بالنصح نحفظ المجتمع ونوجد السلام والتوازن فيه

بالنصح نحفظ المجتمع ونوجد السلام والتوازن فيه

لأنه من خصائص الإنسان المؤمن: بالنصح نحفظ المجتمع ونوجد السلام والتوازن فيه


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

النصح من خصائص الإيمان

من بين الخطوط الأخلاقية التي أكدها الإسلام ـ سلباً في مواقع السلب، وإيجاباً في مواقع الإيجاب ـ عنوان النصح للناس أو الغش لهم، لأن الحياة الاجتماعية، سواء كانت في دائرة محدودة، كما في الحياة العائلية أو العشيرة، أو في دائرة عامة، وهي حياة المسلمين بعضهم مع بعض، أو حياة الناس بعضهم مع بعض، قد تجعل الإنسان بحاجة إلى الإنسان الآخر الذي يملك الخبرة، فهناك من يملك الخبرة في القضايا الاقتصادية أو في البضائع الاستهلاكية أو في المواقع العقارية، وهناك من يملك الخبرة في المواقع السياسية أو في المواقع الأمنية أو الاجتماعية، وما إلى ذلك، وهناك من لا يملك ذلك، بحيث لا تكون له خبرة في هذه الأمور في حاجاته الخاصة والعامة، ومن الطبيعي أن يرجع من لا خبرة له إلى صاحب الخبرة ليطلب منه النصيحة، في أيّ شأن من هذه الشؤون التي يملك فيها صاحب الخبرة الرأي والمشورة والنصيحة.

في هذه المسألة، من خصائص إيمان الإنسان المسلم أن يقدّم النصيحة للناس كافَّة، وللمؤمنين بشكلٍ أساس، لأنَّ المؤمن لا بدّ أن يعيش الاهتمام بأمور المسلمين في كل مواقع حاجاتهم وقضاياهم ومصائرهم، ولا بدّ له أن يعيش هذا الانفتاح في رأيه للناس كافة، لأن الله تعالى يريد للمسلم أن يكون بَرَكة على الناس كلهم، فإذا كنت تملك أية خبرة مما يحتاجه الناس، أو أيّ رأي مما يضيء للناس حياتهم فعليك أن تقدّمه دون أن تسأل هذا الإنسان الذي يحتاج إليك عن انتمائه الديني أو القومي أو الوطني، لأن المسلم يعتبر أن «الخلق كلهم عيال الله، وأحبّهم إلى الله من نفع عيال الله».

فالإنسان المسلم في خبراته العلمية والعملية، هو الإنسان العالمي الذي يفكر أن يقدّم للعالم ما عنده ويعتبر ذلك مسؤوليته. ونحن نقرأ في حديث عن النبي (ص) في مسألة النصيحة يقول: «أنسك الناس نسكاً ـ والنسك هو خطّ العبادة الذي يمثل تعبّد الإنسان لله وإخلاصه له ـ أنصحهم جيباً ـ وهو الصدر ـ وأسلمهم قلباً لجميع المسلمين»، فالإنسان الذي يعيش النصح والسلام في قلبه لجميع المسلمين هو الأفضل. وفي حديث آخر يختصر النبي (ص) الدين فيقول: «الدين النصيحة» ـ بمقدار ما تكون إنساناً تقدّم النصيحة فأنت صاحب دين، وإذا لم تكن كذلك فلست صاحب دين حتى لو صلّيت وصمت ـ قلنا: النصيحة لمن؟ قال (ص): «لله ـ بأن تقوم بما يريد الله منك، أن تنصح لله في أقوالك وأعمالك التي كلَّفك الله بها ـ ولكتابه ـ للقرآن بأن تعمل بما أوحى الله فيه ـ ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين ـ لقيادتهم ـ وعامتهم».

وفي حديث للنبيّ (ص) يبيّن مستوى النصيحة، يقول: «لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه»، فكما تحرك فكرك وتتعمّق في الموضوع حتى تحقق النصيحة لنفسك لتكون النتائج لمصلحتك، كذلك انصح أخاك بهذا المستوى. وعن الإمام الصادق (ع): «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب»، وفي حديث آخر: «عليكم بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه»، فعندما ينطلق الإنسان بهذه الروح المنفتحة على خلق الله، ويقدّم النصيحة في القول والرأي والعمل، فإنها تعتبر من أفضل الأعمال التي يلقى بها ربه ليقربه إليه سبحانه، أن يكون الإنسان الذي ينفتح عقله وقلبه وطاقاته بالخير للناس.

الغشّ من أخلاق اللئام

أما إذا كانت المسألة بالعكس، ففي الحديث: «من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة ـ لم يعطِ النصيحة الصحيحة ـ سلبه الله رأيه»، فالله تعالى جعل الرأي أمانة عند الإنسان حتى يقدمه لمصلحة الناس، فإذا غش الناس في هذا الرأي ولم يمحضهم النصيحة، فإن الله تعالى يسلبه رأيه كما يسلبه نعمته. وفي الحديث عن أمير المؤمنين (ع) يقول: «شرّ الناس من غشّ الناس»، ويقول (ع): «الغش من أخلاق اللئام وليس من أخلاق الكرام».

وهناك نوعٌ من الغش في المعاملة والتجارة، وهو ما تعرّض له النبي (ص) وأئمة أهل البيت (ع)، فقد سئل الإمام الصادق (ع) عن الرجل يكون عنده لونان من طعام واحد، وسعرهما شيء وأحدهما خير من الآخر، فيخلطهما جميعاً ثم يبيعهما بسعر واحد، فأجاب الإمام (ع): «لا يصلح له أن يفعل ذلك، يغشّ به المسلمين، حتى يبيّنه».. وفي حادثة حصلت مع أحد الصحابة يقال له «أبو سباع» يقول: «اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني يجرّ أزاره، قال: اشتريت؟ قلت: نعم، قال: أبيّن لك ما فيها، قلت: وما فيها؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصحة، أردت بها سفراً أو لحماً؟ قلت: أردت بها الحج، قال: فارتجعها، فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك الله تفسد عليّ، فقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يحلّ لأحد يبيع شيئاً إلا بيّن ما فيه، ولا يحلّ لمن علم ذلك ألا يبيّنه».

وفي الحديث عن النبي (ص): «المسلم أخو المسلم، ولا يحلّ لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بيّنه لـه». وفي حديث آخر عنه (ص): «المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وأدون وإن بعدت منازلهم وأبدانهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم». وفي الحديث أن النبي (ص) مرّ برجل يبيع طعاماً، فسأله كيف تبيع فأخبره، فأُوحي إليه أن أدخل يدك فيه، فإذا هو مبلول ـ وفي رواية أخرى أنه أخرج طعاماً رديّاً ـ فقال (ص): «ما أراك إلا قد جمعت خيانةً وغشاً للمسلمين»، وفي حديث آخر قال (ص): «يا صاحب الطعام، أسفل هذا مثل أعلاه؟ من غشّ المسلمين فليس منهم»، وعنه (ص): «ليس منَّا من غشّ مسلماً أو ضرّه أو ماكره»، وعنه (ص): «من غشّ مسلماً في شراء أو بيع فليس منا، ويُحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغشّ الخلق للمسلمين»، وعنه (ص): «من باع عيباً لم يبيّنه لم يزل في مقت الله ولم تزل الملائكة تلعنه».

هذه المسألة لا بدَّ أن نفهمها، لأننا نعاني الكثير من القضايا التي يغش الناس فيها بعضهم بعضاً، على كلِّ المستويات الخاصة والعامة، وهكذا مسألة الغش في الرأي نتيجة ذاتيتك، فعندما يستنصحك شخص في أيّ جانب، فعليك أن تعلم أنه جاء إليك وهو يضع مستقبله وكل مصالحه تحت تصرفك، ولا سيّما إذا استشارك في زواج أو عمل أو مدرسة أو في إنسان يرفضه أو يؤيده، أخرج ذاتك من مسألة الرأي وأعطِ الرأي كما لو كنت تريد أن تعطيه لنفسك، وهذا هو الذي يحفظ المجتمع ويوجد السلام والتوازن فيه، وهو الذي يعرف الناس من خلاله كيف يبدأون وكيف ينتهون، ولا سيّما أن الغش في مجتمعاتنا أصبح في كل جوانب الحياة، مثلاً: هناك كثير من الناس يستوردون بضاعة مغشوشة ويضرّون بها الناس، من أغذية أو دواء وما إلى ذلك، أو يغشون البنزين بالمازوت أو بالماء أو الزيت.

عليك أن تعرف أن الرزق من الله وليس بشطارتك، فالله قد يبتليك بمشكلة تضع فيها كل ما جمعته من الغش، وهناك قصة رويتها لكم سابقاً، وهي قصة ذلك الشخص الذي كان يبيع الحليب ويخلطه بالماء واتَّسعت نتيجة ذلك أحواله، حتى جاء سيل وأخذ كل البقر، وكان عنده ولد مؤمن وقد رأى أباه يبكي، فقال: يا أبتاه، إن الماء الذي كنت تضعه في الحليب تحوّل إلى سيل أغرق كلَّ البقر، وهناك سيول الأمراض والسرقات والضرائب والمصادرات.

لذلك، كن الناصح لنفسك ولربك وللناس من حولك، فإن ذلك سوف يرفع درجتك عند الله، {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم}، {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}، نسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم.


الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتّقوا الله وواجهوا مسؤوليّاتكم بالنصيحة لأنفسكم وللأمّة كلها، ولا سيّما أننا نواجه الكثير من الغش في السياسة والأمن والاقتصاد ممن يتعاملون مع المستكبرين ويغشون شعوبهم دفاعاً عن مصالح المستكبرين. لذلك لا بد أن تنطلق الأمة أمةً واحدة لتعيش النصيحة لكلِّ مصيرها ومستقبلها وقضاياها، لأن الآخرين ـ من المستكبرين وأعوانهم ـ اجتمعوا على أساس أن يسقطوا الأمَّة في كلِّ قضاياها والأمور الحيّة المصيرية، وعلى الأمة أن تكون واعية لكل قضاياها وما ينتظرها في مستقبلها من خلال من يتآمرون عليها، ولا نزال في هذه المنطقة نعيش الكثير من المشاكل الحادّة والتحديات الكبرى في قضايانا الكبرى، فتعالوا لنعرف ماذا هناك:

فلسطين: تحريك الانتفاضة السياسية

إسرائيل ماضية في مجازرها حتى على مستوى هدم منزل على عجوز مقعد لا يملك الحركة في الخروج منه، بالإضافة إلى الخطة التدميرية للبنية التحتية، من دون أن نسمع أيّ احتجاج عالمي أمريكي أو أوروبي...

أما الرئيس الأمريكي، فيرسل مندوبيه لدراسة مخططات البناء في الضفة الغربية، ممّا قد يكون له تأثير على مستقبل حدود الدولة الفلسطينية، حيث قررت أمريكا ـ بلسان رئيسها ـ أن تقتطع منها كل المستوطنات الكبرى بفعل الحقائق الجديدة، يضاف إلى ذلك منع الفلسطينيين من حق العودة، في خطة التوسّع الإسرائيلي، وتأكيد الصفة اليهودية لـ«الدولة العبرية»، في عملية ضغط سياسي وأمني على الشعب الفلسطيني الذي لا يملك الدفاع عن نفسه إلاّ بالأسلحة الخفيفة في مواجهة كلِّ السلاح الأمريكي المتطوّر الذي قُدِّم للعدوّ...

ومن المضحك المبكي أنَّ المأساة تتعاظم في تصريح الموفد الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط عن الفوضى الفلسطينية، وعن الانهيار الذي يتهدَّد السلطة، من دون أن يتحدَّث عن المجازر الإسرائيلية التي تطال البشر والشجر والحجر، وتمنع أية عملية إنقاذ للواقع على مستوى الإصلاح والتوازن الشعبي، ولا سيّما أن المسألة الأمنية في الخطة الأمريكية ـ الإسرائيلية قد صادرت المسألة السياسية المتمثلة في إزالة الاحتلال...

لقد كان على هذا الموظف في الأمم المتحدة أن ينسجم مع قرار محكمة العدل الدولية في تأكيدها على عدم شرعية التحرك الإسرائيلي في فلسطين من خلال الجدار والمستوطنات والاحتلال بالذات، ولكن إسرائيل ـ ومعها أمريكا ـ زرعت في كل موقع من مواقع القرار عميلاً لها ومدافعاً عن مصالحها ضد الشعب الفلسطيني...

وهذا ما ينبغي للعرب أن يتابعوه، وللفلسطينيين أن يواجهوه بكل قوة وصلابة، لأننا نريد لهم أن يحرّكوا الانتفاضة السياسية إلى جانب الانتفاضة الأمنية والجهادية للإحاطة بكل حركة العدو الداخلية والخارجية... كما أننا نريد لهم أن يحدّقوا بالحركة الصهيونية في الائتلاف الحكومي الذي يضم اليمين واليسار السياسي لتطويق القضية الفلسطينية في الواقع الدولي والإقليمي والمحلي، الأمر الذي يفرض على كل فئات الشعب الفلسطيني أن تدخل الحوار في خطة تجمع الفعاليّات الفلسطينية على صعيد السلطة والانتفاضة، بما يحفظ للقضية الفلسطينية قوَّتها وحركيّتها، في مواجهة التحديات الكبرى الموجَّهة إليها، ولا سيّما في معركة الجدار في الأمم المتحدة التي نريد لها ـ ولأمينها العام ـ أن تكون أمينة على قضايا الشعوب المستضعفة، كالشعب الفلسطيني المقهور من قبل الصهيونية الوحشيّة المحتلة، فإن المرحلة تفرض الوحدة في الخطة والموقف والحركة والمواجهة.

من يحمي الشعوب من أكاذيب المخابرات؟!

وهناك نقطة أخرى تتعلّق بالمخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية، فقد اعترفتا بأن العراق كان خالياً من أسلحة الدمار الشامل، وأنهما لم تخبرا الإدارتين الأمريكية والبريطانية بذلك، ولم يحصل هناك تدقيق في الموضوع، لأن الخطة كانت تقتضي إيجاد مبرر للحرب من خلال تخويف الغرب والعالم من النظام العراقي بما يبرر احتلال العراق!!

والسؤال أولاً: مَن الذي يحمي الشعوب من أمثال هذه الكذبة التي تحركها المخابرات الدولية لإعلان الحرب واحتلال البلاد؟ ومَن هي الجهة التي تمنع هذه القوى الاستكبارية من القيام بقهر الشعوب لخدمة مصالحها؟ وثانياً: إذا كانت أجهزة التحقيق في أمريكا وبريطانيا تكشف هذه الكذبة بالنفاذ إلى داخل الأجهزة المخابراتية، فهل نجد في عالمنا الثالث، ولا سيما العالم العربي والإسلامي، من يجرؤ على التحقيق في ما تقوم به أجهزة المخابرات المحلية ضد الشعوب، أم أن الناس لا تملك أن تهمس بالحقائق فضلاً عن أن تصرّح بها، وخصوصاً أن العالم الثالث محكوم بكل أموره لأجهزة المخابرات التي تدير قوانين الطوارئ وترتبط ـ بطريقة وبأخرى ـ بالمخابرات الدولية، وهذا ما قرأناه أخيراً في تصريح مسؤول الـ «سي. أي. إيه»، بأن «لدينا ما يكفي من العملاء في العراق حتى على أعلى المستويات»؟!

وفي العراق، فإنَّ المشهد فيه يتكرر في كل يوم؛ متفجرات تقتل من المدنيين أكثر مما تستهدف من قوات الاحتلال، وخطف وقتل للأجانب بطريقة غير إنسانية، وحركة عسكرية أمنية لقوات الاحتلال توحي بأن الذي تغيّر هو اللافتة لا الواقع...

إننا نتساءل: متى يمسك الشعب العراقي بمصيره، ومتى يحصل على توازن الأمن من خلال القوى الطليعية الفاعلة فيه، ومن يملك إخراج المحتلّ من أرضه؟ إننا نتمنى لهذا الشعب المقهور الجريح أن ينفتح بوحدته وحركته الفاعلة ورقابته لكلّ المجرمين الذين يخدمون الاحتلال في ممارسة الإرهاب ضد المدنيين الأبرياء، ونريد له أن يحدّق بالمستقبل في عملية تخطيط مدروس بعيد عن الانفعال وعن الفوضى السياسية والأمنية.

لبنان: الفساد بلا إجازة

أما في لبنان، فقد أخذت الدولة فيه على صعيد الحكم والحكومة ومجلس النواب إجازة، أما الفساد والهدر والأزمات المعيشية والجوع الذي يفتك بالفقراء، والظلام الذي يصادر النور، والجدل العقيم الذي لا ينتج أيّ وليد للحرية وللوحدة الوطنية، فلم يأخذوا أيّ إجازة.. ويحدّثونك عن الاستحقاق، ولكن لا على أساس قاعدة إنقاذ الوطن في مسألة حقوق المواطنة التي تمنح الإنسان إنسانيته كمواطن، لا كمنتمٍ لهذه الطائفة أو تلك...

إنَّ الاستحقاق الكبير هو كيف نطلق المستقبل في الهواء الطلق، وفي الصحو المشرق، حيث تلتقي الطاقات على الخير والعدل في مواجهة الشر والظلم والفوضى التي أوصلت البلد إلى حافة الانهيار الذي ينذر بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع.

لأنه من خصائص الإنسان المؤمن: بالنصح نحفظ المجتمع ونوجد السلام والتوازن فيه


ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :

النصح من خصائص الإيمان

من بين الخطوط الأخلاقية التي أكدها الإسلام ـ سلباً في مواقع السلب، وإيجاباً في مواقع الإيجاب ـ عنوان النصح للناس أو الغش لهم، لأن الحياة الاجتماعية، سواء كانت في دائرة محدودة، كما في الحياة العائلية أو العشيرة، أو في دائرة عامة، وهي حياة المسلمين بعضهم مع بعض، أو حياة الناس بعضهم مع بعض، قد تجعل الإنسان بحاجة إلى الإنسان الآخر الذي يملك الخبرة، فهناك من يملك الخبرة في القضايا الاقتصادية أو في البضائع الاستهلاكية أو في المواقع العقارية، وهناك من يملك الخبرة في المواقع السياسية أو في المواقع الأمنية أو الاجتماعية، وما إلى ذلك، وهناك من لا يملك ذلك، بحيث لا تكون له خبرة في هذه الأمور في حاجاته الخاصة والعامة، ومن الطبيعي أن يرجع من لا خبرة له إلى صاحب الخبرة ليطلب منه النصيحة، في أيّ شأن من هذه الشؤون التي يملك فيها صاحب الخبرة الرأي والمشورة والنصيحة.

في هذه المسألة، من خصائص إيمان الإنسان المسلم أن يقدّم النصيحة للناس كافَّة، وللمؤمنين بشكلٍ أساس، لأنَّ المؤمن لا بدّ أن يعيش الاهتمام بأمور المسلمين في كل مواقع حاجاتهم وقضاياهم ومصائرهم، ولا بدّ له أن يعيش هذا الانفتاح في رأيه للناس كافة، لأن الله تعالى يريد للمسلم أن يكون بَرَكة على الناس كلهم، فإذا كنت تملك أية خبرة مما يحتاجه الناس، أو أيّ رأي مما يضيء للناس حياتهم فعليك أن تقدّمه دون أن تسأل هذا الإنسان الذي يحتاج إليك عن انتمائه الديني أو القومي أو الوطني، لأن المسلم يعتبر أن «الخلق كلهم عيال الله، وأحبّهم إلى الله من نفع عيال الله».

فالإنسان المسلم في خبراته العلمية والعملية، هو الإنسان العالمي الذي يفكر أن يقدّم للعالم ما عنده ويعتبر ذلك مسؤوليته. ونحن نقرأ في حديث عن النبي (ص) في مسألة النصيحة يقول: «أنسك الناس نسكاً ـ والنسك هو خطّ العبادة الذي يمثل تعبّد الإنسان لله وإخلاصه له ـ أنصحهم جيباً ـ وهو الصدر ـ وأسلمهم قلباً لجميع المسلمين»، فالإنسان الذي يعيش النصح والسلام في قلبه لجميع المسلمين هو الأفضل. وفي حديث آخر يختصر النبي (ص) الدين فيقول: «الدين النصيحة» ـ بمقدار ما تكون إنساناً تقدّم النصيحة فأنت صاحب دين، وإذا لم تكن كذلك فلست صاحب دين حتى لو صلّيت وصمت ـ قلنا: النصيحة لمن؟ قال (ص): «لله ـ بأن تقوم بما يريد الله منك، أن تنصح لله في أقوالك وأعمالك التي كلَّفك الله بها ـ ولكتابه ـ للقرآن بأن تعمل بما أوحى الله فيه ـ ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين ـ لقيادتهم ـ وعامتهم».

وفي حديث للنبيّ (ص) يبيّن مستوى النصيحة، يقول: «لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه»، فكما تحرك فكرك وتتعمّق في الموضوع حتى تحقق النصيحة لنفسك لتكون النتائج لمصلحتك، كذلك انصح أخاك بهذا المستوى. وعن الإمام الصادق (ع): «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب»، وفي حديث آخر: «عليكم بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه»، فعندما ينطلق الإنسان بهذه الروح المنفتحة على خلق الله، ويقدّم النصيحة في القول والرأي والعمل، فإنها تعتبر من أفضل الأعمال التي يلقى بها ربه ليقربه إليه سبحانه، أن يكون الإنسان الذي ينفتح عقله وقلبه وطاقاته بالخير للناس.

الغشّ من أخلاق اللئام

أما إذا كانت المسألة بالعكس، ففي الحديث: «من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة ـ لم يعطِ النصيحة الصحيحة ـ سلبه الله رأيه»، فالله تعالى جعل الرأي أمانة عند الإنسان حتى يقدمه لمصلحة الناس، فإذا غش الناس في هذا الرأي ولم يمحضهم النصيحة، فإن الله تعالى يسلبه رأيه كما يسلبه نعمته. وفي الحديث عن أمير المؤمنين (ع) يقول: «شرّ الناس من غشّ الناس»، ويقول (ع): «الغش من أخلاق اللئام وليس من أخلاق الكرام».

وهناك نوعٌ من الغش في المعاملة والتجارة، وهو ما تعرّض له النبي (ص) وأئمة أهل البيت (ع)، فقد سئل الإمام الصادق (ع) عن الرجل يكون عنده لونان من طعام واحد، وسعرهما شيء وأحدهما خير من الآخر، فيخلطهما جميعاً ثم يبيعهما بسعر واحد، فأجاب الإمام (ع): «لا يصلح له أن يفعل ذلك، يغشّ به المسلمين، حتى يبيّنه».. وفي حادثة حصلت مع أحد الصحابة يقال له «أبو سباع» يقول: «اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني يجرّ أزاره، قال: اشتريت؟ قلت: نعم، قال: أبيّن لك ما فيها، قلت: وما فيها؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصحة، أردت بها سفراً أو لحماً؟ قلت: أردت بها الحج، قال: فارتجعها، فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك الله تفسد عليّ، فقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: لا يحلّ لأحد يبيع شيئاً إلا بيّن ما فيه، ولا يحلّ لمن علم ذلك ألا يبيّنه».

وفي الحديث عن النبي (ص): «المسلم أخو المسلم، ولا يحلّ لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بيّنه لـه». وفي حديث آخر عنه (ص): «المؤمنون بعضهم لبعض نصحة وأدون وإن بعدت منازلهم وأبدانهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة متخاونون وإن اقتربت منازلهم وأبدانهم». وفي الحديث أن النبي (ص) مرّ برجل يبيع طعاماً، فسأله كيف تبيع فأخبره، فأُوحي إليه أن أدخل يدك فيه، فإذا هو مبلول ـ وفي رواية أخرى أنه أخرج طعاماً رديّاً ـ فقال (ص): «ما أراك إلا قد جمعت خيانةً وغشاً للمسلمين»، وفي حديث آخر قال (ص): «يا صاحب الطعام، أسفل هذا مثل أعلاه؟ من غشّ المسلمين فليس منهم»، وعنه (ص): «ليس منَّا من غشّ مسلماً أو ضرّه أو ماكره»، وعنه (ص): «من غشّ مسلماً في شراء أو بيع فليس منا، ويُحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغشّ الخلق للمسلمين»، وعنه (ص): «من باع عيباً لم يبيّنه لم يزل في مقت الله ولم تزل الملائكة تلعنه».

هذه المسألة لا بدَّ أن نفهمها، لأننا نعاني الكثير من القضايا التي يغش الناس فيها بعضهم بعضاً، على كلِّ المستويات الخاصة والعامة، وهكذا مسألة الغش في الرأي نتيجة ذاتيتك، فعندما يستنصحك شخص في أيّ جانب، فعليك أن تعلم أنه جاء إليك وهو يضع مستقبله وكل مصالحه تحت تصرفك، ولا سيّما إذا استشارك في زواج أو عمل أو مدرسة أو في إنسان يرفضه أو يؤيده، أخرج ذاتك من مسألة الرأي وأعطِ الرأي كما لو كنت تريد أن تعطيه لنفسك، وهذا هو الذي يحفظ المجتمع ويوجد السلام والتوازن فيه، وهو الذي يعرف الناس من خلاله كيف يبدأون وكيف ينتهون، ولا سيّما أن الغش في مجتمعاتنا أصبح في كل جوانب الحياة، مثلاً: هناك كثير من الناس يستوردون بضاعة مغشوشة ويضرّون بها الناس، من أغذية أو دواء وما إلى ذلك، أو يغشون البنزين بالمازوت أو بالماء أو الزيت.

عليك أن تعرف أن الرزق من الله وليس بشطارتك، فالله قد يبتليك بمشكلة تضع فيها كل ما جمعته من الغش، وهناك قصة رويتها لكم سابقاً، وهي قصة ذلك الشخص الذي كان يبيع الحليب ويخلطه بالماء واتَّسعت نتيجة ذلك أحواله، حتى جاء سيل وأخذ كل البقر، وكان عنده ولد مؤمن وقد رأى أباه يبكي، فقال: يا أبتاه، إن الماء الذي كنت تضعه في الحليب تحوّل إلى سيل أغرق كلَّ البقر، وهناك سيول الأمراض والسرقات والضرائب والمصادرات.

لذلك، كن الناصح لنفسك ولربك وللناس من حولك، فإن ذلك سوف يرفع درجتك عند الله، {يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم}، {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها}، نسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم.


الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله.. اتّقوا الله وواجهوا مسؤوليّاتكم بالنصيحة لأنفسكم وللأمّة كلها، ولا سيّما أننا نواجه الكثير من الغش في السياسة والأمن والاقتصاد ممن يتعاملون مع المستكبرين ويغشون شعوبهم دفاعاً عن مصالح المستكبرين. لذلك لا بد أن تنطلق الأمة أمةً واحدة لتعيش النصيحة لكلِّ مصيرها ومستقبلها وقضاياها، لأن الآخرين ـ من المستكبرين وأعوانهم ـ اجتمعوا على أساس أن يسقطوا الأمَّة في كلِّ قضاياها والأمور الحيّة المصيرية، وعلى الأمة أن تكون واعية لكل قضاياها وما ينتظرها في مستقبلها من خلال من يتآمرون عليها، ولا نزال في هذه المنطقة نعيش الكثير من المشاكل الحادّة والتحديات الكبرى في قضايانا الكبرى، فتعالوا لنعرف ماذا هناك:

فلسطين: تحريك الانتفاضة السياسية

إسرائيل ماضية في مجازرها حتى على مستوى هدم منزل على عجوز مقعد لا يملك الحركة في الخروج منه، بالإضافة إلى الخطة التدميرية للبنية التحتية، من دون أن نسمع أيّ احتجاج عالمي أمريكي أو أوروبي...

أما الرئيس الأمريكي، فيرسل مندوبيه لدراسة مخططات البناء في الضفة الغربية، ممّا قد يكون له تأثير على مستقبل حدود الدولة الفلسطينية، حيث قررت أمريكا ـ بلسان رئيسها ـ أن تقتطع منها كل المستوطنات الكبرى بفعل الحقائق الجديدة، يضاف إلى ذلك منع الفلسطينيين من حق العودة، في خطة التوسّع الإسرائيلي، وتأكيد الصفة اليهودية لـ«الدولة العبرية»، في عملية ضغط سياسي وأمني على الشعب الفلسطيني الذي لا يملك الدفاع عن نفسه إلاّ بالأسلحة الخفيفة في مواجهة كلِّ السلاح الأمريكي المتطوّر الذي قُدِّم للعدوّ...

ومن المضحك المبكي أنَّ المأساة تتعاظم في تصريح الموفد الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط عن الفوضى الفلسطينية، وعن الانهيار الذي يتهدَّد السلطة، من دون أن يتحدَّث عن المجازر الإسرائيلية التي تطال البشر والشجر والحجر، وتمنع أية عملية إنقاذ للواقع على مستوى الإصلاح والتوازن الشعبي، ولا سيّما أن المسألة الأمنية في الخطة الأمريكية ـ الإسرائيلية قد صادرت المسألة السياسية المتمثلة في إزالة الاحتلال...

لقد كان على هذا الموظف في الأمم المتحدة أن ينسجم مع قرار محكمة العدل الدولية في تأكيدها على عدم شرعية التحرك الإسرائيلي في فلسطين من خلال الجدار والمستوطنات والاحتلال بالذات، ولكن إسرائيل ـ ومعها أمريكا ـ زرعت في كل موقع من مواقع القرار عميلاً لها ومدافعاً عن مصالحها ضد الشعب الفلسطيني...

وهذا ما ينبغي للعرب أن يتابعوه، وللفلسطينيين أن يواجهوه بكل قوة وصلابة، لأننا نريد لهم أن يحرّكوا الانتفاضة السياسية إلى جانب الانتفاضة الأمنية والجهادية للإحاطة بكل حركة العدو الداخلية والخارجية... كما أننا نريد لهم أن يحدّقوا بالحركة الصهيونية في الائتلاف الحكومي الذي يضم اليمين واليسار السياسي لتطويق القضية الفلسطينية في الواقع الدولي والإقليمي والمحلي، الأمر الذي يفرض على كل فئات الشعب الفلسطيني أن تدخل الحوار في خطة تجمع الفعاليّات الفلسطينية على صعيد السلطة والانتفاضة، بما يحفظ للقضية الفلسطينية قوَّتها وحركيّتها، في مواجهة التحديات الكبرى الموجَّهة إليها، ولا سيّما في معركة الجدار في الأمم المتحدة التي نريد لها ـ ولأمينها العام ـ أن تكون أمينة على قضايا الشعوب المستضعفة، كالشعب الفلسطيني المقهور من قبل الصهيونية الوحشيّة المحتلة، فإن المرحلة تفرض الوحدة في الخطة والموقف والحركة والمواجهة.

من يحمي الشعوب من أكاذيب المخابرات؟!

وهناك نقطة أخرى تتعلّق بالمخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية، فقد اعترفتا بأن العراق كان خالياً من أسلحة الدمار الشامل، وأنهما لم تخبرا الإدارتين الأمريكية والبريطانية بذلك، ولم يحصل هناك تدقيق في الموضوع، لأن الخطة كانت تقتضي إيجاد مبرر للحرب من خلال تخويف الغرب والعالم من النظام العراقي بما يبرر احتلال العراق!!

والسؤال أولاً: مَن الذي يحمي الشعوب من أمثال هذه الكذبة التي تحركها المخابرات الدولية لإعلان الحرب واحتلال البلاد؟ ومَن هي الجهة التي تمنع هذه القوى الاستكبارية من القيام بقهر الشعوب لخدمة مصالحها؟ وثانياً: إذا كانت أجهزة التحقيق في أمريكا وبريطانيا تكشف هذه الكذبة بالنفاذ إلى داخل الأجهزة المخابراتية، فهل نجد في عالمنا الثالث، ولا سيما العالم العربي والإسلامي، من يجرؤ على التحقيق في ما تقوم به أجهزة المخابرات المحلية ضد الشعوب، أم أن الناس لا تملك أن تهمس بالحقائق فضلاً عن أن تصرّح بها، وخصوصاً أن العالم الثالث محكوم بكل أموره لأجهزة المخابرات التي تدير قوانين الطوارئ وترتبط ـ بطريقة وبأخرى ـ بالمخابرات الدولية، وهذا ما قرأناه أخيراً في تصريح مسؤول الـ «سي. أي. إيه»، بأن «لدينا ما يكفي من العملاء في العراق حتى على أعلى المستويات»؟!

وفي العراق، فإنَّ المشهد فيه يتكرر في كل يوم؛ متفجرات تقتل من المدنيين أكثر مما تستهدف من قوات الاحتلال، وخطف وقتل للأجانب بطريقة غير إنسانية، وحركة عسكرية أمنية لقوات الاحتلال توحي بأن الذي تغيّر هو اللافتة لا الواقع...

إننا نتساءل: متى يمسك الشعب العراقي بمصيره، ومتى يحصل على توازن الأمن من خلال القوى الطليعية الفاعلة فيه، ومن يملك إخراج المحتلّ من أرضه؟ إننا نتمنى لهذا الشعب المقهور الجريح أن ينفتح بوحدته وحركته الفاعلة ورقابته لكلّ المجرمين الذين يخدمون الاحتلال في ممارسة الإرهاب ضد المدنيين الأبرياء، ونريد له أن يحدّق بالمستقبل في عملية تخطيط مدروس بعيد عن الانفعال وعن الفوضى السياسية والأمنية.

لبنان: الفساد بلا إجازة

أما في لبنان، فقد أخذت الدولة فيه على صعيد الحكم والحكومة ومجلس النواب إجازة، أما الفساد والهدر والأزمات المعيشية والجوع الذي يفتك بالفقراء، والظلام الذي يصادر النور، والجدل العقيم الذي لا ينتج أيّ وليد للحرية وللوحدة الوطنية، فلم يأخذوا أيّ إجازة.. ويحدّثونك عن الاستحقاق، ولكن لا على أساس قاعدة إنقاذ الوطن في مسألة حقوق المواطنة التي تمنح الإنسان إنسانيته كمواطن، لا كمنتمٍ لهذه الطائفة أو تلك...

إنَّ الاستحقاق الكبير هو كيف نطلق المستقبل في الهواء الطلق، وفي الصحو المشرق، حيث تلتقي الطاقات على الخير والعدل في مواجهة الشر والظلم والفوضى التي أوصلت البلد إلى حافة الانهيار الذي ينذر بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية