ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
يقول الله سبحانه وتعالى وهو يحدّثنا عن الناس الذين يحبّهم ويقرّبهم إليه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ* وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ...}(النّحل/92) {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(النّحل/95).
التزام العهد:
من بين الالتزامات التي يلتزمها الإنسان أمام الله تعالى في كلِّ الأمور التي ترتبط بعلاقته بالله، أو بعلاقته بالناس، هي مسألة العهد، الذي قد يصدق على عدة أشكال، فهناك العهد الذي ينشأ بين الإنسان والنّاس الآخرين عندما تكون هناك بعض القضايا المرتبطة بمعاملاتهم ومواقفهم وقضاياهم، فقد يدخل الإنسان في علاقة مع بعض الجهات، قد تكون تنظيمية، وقد تكون حركية، وقد تكون هذه العلاقة من خلال معاملات وما إلى ذلك، فيطلب القائمون على هذه الجهة أو تلك من الشخص أن يعطيهم العهد على ما التزم به معهم، بحيث تكون التزاماته عهداً منه لهذه الجهات أمام الله في الأمور التي يعاهد فيها الآخرين ليؤكد التزامه بالعهد القائم بينهم، فقد يتمثل العهد بكلمة العهد أو العقد، كالعقود التي تحدث بين الناس من بيع وإيجار وشركة ومضاربة وعقود زواج وما إلى ذلك، فالعقد هو التزام متعلق بالتزام آخر، فأحد طرفي العقد يلتزم بمضمونه، والطرف الثاني يقبل ذلك ويلتزم به. وهكذا في كلِّ العقود والالتزامات، سواء كانت مالية أو زوجية أو عامة على أساس المواقف في هذا المجال.
وهناك التزاماتٌ تسمّى الشرط، وهي الالتزامات التي تكون في داخل العقد، كأن يبيع الشخص شيئاً ويشترط على الطرف الآخر أن يفعل كذا أو كذا، أو كالشروط التي توضع عادةً، خصوصاً تلك التي يشترط فيها البائعون على المشترين، أو المشترون على البائعين، من قبيل بيع الشقق أو الأراضي، فالشّرط في مثل هذه الحالات هو نوع من العهد، وقد ورد في الحديث: «المسلمون عند شروطهم، إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً»، فالشروط التي يشترطها طرفٌ على الآخر ملزمة له، والمؤمن يقف عند شرطه ولا يتجاوزه إلى غيره، بل لا بد له أن يلتزمه من الناحية الشرعية.
مضامين العهد ومفاعيله:
فإذا أردت أن تعطي على نفسك عهداً، لأيِّ حزب أو حركة أو جهة أو نقابة وما إلى ذلك، عليك أن تدرس مضمون هذا الأمر الذي تريد أن تعطي العهد عليه، هل هو حرام أو حلال؟ هل هو راجح أو غير راجح؟ هل فيه مصلحة للناس أو مفسدة؟ لأنه لا يجوز لك أن تعطي عهد الله لأيِّ جهة، إلا بعد أن تعرف أن الله يرضى بالتزاماتك هذه، وبأنها لا تخضع لعاطفة أو قرابة أو صداقة في هذا المجال. وهكذا بالنسبة للمعاملات، فعندما نريد أن نُنشئ عقداً من العقود، فلا بدَّ أن نعرف هل هو محلّل أو لا، ولا بد للإنسان في عقده وعهده وشرطه، أن يعرف هل أنّ لله رضىً في ما يعاهد عليه أو يعاقد عليه أو يوقِّع عليه، وهل يستطيع أن يدافع عن نفسه أمام الله ليقدِّم جوابه أو لا؟ هل يجوز له أن يؤيد ظالماً أو قاتلاً أو منحرفاً أو خائناً أو عميلاً على أساس أنه أعطاه العهد في أن يلتزم معه بكل شيء؟!
