يقول الإمام زين العابدين (ع): "إِذَا جَمَعَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، قَامَ مُنَادٍ فَنَادَى يُسْمِعُ النَّاسَ، فَيَقُولُ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّه؟ قَالَ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ لَهُمُ اذْهَبُوا إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ إِلَى أَيْنَ؟ فَيَقُولُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ فَيَقُولُونَ: فَأَيُّ ضَرْبٍ أَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّه، قَالَ فَيَقُولُونَ: وأَيَّ شَيْءٍ كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ؟ قَالُوا كُنَّا نُحِبُّ فِي اللَّه ونُبْغِضُ فِي اللَّه"، لم تكن مسألة الحبّ تنطلق من حالة ذاتيَّة، فقد كنّا نحبّ الشّخص لأنَّه من أولياء الله ومن عباده الصَّالحين، ولأنَّه يحبّ اللهَ ويحبُّهُ الله، فأساس المحبَّة عندنا كان الإيمان، فكنَّا نحبُّ المؤمنين الَّذين ينفتحون على الله سبحانه وتعالى، وكانت مسألة البغض أيضاً تتَّصل بقضيَّة الإيمان والكفر، فقد كنَّا نبغض الَّذين يتمرَّدون على الله سبحانه وتعالى. "قَالَ فَيَقُولُونَ: نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".
هذه النّقطة يحدِّثنا الإمام زين العابدين (ع) أنَّها تُدخِلُ الجنَّة بغير حساب، وهو ما نحتاج أن نعيشه في أنفسنا، وهذا أمر صعب، لأنَّ عالم المحبّة، عادةً، يكون إمَّا من ناحية ذاتيَّة، أو من ناحية شهوانيَّة، أو عائليَّة، أو حزبيَّة، أو ما إلى ذلك، ففي كثير من الحالات، لا يكون لله حسابٌ في المسألة العاطفيَّة عندنا، فنحبُّ مَنْ أبغضَهُ الله نتيجة مصلحة، ونبغضُ مَنْ أحبَّه الله أيضاً نتيجة عقدة أو مصلحة، وهذا واقعٌ موجود، فكم من النَّاس الَّذين نحبّهم والله يبغضهم، وكم من النَّاس الَّذين نبغضهم والله يحبُّهم!
وهذه المسألة ترتبط بعمق الإيمان، فعندما تحبُّ في الله، يعني أنَّه بلغَ إخلاصُك لله حدّاً، بحيث إنَّك تحبُّ كلَّ مَنْ يحبُّ الله أو يحبُّهُ الله، وكذلك إذا كنْتَ تبغض إنساناً، فلأنَّه يتمرَّد على الله ويبغضه ويحاربه.
هذه المسألة صعبة، لأنَّنا لا نتربَّى على هذا، بل نتربّى على أن نحبَّ النَّاس حبّاً وراثيّاً، بعض النَّاس نبغضهم لأنَّ أجدادنا كانوا يبغضونهم، أليس عندنا الكثير من العصبيَّات الّتي نتوارثها كما نرث الأرض، وكما نرث الغنم ونرث المال، فكذلك نرث العداوات، مع أنَّه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[فاطر: 18]؟!.
وهذا أمرٌ ينبغي أن نلتفت إليه، وخصوصاً أمام الكثير من الأمور الَّتي تديرها أجهزة السوء الدَّاخليَّة والخارجيَّة الَّتي تريد أن تثير البغض والعداوة بين النَّاس، وتريد أن تربّي المؤمنين على أن يحبّوا المتمرِّدين على الله والمنحرفين عنه، وأن يبغضوا أهل الإيمان. وهذه مسألة نحتاج أن نعيشها، لأنَّه كما أنَّ بعض الأعمال تدخلنا الجنَّة بغير الحساب، هناك أعمال سلبيَّة يمكن أن تدخلنا النَّار بغير حساب، وعلى الإنسان أن يختارَ الآن: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}[الحشر: 20].
أهلُ الحلمِ في الجنَّة
الحديث الثَّاني عنه (ع): "إِذَا جمَعَ اللهُ الخلائقَ يومَ القيامةِ، نادى مُنادٍ: أين أهْلُ الفضلِ؟ فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ - فيَنطلِقون سِراعًا إلى الجنَّةِ، فتتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونُ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: نحن أهْلُ الفضلِ، فيقولونَ: وما فضْلُكم؟ فيقولونَ: كنَّا إذا ظُلِمْنا صَبَرْنا، وإذا أُسِيءَ إلينا عَفَونا، وإذا جُهِلَ علينا حَلِمْنا – إذا أساء إلينا أحد نقول سامحه الله وهداه - فيقالُ لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ. قال: ثمَّ يُنادي مُنادٍ: أين أهْلُ الصَّبرِ؟ فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ -، فيَنطلِقون إلى الجنَّةِ سِراعًا، فتَتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونَ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: نحن أهْلُ الصَّبرِ، فيقولونَ: وما صَبْرُكم؟ فيقولونَ: كنَّا نَصبِرُ على طاعةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وكنَّا نَصبِرُ عن معاصي اللهِ، فيُقال لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ، قال: ثمَّ يُنادي مُنادٍ: أين المُتحابُّون في اللهِ؟ - أو قال: في ذاتِ اللهِ - فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ -، فيَنطلِقون سِراعًا إلى الجنَّةِ، فتتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونَ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: كنَّا نَتحابُّ في اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ونَتزاوَرُ في اللهِ، ونَتعاطَفُ في اللهِ، ونَتباذَلُ في اللهِ، فيُقال لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ".
أيُّها الأحبَّة، لقد دلَّنا الله على طريق الجنَّة، ودلَّنا رسوله (ص) على ذلك، ودلَّنا أئمَّة أهل البيت (ع) على ذلك، وتبقى المسألة كيف يمكن أن نتحرَّك مع القرآن في أخلاقه وشريعته، ومع الرَّسول (ص)، ومع الأئمَّة (ع) في الخطِّ الَّذي يتحرَّك في الاتجاه السَّليم، ويقول الله: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[الأنعام: 153].
يقول الإمام زين العابدين (ع): "إِذَا جَمَعَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، قَامَ مُنَادٍ فَنَادَى يُسْمِعُ النَّاسَ، فَيَقُولُ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّه؟ قَالَ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ لَهُمُ اذْهَبُوا إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ إِلَى أَيْنَ؟ فَيَقُولُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالَ فَيَقُولُونَ: فَأَيُّ ضَرْبٍ أَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّه، قَالَ فَيَقُولُونَ: وأَيَّ شَيْءٍ كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ؟ قَالُوا كُنَّا نُحِبُّ فِي اللَّه ونُبْغِضُ فِي اللَّه"، لم تكن مسألة الحبّ تنطلق من حالة ذاتيَّة، فقد كنّا نحبّ الشّخص لأنَّه من أولياء الله ومن عباده الصَّالحين، ولأنَّه يحبّ اللهَ ويحبُّهُ الله، فأساس المحبَّة عندنا كان الإيمان، فكنَّا نحبُّ المؤمنين الَّذين ينفتحون على الله سبحانه وتعالى، وكانت مسألة البغض أيضاً تتَّصل بقضيَّة الإيمان والكفر، فقد كنَّا نبغض الَّذين يتمرَّدون على الله سبحانه وتعالى. "قَالَ فَيَقُولُونَ: نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".
هذه النّقطة يحدِّثنا الإمام زين العابدين (ع) أنَّها تُدخِلُ الجنَّة بغير حساب، وهو ما نحتاج أن نعيشه في أنفسنا، وهذا أمر صعب، لأنَّ عالم المحبّة، عادةً، يكون إمَّا من ناحية ذاتيَّة، أو من ناحية شهوانيَّة، أو عائليَّة، أو حزبيَّة، أو ما إلى ذلك، ففي كثير من الحالات، لا يكون لله حسابٌ في المسألة العاطفيَّة عندنا، فنحبُّ مَنْ أبغضَهُ الله نتيجة مصلحة، ونبغضُ مَنْ أحبَّه الله أيضاً نتيجة عقدة أو مصلحة، وهذا واقعٌ موجود، فكم من النَّاس الَّذين نحبّهم والله يبغضهم، وكم من النَّاس الَّذين نبغضهم والله يحبُّهم!
وهذه المسألة ترتبط بعمق الإيمان، فعندما تحبُّ في الله، يعني أنَّه بلغَ إخلاصُك لله حدّاً، بحيث إنَّك تحبُّ كلَّ مَنْ يحبُّ الله أو يحبُّهُ الله، وكذلك إذا كنْتَ تبغض إنساناً، فلأنَّه يتمرَّد على الله ويبغضه ويحاربه.
هذه المسألة صعبة، لأنَّنا لا نتربَّى على هذا، بل نتربّى على أن نحبَّ النَّاس حبّاً وراثيّاً، بعض النَّاس نبغضهم لأنَّ أجدادنا كانوا يبغضونهم، أليس عندنا الكثير من العصبيَّات الّتي نتوارثها كما نرث الأرض، وكما نرث الغنم ونرث المال، فكذلك نرث العداوات، مع أنَّه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[فاطر: 18]؟!.
وهذا أمرٌ ينبغي أن نلتفت إليه، وخصوصاً أمام الكثير من الأمور الَّتي تديرها أجهزة السوء الدَّاخليَّة والخارجيَّة الَّتي تريد أن تثير البغض والعداوة بين النَّاس، وتريد أن تربّي المؤمنين على أن يحبّوا المتمرِّدين على الله والمنحرفين عنه، وأن يبغضوا أهل الإيمان. وهذه مسألة نحتاج أن نعيشها، لأنَّه كما أنَّ بعض الأعمال تدخلنا الجنَّة بغير الحساب، هناك أعمال سلبيَّة يمكن أن تدخلنا النَّار بغير حساب، وعلى الإنسان أن يختارَ الآن: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}[الحشر: 20].
أهلُ الحلمِ في الجنَّة
الحديث الثَّاني عنه (ع): "إِذَا جمَعَ اللهُ الخلائقَ يومَ القيامةِ، نادى مُنادٍ: أين أهْلُ الفضلِ؟ فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ - فيَنطلِقون سِراعًا إلى الجنَّةِ، فتتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونُ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: نحن أهْلُ الفضلِ، فيقولونَ: وما فضْلُكم؟ فيقولونَ: كنَّا إذا ظُلِمْنا صَبَرْنا، وإذا أُسِيءَ إلينا عَفَونا، وإذا جُهِلَ علينا حَلِمْنا – إذا أساء إلينا أحد نقول سامحه الله وهداه - فيقالُ لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ. قال: ثمَّ يُنادي مُنادٍ: أين أهْلُ الصَّبرِ؟ فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ -، فيَنطلِقون إلى الجنَّةِ سِراعًا، فتَتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونَ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: نحن أهْلُ الصَّبرِ، فيقولونَ: وما صَبْرُكم؟ فيقولونَ: كنَّا نَصبِرُ على طاعةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وكنَّا نَصبِرُ عن معاصي اللهِ، فيُقال لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ، قال: ثمَّ يُنادي مُنادٍ: أين المُتحابُّون في اللهِ؟ - أو قال: في ذاتِ اللهِ - فيقومُ ناسٌ - وهم يَسيرٌ -، فيَنطلِقون سِراعًا إلى الجنَّةِ، فتتلقَّاهم الملائكةُ، فيقولونَ: إنَّا نَراكم سِراعًا إلى الجنَّةِ، فمَن أنتم؟ فيقولونَ: كنَّا نَتحابُّ في اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ونَتزاوَرُ في اللهِ، ونَتعاطَفُ في اللهِ، ونَتباذَلُ في اللهِ، فيُقال لهم: ادْخُلوا الجنَّةَ؛ فنِعْمَ أجْرُ العاملينَ".
أيُّها الأحبَّة، لقد دلَّنا الله على طريق الجنَّة، ودلَّنا رسوله (ص) على ذلك، ودلَّنا أئمَّة أهل البيت (ع) على ذلك، وتبقى المسألة كيف يمكن أن نتحرَّك مع القرآن في أخلاقه وشريعته، ومع الرَّسول (ص)، ومع الأئمَّة (ع) في الخطِّ الَّذي يتحرَّك في الاتجاه السَّليم، ويقول الله: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[الأنعام: 153].