ألقى سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية وجمع غفير من المؤمنين ، ومما جاء في خطبة سماحته الأولى :
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً، إني بما تعملون عليم* وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون* فتقطّعوا أمرهم بينهم زُبراً كل حزب بما لديهم فرحون}، وقال سبحانه: {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، وقال سبحانه: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يُبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون *... ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم} {إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون}.
في هذه الآيات وفي غيرها من الآيات، يركّز الله تعالى في واقع الأمة على عنوانين، عنوان سلبي وعنوان إيجابي، أما العنوان السلبي فهو التفرّق والاختلاف والنزاع، وأما العنوان الإيجابي فهو وحدة الأمة والاعتصام بحبل الله.
العودة إلى القرآن في موارد النـزاع:
ونحن عندما نواجه هذه المسألة في الآيات القرآنية، فإن الله تعالى يُرجع مسألة الاختلاف الذي يقود إلى التنازع، إلى البغي والروح العدوانية التي تنتجها العصبيات، وهذا ما عبّرت عنه الآية الكريمة: {وما تفرّقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}. فالقرآن الكريم يركّز على نقطة، وهي أنكم إذا كنتم تنتمون إلى دين واحد، فإن هذا الانتماء يفرض عليكم أن تتوحّدوا فيه على مستوى الخطوط الفكرية أو العملية الواقعية، وإذا اختلفتم - وقد يختلف الناس في فهم الدين - فإن التزامكم الديني يفرض عليكم أن ترجعوا إلى المصدرين الأساسيين للدين، وهما كتاب الله وسنّة رسوله، {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول}، ادرسوا عندما تختلفون ماذا قال الله وحاولوا أن تتحاوروا في فهم كلام الله، حتى تصلوا إلى نتيجة من التفاهم أو الاتفاق، أو ترجعوا الأمر إلى سنّة رسول الله(ص) لتدرسوا هل قال رسول الله(ص) هذا الكلام أو لم يقله، وإذا كان قد قاله فما هو معناه، ليكون ذلك الفصل في كل الخلافات التي تختلفون فيها.
العصبيات منشأ الاختلافات في الأمة:
إن مشكلة الاختلافات في الأمة، سواء كانت اختلافات بين السنّة والشيعة، أو بين السنّة أنفسهم وبين الشيعة أنفسهم، قد تكون ناشئة من العصبيات، إذ كل واحد يتعصّب لرأيه، لأن كل فريق تحوّل إلى موقع من مواقع القوة الاجتماعية، بحيث أصبح هنا فريق وهناك فريق، ومن الصعب على الإنسان الذي يتزعّم فريقاً، أو من الصعب على الفريق الذي يتعصّب لخطه، أن يسلّم بالحق للفريق الآخر، لأنه يعتبر أن التسليم بالحق - حتى لو ثبت له أن الفريق الآخر على حق - يمثل حالة من الغلبة، بحيث تتحوّل المسألة إلى مسألة "مَن يغلب مَن"، لا "مَن يقنع مَن"، وهذا أمر يُبعد الإنسان الملتزم عن خط الالتزام، لأن القضية في ما تختلف فيه مع الآخر، ليست في أن تغلبه أو لا تغلبه، وإنما المسألة هي ما هو الحق الضائع بينكم، أن تدرس معه المسألة هل هذا حق أو هذا باطل بطريقة موضوعية عقلانية، أن لا تكون المسألة هي أن تعتدي عليه من موقع العصبية أو يعتدي عليك، بل المسألة هل الحق معه - على أساس العلم - أو الحق معك.
إن العصبيات هي التي تبعد الإنسان عن معرفة الحق أو التسليم به، ولذلك نجد أن أغلب الخلافات، سواء كانت خلافات على مستوى المذاهب الإسلامية من كلامية
أو فقهية، أو على مستوى الخطوط الاجتماعية أو السياسية، تنطلق من ذهنية تحكم المختلفين هي كيف يؤكد كل واحد منهم ذاته وليست هي الرغبة في معرفة الحقيقة.. وما يلتزمه الإنسان من أفكار إنما تمثل وجهات نظر تحتمل الخطأ أو الصواب، فلماذا تتعصّب لوجهة نظرك؟ إن التعصّب لوجهة النظر على كل حال هو تعصب للذات وليس تعصّباً للدين، لأن الإيمان بالدين يفرض على الإنسان أن يبحث عن حقيقة هذا الدين.
ونحن نجد أن الأسلوب القرآني في مسألة الحوار هو الأسلوب الذي لا يعيشه المسلمون، حتى على مستوى العلماء والمثقفين والأحزاب، وقد كررتها مراراً أن القرآن الكريم يعلّم رسوله - وهو الذي جاء بالصدق وصدّق به - كيفية مخاطبة الآخرين من الكافرين والملحدين، {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}، فهل يمكن للملحدين والمشركين أن يكونوا على حق؟ لا يمكن، خصوصاً من وجهة نظر النبي (ص) الذي جاء بالتوحيد، ومع ذلك فإن النبي يقف معهم على أرض مشتركة ليكونا رفيقين في رحلة البحث عن الحقيقة.. ونحن نعيش في واقعنا الإسلامي اختلافاً مذهبياً ومرجعياً وحزبياً، فمَن الذي يقول للآخر: قد يكون الحق معي وقد يكون الحق معك؟ وإلا من أين يأتي هذا الواقع الموجود على مستوى الاختلاف الفكري، لا سيما وأن هناك فريقاً من السنّة يكفّرون الشيعة، وهناك فريق من الشيعة يكفّرون السنّة، وهناك فريق أيضاً من الحوزات وغيرها إذا اختلفوا مع شخص فإنهم يحكمون بضلاله وكفره وما إلى ذلك، من دون أي حوار أو دراسة؟!
الحـق يؤكَّد بالبرهان والدليل:
فالذهنية الإسلامية تقول لك: كن مع الحق، وحاول إذا اختلفت مع الآخر حول ما هو الحق، أن تؤكّده بالبرهان والدليل لا بالعصبية، والله تعالى علّمنا أن ندعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالجدال بالتي هي أحسن، وأن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن إلا الظالمين، فلنتعلّم أن نحافظ على وحدة المسلمين، سواء بين المذاهب أو في داخل المذهب الواحد وفي داخل الخط الواحد، وليس معنى أن نحافظ على وحدة المسلمين أن نلتزم بالخطأ مجاملة، بل لا بدّ أن نبقى مع الحق، لكن عندما نريد أن نثبت مَن هو الحق، فعلينا أن نستحضر عقولنا لا غرائزنا، ونستحضر علمنا لا جهلنا، أن نستحضر رغبتنا في تأكيد الحق بالحجة والبرهان والدليل، بحيث نملك ذهنية موضوعية عقلانية..
مجتمعنا يعيش الانفعال:
مشكلة مجتمعنا أنه مجتمع يعيش الانفعال ولا يعيش العقل، لا سيما عندما تتحرك العصبيات في أي جانب، عصبية الإنسان لنفسه أو مذهبه أو طائفته أو حزبه أو عائلته، عندما تتحرك العصبيات يفقد الإنسان إيمانه وعقله.. ولذلك نحن نسأل: لماذا لا يحصل الحوار الموضوعي بين السنّة والشيعة؟ لماذا لا يحصل الحوار الموضوعي بين المرجعيات، أو بين العلماء حتى لو لم يكونوا مراجع؟ لماذا لا يحصل الحوار الموضوعي بين السياسيين وبين الأحزاب؟ المشكلة أن العقلية السائدة هي أن كل إنسان منّا يعيش في داخل شخصه وذاته، بحيث يعبد ذاته ولا يعبد الله، وإن قال "لا إله إلا الله".. وهذا هو السبب الذي جعلنا نسقط وننهزم ومنعنا من أن نحقق أي توازن في مواقع التحدي، بحيث أصبح أي نوع من أنواع الخلاف بيننا يحوّل الواقع إلى قتال، وهذا بلاء، لأن الله تعالى يقول: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرّف الآيات لعلهم يفقهون}، وقد فسّر الإمام الباقر(ع) الآية الكريمة: {أو يُلبِسَكم شيعاً}، يقول: "هو اختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض"، بحيث يكفّر ويضلل أحدنا الآخر، وقوله تعالى: {ويذيق بعضكم بأس بعض}، يقول(ع): "وهو أن يقتل بعضكم بعضاً، وكلّ هذا في أهل القبلة"..
العصبيات أسقطت الأمة:
والله تعالى يقول: {إن الذين فرّقوا دينهم - أحزاباً ومذاهب وعصبيات - وكانوا شيعاً لست منهم}، يا محمد ارفضهم، فلا علاقة لهم بك، لأنك جئت من أجل أن يتوحّدوا بالدين وينفتحوا على الله ويتوحّدوا به.. فحاولوا أن تأخذوا بأسباب التقوى، فلا تُسقطوا أمتكم بالخلافات والعصبيات. ويقول رسول الله (ص): "ما اختلفت أمة بعد نبيّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها"، لأن أهل الحق إذا كانوا غير متوحّدين فمن الطبيعي أن يتغلّب أهل الباطل على أهل الحق.
ويقول الإمام عليّ (ع) وهو يشير إلى الخلافات الدائرة بين أصحابه عندما كان في حربه مع معاوية: "والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم - سيتغلبون عليكم - باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم"، فهل يتحدث الإمام عليّ(ع) عن واقعنا الذي نعيشه؟!. ويقول عليّ(ع) الذي كان مبتلى بالتفرّق من حوله، وهو الذي جاء يحمل الوحدة، وكان(ع) أكثر المسلمين حفاظاً عليها، يقول: "إنما أنتم إخوان على دين الله، ما فرّق بينكم إلا خبث السرائر، وسوء الضمائر، فلا توازرون ولا تناصحون ولا تباذلون ولا توادّون". ويبيّن الإمام عليّ (ع) أن من بين أسباب الخلاف هم الجهلة الذين قد يكون لهم موقع في المجتمع، فيقول (ع): "لو سكت الجاهل ما اختلف الناس".
الاعتـصـام بحبـل اللـه:
إننا عندما نقف أمام كلمات الله تعالى وكلمات نبيّه (ص) ووليّه (ع) بالتأكيد على الوحدة والاعتصام بحبل الله، والنهي عن الفرقة، والتحدث عن نتائجها السلبية على مستوى الأمة وعلى مستوى صفاء الالتزام الديني، فعلينا أن نعيد النظر في كل الأساليب التي نتحرك فيها مما ينتج الخلاف والنزاع، ولا بد أن نعيد النظر في طريقة تنظيم الواقع وإقامة العلاقات، لأننا مسؤولون عن الإسلام أن يكون قوياً وعزيزاً ومنتصراً.. لا تعيشوا الفردية بل فكروا في أمتكم فإنكم مسؤولون عنها، وفكّروا في دينكم فإنكم مسؤولون عن نصرته،.لا تكن هذه المواعظ مجرد كلمات للاستهلاك، ليكن لنا وعي المستقبل ووعي الأمة.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وبادروا إلى مسؤولياتكم بالوعي للمشاكل التي تحيط بكم، فتترك تأثيرها السلبي على عزتكم وكرامتكم ومواقعكم ومواقفكم في مواجهة المستكبرين، الذين يعملون على أساس استضعاف الضعيف وإيجاد الفتنة فيما بين المسلمين، حتى تكون لهم الغلبة والقوة، ولتكون مواقعنا في قبضة الضعف والسقوط.. لذلك، لا بد أن يكون الصوت واحداً للوحدة والحرية والعزّة والكرامة، لأن رسالتنا هي أن يشمل الإسلام العالم كله، فقد كان رسول الله (ص) رحمة للعالمين، ويريدنا الله ورسوله أن ننفتح ليكون الإسلام والمسلمون قوة في العالم، ولن يكون ذلك إلا بالوعي السياسي والاجتماعي والثقافي، والقوة الاقتصادية والعسكرية. فتعالوا لنرى ما جرى في الأسبوع الماضي:
تحميل عرفات مسؤولية الفشل:
لقد انتهت القمة الفلسطينية - الأمريكية - الإسرائيلية للتسوية، بإعلان الرئيس الأمريكي "كلينتون" أن "عرفات" يتحمّل مسؤولية الفشل، لأن "باراك" قام بمجازفة كبرى، تماماً كما حمّل الرئيس السوري حافظ الأسد مسؤولية فشل قمة "جنيف"، كما لو كان المطلوب من الفريق العربي تقديم التنازلات لإسرائيل، ولا سيما في مسألة القدس وعودة اللاجئين، في الوقت الذي كانت قرارات الأمم المتحدة تؤكد على عودة اللاجئين، والانسحاب من القدس الشرقية، لأن أمريكا لا تحترم الأمم المتحدة إذا لم تكن قراراتها مقبولة من قِبَل إسرائيل..
تنصّل عربي من القضايا الحيوية:
إن أمريكا تحاول دائماً تعزيز موقف "باراك" عند شعبه، ولو كان ذلك على حساب تنازل "عرفات" عن القضايا الحيوية، ولا سيما القدس وعودة اللاجئين، التي لا تقتصر على فلسطين فحسب، بل على العالمين العربي والإسلامي اللذين لم يفوّضاه بذلك.. ومن المؤسف أننا لم نسمع أي صوت عربي أو إسلامي - ما عدا إيران وسوريا - يؤكد الموقف المبدئي بشكل حاسم وفاعل برفض التفاوض على القدس التي هي مسؤولية عربية إسلامية معاً..
وأخشى أن أقول إن معظم الأنظمة العربية كانت تنتظر خروج الدخان الأبيض من "كامب ديفيد"، والذي يُعلن تنازل الفلسطينيين عن السلطة السياسية على القدس، ليُقال بعد ذلك إن "أهل مكة أدرى بشعابها"، وإن المسألة يمكن أن تجد حلاً لها من خلال وصول المصلّين إلى الحرم القدسي، وليس من خلال عودة الشعب الفلسطيني المشرد إلى أرضه.
مـاذا بعد الفشـل؟
لقد بدأت القمة من قاعدة الفشل، من خلال الأدوات الإسرائيلية، ولا ندري هل تتطوّر المسألة إلى إسقاط اللاءات الفلسطينية حول القدس واللاجئين. وإننا نخشى أن يكون هذا الفصل من فصول التسوية لوناً من ألوان الإخراج المسرحي، الذي يُراد منه إيجاد بعض الأجواء السياسية التي قد تساعد في الجولة الثانية لقمة أخرى، بعد أن يأخذ الأطراف وسام البطولة هنا وهناك.
لذلك، فإن المسألة تحتاج إلى المراقبة الدقيقة، وعدم التسرّع في إصدار الأحكام النهائية حيال ما جرى وما سيجري.. وعلى الشعب الفلسطيني الذي نريد له أن يتوحّد عند هذا الرفض للضغط الأمريكي - الإسرائيلي، أن يحرّك المرحلة القادمة ليقول كلمته، وليسمعها العالم بعيداً عن القمم والمؤتمرات والمؤامرات.
الاختراقات والمناورات الإسرائيلية:
وليس بعيداً من ذلك، فإن الطريقة التي يتحرك بها العدوّ الإسرائيلي في الاختراقات المتجددة على الحدود اللبنانية، قد تكون من بين المحاولات التي يحاول من خلالها إرسال رسائل تهديد إلى لبنان، أو ابتزاز الأمم المتحدة، لتوفير بعض الشروط الأمنية والسياسية التي يحتاجها لتغطية هزيمته وانسحابه المذلّ من لبنان، كما أنه قد يسعى للحصول على المزيد من المساعدات الدولية باستجابته للأمم المتحدة في هذا الخرق أو ذاك.
بالموقف الموحد تستكمل عملية التحرير:
إننا ندعو اللبنانيين إلى مواصلة التصدي للعدو، من خلال وحدة الموقف الداخلي الرافض للمساومة على أي شبر من الأرض، والذي تجلى في مواقف الدولة والمقاومة، وفي حركة الشعب الذي يواصل عملية الزحف إلى كل شبر يتحرر، لأننا نعتقد أن هذا الموقف الموحَّد لا يقل أهمية عن عملية التحرير، لأنه يستكمل شروطه في تحرر الشعب من الفتنة والاهتزاز الأمني والسياسي، والعمل على إنتاج وطن حرّ في الداخل كما في الخارج، منفتح على قضايا العدالة، رافضٍ لأية عصبية حزبية أو مذهبية أو طائفية.
إن الوحدة الشاملة في الواقع الشعبي، والوعي العميق للمشاكل المعقّدة، وللاتجاهات المتنوعة، وللألاعيب السياسية، هو الذي يقود إلى النتائج الإيجابية على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي. وعلى الشعب أن يؤكد للجميع أن لا أحد يملك أن يصادر الوطن لحسابه، مهما كانت قوته أو موقعه في الداخل والخارج، فالوطن للشعب كله وللمستقبل كله.
الجنوب.. تأمين الحاجـات الحيوية:
وأخيراً، إن الجنوب لا يزال يعاني الكثير من فقدان الخدمات الضرورية، والحاجات الحيوية، من خلال الإهمال الذي لحقه بفعل الاحتلال الصهيوني من جهة، وابتعاد الدولة عن الاهتمام به تاريخياً من جهة أخرى. ولذلك، فإننا نعتقد أن الأمن ليس وحده العنصر الأساس في حاجاته، وإن كان للأمن دور كبير في الاستقرار، لأن الجنوبيين أثبتوا أنهم المجتمع الحضاري الذي يعيش فيه الناس حياتهم الاجتماعية بسلام.
ولذلك، فإننا في الوقت الذي نريد فيه لعملية انتشار قوة الأمن الرسمية اللبنانية، وقوات الأمم المتحدة أن تكون ناجحة في حماية الناس، ومنع الاختراقات الإسرائيلية، نأمل أن تكون الدول المانحة في مؤتمرها المنعقد في بيروت جادّة في تقديم المساعدات، وسريعة في تلبية الحاجات الضرورية، وبعيدة عن الأسلوب السلحفاتي والمماطلة والتسويف وعدم الوفاء بالوعود، كما نأمل من الدولة أن تعطي الموضوع الاهتمام اللازم في هذه القضية المهمة.
|