وحتى إنّ مسألة اليمين هي نوع من العهد، سواء أعطيت هذا اليمين للآخر أو ألزمت به نفسك، كالذين يريدون أن يتركوا التدخين أو بعض العادات الضارة السيئة، فيبادرون إلى حلف اليمين، في هذه الحال، لا يجوز لك أن تنقض اليمين وقد جعلت الله شاهداً على الموضوع: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً}(النّحل/91)، وكذلك بالنسبة إلى مسألة النذر، فعندما تقول: «لله عليّ نذر أن أفعل كذا»، معنى ذلك أنك تلتزم لله، وإذا نقضته فأنت تنقض عهد الله تعالى. والله تعالى شبّه الإنسان الذي يحلف أيماناً مغلّظة ثم ينقضه بالمرأة التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، وهي امرأة في زمن الجاهلية كانت تغزل الخيوط ثم تحلّها.
العهد قلادة في عنق المعاهد:
وقد ورد في بعض الأحاديث عن الإمام عليّ (ع): «إن العهود قلائد في الأعناق إلى يوم القيامة ـ فهي كالقلادة تحيط بعنقك ـ فمن وصلها وصله الله، ومن نقضها خذله الله، ومن استخفّ بها خاصمته إلى الذي أكَّدها وأخذ خلقه بحفظها». وعن الإمام الباقر(ع): «ثلاث لم يجعل الله عزّ وجلّ لأحدٍ فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر...». ويقول أمير المؤمنين لعامله على مصر مالك الأشتر: «وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة، أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء، وارعَ ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله سبحانه شيء الناس أشد عليه اجتماعاً، مع تفرّق أهوائهم وتشتت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين، لما استوبلوا من عواقب الغدر– وجدوا عواقب الغدر وبيلة أو مهلكة - فلا تغدرنّ بذمتك، ولا تخيسنّ بعهدك – لا تنكث بعهدك - ولا تختلنَّ عدوّك – أي لا تخدعه ».
وفي الحديث عن رسول الله(ص) عن الأمة، إذا نقض أفرادها العهد ولم يفوا به «سلّط الله عليهم عدوّهم»، لأن ذلك يؤدي إلى اختلال المجتمع، وبالتالي فإنه سوف يضعف أمام عدوّه. وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع): «إذا خُفرت الذمة نُصِر المشركون على المسلمين». ويتحدث رسول الله (ص) عن غير المسلمين الذين يعطيهم الإنسان عهداً ثم يظلمهم: «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة»، فالنبيّ (ص) هو الذي يقف ليدافع عن غير المسلم يوم القيامة. ويقول (ص): «لا دين لمن لا عهد له". ويقول الإمام عليّ (ع): «لا تثقن بعهد من لا دين له».
عهد الله:
هذا في عهود الناس للناس أمام الله، أما بالنسبة إلى عهد الله تعالى، فقد قال سبحانه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}(يـس/60-61)، فالله تعالى أخذ العهد بما أودعه في فطرة الإنسان بأنّ عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن لا يعبدوا الشيطان، وقد قال الله تعالى عن آدم لما عاش الضعف الإنساني: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}(طـه/115). ويقول الإمام عليّ (ع) وهو يصف رسول الله (ص) مخاطباً الله تعالى: «واعياً لوحيك، حافظاً لعهدك، ماضياً لنفاذ أمرك». وعنه(ع): «واصطفى سبحانه من ولده ـ ولد آدم ـ أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم، فجهلوا حقه، واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته».
