بسم الله الرحمن الرحيم
خطبتا صلاة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:
الفوز بجنّة الرحمن:
هدية المتقين طاعةً وعبادةً
الإيمان مبدأ الفلاح
عندما يعيش الإنسان في خط الإيمان، فإنّه يفكّر في أن يحصل على الفلاح فيما يتعلّق بالمصير في الدنيا والآخرة، ونحن نسمع في كل أذان دعوة المؤمن إلى الأخذ بالفلاح: "حيَّ على الفلاح"، وهو يعني أيها الإنسان، أقبل على ما يحقق لك الفلاح الذي هو في مقابل السقوط والفشل والخسارة.
وقد تحدث الله عن الفلاح في أكثر من آية، ومنها قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون:1]، فالإيمان هو الأساس لوصول الإنسان إلى الفلاح عند الله، والذي يتمثل برضاه عليه وإدخاله الجنة. ونحن نعرف أنّ الإيمان ليس مجرد فكرة في العقل، ولكنه حركة في الحياة، لذلك على الإنسان أن يكون مؤمناً بعقله، بحيث يراقب الله عندما يفكر، ومؤمناً بقلبه، بحيث ينفتح عليه عندما يحبّ أو يبغض، أو عندما يُقبل على أيّ فعلٍ، ومؤمناً في جميع مواقع حركته في كل نشاطاته الجسدية؛ بأن تكون عينه مؤمنة فلا تتطلّع إلا إلى ما يرضي الله، وأن تكون أذنه مؤمنة فلا تستمع إلا إلى ما يحلّه الله، وأن يكون لسانه مؤمناً فلا ينطق إلا بما يرضي الله، وأن تكون كل أعضائه مؤمنة فلا تتحرك إلا في ما يرضي الله، ولا يأكل ولا يشرب إلا ممّا أحلّه الله له من غذاء وشراب.
تجليات الإيمان القلبي
وقد أراد الله سبحانه وتعالى من خلال هذه السورة التي افتتحها بتأكيد فلاح المؤمنين، أن يبيّن أن المسألة تمتد إلى أكثر من الإيمان القلبي، فقال سبحانه: {الذين هم في صلاتهم خاشعون ـ بحيث إذا وقفوا بين يدي الله تعالى في الصلاة، فإنهم يتمثلون عظمته في نفوسهم، فيخشعون له، كما جاء في قوله تعالى: {الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم} [الأنفال:2]، لأنهم يعيشون الإحساس بحضور الله أمامهم، وحضورهم أمامه، وقد جاء في الحديث أن: "الصلاة معراج المؤمن" إلى الله الذي له العزة والقوة جميعاً.
{والذين هم عن اللغو معرضون ـ فالمؤمن هو الإنسان الذي لا ينفتح في حياته إلا على الكلام النافع له وللناس الآخرين، فهو عندما يستمع إلى اللغو لا يتوقف عنده، بل يعرض عنه ويمرّ به مرور الكرام، كما جاء في قوله تعالى: {وإذا مرّوا باللغو مروا كراماً} [الفرقان:72]، لأنّ الإنسان المؤمن لا ينطق إلا بما فيه نفع لنفسه وللحياة وللناس من حوله، فهو لا ينطق بالباطل، ولا يصغي إليه عندما يتحدث الناس به ـ والذين هم للزكاة فاعلونـ وهذه من صفات المؤمن الذي يمنحه الله الفلاح إذا أخذ بها، وهي أن يؤدي حقّ الله فيما فرضه عليه من زكاة، وقد ورد في الحديث: "إن الله فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به، ولو علم أنّ الذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم"، وفي رواية أخرى: "إن الله أشرك الفقراء في أموال الأغنياء"، وقد ورد عن الإمام عليّ(ع): "ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني"، وهو الذي يحتكر ما يرزقه الله لنفسه فقط. وقد بيّن الله تعالى أن ما ينفقه الإنسان من الحقوق الشرعية إنما هو من مال الله الذي جعله وديعةً عنده، وأراد له أن يصرفه في موارده الشرعية.
