ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
الإمام الحسن(ع) في كنف النبوَّة:
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً}. من أهل هذا البيت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، الذي تصادف ذكرى وفاته في السابع من شهر صفر، الذي نلتقي به في هذا اليوم.
والإمام الحسن(ع) هو أوَّل وليدٍ لعليّ وفاطمة (عليهما السلام) في زواجهما المبارك، عاش في حضانة جدّه رسول الله(ص) الذي كان يحضنه ويحبّه ـ مع أخيه الإمام الحسين(ع) الذي وُلد بعده ـ وكان(ص) يحملهما ويحضنهما ويدلّلهما ويلاعبهما بعاطفته الطّاهرة، وكان يقول عنهما _ وهما ابنا بنته _: «إنهما إبناي»، وكان(ص) يقول: "اللهمَّ إني أحبّهما، فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما»، وقد اشتهر أنّ النبي(ص) قال عنه وعن أخيه الحسين: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة».
كانت طفولته مع جدّه رسول الله(ص) وأمّه الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع)، ومع أبيه أمير المؤمنين(ع)، وقد استمدَّ من كلِّ هؤلاء الأطهار الكثير من طهارة روحه وقوَّة عقله وعظمة أخلاقه، بحيث كان يلتقط ذلك في طفولته التي كانت منفتحةً على ما يسمعه ويشاهده ويراه، ثم عاش بعد ذلك شبابه مع أبيه الإمام عليّ(ع) فتعلّم منه كيف يمكن أن يسمو بالعقل من خلال عقله، والقلب من خلال قلبه، والسداد في حركته من خلال حركته، وكان عليّ(ع) يعتمد عليه ـ كما على أخيه ـ ويوجّهه في القضايا الصعبة، ويتحدث إليه في كل مهماته.
الإمامة المتحرّكة:
وعاش الإمام الحسن(ع) ليكون الإمام من بعد أبيه، وقد واجه الكثير من المصاعب من خلال عدوان معاوية عليه، بكل ألاعيبه ومؤامراته وعبثه، حتى اضطُرَّ(ع) إلى الصلح معه حفاظاً على المسلمين وعلى الخلّص من أصحابه ممن كان يعدّهم ليكونوا المعارضة لهذا الحكم الفاسد، وليكونوا القاعدة التي ينطلق منها الإمام الحسين(ع) في حركته، حتى قيل إنَّ حركة الإمام الحسين(ع) كانت صدى لصلح الحسن(ع).
ولم تكن المسألة كما يتحدث به البعض، أن للحسن(ع) شخصية سلمية وأن للحسين(ع) شخصية ثورية، فالحسن والحسين (عليهما السلام) انطلقا من قاعدة واحدة، هي قاعدة الإسلام، فهما يتحرَّكان في مصلحة الإسلام سلماً إن كان السّلم هو ما يُصلح أمر الإسلام، وحرباً إنْ كان الحرب هو ما يُصلح أمر الإسلام، وكانا معاً ينفتحان على الإسلام في خطِّ الدعوة كجدّهما رسول الله(ص) وأبيهما عليّ(ع)، وكانا يتحرَّكان من أجل إصلاح أمر الإسلام والمسلمين في حركته التطبيقية في الواقع.
لذلك، كانت إمامتُهما إمامةً متحرّكةً في خطِّ الدّعوة والإصلاح، وخط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانا يعيشان الأخلاق كأعلى ما تكون الأخلاق، لأنهما كانا يفتحان قلبيهما للمسلمين جميعاً، في كلِّ ما يملكانه من الأخلاق الإسلامية، وقد نُقل عنهما أنهما رأيا شيخاً كبير السن يتوضَّأ وضوءاً خاطئاً، وأرادا أن يعلّماه، ولم يكن الشيخ يعرف صفتهما، فجاءا إليه بالأسلوب الذي يحفظ لـه شيخوخته وسنّه، فقالا لـه: «يا شيخ، إنني أريد وأخي أن نتوضَّأ أمامك لترى أيّنا أفضل في وضوئه»، فقبل منهما ذلك، وتوضَّآ أمامه والشيخ يراقبهما، فعرف أنَّ وضوءه هو الوضوء الخطأ، وأن ليس وضوء أحدهما بأفضل من الآخر، فالتفت وقال لهما (ما مضمونه): إنكما أردتما أن تعلّماني، فأنا المخطئ في وضوئي، وجزاكما الله خيراً. هذا الأسلوب الذي يحترم الآخر، ويعلّمنا أن الواحد منّا إذا أراد أن يعلّم شخصاً، فلا يعنّفه بخطئه، أو يهدر إنسانيّته في تعليمه.
وكان الإمام الحسن(ع) يسير في المدينة، ومعه أبناؤه وأخوانه وأهل بيته في موكب كبير، والتقاه شيخ من الشام ممّن ثقّفهم معاوية على بغض عليّ(ع) وأولاده، باعتبار أنه كان يخطِّط لهذا، حتى قال له عبد الله بن عباس بعد أن استُشهد الإمام عليّ(ع): «لماذا لا تترك سبّ عليّ؟» فقال: "لا، حتى يشبّ عليه الصغير ويهرم عليه الكبير"، لأنه كان يريد أن يفرّغ نفوس المسلمين من تعظيم عليّ(ع)، فهذا الشامي من هؤلاء الذين ثقّفهم معاوية ببغض الإمام عليّ(ع)، فوقف وقال: من هذا؟ قيل له: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فبدأ يسبّ عليّاً وأبناءه، حتى أثار أعصاب كلّ الذين كانوا حول الإمام الحسن، وتركه الإمام(ع) حتى انتهى من سبابه، والتفت إليه بكلِّ حنان وعاطفة، وقال له: "أظنك غريباً، فإن كنت جائعاً أطعمناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك"، ثم أمر من حوله بأن يصطحبوه إلى المنـزل ويحسنوا ضيافته، فذهبوا به إلى المنـزل وأحسنوا ضيافته وإكرامه، إلى أن خرج هذا الرجل وهو يقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
فالإمامُ الحسن(ع) فكّّر بأنَّ هذا الإنسان قد خضع لثقافة سيئة، وهي ثقافة معاوية الذي كان يثقّف النَّاس ببغض عليّ(ع) وأهل بيته، فكيف نعالج هذه الذهنية؟ نعالجها بأن نعطيه فرصة لكي يفهم المسألة على الطبيعة، فذهب به الإمام الحسن(ع) إلى بيته، وبيت الإمام هو بيت النبوة والإمامة والقيم الروحية والأخلاقية، ولذلك رأى هذا الرجل حقيقة الموقف على الطبيعة، وخرج ليقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته". فماذا نستفيدُ من هذه القصَّة؟ كثيرٌ من الناس قد يواجهونك بالعنف أو يتهمونك من دون أي مناسبة، لأن البعض قد يعطي الناس عنك فكرة خاطئة، فيعتقدون بأنك متَّصف بهذه الصفات السيئة، فعلى الإنسان أن يصبر على هؤلاء ويحاول أن يغيّر فكرهم بالطريقة التي يقتنعون بها بأنَّ هذا الكلام غير صحيح، وقد ابتُليت بكثيرٍ من هذه النماذج التي أثارت فكرة أنّي ضد السيدة الزهراء وعليّ (عليهما السلام)، حتى إنَّ بعض الناس يتقرَّبون إلى الله بسبّي، ومع ذلك أنا أقول لهؤلاء الناس: إقرأوا وحاولوا أن تتفهمَّوا القضايا على طبيعتها، ولذلك أنا أسامح وأعذر كثيراً من الناس، لأنهم خاضعون لتأثيرات بعض الكبار، وهذا موجود في الدين والسياسة والحياة الاجتماعية، فدور بعض الناس أن يغسلوا أدمغة الناس الطيبين والصالحين.
وصايا ومواعظ:
ونحبّ أمام هذه الذكرى، أن نقف عند بعض كلمات الإمام الحسن(ع). يقول(ع) وهو يتحدَّث عن الشورى: «ما تشاور قوم إلّا هدوا إلى رشدهم»، والله تعالى جعل الطّابع الإسلامي هو الشورى: «وأمرهم شورى بينهم»، وأراد للنبي أن يعلّم أصحابه هذا المبدأ. ولذلك فلنتعلّم في البيت وفي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أن لا يستبدَّ أحدٌ برأيه، سواء كان في موقع القيادة أو في مواقع أخرى، لأننا بحاجة إلى أن نصوّب الأمور حتى يستقيم لنا الرأي الصحيح.
ويقول(ع) في موعظة: «يا بن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً ـ فالعبادة هي الورع عن محارم الله، ولذلك يقول(ص) إنّ أفضل الأعمال في شهر رمضان «الورع عن محارم الله» ـ وارض بما قسم الله تكن غنياً ـ باعتبار أن القناعة مال لا ينفد، وكنـز لا يفنى، بينما الطمع هو الفقر الحاضر ـ وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً ـ لأن المسلم هو الذي إذا عاش مع الناس كان المحسن إليهم في قوله وفعله ـ وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً ـ أن تعترف بحقوق الناس عليك كما تريد للناس أن يعترفوا بحقِّك في ذلك ـ إنه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً ويبنون مشيداً ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً ـ وهي الأرض الفارغة التي لا زرع فيها ولا بناء ـ وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً، يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك ـ لأن الإنسان أكبر ما يكون عمراً عندما يولد، وكلَّما يمرّ يوم تساقطت ورقة من عمره، فأنت تهدّم عمرك في كلِّ يوم يمرّ عليك ـ فخذ مما في يديك ـ من مال وقوة وجاه ـ لما بين يديك ـ استعمل ما عندك من الدنيا لما بين يديك من الآخرة، باعتبار أن الدنيا مزرعة الآخرة ـ فإنَّ المؤمن يتزوّد، والكافر يتمتّع»، بحيث يشغله استمتاعه بالدنيا عن تحضيره لمستقبله في الآخرة.
هذه بعض من وصايا ومواعظ الإمام الحسن(ع) الذي استُشهد في مثل هذا اليوم بالسمّ الذي دسّه إليه معاوية عبر بعض زوجاته التي كانت تحقد عليه. فالسلام عليه وعلى أخيه الحسين (عليهما السلام)، وأبيهما عليّ(ع)، وأمهما الزهراء(ع)، وجدّهما رسول الله(ص) ورحمة الله وبركاته.
الخطبة الثَّانية
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
عباد الله... اتقوا الله في عباده وبلاده، وواجهوا التحديات بعقل منفتح يعرف كيف يخطِّط، وقلب نابض بالخير يعرف كيف ينفتح على مسؤولياته، وحركة يتوحّد فيها المسلمون والمستضعفون ليواجهوا المستكبرين في كلِّ أمورهم، لأن الله تعالى يريد منا أن نكون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضاً، ويدعم بعضه بعضاً، ولا سيّما في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها أمتنا من خلال تحديات التحالف اليهودي الاستكباري الذي يخطط من أجل إسقاط الأمة كلها، وإضعافها في كلِّ مواقعها ومواقفها، لأننا مسؤولون عن الأمَّة كلها بأن يعطيها كل واحد منا قوةً من قوته، وعقلاً من عقله، وحركةً من حركته. ولا نزال نعيش تحت تأثير القوى الاستكبارية في تحالفاتها ضد الإسلام والمسلمين:
الديمقراطية الأمريكية خنقٌ للحريات:
أمريكا تهزّ شجرة المنطقة باسم الديمقراطية، بعد أن أثارت أكثر من زلزال أمني وسياسي باسم محاربة الإرهاب، وقد حاولت أن تعيد إنتاج قرارات مجلس الأمن بعد مصالحتها للاتّحاد الأوروبي، في حماسٍ مثير يحمل الكثير من الوعيد والتهديد لأكثر من دولة في حال امتناعها عن التنفيذ، ولكن ذلك يخضع لحركة انتقائية، كما كانت حروبها في المنطقة تخضع لحالة استباقية انتقائية.
إنَّ أمريكا ـ في العنوان الديمقراطي ـ ترفض أن تطالب إسرائيل بتطبيق الديمقراطية وقانون الحرّيات للشَّعب الفلسطيني الذي لا يزال قابعاً تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي يضغط على الفلسطينيين بكل وحشية، ليأخذ حريته في الاغتيال والاعتقال وتدمير البيوت والمزارع، ومصادرة الأراضي لحساب المستوطنات والجدار العنصري، بما يؤدي إلى اختناق الناس في حياتهم العامة والخاصة، من دون أيّ استنكار أمريكي أو مبالاة أوروبية، بل إن المشكلة هي أن أمريكا تؤكد حق إسرائيل في إبقاء المستوطنات الكبرى ومنع اللاجئين من العودة، وربما في استمرار الجدار الفاصل، في خطة مرسومة تُظهر شيئاً وتُخفي أشياء أخرى.
وفي عنوان قرارات مجلس الأمن، ترفض أمريكا تطبيق كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، لمصلحة الرفض الإسرائيلي، وتضغط على القرار المرتبط بالواقع العربي في سوريا ولبنان من خلال القرار 1559 لحساب الأمن الإسرائيلي، ولا سيّما في ما يختص بموضوع سلاح المقاومة وسلاح المخيّمات.
إننا لا ننطلق في معارضتنا للسياسة الأمريكية من موقع عقدة ضدها، ولكننا ننطلق من الالتزام الأمريكي المطلق بإسرائيل ضد الشعوب العربية والإسلامية، وحركتها لإضعاف كلِّ مواقع القوة عندنا لحساب إسرائيل. ولذلك، فإن موقفنا هو موقف الدفاع عن النفس وليس العدوان.
إن أمريكا تتحدث عن الحريات التي تخنقها في واقع المستضعفين، وتتحدث عن الديمقراطية لحماية أكثر من دكتاتورية في العالم، وتُطْبق بقوتها الهائلة لإثارة الخوف في حياة الضعفاء. ولذلك، فإنَّ الشعوب المستضعفة تختزن في داخلها الكراهية لأمريكا، والرفض لمشاريعها حسب إمكاناتها، ولن تستطيع أمريكا تغيير صورتها في هذا العالم، إلا بتغيير سياستها الاستكبارية في مصادرة القضايا الحيوية والمصيرية للمستضعفين.
إننا ندعو الجميع في لبنان والمنطقة إلى دراسة ما يجري في العالم بدقة، ولا سيما الضغوط الأمريكية المتزايدة على لبنان وسوريا وإيران، حيث يُراد للمنطقة إلقاء سلاحها والسقوط تحت ضغوط أمريكا وإسرائيل، في عرض عضلاتهما النووية وغيرها ضدّ الشعوب، ولكننا نلاحظ أن أمريكا تنتقل من مأزق إلى مأزق في العراق الذي بدأ يُغرق الجنود الأمريكيين في الرمال المتحركة.
كما ندعو العالم الإسلامي إلى متابعة الخطة التي يرسمها اليهود لاجتياح الحرم القدسي بما يصل إلى مائة ألف شخص، في عملية استيلاء على مقدّساتنا، من دون أن نجد أيّ استنكار أمريكي أو أوروبي لهذا العدوان على المقدّسات الإسلامية، ما يهدد المستقبل الإسلامي هناك.
العراق: المطلوب حماية الوحدة:
ولا نزال نتابع السَّاحة العراقية التي قد تنذر بتقسيم البلد تحت عنوان الفيدرالية الذي يلفّه الغموض، والذي يدور الجدل فيه حول محافظة هنا وهناك في تبعيتها للمنطقة الكردية، وحول دخول الجيش العراقي إلى المنطقة، ما يوحي بأن هناك دولة كردية شبه مستقلة في العراق باسم الفيدرالية التي تلبس قناع التقسيم، الأمر الذي نحذّر فيه العراقيين من هذه اللّعبة التي تديرها أمريكا وإسرائيل، في خطة تقسيم العراق تحت ستار الوحدة. إنَّ مسؤولية الجمعية الوطنية هي حماية وحدة العراق من أية خطة تقسيمية، لأن ذلك سوف يدمّر العراق كله.
لبنان: التكاذب والتخادع لا ينقذان وطناً:
أما لبنان، فلا يزال التجاذب السياسي في الخطاب الانفعالي وفي الشارع الشعاراتي يحكم ساحة الصراع، تحت عناوين التكاثر العددي، في عملية عرض للقوَّة في هذا الموقع أو ذاك، لصنع لبنان الجديد السيّد الحرّ المستقلّ، وفي اتهامات يطلقها فريق ضد فريق.
والسّؤال: ما هي صورة المستقبل لهذا البلد؟ وهل الّذين يحكمونه هم من يحملون خشبة الإنقاذ؟ وهل يبحث القائمون على شؤون التغيير عن الذين عاثوا في البلد فساداً ممن كان النّاس يحمّلونهم مسؤولية الهدر والفساد ـ من المعارضة والموالاة ـ أم أن الصراخ السياسي يحجب الأصوات الباحثة عن الحقيقة في خراب البلد على صعيد الداخل والخارج؟
إنَّ لبنان بحاجة إلى عقل يدرس القضايا الكبرى التي يختلف عليها اللبنانيون، وإلى حوار حول وجهات النظر المتنوّعة من دون شروط، وإلى بلورة الصورة الحقيقية الواضحة التي ينطلق بها هذا الفريق أو ذاك في الحل للمشاكل التي يتخبَّط بها، ولا سيّما أنَّ الناس الذين هم أصحاب المصلحة في البلد، لا يزالون يتخبطون في ضباب يمنع وضوح الرؤية.
إنَّ التّكاذب والتّخادع لن ينقذا وطناً، ولن يصل بالناس إلى نتيجة حاسمة، وإنَّ الخطر الذي يحيطُ بالبلد من خلال التوتّر السياسي، ولا سيَّما على مستوى الشارع وعلى طريقة "حوار الطرشان"، سوف يُسقط الواقع كله على الصعيد النقدي، وعلى مستوى الخدمات الحيوية التي صادرتها الحكومات السابقة، وقد تقضي عليها المشاكل الجديدة.
إنَّنا نقولُ للجميع: لا تحدِّقوا بموقع المعارضة هنا والموالاة هناك ليسجّل أحدكم نقطة على الآخر، ولكن حدّقوا بالدولة وبالمواطنين وبمستقبل الأجيال الصاعدة. إن الحرية هي روح هذا البلد، ولكنَّ هناك فرقاً بين الذين يتاجرون باسمها وبين الذين يصنعون قيمها الإنسانية. إن الناس يخافون من نتائج اللعبة، ويريدون من القائمين على الواقع أن يتحركوا بمسؤولية بما يحقِّق الأمن للوطن كله في انتظار المستقبل، بالأفعال لا بالأقوال. |