إنّ مسألة الوفاء بالعهد هي من المسائل التي أراد الله للناس أن يلتزموها أمامه، وأن يلتزموها في ما بينهم، حتى يتحقق للمجتمع توازنه، وحتى يثق الناس بعضهم يبعض، لأنّ ذلك هو الذي يركّز المجتمع والأمة في حربها وسلمها، وفي عهدها والتزاماتها.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله... اتقوا الله، وواجهوا الموقف في هذه المرحلة التي تتحرك فيها التحديات ضد الإسلام والمسلمين، وضد المستضعفين من قبل المستكبرين، إن عليكم أن تقفوا وقفة رجل واحد، فالله تعالى {يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصّف/4)، وعليكم أن تواجهوا الموقف بكل وعي والتزام وعهد بما يرضاه الله ورسوله، وهناك أكثر من ذكرى ومشكلة وتحدٍ يواجهنا في هذه المرحلة فماذا هناك؟
أمريكا تحاصر مواقع الممانعة:
مرّت علينا ذكرى الاحتلال الإسرائيلي الكامل لفلسطين في 5 حزيران 67، الذي لا زال مستمراً تحت سمع الأمم المتحدة وبصرها، وبمساعدة أمريكا وأكثر من دولة أوروبية وغير أوروبية من الدول الكبرى، بالرغم من قراري 242 و338 المجمّدَين في أرشيف الأمم المتحدة، التي لا يجرؤ أمينها العام على المطالبة بتنفيذهما، وعلى إرسال مبعوثه إلى الدولة العبرية لاستعجال ذلك، كما يفعل الآن بالإسراع في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 المتعلّق بلبنان في نزع سلاح المقاومة والمخيّمات، وتطويق الواقع السياسي اللبناني الانتخابي والأمني بإرادة أمريكية وفرنسية تتحرك في نطاق النفوذ الفرنسي في لبنان، وفي الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي تمتدُّ مفاعيله السياسية والاقتصادية وربما الأمنية على سوريا لإخضاعها للمطالب الأمريكية الضاغطة في فلسطين والعراق، في الوقت الذي تستمرّ الضغوط الهائلة على الدول العربية التي سقطت سياسياً أمام أمريكا بالضربة القاضية، فلا تملك أية دولة منها الاعتراض على أية إرادة أمريكية تتصل بأوضاعها الداخلية أو بالأوضاع العربية، ولا سيَّما بما يرتبط بالقضيَّة الفلسطينيَّة التي أُريد لها أن تسقط لحساب الخطة الصهيونية على مستوى السياسة والجغرافيا والأمن، وأن تبقى تحت تأثير الوعود الأمريكية في إقامة الدولة الفلسطينية الغارقة، في امتدادها وصورتها وقدرتها على الحياة، في الضباب.
ولا تزال إسرائيل تصادر أراضي الفلسطينيين، وتجرف مزارعهم، وتشرّدهم من بيوتهم لمصلحة الجدار العنصري الفاصل والمستوطنات في الضفة الغربية، من دون أن يرتفع صوت أمريكي أو أوروبي في الضغط على إسرائيل، في الوقت الذي نرى وزير خارجية بريطانيا يصر على اعتبار حركة حماس منظمة "إرهابية"، لأنّها "تستخدم العنف"، ولكنه لا يتحدث عن إرهاب الدولة الصهيونية في العنف المتنوّع الذي تمارسه على الشعب الفلسطيني، فلا يمضي يوم إلا ويسقط أكثر من شهيد أو جريح أو معتقل من هذا الشعب الجريح الذي لا يستعمل السلاح إلا للدفاع عن نفسه وعن أرضه وعن حريته واستقلاله.
إنَّ بريطانيا تتحمّل المسؤوليَّة السياسية المعنوية التاريخية في احتلال اليهود لفلسطين، ولذلك فإننا نلاحظ أنَّها تخضع للخطَّة الأمريكية في اضطهاد الشعب الفلسطيني، بعيداً عن قضية الحرية وحقوق الإنسان.
أمريكا وكيل الدِّفاع عن إسرائيل:
ومن جانب آخر، عندما نتابع السياسة الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، نجد أن الإدارة الأمريكية تقوم بدور الوكالة عن إسرائيل في ملاحقة كل الدول في المنطقة بالضغط، فهي تضغط على سوريا لحساب تأييدها للشعب الفلسطيني تحت عنوان دعم الإرهاب، كما تضغط على إيران في مشروعها النووي السلمي وفي موقفها السياسي، من أجل أمن إسرائيل.
ونلاحظ ـ في هذا المجال ـ أن الإدارة الأمريكية لم تهدد كوريا الشمالية بمجلس الأمن، بينما تهدد إيران بذلك، لأنها لا ترى في كوريا تهديداً مباشراً لإسرائيل، بينما تحاول الإيحاء دائماً بأن إيران تمثل خطراً داهماً عليها، مع أن العالم يعرف أن إسرائيل ـ بالتحالف مع أمريكا ـ هي التي تهدد بقصف مفاعلات إيران النووية التي تؤكد الجمهورية الإسلامية أنها للأغراض السلمية، وهكذا نجد أمريكا تضغط على كل الدول العربية والإسلامية لإقامة علاقات صلح واعتراف على المستوى الدبلوماسي مع إسرائيل.
إن مشكلتنا مع أمريكا، هي أنها لا تحترم حرياتنا واستقلالنا، وإذا كانت تتحدث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فإننا نجد في هذا الحديث الكثير من النفاق السياسي، لأن أهدافها الاستراتيجية تتحرك في اتجاه مصالحها المتنوّعة في المنطقة على حساب مصالحنا الحيوية.
إننا لسنا معقّدين من أمريكا الشعب، ولكننا نرفض سياسة الإدارة الأمريكية في خطط اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد التي ترتكز على قاعدة تحويل العالم إلى ساحة حروب متنقّلة تنشر القتل والدمار تحت عنوان مكافحة الإرهاب الذي يختزن في داخله مواقع المعارضة للسياسة الأمريكية، والذي يثير الفوضى الهدّامة بمختلف الوسائل.
ولهذا، فإن العالم قد أصبح بفضل سياسة هذه الإدارة أقل أمناً وأكثر دماراً، وهذا ما الذي جعلها تفشل في احتلالها للعراق وأفغانستان، وتتخبّط في تدخّلها في لبنان الذي لم تكن سياستها موجَّهة لتحرير شعبه، ولكن للضغط على سوريا لحساب مصلحتها في المسألة الفلسطينية والعراقية، وهكذا فإن القرار 1559 الذي يطالب بنـزع سلاح المقاومة والمخيمات، ليس من أجل أمن لبنان، بل من أجل أمن إسرائيل التي لا يزال خطرها اليومي يسيطر على أجوائه وأراضيه.
العراق: الفوضى السياسية:
ولا يزال العراق الذي يعاني من ضغط الاحتلال الأمريكي، والإرهاب التكفيري، يدفع في كل يوم ضحايا وشهداء من شعبه، إضافةً إلى السقوط الاقتصادي والأمني، في نزيف دامٍ مستمر، من دون أيّ ضوء في نهاية النفق، وفي إثارة للحالة المذهبية من جهة، والعرقية من جهة أخرى، وفي الفوضى السياسية التي لم تستطع الانتخابات إخراج البلد منها.
أيِّ لبنان نريد في صراخ الشعب؟!:
أمَّا في لبنان، فإنّ التحالفات الانتخابية تتحرّك فيه بطريقة ملتوية وغير مستقيمة، حيث تخضع المسألة لعملية ربح الأصوات بدلاً من أن تنطلق في العناوين الإصلاحية وفي القضايا الكبرى. إنّ المسألة عند هؤلاء تنطلق من عدد الأصوات لدى هذا الفريق أو ذاك الفريق في مسألة الربح والخسارة، وليس في انتصار المبادئ والاتجاهات المصيرية، وهذا ما يتحرك به الناخبون في المزيد من الصراخ والانفعال والهرولة وراء العاطفة السطحية للأشخاص الذين فشلوا في التجربة الماضية، أو الذين لا يملكون أية تجربة. والسؤال: أين هم شباب "14 آذار" التي يتحدث عنها الكثيرون، وأين قياداتهم؟ هل نستعيد التاريخ المعقّد، أو أننا نصنع تاريخ المستقبل؟!
إننا لا نريد توزيع الاتهامات، ولكننا نتساءل: كيف نصنع حركة الوعي، وانتفاضة المستقبل، وإنسان الإرادة الحرة الذي يرفض الوصاية الأجنبية الجديدة التي تفرضها السفارات، بعد تخلّصه من الوصاية القديمة؟ وهل يبقى لبنان في أساليب الكيدية على طريقة: "كلما دخلت أمة لعنت أختها"؟
ويبقى السؤال الذي لن يجيب عليه أحد، حول تخطيط البرنامج الصادق الواضح: "أيّ لبنان نريد في صراخ الشعب كلّه للذين صنعوا المأساة، من أين لك هذا، وأين ضاع مال الدولة، وكيف سقط الاقتصاد أمام الدَّين العام"؟! |