ـ والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ـ فمن صفات المؤمن أيضاً، العفة، وهي أن لا يمارس ما حرّمه الله تعالى عليه في الجانب الجنسي من غريزته، من قبيل الزنا واللواط والسحاق وما إلى ذلك، فعلى المؤمن أن يحفظ فرجه عن كل ما حرّمه الله ـ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون* والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ـ ومن صفات المؤمن أنّه يرعى الأمانة ويؤديها إلى أهلها، فهو لا يخون أمانته، ويفي بعهده لمن عاهده ـ والذين هم على صلاتهم يحافظونـ فيأتون بالصلاة بكل أجزائها وشرائطها، ويحافظون على أوقاتها، فلا يؤخّرونها بسبب أشغالهم وأعمالهم ـ أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} [المؤمنون:2-11].
التوبة وتزكية النفس
ونقرأ في سورة الأعلى قوله تعالى: {قد أفلح من تزكّى ـ أي من طهّر نفسه وربّاها على الإيمان بالله ومحبته وتوحيده في إخلاص العبادة له ـوذكر اسم ربه فصلّى} [الأعلى:14-15].
وفي سورة الشمس نقرأ قوله تعالى:{ونفس وما سوّاها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكّاهاـ من طهّرها وربّاها على ما يرضي الله ـوقد خاب من دسّاها} [الشمس:7-10].
كما أنّ الله يدعو كل من مارس المعصية إلى التوبة، يقول تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:31]، فالتوبة هي إحدى السبل التي تقرّب الإنسان إلى الله، لينطلق في خط طاعته، فيحصل على الفلاح في الدنيا والآخرة.
ويقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} [المائدة:35]، ويقول أيضاً: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذباًـ فنسب إلى الله ما لم يقله أو يشرّعه ـأو كذّب بآياته ـ فأنكر وحيه ـ إنه لا يفلح الظالمون} [الأنعام:21]، {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم} [التغابن:16]، {ومن يوقَ شحّ نفسه ـ أي لم يبخل وكان سخياً معطاءً ـ فأولئك هم المفلحون} [الحشر:9].
لذلك على الإنسان أن لا يستغرق في الشهوات والملذّات الدنيوية، فلا يعتبر أنّ الفلاح هو في مال يحصل عليه، أو في شهوة يمارسها، أو موقع دنيوي متقدّم يحصل عليه، بل إن عليه أن يفكر كيف يمكن له أن يحصل على الفلاح عند الله، وذلك بأن يربّي نفسه على ما يرضي الله، وما يؤدي إلى لطفه ومحبته ورحمته ورضوانه، وعليه أن يدرك أن الحياة الدنيا ليست هي الحياة الخالدة، بل هي مجرد مسيرة محدودة: {وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان} [العنكبوت:64]، وعلى الإنسان أن يستعد لذلك في كل أموره وقضاياه وأوضاعه.
الخطبـة الثانيـة
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا أعمالكم بما يحقِّق لكم الفلاح في الدنيا والآخرة. فماذا هناك؟
الإدارة الأمريكية: اتفاقية تشريع الاستباحة
تتحدث منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية عن انتهاكات الإدارة الأمريكية للقرارات الدولية، والتي تصدّرت قائمة الانتهاكات عالمياً، ومع ذلك فإن الرئيس بوش يدعو اللبنانيين إلى ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية، ولا يسأل نفسه: ما مدى التزام إدارته بالقرارات الدولية، ولاسيما تلك المرتبطة بحليفته إسرائيل، كالقرار 194 المتعلّق بحق العودة للفلسطينيين، وعدم شرعية المستوطنات والجدار الفاصل الذي أكدت محكمة العدل الدولية، بأنه غير شرعي، إضافةً إلى غزو العراق الذي أكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة أنه غير شرعي أيضاً، وصولاً إلى السعي الأمريكي المتواصل لمنع إصدار أيّ قرار يدين العدو الصهيوني حتى لو كان متصلاً بالقضايا الإنسانية؛ حيث يُراد من مجلس الأمن أن يكون سيفاً مسلطاً على الضعفاء والفقراء، في حين يبقى الأقوياء والمستكبرون يتحكّمون بمفاصل استصدار قراراته، التي تأتي جائرة بحقّ الشعوب عندما لا ينسجم الحقّ مع مصالح هذه الدولة المستكبرة أو تلك.
