الإمام الباقر(ع): مدرسة التنوّع والحركة المنفتحة على الآخر

الإمام الباقر(ع): مدرسة التنوّع والحركة المنفتحة على الآخر

الإمام الباقر(ع): مدرسة التنوّع والحركة المنفتحة على الآخر

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

شهر رجب الحرام:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...}(التوبة/36). من هذه الأشهر الحرم التي حرّم الله تعالى فيها القتال وجعلها أشهر سلام، شهر رجب الحرام الذي يبدأ غداً يوم السبت.

وهذا الشهر هو من أشهر العبادة، ومن الأشهر التي يصادف فيها أكثر من ذكرى إسلامية، ففي آخره كانت ذكرى مبعث النبي(ص)، وذكرى الإسراء والمعراج، وفي الخامس والعشرين منه كانت وفاة الإمام الكاظم(ع)، وفي الثالث عشر منه كانت ولادة الإمام عليّ(ع) في الكعبة، وفي الخامس عشر منه كانت وفاة السيدة زينب(ع)، وفي الثالث من هذا الشهر كانت وفاة الإمام الهادي(ع)، وفي اليوم الأول منه كانت ولادة الإمام محمد الباقر(ع).

الإمام الباقر(ع): حركة متنوعة:

ونحن في هذا الموقف، نحاول أن نأخذ بعضاً من حياة الإمام الباقر(ع)؛ هذا الإمام الذي عاش في مرحلة كانت مرحلة صراع في الساحة الإسلامية بين الأمويين والعباسيين، فقد تغلّب العباسيون على الأمويين، وكان الإمام(ع) في تلك المرحلة، يقوم بتوعية الناس وإرشادهم وتوجيههم، باعتبار أنّ هذه الأجواء، وفرت مناخاً من حرية الحركة في الجانب الفكري والثقافي والسياسي والروحي، لأن الأمويين الذين كانوا يضطهدون أئمة أهل البيت(ع)، كانوا مشغولين عن اضطهاده بحربهم ضد العباسيين، وكان العباسيون في بداية تأسيس ملكهم، ولذلك كانت مدرسة الإمام الباقر(ع) مدرسةً واسعة تضم مختلف المذاهب والآراء، وكانت حرّة مفتوحة على كل الواقع، فلا تضيق بفكر، ولا تتعقّد من سؤال، بل تتلقى كل ذلك بصدر رحب، وتناقش في شتى الموضوعات من دون أيّ حرج، كما هي مدارس أهل البيت(ع).

فأهل البيت(ع) كانوا يستقبلون كل الناس الرّاغبين في التعلّم منهم، بقطع النظر عن مذاهبهم وانتماءاتهم، كانوا(ع) يجلسون إلى الزنادقة كما يجلسون إلى المؤمنين، ليستمعوا إلى تساؤلات هؤلاء وأولئك، لأن رسالتهم(ع) هي رسالة الإسلام التي تريد للناس أن يأخذوا بأسباب العلم وينفتحوا على الحقيقة في كل المجالات. وهذه هي رسالة العلماء، أن يجيبوا الناس على كلِّ سؤال، وأن يعلّموهم ما يريدون أن يتعلّموه، وأن لا يتعقدوا من أحد. وقد كان الإمام الباقر(ع) يجيب الناس على أسئلتهم، بل إنّه كان يبتدئهم بالسؤال حتى وإن لم يسألوه.

ويقول الشيخ المفيد (رحمه الله) وهو يتحدث عن الإمام الباقر(ع): «... وكان الباقر(ع) من بين إخوته، خليفة أبيه عليّ بن الحسين ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزّهد والسّؤود، وكان أنبههم ذكراً، وأجلّهم في العامّة والخاصة، وأعظمهم قدراً، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين(عليهما السلام) من علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر(ع)، وروى عنه معالم الدّين بقايا الصّحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين، وصار بالفضل به علماً لأهله تضرب به الأمثال، وتسير بوصفه الآثار والأشعار».

ويقول ابن حجر في الصواعق المحرقة، وهو من علماء السنّة: «أظهر من مخبآت كنوز المعارف، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف، ما لا يُخفى إلا على منطمس البصيرة، أو فاسد الطويّة والسّريرة... هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه».

