعه الأمنية والحكومية التي ينتظر الجميع أن تتحقق ولادتها بالطريقة القيصرية، وقد اقتنع الكثيرون بأن الأزمة الداخلية في اتهامات التعطيل المتبادلة بين هذا الفريق وذاك، تعبّر عن حركة التدخلات الخارجية في الاستفادة من لبنان الساحة التي تحتضن صراعات الدول الإقليمية، بما فيها الدول العربية والأجنبية الكبرى، وخطوط إسرائيل في العبث المخابراتي بأمن البلد بطريقة خفيّة. وربما كان نجاح اتفاق الدوحة عقدة لدى بعض دول المنطقة، بما يؤدي إلى أن تتحرك من أجل إرباكه وإسقاطه بالحوادث الأمنية المتنقلة من مكان إلى آخر، أو بالإثارات المذهبية في الدائرة الإسلامية من خلال بعض الجهات الدينية والسياسية التي لا ترى في إسرائيل أو في أمريكا مشكلة للبنان، بل تراها في أتباع هذا المذهب أو ذاك، خضوعاً للفتنة التي توحي بها بعض الجهات الإقليمية أو الدولية.
ولعل ما يثير الخطر على لبنان، أن بعض الدول في المنطقة أصبحت تتحرك مذهبياً في أكثر من دولة في الشرق الأوسط لخدمة مصالحها، لتضم إلى مواقعها السياسية أكثر من موقع مذهبي للإثارة، في التمييز بين الناس حتى بين مواطنيها.
وإذا كان الحدث الديني البارز في القمة الروحية الإسلامية والمسيحية، الذي أصدر بياناً استهلاكياً لا يجد فيه اللبنانيون أيّ حل للأزمة، فإن الجميع يعرفون أن هؤلاء لا يملكون إدارة شؤون البلد في قضاياه الحيوية المصيرية، ولا يمثلون إلا واجهة النظام الطائفي اللبناني، ولذلك فإن اجتماعهم قد يوحي ببعض التنفيس عن حال الاختناق، ولكنه لا يملك مفتاحاً للحل.
لقد سقطت فاعليّة كلّ القمم في لبنان؛ لأننا فقدنا الذين يعيشون قمم الحق والعدل والروح والمحبة والرحمة، وأصبحنا نتجوّل في السهول المليئة بالأوحال التي تحمل العداوة والبغضاء والعصبيات المتخلّفة... ويبقى الشعب في السجن الكبير، يتلاعب به اللاعبون الكبار والصغار. |