ولذلك، فإنّ غياب أدنى مقوّمات المنطق والعدالة عن حركة السياسة الدوليّة، تفرض علينا ـ كشعوب وكأمّة ـ أن لا نسقط تحت تأثير التهويل بهذا القرار الدولي أو ذاك؛ لأنّ الحروب التي يشنّها المستكبرون على الأمّة وقضاياها تأخذ أكثر من شكلٍ وأسلوب.
وفي سياق الحملة الاستكباريّة الاحتلاليّة على واقعنا، تفرض الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة اتفاقيةً أمنيةً بينها وبين الحكومة العراقية، والتي أعدّتها في أوائل العام الحالي ليتم التوقيع النهائي عليها في أوائل حزيران، وتتضمّن السماح لواشنطن بإقامة قواعد عسكرية دائمة في البلاد، وتمنح الأمريكيين الحصانة من الملاحقة القضائية، وتعطي الحرية لجنودها في اعتقال أيّ مواطن عراقي بتهمة الإرهاب من دون مراجعة الحكومة العراقية، وتجعل من العراق ساحةً لانطلاق العدوان الأمريكي على أيّ من دول المحيط.
وقد أطلقنا التحذير من هذا الاتفاق قبل أسابيع، وإننا نؤكد أنّنا لا نجد أيّ شرعية لمثل هذه الاتفاقية وكل اتفاقية أخرى، مهما كان مضمونها، إلا اتفاقية الانسحاب الشامل غير المشروط من العراق؛ لأن الاتفاقيات المعقودة بين دولة وأخرى، لا بد من أن تكون مشروطةً بحرية الدولة الموقّعة عليها مع دولة الاحتلال؛ ولذلك فلا شرعية لأيّ اتفاق إلا بعد تحرير العراق، ودون ذلك، يكون الاتفاق باطلاً، وعلى الحكومة العراقية أن ترفضه، وعلى الشعب العراقي أن يستنكره ويحتجّ عليه؛ لأنّه يبرر لأمريكا بقاء سيطرتها على الأمن والاقتصاد والموقع الاستراتيجي في العراق، وهذا محرّم شرعاً بكل الموازين.
الملف النووي: إباحة لإسرائيل وتحريم لإيران
وفي موازاة ذلك، لا تزال أمريكا، مع دول أخرى، تتحرك في الضغط على إيران في مشروعها النووي، باعتباره خطراً على العالم بحسب زعمها، في الوقت الذي يصرّح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن الوكالة لم ترصد استخداماً فعلياً لمواد نووية فيما تزعمه الاتّهامات الغربيّة لها، ولكنّه ـ مع وكالته ـ يطالب بأجوبة محددة عن الأسئلة التي يراد منها التعرّف إلى أسرار المشروع النووي الإيراني السلمي، ما قد يؤدي إلى الإساءة إلى ما تتحرك به إيران في تعميق خبرتها العلمية التي يخشى الغرب من امتلاكها لها.