القرآن منطلق وأساس:

وقال محمَّد بن مسلم، أحد الرواة من أصحابه: «لقد سألته عن ثلاثين ألف حديث فأجابني عن ذلك»، وكان(ع) يركّز دائماً على أن يكون القرآن الكريم هو الأساس، وأن علينا أن لا نأخذ بأيّ حديث من الأحاديث التي تروى في الكتب ويرويها الناس، إلا بعد أن نعرضه على القرآن، فإذا وافقه أخذنا به، وإذا خالفه طرحناه.

لذلك، قد نسمع من بعض الخطباء روايات قد يكون فيها بعض الخرافة، وقد يتناقلها الناس وفيها مخالفة للقرآن، لذلك يقول(ع): «ما جاءك من حديث من برّ أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك من حديث من برّ أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به»، لأن القرآن هو الأساس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وليس فيه أيّ زيادة أو نقصان.

وكان(ع) يشجّع على العمل، ويعتبر أن العمل في سبيل العيال عبادة وطاعة لله تعالى، ويُنقل في سيرته قصة يرويها بعض أهل المدينة، يقول: «خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة، فلقيت محمّد بن علي _ وكان رجلاً بديناً _ وهو متّكىء على غلامين له أسودين، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة الحارة على هذه الحال في طلب الدنيا، أشهد لأعظنّه! فدنوت منه وسلّمت عليه، فسلّم عليّ ببهر وقد تصبّب عرقاً، فقلت: أصلحك الله، شيخ من شيوخ قريش في هذه السّاعة، على مثل هذه الحال في طلب الدّنيا، لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال؟ فخلّى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال، جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله»، وعندما سمع الرجل هذا الكلام من الإمام(ع) قال له: «أردت أن أعظك فوعظتني». وقد ورد في الحديث: «العبادة عشرة أجزاء، أفضلها طلب الحلال».

من وصاياه(ع) لشيعته:

ويذكر المؤرّخون في سيرته(ع)، أنه كان دائم الذكر لله، وكان لسانه يلهج دائماً بذكره تعالى، فكان يمشي ويذكر الله، ويحدث القوم، وما يشغله ذلك عن ذكره تعالى، وكان يجمع ولده ويأمرهم بذكر الله حتى تطلع الشمس، وكان يأمرهم بذكر القرآن». وقد قال(ع) لبعض أصحابه وهو «خيثمة»، في رسالة شفهية أراده أن يبلّغها للشيعة: «يا خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا... يا خيثمة، أبلغ موالينا أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلا بعمل، وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع، وأن أشد الناس حسرةً يوم القيامة من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره».

وكان(ع) يعالج مسألةً معروفةً عند المؤمنين، وهي أنه قد يُطلب من بعض النّاس أن يساعد عائلة "مستورة" ( فقيرة ) في طعام أو شراب أو ملبس أو بيت أو ما إلى ذلك، فيعتذر عن ذلك بأن الظروف لا تسمح له بالمساعدة، ولكنّه، في المقابل، قد يجمع المال ليحجّ للمرّة الثانية أو الثالثة أو الرابعة طلباً للثواب. يقول الإمام(ع): «لئن أعول أهل بيت من المسلمين، أسدّ جوعتهم، وأكسو عورتهم، وأكفّ وجوههم عن الناس، أحبّ إليّ من أن أحجَّ حجة وحجة ومثلها ومثلها (حتى بلغ عشراً)، ومثلها ومثلها (حتى بلغ السبعين)»، فلو عال إنسان عائلة "مستورة" (فقيرة ) ، فإن ثوابه عند الله أكبر من سبعين حجة.

