ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبته الأولى :
الطغيان: تكبر واستعلاء
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {اذهب إلى فرعون إنه طغى}، ويقول تعالى: {وإن للطاغين لشرّ مآب}، ويقول تعالى: {إن جهنم كانت مرصاداً* للطاغين مآباً}، ويقول سبحانه: {فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى}.
كلمة الطغيان وردت مراراً في القرآن الكريم، فتحدث عنها كحالة تتمثل في بعض الناس، أو كظاهرة تتمثل في حركة الواقع على مستوى الحكم والسلطة والقانون والشريعة، وهي تعني التجاوز عن الحد، لأنه كما قال الله تعالى: {لما طغى الماء حملناكم في الجارية}..
والطغيان في الإنسان هو أن يتجاوز الحدود المعقولة الطبيعية لنظرته إلى نفسه، ولتعامله مع غيره، كمن يملك المال الذي لا يملكه الآخرون من حوله، ما يجعله يشعر بالكبرياء وانتفاخ الشخصية وضخامتها، بالدرجة التي تدفعه إلى احتقار الآخرين وإذلالهم والتعامل معهم بطريقة استعلائية، لأنه يرى أن امتلاكه لهذا المال يبرر له تصرفاته هذه، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: {إن الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى}، وعلى حسب بعض التفاسير، أن الإنسان إذا أصبح من الأغنياء فإن غناه يجعله في حالة طغيان وتجاوز عن الحد الطبيعي في نظرته إلى نفسه.
وهناك طغيان ينطلق ممّا يملكه الإنسان من قوة، سواء كانت هذه القوة قوة بدنية أو قوة سلاح أو قوة سلطة، أو قوة عددية من الناس الذين يتبعونه، سواء كان رئيس عشيرة أو حزب أو منظمة أو طائفة، مما تتعاظم فيه قوة الإنسان في كل مواقع القوة، فإن ذلك يجعله يشعر بالعلوّ على الناس، وقد يرى أن له الحق عليهم وليس لهم الحق عليه، فيطغى إذا توفّرت له ظروف الحكم والتدخّل في قضايا الناس، وهذا ما يتمثّل في كلِّ الطغاة على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، فإننا نرى هؤلاء يطغون ويتجاوزون حدود العدالة والإنسانية في حقوق الإنسان على الإنسان، انطلاقاً من أنهم يملكون القوة العسكرية الضاربة، أو القوة السياسية الممتدة، أو القوة الاقتصادية الخارقة، وما إلى ذلك من ألوان القوة التي يختلف فيها الناس في الصغر والكبر.
وهذا أمرٌ نعيشه في عالمنا الذي تنوّعت فيه حركة القوة في ظلم الناس والسيطرة عليهم، وهذا ما نلاحظه في الدول الكبرى التي تملك القوة الاقتصادية، ما يهيىء لها أن تدخل إلى مواقع الشعوب المستضعفة، فتستخدم قوتها في سبيل إضعاف هذه الشعوب والسيطرة على ثرواتها ومقدّراتها بطريقة وبأخرى، مستغلةً حاجاتها لتستعبدها، باعتبار أن الإنسان تستعبده حاجاته.
وهكذا، تتطوّر هذه المسألة لتطال الدول التي هي أقلّ قوة، ما يفضي إلى الطغيان على المستوى المحلي نتيجة لحيازة بعض الناس الأتباع والمال وما إلى ذلك، وربما تتحمّل الشعوب ـ سواء كانت في الامتداد العالمي الدولي أو في كل بلد في داخله ـ مسؤولية صنع الطغاة، لأن الكثيرين من الناس يستضعفون أنفسهم أو يعطون بأيديهم إعطاء الذليل لهذا الشخص القوي أو ذاك، ولهذه الدولة أو تلك.
الناس تصنع الطغاة
إننا عندما ندرس الطغاة كيف ينشأون ويولدون، نجد أن الطاغية هو كبقية الناس، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولكن من الذي يضخّم له شخصيته ويجعله في المواقع المتقدّمة!! ومَن الذي يصنع الطغاة؟ يصنعهم الناس الذين يتّبعونهم طمعاً في مالٍ أو سلطة، فيكثر الناس من حولهم، فيسيطرون عليهم ويحصلون على آلاف الأصوات والأتباع من دون دراسة ومعرفة. إنّه الحماس والانفعال وكل ما يثيره هذا أو ذاك، والناس تجري كما يجري الغنم، يسوقها شخص ليذهب بها إلى هذا الشخص أو ذاك. الطاغية شخص واحد، ولكنه يطغى من جهة موقفي وموقفك، وتأييدي وتأييدك، إنه يضرب بسيوفنا نحن الذين ندافع عن الظلمة والطغاة، لأننا نأمل من هذا أو ذاك وظيفة أو بعض ما يملكه من هنا وهناك.