وفي هذا المجال، فإن العالم يتساءل: لماذا لم تُفرض هذه القيود على إسرائيل في مشاريعها النووية التي ساعدتها على تنفيذها كل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا، من دون أن تتحدث عن خطورتها على المنطقة العربية والإسلامية؟ حتى إن أمريكا لم تحترم حلفاءها، وفي مقدمتهم دول ما تسمّيه الاعتدال العربي، الذين يطالبون بضرورة إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، لأن أمن المنطقة لا يساوي عندها شيئاً أمام التزامها بأمن إسرائيل وتفوقها النوعي. هذا في الوقت الذي صرّح الرئيس الأمريكي الأسبق "كارتر"، بأن إسرائيل تملك مئة وخمسين نوعاً من السلاح النووي في ترسانتها العسكرية، كما تملك الولايات المتحدة الأمريكية اثني عشر ألف نوع من السلاح النووي، وتملك روسيا مثل هذا العدد، إضافةً إلى فرنسا وبريطانيا اللتين تملكان ترسانة كبيرة من هذا السلاح.
والسؤال: هل من المعقول أن يكون المشروع النووي الإيراني يهدد العالم بالخطر لو تحوّل إلى صنع القنبلة، وهو لا يريد ذلك حتى من ناحية شرعية، بينما لا تكون تلك الترسانة النووية للدول الكبرى خطراً على العالم الذي عاش في الحرب العالمية الثانية تجربة الإبادة للأبرياء في اليابان من خلال قنبلة هيروشيما وناكازاكي؟
إننا نؤكد هذا الموضوع، لتحذير العالم، ولاسيما العالم الثالث الذي تسعى أمريكا، ومعها الدول الكبرى، للسيطرة على اقتصاده وأمنه، من هذه الإمبراطورية الوحشية، وخصوصاً في إدارتها الحالية التي تهدد معارضيها بالحروب المتنقّلة من مكان إلى مكان، وبالفتن المدمِّرة للشعوب في أوضاعها العامة.
أما في المشهد الفلسطيني، فقد وصف الرئيس الأمريكي الأسبق "كارتر" الحصار المفروض على غزة بأنه يمثل "أكبر جرائم حقوق الإنسان على الأرض، كونه يعني سجن مليون وستمائة ألف فلسطيني"، داعياً إلى انفصال الاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الحظر الدولي المفروض على القطاع. وقد كنا نتمنى أن يصدر مثل هذا التصريح الإنساني عن دول الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الذين لم يتحركوا خطوةً واحدةً في الضغط الواقعي على مستوى المصالح الاستراتيجية للعرب والمسلمين في رفع هذا الحصار الذي يموت فيه الأطفال والمرضى يومياً نتيجة فقدان الغذاء والدواء.
لإنتاج ثقافة المقاومة والتغيير
إن المشكلة هي أن أكثر هذه الدول تخشى من الغضب الأمريكي الذي لا يسمح لها بإدانة إسرائيل التي تمثل الوحش البشري الذي يفترس الشعب الفلسطيني، مطمئناً إلى أن العرب لن ينطلقوا للدفاع عن هذا الشعب، بل إنهم ـ بدلاً من ذلك ـ يحاصرون المجاهدين من أبطال المقاومة والانتفاضة الذين يواجهون العدو الصهيوني بقوة الممانعة الجهادية لتحرير الأرض والإنسان من الاحتلال.
وفي هذه المناسبة، فإن خطورة الواقع في العالم العربي، يفرض على الشعوب العربية إنتاج ثقافة المقاومة وحركة التغيير ضد الذين يحوّلون بلادهم إلى سجن كبير لشعوبهم، من خلال قوانين الطوارئ التي تتجدد بين سنة وأخرى في المجالس النيابية التي يشبه انتخابها التعيين من خلال سيطرة أجهزة المخابرات، في الوقت الذي يعرف الجميع أن قوانين الطوارئ لا تُشرّع إلا في حال الخطر الكبير على البلد، ولكنها في العالم العربي وبعض دول العالم الثالث، تخضع لحماية المسؤولين من الخطر على عروشهم.
ومن جانب آخر، فإننا نبقى نراقب العالم الإسلامي في الحروب الداخلية المتحركة في أوضاعه، من خلال الخطط الاستكبارية التي تخطط لها أمريكا في السيطرة على مقدّراته الاقتصادية ومواقفه السياسية، وهذا ما نراه ـ إضافة إلى العراق وأفغانستان ـ في السودان الذي يُراد له أن يتحرك في المشاكل الأمنية المتنقلة بين وقت وآخر؛ وكذلك بالنسبة إلى الصومال الذي يبقى الجرح النازف الذي فتحته أمريكا ثأراً لهزيمتها في أرضه وشعبه، واستغلالاً لموقعه الاستراتيجي في خططها في تلك المنطقة.
إن المشكلة في العالم الإسلامي، هي أن المسلمين مشغولون بقضاياهم المذهبية، وفتاواهم التكفيرية، وخلافاتهم التاريخية، مما يستغله أعداء الإسلام لإضعاف الأمة، وليس ذلك إلا من خلال التخلّف الديني والعصبية الضيّقة التي تشبه عصبية الجاهلية، وهذا ما يفرض على علماء الإسلام أن يواجهوه بالتوعية الثقافية الإسلامية التي توحي إلى المسلمين بالوعي لكل المخططات التي تستهدفهم في أمورهم العامة على مستوى الحاضر والمستقبل.
لبنان: صيانة الوفاق ضرورة وطنية
أما في لبنان، فقد ظهرت بوادر حل الأزمة السياسية الداخلية، من خلال المبادرة التي فرضتها الأوضاع الإقليمية والدولية التي شعر القائمون عليها بأن مخططاتهم قد وصلت بهم إلى حافة الانهيار، بما يترتب على ذلك من امتداد الخطر إلى مواقعهم وخططهم السياسية، ولاسيما في المشروع الأمريكي الذي عمل لإثارة الفوضى في لبنان والمنطقة.
وعلى اللبنانيين أن يحافظوا على ما أنتجوه من حلول واقعية التي من شأنها أن تدفع إلى التفاؤل بالمستقبل لحلّ الأزمات الاقتصادية والأمنية، وأن يطردوا من بينهم كل صانعي الفتن، وكل غوغائية الإعلام المثير للغرائز الذي لا يريد للناس أن ترتاح أو تستقر أو تنتصر أمام شياطين الاستكبار في العالم.
تحريم إطلاق الرصاص والمفرقعات
وأخيراً، أحبّ أن أذكّر بالفتوى الشرعية التي أصدرناها بتحريم إطلاق الرصاص والمفرقعات العنيفة في المناسبات السياسية، تحيةً لزعامات معينة أو لأوضاع محددة، وذلك من خلال النتائج السلبية التي تحصل من خلال ذلك، وقد تحوّلت المسألة في الظروف الأخيرة إلى مستوى الجريمة، من خلال سقوط الجرحى والقتلى، مما يتحمّل الفاعلون مسؤوليته الشرعية. وعلى المعنيين أن يتحمّلوا المسؤولية في منع كل هؤلاء العابثين بحياة الناس وراحتهم باستخدام كل الوسائل الشرعية المتاحة لذلك.
ومن جهة أخرى، فإننا نحذّر من كل الأعمال الاستفزازية التي قد تؤدي إلى إثارة الحساسيات السياسية والمذهبية؛ لأن ذلك يمثل جريمة في حق السلم الأهلي والتعايش الإسلامي. وفي موازاة ذلك، فإننا ندين كل الذين يحاولون إثارة الفتنة بين المسلمين، بفعل بعض الأوضاع الماضية، والتحدث بأسلوب سياسي مثير، بأن ما حدث في لبنان هو مجرد هدنة وليس انفتاحاً على حلّ؛ لأننا نخشى من خلال كل هذه الكلمات التي قد تنطلق من دون دراسة حقيقية للوضع، بهدف تحريك بعض الأوضاع التي ينطلق من خلالها كل هؤلاء الذين يخططون لعملية استعادة الأزمة الداخلية خدمةً للقوى الخارجية التي لا تريد باللبنانيين خيراً. اللهم هل بلّغت؟ اللهم اشهد. |