ويقول(ع) وهو يخبرنا عن كيفية معرفة الإنسان نفسه؛ هل هو على خير أو على شر؟ هل أن الله يحبه أو يبغضه؟ يقول(ع): «إذا أردت أن تعلم أن فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته، ففيك خير والله يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته، فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع مَن أحبّ». وقد ورد في حديث آخر، أن من يريد أن يعرف مجتمعه في الآخرة كيف يكون، فعليه أن ينظر إلى مجتمعه في الدنيا، فعلى الإنسان أن يسأل نفسه: هل أنا مستعد لأن أُحشر مع مَن أحبّه أو أؤيده أو أهتف له؟ هذا هو المقياس، فكلّ شخص تحبّ أن تُحشر معه، امشِ معه، أما إذا كنت لا تحبّ أن تُحشر معه، فعلى أي أساس تسير معه وتبيعه دينك وكرامتك وعزّتك؟

إن التزامنا بولاية أهل البيت(ع) هو التزام بالخط الإسلامي الأصيل، الذي يرتفع بنا إلى مواقع رضى الله تعالى، والذي يمنحنا السلامة في الدنيا والآخرة، والسلام على الإمام محمد الباقر، وعلى آبائه وأبنائه، ورحمة الله وبركاته.

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا مسؤولياتكم في كل ما حمّلكم الله من مسؤوليات بما يتصل بسلامة الأمة، وحركة المصير، ومواجهة الأعداء من موقع واحد: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصف/4)، والأمة تواجه الكثير من التحديات في كل مواقعها، من خلال المستكبرين والكافرين والظالمين، وعلى الأمة أن تواجه ذلك كله.

شارون ومشروع التهويد لفلسطين:

في جديد المسألة الفلسطينية، تصريح شارون الذي يكشف فيه عن خطّته المستقبلية لمشروعه، حيث صرّح بأنَّ خطّة الفصل "ستضمن لنا الاحتفاظ بأجزاء كبيرة من الوطن اليهودي إلى الأبد"، وبأنه "لن تكون هناك عودة بتاتاً إلى حدود العام 67، ولن تكون هناك عودة للاجئين الفلسطينيين، ولن تكون هناك تسوية أبداً حول كل ما يمسّ أمن إسرائيل"، على حدّ تعبيره، في الوقت الذي تقيم إسرائيل جداراً ثلاثي الأبعاد في غزة، بحيث يخنق القطاع، بحجة منع الفلسطينيين من التسلل إلى أرض الكيان بعد الانسحاب من غزة. أما المجموعة الدولية لبحث الأزمات، فقد حذّرت من انفجار القدس، بفعل الإجراءات التعسفية الصهيونية لإحكام القبضة على المدينة.. ماذا وراء ذلك كله؟

إن شارون يعلن خطته التهويدية في سيطرته على فلسطين، بحيث لا يبقى منها للفلسطينيين إلاّ القليل، ما يجعلهم محاصرين من كل جانب، بما لا يسمح لهم بإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة. أما الدول الكبرى، فإنها لا تحرك ساكناً، بل تشيد ببطل مجزرة صبرا وشاتيلا، والمجازر الوحشية في مواقع الشعب الفلسطيني بشكل مستمر ومتحرك، كما جرى في باريس، التي استقبلته باحترام لا يحظى به سوى القليلين من الشخصيات السياسية، انطلاقاً من بعض الحاجات السياسية الداخلية، وتطوّر العلاقات الفرنسية ـ الأمريكية، التي تعتبر الارتباط بإسرائيل شرطاً لكل تقارب أمريكي مع أية دولة، وإننا نخشى أن يمتد هذا الضغط إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تخضع للضغط الأمريكي، وخصوصاً أمام الحملة العدوانية ضد المسلمين في أوروبا بعد تفجيرات لندن، الّتي تركت تأثيراتها السلبيّة على الوجود الإسلامي هناك.

إن الخطورة، هي أنّ السياسة الصهيونية تنقل القضية الفلسطينية من مشكلة جزئية إلى مشكلة جزئية أخرى، لينسى العالم القضية الاستراتيجية، بحيث تحقق إسرائيل أهدافها في مصادرة هذه القضيّة، ولا سيما بعد إنجاز خطّة ضمّ الضفة الغربية التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من دولة التوراة، في الوقت الذي تتحرك السياسة الأمريكية في أسلوبها الخادع لاحتواء كل النتائج السلبية المترتبة على ذلك، لتخدير العالمين العربي والإسلامي للقبول بذلك، تماماً كما هي الخطة السياسية في عملية التطبيع الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي.

