م ـ 36: تتحقّق الاستطاعة - مضافاً إلى ما سبق - ببذل ما يفي بنفقات الحجّ من الأعيان أو الأثمان، كأن يقول له شخصٌ ـ مثلاً ـ: «حجّ وعليّ نفقتك ونفقة عيالك»، وقد ورد عن الإمام الباقر(ع) في الصحيح عن قول الله عزّ وجل: {ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران:97]. قال: «يكون له ما يحجّ به»، قلت: فإن عرض عليه فاستحيى؟ قال: «هو ممّن يستطيع»(1).
ولا فرق في تحقق الاستطاعة بين أن يبذل له شخص واحد كل النفقات، وبين أن يبذل له أشخاص عديدون ما يكون مجموعه وافياً بذلك، فإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وسفره ونفقة عياله ووثق بالوفاء بالتزامه ذلك، وجب عليه الحجّ، وكذلك لو أعطي مالاً ليصرفه في الحجّ، كأن يقول له: حُجّ بهذا المال، وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله، سواء كان ذلك على وجه الإباحة أو التمليك.
نعم، لو كانت ملكيّته له متزلزلة، جرى فيه ما تقدّم في المسألتين 32 و33.
هذا، وإن الحجّ بالبذل يجزىء عن حجّة الإسلام ولا يجب عليه الحجّ ثانيةً إذا استطاع بعد ذلك بشكل شخصي.
م ـ 37: لو وهبه غير ذي الرحم مالاً ليحجّ به، فإن كان واثقاً باستمراره على الهبة وعدم الرجوع فيها، حجّ بالمال ولا إشكال في اجتزائه بحجّه، وأمّا إن لم يثق بذلك، حيث إنّه يجوز للواهب غير الرحم الرجوع بالهبة إذا لم يتغيّر الموهوب، فلا يبعد أنه يجب عليه تغييره أو تبديله، بحيث تلزم الهبة ويصير مستطيعاً، وقد مر حكم ذلك في المسألة 33.
م ـ 38: لا يجب أن يكون البذل لتمام ما يكفي نفقة الحج، بل يكفي أن يبذل له ما ينقصه من النفقة، ومثاله: أن يكون عنده 700 ديناراً مثلاً وهو يحتاج إلى 1000، فبُذل له الباقي - وهو 300 على الفرض -، فيجب عليه الحجّ. أمّا لو بُذل له نفقة الذهاب فقط، ولم يكن عنده نفقة العودة لم يجب عليه.
وكذا لا يجب الحجّ إذا لم يبذل له نفقة عياله خلال وجوده في الحج، إلا إذا كان عندهم ما يكفيهم إلى أن يعود، أو كان وضعه المعيشي بحيث لا يتمكّن من نفقتهم حتى مع تركه للحجّ أيضاً، بحيث يكون خروجه وعدم خروجه سيّان بالنسبة إلى نفقتهم، أو كان بحيث لا يقع في الحرج من تركهم بلا نفقة، لكونهم غير واجبي النفقة عليه، أو لإمكان أن تصرف زوجته من مالها أثناء غيابه، فإنَّ كل ذلك لا يؤثر في ثبوت الاستطاعة عليه ولزوم الحجّ من قبله.
م ـ 39: لو أُوصِي له بمال ليحجّ به وجب الحجّ عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياً بمصاريف الحجّ ونفقة عياله على التفصيل المتقدّم في المسألة السابقة، وكذا لو وقف شخص لمن يحجّ أو نذر أو أوصى بالوقف، وبذل له متولّي الوقف أو الناذر أو الوصي.
م ـ 40: لا يُعتبر الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية. نعم، إذا كان كسوباً في خصوص أيام الحجّ ويعيش بربحه سائر أيام السنة، أو بعضها، بحيث يؤدي خروجه إلى الحجّ إلى أن يعجز عن إدارة معاشه فيها - أي في سائر الأيام - لم يجب عليه ذلك، إلا إذا بذل له ما يكفيه بعد رجوعه من الحجّ أيضاً.
م ـ 41: إذا أُعطي مالاً هبةً فهل يجب عليه القبول أو لا يجب؟ هنا حالتان:
أ - أن يهبه المال ليحجّ به بحيث يكون الحجّ بالمال غاية للهبة وهو المقصود منها، فهنا يجب عليه القبول.
ب - أن يهبه المال من دون ذكر الحجّ، أو خيّره بين الحجّ وعدمه، بحيث لم يعطَ المال على أساس الحجّ به، وإنّما هو بالخيار بين أن يحجّ به أو لا، فالأظهر هنا أيضاً أنّه يجب عليه القبول.
م ـ 42: لا يجوز للباذل الرجوع عن بذله إذا كان المبذول له في سفر الحجّ، سواء قبل الدخول في الإحرام أو بعده.
م ـ 43: لو وكّله شخص في أن يقترض له مالاً - بحيث يصير المال ديناً في ذمّة الموكِّل - ويحجّ به، فقال له مثلاً: اقترض لي مقداراً من المال واذهب وحجّ به، لم يجب عليه الاقتراض؟ نعم، لو اقترض له وجب عليه الحجّ حينئذٍ.
م ـ 44: تقدّم أن ثبوت ديْن في ذمة المكلّف مانع - إجمالاً - من الاستطاعة ووجوب الحجّ، إلا أنّه لا يعتبر مانعاً في صورة بذل الاستطاعة، إلا أن يكون خروجه إلى الحجّ منافياً لأداء الدين في وقته، سواء كان الدَّين حين الخروج حالّاً أو مؤجلاً، فلا يجب عليه الحجّ حينئذٍ.
م ـ 45: لو بُذل له مالٌ ليحجّ به فتلف المال أثناء الطريق سقط عنه وجوب الحج. نعم، لو كان متمكّناً من الاستمرار في السفر من ماله، بأن كان مستطيعاً من موضعه وجب عليه الحجّ وأجزأه عن حجّة الإسلام، إلا أن الوجوب حينئذٍ مشروط بالرجوع إلى الكفاية، لانتفاء الاستطاعة البذلية مع تلف مالها كما هو واضح.
م ـ 46: لا يجب بالبذل إلا الحجّ الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حجّ التَّمتُّع فبُذل له حجّ القران أو الإفراد لم يجب عليه القبول إذا لم يستطع أداء وظيفته بذلك، وبالعكس. وكذلك الحال لو بذل لمن قد حجّ حجّة الإسلام.
أمّا من استقرّت عليه حجّة الإسلام وصار معسراً فبُذل له، وجب عليه القبول إذا لم يتمكّن من أدائه إلا بذلك، وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذرٍ وشبهه ولم يتمكّن منه.
م ـ 47: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل أيضاً. فلو لم يبذله وبذل بقية المصاريف، فإن تمكّن المبذول له من شرائه من ماله فبه، وإلا ففي وجوب الحجّ عليه حينئذ إشكال. نعم، إذا كان صرف المكلّف ما معه من المال ثمناً للهدي موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول. وأما الكفارات فالظاهر أنها واجبة على المبذول له دون الباذل.
م ـ 48: إذا أُعطي من الزكاة من سهم سبيل الله على أن يصرفها في الحجّ، وكان في ذلك مصلحة عامة، وجب عليه الحجّ، وإن أُعطي من سهم السادة من الخُمس، أو من الزكاة من سهم الفقراء، واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحجّ لم يصحّ الشرط، ولا تحصل به الاستطاعة البذلية.
م ـ 49: إذا بُذل له مال فحجّ به، ثم انكشف أنه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام، وللمالك أن يرجع في ماله على الباذل أو المبذول له، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له كان للأخير الرجوع على الباذل إن كان جاهلاً بالحال، وإلا فليس له الرجوع عليه.
(1) [تهذيب الأحكام 5: 3، ح4]
م ـ 36: تتحقّق الاستطاعة - مضافاً إلى ما سبق - ببذل ما يفي بنفقات الحجّ من الأعيان أو الأثمان، كأن يقول له شخصٌ ـ مثلاً ـ: «حجّ وعليّ نفقتك ونفقة عيالك»، وقد ورد عن الإمام الباقر(ع) في الصحيح عن قول الله عزّ وجل: {ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران:97]. قال: «يكون له ما يحجّ به»، قلت: فإن عرض عليه فاستحيى؟ قال: «هو ممّن يستطيع»(1).
ولا فرق في تحقق الاستطاعة بين أن يبذل له شخص واحد كل النفقات، وبين أن يبذل له أشخاص عديدون ما يكون مجموعه وافياً بذلك، فإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وسفره ونفقة عياله ووثق بالوفاء بالتزامه ذلك، وجب عليه الحجّ، وكذلك لو أعطي مالاً ليصرفه في الحجّ، كأن يقول له: حُجّ بهذا المال، وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله، سواء كان ذلك على وجه الإباحة أو التمليك.
نعم، لو كانت ملكيّته له متزلزلة، جرى فيه ما تقدّم في المسألتين 32 و33.
هذا، وإن الحجّ بالبذل يجزىء عن حجّة الإسلام ولا يجب عليه الحجّ ثانيةً إذا استطاع بعد ذلك بشكل شخصي.
م ـ 37: لو وهبه غير ذي الرحم مالاً ليحجّ به، فإن كان واثقاً باستمراره على الهبة وعدم الرجوع فيها، حجّ بالمال ولا إشكال في اجتزائه بحجّه، وأمّا إن لم يثق بذلك، حيث إنّه يجوز للواهب غير الرحم الرجوع بالهبة إذا لم يتغيّر الموهوب، فلا يبعد أنه يجب عليه تغييره أو تبديله، بحيث تلزم الهبة ويصير مستطيعاً، وقد مر حكم ذلك في المسألة 33.
م ـ 38: لا يجب أن يكون البذل لتمام ما يكفي نفقة الحج، بل يكفي أن يبذل له ما ينقصه من النفقة، ومثاله: أن يكون عنده 700 ديناراً مثلاً وهو يحتاج إلى 1000، فبُذل له الباقي - وهو 300 على الفرض -، فيجب عليه الحجّ. أمّا لو بُذل له نفقة الذهاب فقط، ولم يكن عنده نفقة العودة لم يجب عليه.
وكذا لا يجب الحجّ إذا لم يبذل له نفقة عياله خلال وجوده في الحج، إلا إذا كان عندهم ما يكفيهم إلى أن يعود، أو كان وضعه المعيشي بحيث لا يتمكّن من نفقتهم حتى مع تركه للحجّ أيضاً، بحيث يكون خروجه وعدم خروجه سيّان بالنسبة إلى نفقتهم، أو كان بحيث لا يقع في الحرج من تركهم بلا نفقة، لكونهم غير واجبي النفقة عليه، أو لإمكان أن تصرف زوجته من مالها أثناء غيابه، فإنَّ كل ذلك لا يؤثر في ثبوت الاستطاعة عليه ولزوم الحجّ من قبله.
م ـ 39: لو أُوصِي له بمال ليحجّ به وجب الحجّ عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياً بمصاريف الحجّ ونفقة عياله على التفصيل المتقدّم في المسألة السابقة، وكذا لو وقف شخص لمن يحجّ أو نذر أو أوصى بالوقف، وبذل له متولّي الوقف أو الناذر أو الوصي.
م ـ 40: لا يُعتبر الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية. نعم، إذا كان كسوباً في خصوص أيام الحجّ ويعيش بربحه سائر أيام السنة، أو بعضها، بحيث يؤدي خروجه إلى الحجّ إلى أن يعجز عن إدارة معاشه فيها - أي في سائر الأيام - لم يجب عليه ذلك، إلا إذا بذل له ما يكفيه بعد رجوعه من الحجّ أيضاً.
م ـ 41: إذا أُعطي مالاً هبةً فهل يجب عليه القبول أو لا يجب؟ هنا حالتان:
أ - أن يهبه المال ليحجّ به بحيث يكون الحجّ بالمال غاية للهبة وهو المقصود منها، فهنا يجب عليه القبول.
ب - أن يهبه المال من دون ذكر الحجّ، أو خيّره بين الحجّ وعدمه، بحيث لم يعطَ المال على أساس الحجّ به، وإنّما هو بالخيار بين أن يحجّ به أو لا، فالأظهر هنا أيضاً أنّه يجب عليه القبول.
م ـ 42: لا يجوز للباذل الرجوع عن بذله إذا كان المبذول له في سفر الحجّ، سواء قبل الدخول في الإحرام أو بعده.
م ـ 43: لو وكّله شخص في أن يقترض له مالاً - بحيث يصير المال ديناً في ذمّة الموكِّل - ويحجّ به، فقال له مثلاً: اقترض لي مقداراً من المال واذهب وحجّ به، لم يجب عليه الاقتراض؟ نعم، لو اقترض له وجب عليه الحجّ حينئذٍ.
م ـ 44: تقدّم أن ثبوت ديْن في ذمة المكلّف مانع - إجمالاً - من الاستطاعة ووجوب الحجّ، إلا أنّه لا يعتبر مانعاً في صورة بذل الاستطاعة، إلا أن يكون خروجه إلى الحجّ منافياً لأداء الدين في وقته، سواء كان الدَّين حين الخروج حالّاً أو مؤجلاً، فلا يجب عليه الحجّ حينئذٍ.
م ـ 45: لو بُذل له مالٌ ليحجّ به فتلف المال أثناء الطريق سقط عنه وجوب الحج. نعم، لو كان متمكّناً من الاستمرار في السفر من ماله، بأن كان مستطيعاً من موضعه وجب عليه الحجّ وأجزأه عن حجّة الإسلام، إلا أن الوجوب حينئذٍ مشروط بالرجوع إلى الكفاية، لانتفاء الاستطاعة البذلية مع تلف مالها كما هو واضح.
م ـ 46: لا يجب بالبذل إلا الحجّ الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حجّ التَّمتُّع فبُذل له حجّ القران أو الإفراد لم يجب عليه القبول إذا لم يستطع أداء وظيفته بذلك، وبالعكس. وكذلك الحال لو بذل لمن قد حجّ حجّة الإسلام.
أمّا من استقرّت عليه حجّة الإسلام وصار معسراً فبُذل له، وجب عليه القبول إذا لم يتمكّن من أدائه إلا بذلك، وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذرٍ وشبهه ولم يتمكّن منه.
م ـ 47: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل أيضاً. فلو لم يبذله وبذل بقية المصاريف، فإن تمكّن المبذول له من شرائه من ماله فبه، وإلا ففي وجوب الحجّ عليه حينئذ إشكال. نعم، إذا كان صرف المكلّف ما معه من المال ثمناً للهدي موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول. وأما الكفارات فالظاهر أنها واجبة على المبذول له دون الباذل.
م ـ 48: إذا أُعطي من الزكاة من سهم سبيل الله على أن يصرفها في الحجّ، وكان في ذلك مصلحة عامة، وجب عليه الحجّ، وإن أُعطي من سهم السادة من الخُمس، أو من الزكاة من سهم الفقراء، واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحجّ لم يصحّ الشرط، ولا تحصل به الاستطاعة البذلية.
م ـ 49: إذا بُذل له مال فحجّ به، ثم انكشف أنه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام، وللمالك أن يرجع في ماله على الباذل أو المبذول له، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له كان للأخير الرجوع على الباذل إن كان جاهلاً بالحال، وإلا فليس له الرجوع عليه.
(1) [تهذيب الأحكام 5: 3، ح4]