لهذا، نحن نتحمّل مسؤولية ذلك أمام الله غداً، لأنه سبحانه سوف يسألنا لماذا أيّدتم فلاناً وساعدتموه وحاربتم معه؟ هذه هي القضية التي لا بد أن تفكر بها الشعوب، وأن يفكر بها المستضعفون، أن يفكروا بأنهم هم الذين يعطون الظالم قوته، وهم الذين يتحمّلون مسؤولية ذلك كله.
وعندما نتحرك في مواقع التربية، فإننا نصنع الطغاة ونعطي ثقافة الطغيان حتى في بيوتنا، عندما يفرض ربّ العائلة نفسه على البيت، فلا يسمح لزوجته أن تناقشه، ولا يسمح لأولاده أن يختلفوا معه أو يناقشوه، أو أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، حتى إن بعض الآباء يختارون لأبنائهم زيجاتهم، فيمنع ابنه من أن يتزوّج من يريدها، فيقسو ويضرب، أليس هذا طغياناً؟ وعلى ضوء هذا، يتعلّم الولد والبنت أن يصبحا طاغيين من خلال هذه التربية، لأن المدرسة الأولى للطغيان هي مدرسة العائلة.
وتمتدّ المسألة إلى الكثير من المواقع، ففي حياتنا السياسية نلاحظ أن التنظيمات والأحزاب تنطلق من خلال المبادئ والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن من الذي يتجرأ على أن يناقش أو يعاند الشخص الذي يترأس هذه المنظمة أو ذاك الحزب؟ هل يملك أحد أن يناقشه؟ في كلمة للإمام الصادق(ع) يقول: "اعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون".. في عالمنا العربي وربما الشرقي كله، يمارس الطغيان بأبشع صوره، ففي الواقع السياسي، هناك كثير من الناس يمتنعون عن أن يقولوا ما يؤمنون به لأنهم سوف يطردون من مواقعهم الوظيفية أو يعاقبون. أما الشخص الذي يحترم موقعه ونفسه، فإنه يسمح للناس المحيطين به أن يناقشوه ويقولوا له كلمة الحق، ونحن نعرف أن النبي (ص) ـ وهو سيد ولد آدم ـ كان يقول له البعض ـ وهو (ص) أعلى من هذه الكلمة ـ بكل جرأة: اعدل يا محمد، وكان(ص) يجيب بكل رحابة صدر: "وإن لم أعدل فمن يعدل".
وفي آخر حياته (ص) وقف خطيباً وقال: "أيها الناس، إنكم لا تعلّقون ـ لا تمسكون ـ عليّ بشيء، إني ما أحللت إلا ما أحلّ القرآن وما حرّمت إلا ما حرّم القرآن". إنه(ص) يقدّم حسابه للناس وهو ليس مسؤولاً أن يقدّم حسابه للناس، لأن الله تعالى هو الذي أرسله، ولكنه أراد أن يعلّم القيادات التي تأتي من بعده أن يقدّموا حسابهم للناس، فهل سمعتم برئيس أو وزير أو زعيم قد وقف أمام الناس وقدّم لهم كشف حساب، من هؤلاء الذين كانوا فقراء وأصبحوا من أغنى الأغنياء، أم أن البعض يقول: "إن العين لا ترتفع على الحاجب"؟ وفي رواية عن النبي(ص) أنه قال: "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، فأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ـ والزهراء(ع) أعظم وأعظم وأعظم ـ لقطعت يدها"، وفي رواية عن أمير المؤمنين(ع) في كتاب له لبعض عمّاله، قال: "والله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل ما فعلت ما كان لهما عندي هوادة".
لذلك، علينا أن نستفيد من هذه الآيات الكريمة لكي لا نطغى، أو نصنع الطغاة ونشجعهم، لأن كل من يؤيد الطاغية بكلمة أو صوت، بحرب أو سلم، يتحمّل مسؤولية كل ما يفعله، فيدخل في حسابك أنك أيدت أو صوّتت أو حاربت مع فلان، وهذه حصتك من كل ما سفكه من دم وسرقه من مال. وفي كلمة لأمير المؤمنين(ع) يقول: "الظالم طاغٍ ينتظر إحدى النقمتين"، وقد أعطى الله تعالى المثل على نتائج الطغيان، فقال سبحانه: {فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا ـ استغرق في الدنيا والمال والسلطة والظلم ـ فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ـ فراعى ربه ولاحظه في كل الأمور ـ ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى}.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا الموقف في صوت واحد، ومن موقع واحد، وصفاً واحداً أمام الطغاة الذين يبغون في الأرض بغير الحق، ويظلمون الناس بغير الحق، ويسيطرون على مقدّراتهم في كل قضاياهم العامة، ويصادرون ثرواتهم ويقتلون المستضعفين منهم، علينا أن نراقب دائماً خطط هؤلاء الطغاة، وكيف يستطيعون من خلال الذين يخدمونهم ويقدّمون لهم المعلومات أن ينفذوا إلى الأحرار منا ليقتلوهم ويسجنوهم. وهذا ما نريد أن نثيره أمامكم من خلال الطاغية الأكبر، وهو الرئيس الأمريكي في تصريحات لافتة لا بد لنا أن نحاسبه عليها.
بوش يعترف بالمقاومة ويواصل ضربها
يعترف الرئيس الأمريكي "بوش" بأنه لا يحتمل أن يكون بلده محتلاً، ويقرّ بأن "المقاتلين العراقيين ليسوا جميعاً إرهابيين".. ويقول: "إنهم لا يتحمّلون الاحتلال، لا أنا ولا أيّ شخص ما كان يمكن أن يوافق على ذلك لو كان في مكانهم".. ويتابع: "إن الانتحاريين هم الإرهابيون"، وإنه سوف يعيد للعراقيين سيادتهم بإعادة السلطة إليهم اعتباراً من 30 حزيران..
إننا نرحّب بهذا الاعتراف الذي يؤكد أن الأمريكيين لم يدخلوا العراق محررين بل محتلين، لتنفيذ مخططاتهم الاستراتيجية في العراق وفي المنطقة، وتحقيق مصالحهم الاقتصادية والسياسية والأمنية.. وبذلك أزال الرئيس الأمريكي الغشاء عن أعين الكثيرين الذين لا يزالون يسبّحون بحمد هذه الدولة الاستكبارية بزعم أنها دولة محررة، ليكتشفوا سذاجة النظرة السطحية التي كانوا ينظرون بها إليها..
إنه يعترف بأن العراقيين يحبون الحرية في تقرير مصيرهم وإدارة شؤونهم، كبقية الشعوب، بما فيها الشعب الأمريكي، ويقاتلون المحتل ويرفضونه من خلال الشرعية السيادية.. والسؤال: إذا كان هؤلاء المقاتلون من طلاب الحرية ومعارضي الاحتلال، فكيف يفسّر الأعمال العسكرية العدوانية التي قام بها الجيش الأمريكي ضد هؤلاء، ولا سيما أن هذه الأعمال تؤدي إلى قتل المدنيين بنسبة كبيرة تفوق نسبة قتل المقاتلين، وبخاصة عندما يؤدي هذا النوع من القصف بالمدافع والصواريخ إلى انتهاك حرمة المقدّسات في النجف وكربلاء، وقتل المدنيين فيهما، ما أثار العالم الإسلامي بجميع أطيافه؟؟
تبرير أمريكي أعمى للمجازر الإسرائيلية
ثم، لماذا يعتبر المجاهدين الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال الصهيوني إرهابيين، وهم الذين يعلنون أن مقاومتهم من أجل حرية أرضهم وشعبهم، وأنهم مستعدون للتعايش السلمي والسياسي مع الدولة العبرية إذا انسحبت من أراضيهم وكفّت عن العدوان؟؟ وإذا كان يرى أن العملية الاستشهادية التي سمّاها انتحارية إرهابية لأنها تستهدف المدنيين، فإنه لم يتحدث عن قتل اليهود لآلاف المدنيين من الفلسطينيين، واغتيال القيادات السياسية في الشوارع المكتظة بالناس، وعن تدمير مئات البيوت وتجريف آلاف المزارع، وتشريد آلاف العائلات في فلسطين، وقتل الأمن الفلسطيني الإنساني بكامله، ما يجعل المقاومة الفلسطينية مضطرة للضغط على الأمن الصهيوني، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لحماية شعبها؟؟ إنه لم يضع هذه العمليات في نطاقها الواقعي وهو حالة الحرب، بل يتحدث عنها كما لو كانت حالة سلبية في المطلق، ما يبتعد بالمسألة عن خط الواقعية في مواجهة الاحتلال!!
إن هذا الاعتراف من الرئيس "بوش" يقودنا إلى التساؤل عن هذا التبرير الأمريكي الأعمى للمجازر الإسرائيلية التي يعتبرها دفاعاً عن النفس، ووصم المقاومة الفلسطينية ضد هذا الاحتلال بالإرهاب، فهل هذه هي القيم الديمقراطية الإنسانية التي يتحرك بها الرئيس الأمريكي؟
العراق: احتلال بلبوس السيادة
ثم، إنه يتحدث عن أنه "يضمن للعراقيين السيادة"، ولكن أية سيادة هي هذه التي يفرض فيها على العراقيين حكومة لا تملك أية شرعية شعبية من خلال أصوات الشعب العراقي.. كما أن الحاكم المدني الأمريكي ـ الذي ينتعل حذاءً عسكرياً ـ يفرض إرادته على العراقيين في تعيين هذه الحكومة بصفته الدكتاتورية، حسب وصف الأخضر الإبراهيمي ـ ممثل الأمم المتحدة ـ لـه بأنه "دكتاتور العراق"، وأن حكومته "منقوصة الشرعية"؟! وكيف يكون بقاء الجيش الأمريكي وحلفائه في العراق، باتفاق مع هذه الحكومة التي لا تملك أية فرصة للرفض، بالإضافة إلى السيطرة الأمريكية على الثروات الطبيعية للعراق وفي مقدمتها النفط، عملاً سيادياً؟؟
إنها المصالح الأمريكية التي تجلّت أكثر في ما تتحدث عنه الصحافة الأمريكية نفسها من أن نائب الرئيس الأمريكي "تشيني" ضغط من أجل تسهيل عقود نفطية بمليارات الدولارات للشركة التي كان يعمل مديراً في بعض أقسامها!!
إن المشكلة تكمن في هذه المرحلة في العراق بالاحتلال الذي يلبس لبوس السيادة.. ونحن في الوقت الذي نريد فيه لأهلنا في العراق الحرية المنفتحة على كل قضاياهم العامة، نتساءل: ما هي القوة التي تساعدهم على أن يقولوا "لا" وهم تحت سيطرة عشرات الآلاف من الجيش الأمريكي، وفي غياب جيش عراقي قويّ فاعل، لأن أمريكا هي التي تقود الجيش الجديد؟؟
فلسطين: المشكلة في الاحتلال
أما في فلسطين، فلا يزال الجيش الصهيوني يجتاح في كلِّ يوم مخيّماً أو قريةً أو مدينةً، ويدمّر أكثر من منزل، ويجرف أكثر من مزرعة، ويقتل أكثر من شخص، ويعتقل أكثر من مجاهد.. ويتحدث الوسط السياسي عن توحيد الأجهزة الأمنية على أساس أن المشكلة أمنية لا سياسية.. ويتدخّل أكثر من جهاز مخابراتي عربي ودولي في ترتيب الأمن، ويتحرك الجميع من أجل إنقاذ "شارون" في خطة الفصل كما لو كانت العصا السحرية التي تنقذ فلسطين.. ويتحدث "بوش" واعظاً للإصلاحيين الفلسطينيين أن يبادروا لإصلاح بلدهم، كما لو كانت القضية كامنة في تفاصيل الإصلاح لا في الاحتلال..
إننا نعتقد أن الفلسطينيين واجهوا كل هذا التاريخ من اللعبة الدولية المتنوّعة التي تلتقي مع أكثر من لعبة عربية لتصفية القضية الفلسطينية على الطريقة الأمريكية ـ الإسرائيلية في الحلف الاستراتيجي، وعليهم أن يواصلوا عملية الصمود، لأن الأعداء يعيشون المأزق الصعب الذي سوف يضطرهم إلى الكثير من التنازلات، وما ضاع حق وراءه مطالب.
لبنان: مصادرة القضايا وغياب الخطط
أما في لبنان، فإن المشكلة في سياقه السياسي الداخلي، أن الأمور تبدأ كبيرة ثم تتناولها المساومات والتوافقات والتجاذبات والمضاربات لتنتهي صغيرة، في عملية مصادرة للقضايا الشعبية الحيّة في أكثر من ملهاة سياسية طائفية أو شخصانية أو حزبية، لأن تداخل المصالح الخاصة منع من الإصلاح، وشرّع للهدر والفساد حفاظاً على المقامات الكبيرة التي لا تزال تُبعد البلد عن الخروج من هذا النفق المظلم..
إننا في الوقت الذي نؤكد فيه أهمية الحوار بين الدولة والقطاعات الإنتاجية والتربوية، نلاحظ أن هذا الحوار ـ الذي نرجو أن لا يكون حوار طرشان ـ يبقى منقوصاً في غياب أية خطة اقتصادية تعمل الدولة على تحقيقها، وخطة إصلاحية تنقذ الشعب من مافيات الفساد، وخطة قضائية لا ترى كبيراً في الدولة أكبر من القانون..
إننا نخشى أن المشكلة الاقتصادية قد تحضّر لمشاكل سياسية وربما أمنية متصاعدة.. والسؤال: مَن الذي يتولى إنقاذ السفينة من الغرق، هل هو الذي يعمل بكل الوسائل لإغراقها في وسط الأمواج الهائلة في كل هذا الواقع الذي يدفع فيه الجميع البلد إلى الغرق؟؟ |