إننا ندعو الشعب الفلسطيني إلى وعي خطورة هذه الخطة، فلا يستسلم لخديعة الانسحاب من غزة التي يُراد لها أن تكون هي الدولة الفلسطينية الموعودة التي يبشّر بها الرئيس بوش، تحقيقاً للحلم الإسرائيلي في السيطرة على فلسطين التوراتية حسب زعم اليهود، ونريد لهم أن يبقوا في خطِّ الانتفاضة في الساحة، من أجل استمرار المأزق الصهيوني، مهما امتدَّت المؤامرة الإسرائيلية ـ الأمريكية، لأنه لم يبقَ للفلسطينيين ما يخسرونه إلا قيودهم، وعليهم الأخذ بأسباب الوحدة، وحلّ المشاكل بينهم بالحوار، لتستمر القوة الجهادية في مواجهة الاحتلال.

أيران: البقاء في ساحة الرفض:

أما الموقف الأوروبي ـ الأمريكي من مشروع إيران النووي السلمي، فلا يزال يتحرك للضغط على إيران لتقدّم التنازلات المهينة، لأنه لا يُراد لإيران أن تأخذ بأسباب القوة التي توازن الواقع السياسي والعسكري في المنطقة.

وإننا نريد للشعب الإيراني المسلم أن يبقى في ساحة الرفض للضغوط الغربية التي تخطط لإبقاء العالم الإسلامي في دائرة الضعف السياسي والعسكري والاقتصادي، بينما تمنح إسرائيل كلَّ الدعم بأشكاله كافة، بما فيه دعمها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها السلاح النووي، لتمكينها من تهديد كل المنطقة بما تملكه من القوة.

العراق: التخطيط لانسحاب الاحتلال:

ومن جانب آخر، فإننا نريد للشعب العراقي أن يخطط لانسحاب الاحتلال الأمريكي من أرضه، لتعود الحرية إلى العراق، وأن يعمل لتأكيد الوحدة السياسية بعيداً عن أيّ مشروع تقسيمي، ولا سيما أننا نخشى أن تتحوّل الفدرالية إلى مستقبل تقسيمي، وخصوصاً أنه مشروع غامض على مستوى واقع العراق كدولة، باستثناء المنطقة الكردية التي يخطط القائمون عليها في مستقبلهم السياسي إلى للانفصال.

ومن جهة أخرى، فإن على العراقيين الأخذ بأسباب الوحدة الإسلامية والوطنية، والوقوف بقوة ضد الذين يقومون بالتفجيرات ضد المدنيين الأبرياء تحت عناوين مذهبية حاقدة، لأنهم يساعدون المحتل في استمرار احتلاله، لأنّ يجد في الفوضى الأمنية في العراق مبرراً لبقائه.

لبنان: التحرر من التدخلات الأجنبية.

أما في لبنان، فإن الشعب ينتظر من حكومته أن تدرس مشاكله بدقة، ولا سيما المسألة الأمنية والاقتصادية، وأن تواجه المسألة السياسية على أساس التحرر من التدخّلات الأمريكية، ومن بعض التدخّلات الأوروبية التي تختفي وراء الكثير من المشاريع السياسية المشبوهة، وخصوصاً في الضغط لتنفيذ القرار المشؤوم بقدر ما يتصل الأمر بنـزع سلاح المقاومة، التي تمثّل قوة الممانعة والمجابهة للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المستمر، لأن المطلوب ـ أمريكياً وإسرائيلياً ـ أن لا يملك لبنان أيّ موقع للقوة في مواجهة إسرائيل التي يُراد لها في الحاضر والمستقبل ـ كما في الماضي ـ أن تبقى الجهة المهيمنة على أرضه وإنسانه ومقدّراته.

وإننا نقدّر المساعي الحميدة لإعادة التخطيط للعلاقات اللبنانية ـ السورية التي تؤكد وحدة المسارين في خط المواجهة للعدو، وللتكامل الاقتصادي والسياسي والأمني، مع الاحترام المتبادل بين الدولتين في خط الاستقلال، لأن بقاء التعقيد في العلاقات يضرّ بمصالح الشعبين، وعلى السياسيين أن يراعوا ذلك في تصريحاتهم المتشنّجة بفعل أكثر من عقدة ذاتية أو طائفية، ما يؤدي إلى اهتزاز البلد كله.

الإمام الباقر(ع): مدرسة التنوّع والحركة المنفتحة على الآخر

ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

شهر رجب الحرام:

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...}(التوبة/36). من هذه الأشهر الحرم التي حرّم الله تعالى فيها القتال وجعلها أشهر سلام، شهر رجب الحرام الذي يبدأ غداً يوم السبت.

وهذا الشهر هو من أشهر العبادة، ومن الأشهر التي يصادف فيها أكثر من ذكرى إسلامية، ففي آخره كانت ذكرى مبعث النبي(ص)، وذكرى الإسراء والمعراج، وفي الخامس والعشرين منه كانت وفاة الإمام الكاظم(ع)، وفي الثالث عشر منه كانت ولادة الإمام عليّ(ع) في الكعبة، وفي الخامس عشر منه كانت وفاة السيدة زينب(ع)، وفي الثالث من هذا الشهر كانت وفاة الإمام الهادي(ع)، وفي اليوم الأول منه كانت ولادة الإمام محمد الباقر(ع).

الإمام الباقر(ع): حركة متنوعة:

ونحن في هذا الموقف، نحاول أن نأخذ بعضاً من حياة الإمام الباقر(ع)؛ هذا الإمام الذي عاش في مرحلة كانت مرحلة صراع في الساحة الإسلامية بين الأمويين والعباسيين، فقد تغلّب العباسيون على الأمويين، وكان الإمام(ع) في تلك المرحلة، يقوم بتوعية الناس وإرشادهم وتوجيههم، باعتبار أنّ هذه الأجواء، وفرت مناخاً من حرية الحركة في الجانب الفكري والثقافي والسياسي والروحي، لأن الأمويين الذين كانوا يضطهدون أئمة أهل البيت(ع)، كانوا مشغولين عن اضطهاده بحربهم ضد العباسيين، وكان العباسيون في بداية تأسيس ملكهم، ولذلك كانت مدرسة الإمام الباقر(ع) مدرسةً واسعة تضم مختلف المذاهب والآراء، وكانت حرّة مفتوحة على كل الواقع، فلا تضيق بفكر، ولا تتعقّد من سؤال، بل تتلقى كل ذلك بصدر رحب، وتناقش في شتى الموضوعات من دون أيّ حرج، كما هي مدارس أهل البيت(ع).

فأهل البيت(ع) كانوا يستقبلون كل الناس الرّاغبين في التعلّم منهم، بقطع النظر عن مذاهبهم وانتماءاتهم، كانوا(ع) يجلسون إلى الزنادقة كما يجلسون إلى المؤمنين، ليستمعوا إلى تساؤلات هؤلاء وأولئك، لأن رسالتهم(ع) هي رسالة الإسلام التي تريد للناس أن يأخذوا بأسباب العلم وينفتحوا على الحقيقة في كل المجالات. وهذه هي رسالة العلماء، أن يجيبوا الناس على كلِّ سؤال، وأن يعلّموهم ما يريدون أن يتعلّموه، وأن لا يتعقدوا من أحد. وقد كان الإمام الباقر(ع) يجيب الناس على أسئلتهم، بل إنّه كان يبتدئهم بالسؤال حتى وإن لم يسألوه.

ويقول الشيخ المفيد (رحمه الله) وهو يتحدث عن الإمام الباقر(ع): «... وكان الباقر(ع) من بين إخوته، خليفة أبيه عليّ بن الحسين ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزّهد والسّؤود، وكان أنبههم ذكراً، وأجلّهم في العامّة والخاصة، وأعظمهم قدراً، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين(عليهما السلام) من علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر(ع)، وروى عنه معالم الدّين بقايا الصّحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين، وصار بالفضل به علماً لأهله تضرب به الأمثال، وتسير بوصفه الآثار والأشعار».

ويقول ابن حجر في الصواعق المحرقة، وهو من علماء السنّة: «أظهر من مخبآت كنوز المعارف، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف، ما لا يُخفى إلا على منطمس البصيرة، أو فاسد الطويّة والسّريرة... هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه».

القرآن منطلق وأساس:

وقال محمَّد بن مسلم، أحد الرواة من أصحابه: «لقد سألته عن ثلاثين ألف حديث فأجابني عن ذلك»، وكان(ع) يركّز دائماً على أن يكون القرآن الكريم هو الأساس، وأن علينا أن لا نأخذ بأيّ حديث من الأحاديث التي تروى في الكتب ويرويها الناس، إلا بعد أن نعرضه على القرآن، فإذا وافقه أخذنا به، وإذا خالفه طرحناه.

لذلك، قد نسمع من بعض الخطباء روايات قد يكون فيها بعض الخرافة، وقد يتناقلها الناس وفيها مخالفة للقرآن، لذلك يقول(ع): «ما جاءك من حديث من برّ أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك من حديث من برّ أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به»، لأن القرآن هو الأساس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وليس فيه أيّ زيادة أو نقصان.

وكان(ع) يشجّع على العمل، ويعتبر أن العمل في سبيل العيال عبادة وطاعة لله تعالى، ويُنقل في سيرته قصة يرويها بعض أهل المدينة، يقول: «خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة، فلقيت محمّد بن علي _ وكان رجلاً بديناً _ وهو متّكىء على غلامين له أسودين، فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة الحارة على هذه الحال في طلب الدنيا، أشهد لأعظنّه! فدنوت منه وسلّمت عليه، فسلّم عليّ ببهر وقد تصبّب عرقاً، فقلت: أصلحك الله، شيخ من شيوخ قريش في هذه السّاعة، على مثل هذه الحال في طلب الدّنيا، لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال؟ فخلّى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال، جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله»، وعندما سمع الرجل هذا الكلام من الإمام(ع) قال له: «أردت أن أعظك فوعظتني». وقد ورد في الحديث: «العبادة عشرة أجزاء، أفضلها طلب الحلال».

من وصاياه(ع) لشيعته:

ويذكر المؤرّخون في سيرته(ع)، أنه كان دائم الذكر لله، وكان لسانه يلهج دائماً بذكره تعالى، فكان يمشي ويذكر الله، ويحدث القوم، وما يشغله ذلك عن ذكره تعالى، وكان يجمع ولده ويأمرهم بذكر الله حتى تطلع الشمس، وكان يأمرهم بذكر القرآن». وقد قال(ع) لبعض أصحابه وهو «خيثمة»، في رسالة شفهية أراده أن يبلّغها للشيعة: «يا خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن لقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا... يا خيثمة، أبلغ موالينا أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلا بعمل، وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع، وأن أشد الناس حسرةً يوم القيامة من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره».

وكان(ع) يعالج مسألةً معروفةً عند المؤمنين، وهي أنه قد يُطلب من بعض النّاس أن يساعد عائلة "مستورة" ( فقيرة ) في طعام أو شراب أو ملبس أو بيت أو ما إلى ذلك، فيعتذر عن ذلك بأن الظروف لا تسمح له بالمساعدة، ولكنّه، في المقابل، قد يجمع المال ليحجّ للمرّة الثانية أو الثالثة أو الرابعة طلباً للثواب. يقول الإمام(ع): «لئن أعول أهل بيت من المسلمين، أسدّ جوعتهم، وأكسو عورتهم، وأكفّ وجوههم عن الناس، أحبّ إليّ من أن أحجَّ حجة وحجة ومثلها ومثلها (حتى بلغ عشراً)، ومثلها ومثلها (حتى بلغ السبعين)»، فلو عال إنسان عائلة "مستورة" (فقيرة ) ، فإن ثوابه عند الله أكبر من سبعين حجة.

ويقول(ع) وهو يخبرنا عن كيفية معرفة الإنسان نفسه؛ هل هو على خير أو على شر؟ هل أن الله يحبه أو يبغضه؟ يقول(ع): «إذا أردت أن تعلم أن فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته، ففيك خير والله يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته، فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع مَن أحبّ». وقد ورد في حديث آخر، أن من يريد أن يعرف مجتمعه في الآخرة كيف يكون، فعليه أن ينظر إلى مجتمعه في الدنيا، فعلى الإنسان أن يسأل نفسه: هل أنا مستعد لأن أُحشر مع مَن أحبّه أو أؤيده أو أهتف له؟ هذا هو المقياس، فكلّ شخص تحبّ أن تُحشر معه، امشِ معه، أما إذا كنت لا تحبّ أن تُحشر معه، فعلى أي أساس تسير معه وتبيعه دينك وكرامتك وعزّتك؟

إن التزامنا بولاية أهل البيت(ع) هو التزام بالخط الإسلامي الأصيل، الذي يرتفع بنا إلى مواقع رضى الله تعالى، والذي يمنحنا السلامة في الدنيا والآخرة، والسلام على الإمام محمد الباقر، وعلى آبائه وأبنائه، ورحمة الله وبركاته.

الخطبة الثانية

بسم الله الرَّحمن الرحيم

عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا مسؤولياتكم في كل ما حمّلكم الله من مسؤوليات بما يتصل بسلامة الأمة، وحركة المصير، ومواجهة الأعداء من موقع واحد: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصف/4)، والأمة تواجه الكثير من التحديات في كل مواقعها، من خلال المستكبرين والكافرين والظالمين، وعلى الأمة أن تواجه ذلك كله.

شارون ومشروع التهويد لفلسطين:

في جديد المسألة الفلسطينية، تصريح شارون الذي يكشف فيه عن خطّته المستقبلية لمشروعه، حيث صرّح بأنَّ خطّة الفصل "ستضمن لنا الاحتفاظ بأجزاء كبيرة من الوطن اليهودي إلى الأبد"، وبأنه "لن تكون هناك عودة بتاتاً إلى حدود العام 67، ولن تكون هناك عودة للاجئين الفلسطينيين، ولن تكون هناك تسوية أبداً حول كل ما يمسّ أمن إسرائيل"، على حدّ تعبيره، في الوقت الذي تقيم إسرائيل جداراً ثلاثي الأبعاد في غزة، بحيث يخنق القطاع، بحجة منع الفلسطينيين من التسلل إلى أرض الكيان بعد الانسحاب من غزة. أما المجموعة الدولية لبحث الأزمات، فقد حذّرت من انفجار القدس، بفعل الإجراءات التعسفية الصهيونية لإحكام القبضة على المدينة.. ماذا وراء ذلك كله؟

إن شارون يعلن خطته التهويدية في سيطرته على فلسطين، بحيث لا يبقى منها للفلسطينيين إلاّ القليل، ما يجعلهم محاصرين من كل جانب، بما لا يسمح لهم بإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة. أما الدول الكبرى، فإنها لا تحرك ساكناً، بل تشيد ببطل مجزرة صبرا وشاتيلا، والمجازر الوحشية في مواقع الشعب الفلسطيني بشكل مستمر ومتحرك، كما جرى في باريس، التي استقبلته باحترام لا يحظى به سوى القليلين من الشخصيات السياسية، انطلاقاً من بعض الحاجات السياسية الداخلية، وتطوّر العلاقات الفرنسية ـ الأمريكية، التي تعتبر الارتباط بإسرائيل شرطاً لكل تقارب أمريكي مع أية دولة، وإننا نخشى أن يمتد هذا الضغط إلى دول الاتحاد الأوروبي التي تخضع للضغط الأمريكي، وخصوصاً أمام الحملة العدوانية ضد المسلمين في أوروبا بعد تفجيرات لندن، الّتي تركت تأثيراتها السلبيّة على الوجود الإسلامي هناك.

إن الخطورة، هي أنّ السياسة الصهيونية تنقل القضية الفلسطينية من مشكلة جزئية إلى مشكلة جزئية أخرى، لينسى العالم القضية الاستراتيجية، بحيث تحقق إسرائيل أهدافها في مصادرة هذه القضيّة، ولا سيما بعد إنجاز خطّة ضمّ الضفة الغربية التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من دولة التوراة، في الوقت الذي تتحرك السياسة الأمريكية في أسلوبها الخادع لاحتواء كل النتائج السلبية المترتبة على ذلك، لتخدير العالمين العربي والإسلامي للقبول بذلك، تماماً كما هي الخطة السياسية في عملية التطبيع الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي.

إننا ندعو الشعب الفلسطيني إلى وعي خطورة هذه الخطة، فلا يستسلم لخديعة الانسحاب من غزة التي يُراد لها أن تكون هي الدولة الفلسطينية الموعودة التي يبشّر بها الرئيس بوش، تحقيقاً للحلم الإسرائيلي في السيطرة على فلسطين التوراتية حسب زعم اليهود، ونريد لهم أن يبقوا في خطِّ الانتفاضة في الساحة، من أجل استمرار المأزق الصهيوني، مهما امتدَّت المؤامرة الإسرائيلية ـ الأمريكية، لأنه لم يبقَ للفلسطينيين ما يخسرونه إلا قيودهم، وعليهم الأخذ بأسباب الوحدة، وحلّ المشاكل بينهم بالحوار، لتستمر القوة الجهادية في مواجهة الاحتلال.

أيران: البقاء في ساحة الرفض:

أما الموقف الأوروبي ـ الأمريكي من مشروع إيران النووي السلمي، فلا يزال يتحرك للضغط على إيران لتقدّم التنازلات المهينة، لأنه لا يُراد لإيران أن تأخذ بأسباب القوة التي توازن الواقع السياسي والعسكري في المنطقة.

وإننا نريد للشعب الإيراني المسلم أن يبقى في ساحة الرفض للضغوط الغربية التي تخطط لإبقاء العالم الإسلامي في دائرة الضعف السياسي والعسكري والاقتصادي، بينما تمنح إسرائيل كلَّ الدعم بأشكاله كافة، بما فيه دعمها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها السلاح النووي، لتمكينها من تهديد كل المنطقة بما تملكه من القوة.

العراق: التخطيط لانسحاب الاحتلال:

ومن جانب آخر، فإننا نريد للشعب العراقي أن يخطط لانسحاب الاحتلال الأمريكي من أرضه، لتعود الحرية إلى العراق، وأن يعمل لتأكيد الوحدة السياسية بعيداً عن أيّ مشروع تقسيمي، ولا سيما أننا نخشى أن تتحوّل الفدرالية إلى مستقبل تقسيمي، وخصوصاً أنه مشروع غامض على مستوى واقع العراق كدولة، باستثناء المنطقة الكردية التي يخطط القائمون عليها في مستقبلهم السياسي إلى للانفصال.

ومن جهة أخرى، فإن على العراقيين الأخذ بأسباب الوحدة الإسلامية والوطنية، والوقوف بقوة ضد الذين يقومون بالتفجيرات ضد المدنيين الأبرياء تحت عناوين مذهبية حاقدة، لأنهم يساعدون المحتل في استمرار احتلاله، لأنّ يجد في الفوضى الأمنية في العراق مبرراً لبقائه.

لبنان: التحرر من التدخلات الأجنبية.

أما في لبنان، فإن الشعب ينتظر من حكومته أن تدرس مشاكله بدقة، ولا سيما المسألة الأمنية والاقتصادية، وأن تواجه المسألة السياسية على أساس التحرر من التدخّلات الأمريكية، ومن بعض التدخّلات الأوروبية التي تختفي وراء الكثير من المشاريع السياسية المشبوهة، وخصوصاً في الضغط لتنفيذ القرار المشؤوم بقدر ما يتصل الأمر بنـزع سلاح المقاومة، التي تمثّل قوة الممانعة والمجابهة للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المستمر، لأن المطلوب ـ أمريكياً وإسرائيلياً ـ أن لا يملك لبنان أيّ موقع للقوة في مواجهة إسرائيل التي يُراد لها في الحاضر والمستقبل ـ كما في الماضي ـ أن تبقى الجهة المهيمنة على أرضه وإنسانه ومقدّراته.

وإننا نقدّر المساعي الحميدة لإعادة التخطيط للعلاقات اللبنانية ـ السورية التي تؤكد وحدة المسارين في خط المواجهة للعدو، وللتكامل الاقتصادي والسياسي والأمني، مع الاحترام المتبادل بين الدولتين في خط الاستقلال، لأن بقاء التعقيد في العلاقات يضرّ بمصالح الشعبين، وعلى السياسيين أن يراعوا ذلك في تصريحاتهم المتشنّجة بفعل أكثر من عقدة ذاتية أو طائفية، ما يؤدي إلى اهتزاز البلد كله.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية