المرجع فضل الله في مقابلة مع إذاعة صوت لبنان يتحدَّث عن:
ذكريات شهر رمضان ومفهوم الصّوم والعيد
[مقابلة أجرتها إذاعة صوت لبنان مع سماحة العلّامة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)، وذلك بتاريخ 23/2/1993م، تدور في مجملها حول أبعاد شهر رمضان ومفهوم الصِّيام، وبعض الذّكريات الرّمضانيّة الّتي عاشها سماحته في طفولته وصباه. وهذا نصّ المقابلة]:
أبعاد شهر رمضان
س: سماحة العلاّمة، أخبرنا عن رمضان المبارك.
ج: عندما نتجاوز النظرة التقليدية التي ينظر بها الناس إلى أيّام الصوم، أنّه الشّهر الذي يصوم فيه الناس عن الطعام والشراب واللذّات الأخرى طيلة النهار، عندما نتجاوز ذلك، نرى أنه يمثّل البعد الزّمني الذي ينفتح الإنسان فيه على جمالات روحيّة عظيمة، ينطلق فيها الإنسان مع نفسه ليعمل على أن يحرّرها من ضغط العادة، حتى يبقى يتجدّد في حركة الحياة، لأن العادة تجعل الإنسان متجمِّداً في الماضي، بقطع النظر عن طبيعة العادة.
ويعمل الإنسان على أن يتحرّر من ضغط نقاط الضّعف الذاتيّة في داخل نفسه، لأننا في حياتنا البشرية ضعفاء أمام غرائزنا وأمام حاجاتنا وأمام كثير من الظروف الضاغطة علينا.
هنا يكون الصّوم في عمقه الإنساني، وفي امتداده الروحيّ، الحركة الإنسانية الواعية التي قد تكون سلبيّة في شكلها، ولكنها إيجابيّة في معناها، عندما يندفع الإنسان من أجل أن يكون السيّد على نفسه، بحيث يستطيع أن يحرّك نقاط ضعفه لتمنحه المعنى الإنساني للضّعف، ولكنّه عندما يندفع إلى حركة الحياة، فإنه يضع لها الضّوابط التي لا تجعل الحياة حركة ضعف، بل تجعلها حركة قوة.
مسألة الصوم في رمضان، هي مسألة ينفتح فيها الإنسان على ربّه ليكون إنسان الله، وينفتح على الإنسان من حوله، ليعيش الروحية المتحركة في إغناء روحيّة الإنسان الآخر، وفي الانفتاح على الإنسان الآخر.
عندما نعيش رمضان بعيداً من التقاليد الجامدة، فإننا نستطيع أن ننطلق من خلاله إلى آفاق المعنى الإنسانيّ، الذي يستغرق في المعنى الرّوحيّ ليتكامل، حتى يستطيع أن يستغرق في تجديد الحياة، وفي إعطاء الحياة معنى جديداً، لأنّ الإنسان يتجدّد بالتمرد على ذاته، ولأن الإنسان يسمو بالانطلاق بعيداً في غاياته وقضاياه.
لذلك، إنني أفهم رمضان حركةً في الإنسان، وليس مجرد حركة في الزّمان والمكان.
رمزيّة الصَّوم
س: سماحة العلّامة، إضافةً إلى المعاني التي ذكرتها، إلام يرمز رمضان المبارك؟
ج: رمضان المبارك يرمز من حيث الصّوم إلى حركة الإرادة الإنسانيّة في العمق والامتداد، لنتجاوز المفردات الصغيرة في داخله، إلى الأبعاد الكبيرة الواسعة في آفاقه.
إننا من خلال رمضان، نتحسّس ألم الجوع، فنفهم ما معنى الجوع، وبذلك، فإننا ننفتح على واقع الجائعين. إننا نتحسّس معنى العطش، ومن هناك، فإننا نفهم ما معنى أن تكون هناك بلاد لا ماء فيها، وأن يكون هناك بشرُ لا يملكون الاكتفاء المائي.. وهكذا نتفاعل مع الإنسان من خلال الإحساس، لأنّ مشكلة الكثيرين من الناس في هذه الحياة، أنهم لا يواجهون مشكلة الجائعين والعطاشى والمحرومين بجدّية، لأنهم لا يفهمون ما معنى الجوع والعطش والحرمان، على طريقة ملكة فرنسا التي عندما انطلق الجائعون ليطالبوا بالخبز، فقالت إنّهم إذا لم يجدوا الخبز، فبإمكانهم أن يأكلوا البسكويت، لأنها لا تفهم ما معنى أن يفقد الإنسان الخبز وأن يفقد الطّعام.
وهكذا نستطيع من خلال شهر رمضان أن ننفتح على قضايانا الّتي تهزمها نقاط ضعفنا، باعتبار أنّ كلّ قضية من القضايا الكبرى، تختزن في داخلها ضغوطاً على كثير من واقع الإنسان، وتحرّك الكثير من المشاكل الصّعبة في حياته.
ولذلك، فإن المسألة هي أنّ الإنسان بحاجة إلى أن يملك القوّة الإرادية التي يستطيع من خلالها أن يتحمّل الحرمان بصبر، وأن يتحمّل الجوع بعزم، حتى يستطيع عندما يفرض عليه الآخرون الجوع من أجل أن يتنازل عن حريته، أو يفرضون عليه العطش، أو أيّ نوع من أنواع الحرمان ليتنازل عن إنسانيّته، فإنه يستطيع أن يتمرد في هذا المجال على كلّ صرخات الجوع في أحشائه، وعلى كل صرخات العطش في جسده، وعلى كلّ آلام الحرمان في حياته، ليستمر من أجل حريته ومن أجل إنسانيّته.
إننا نستذكر في هذا المجال حديثاً لبعض أئمّة أهل البيت(ع)، يربط فيه مسألة الصّبر الذي هو معنى الصّوم، بالحريّة، فيقول: "إنَّ الحرّ حرٌّ على جميع أحواله؛ إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكّت عليه المصائب لم تكسره، وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسراً".
إنّ معنى ذلك أنّك لا تستعير حريتك من خارج ذاتك، لتكون حريتك هي في الساحة الواسعة والضيّقة التي تتحرك فيها، إنما تستعير حريتك من خلال حرية إرادتك وحرية فكرك وعقلك.. ومن الطبيعيّ أنّك كلّما استطعت أن تنتصر على ضغط الحرمان في شخصيتك، وعلى ضغط الحاجات في حياتك، عندما يريد الآخرون أن يفرضوها عليك، فإنك تستطيع أن تخدم حريتك أكثر وتؤكّد حريتك أكثر.
الصَّوم في شهر رمضان هو حركة تأكيد للحريَّة في إرادة الإنسان، شرط أن يعي الإنسان معنى صومه
إنّنا نفهم الصَّوم في شهر رمضان حركة تأكيد للحريَّة في إرادة الإنسان، شرط أن يعي الإنسان معنى صومه، وأن لا يتحوَّل الصَّوم إلى عادة كبقيَّة العادات، عوضاً عن أن يكون تحرّراً من العادة، لأنّ مشكلتنا في كلّ عباداتنا، سواء كانت في الدائرة الإسلامية، أو في الدائرة المسيحيّة، من صومٍ أو صلاة، أننا جمَّدنا هذه العادات كلماتٍ وطقوساً وتقاليد، ولم نحاول أن نتجاوزها إلى المعاني التي تختزنها فيما هي القيمة الروحيّة، وفيما هي القيمة الإنسانيّة.
لذلك، نحن ندعو إلى رمضان ينفتح على إنسانيّة الإنسان، من خلال انفتاحه على روحية الإنسان بين يدي الله، فلا يكون الله في نفس الإنسان مجرّد عقيدة تربطه بالبعيد، ولكنّه يتحول إلى عقل في عقله، وإلى نبضة في قلبه، وإلى إحساس في شعوره، وإلى حركة في حياته... بذلك يمكن للإنسان الّذي يعيش العبوديّة لله، أن يكون الحرّ أمام العالم.
ذكريات رمضانيّة
س: سماحة العلّامة، ننتقل إلى شقّ آخر من الموضوع مع "ذكريات رمضانيّة" وذكريات سماحتك، في أيّ عمر بدأت الصوم إن تذكّرت؟
ج: بدأت الصّوم في سنّ السابعة من عمري، وكنت آنذاك في النجف في العراق، لأني ولدت هناك، باعتبار أن أبي كان مدرِّساً في الجامعة العلمية هناك، وكان أبي يخاف عليّ من ضغط الصّوم، من خلال هذه الطفولة المبكرة الّتي تعيش الحرمان بقسوة، باعتبار أن الجوّ كان في أوقات الصيام آنذاك جواً حاراً وقاسياً، ونحن نعرف ما معنى حرّ العراق، فكان لا يرغب في أن أصوم، ولكني كنت أشعر بأنّ الإنسان الذي لا يصوم في مجتمع صائم، حتى لو كان طفلاً، هو إنسان يفقد شيئاً من ذاته، ويفقد شيئاً من شعوره ورغبته في أنه يكون شيئاً في الحياة.
كنت أهرب من البيت عندما يُراد لي أن أفطر بالقوّة، وكنت أذهب في وقت الظهيرة إلى مرقد الإمام عليّ(ع)، حيث يجلس هناك الناس ليبتهلوا وليدعوا وليقرأوا القرآن وما إلى ذلك.
إنني أستذكر ذلك في طفولتي الصّائمة، كما أنّني أستذكر أنّني في سنّ العاشرة أو الحادية عشرة، كنت أذهب إلى مسجد الإمام عليّ(ع) في النجف، وكنت أجلس لأقرأ الابتهالات والأدعية لكثيرٍ من الناس الذين يحبّون أن يقرأ لهم أحد، مع صغر سني في ذلك الوقت.. وهكذا كنّا نعيش في النجف جوّاً آخر، فنحن كنا نعيش في النجف المجتمع الذي يتحوّل لديه اللّيل إلى نهار، حيث يسهر الناس هناك في العبادة، وفي الجلسات العلمية والثقافية في البيوت، وقد نعيش أجواء أدبيّة وشعرية في ليالي شهر رمضان، فقد كنا في بعض مراحل شبابنا، نجلس ليقرأ أحدنا قصيدةً شعرية، ليُهمل الكلمة الأخيرة التي هي القافية، ويطلب من الآخرين أن يكتشفوا هذه القافية. ربما كانت هناك بعض الجلسات التي تسمّى تقطيع الشّعر، حيث تخلط مفردات البيت الشعري، ويطلب من الجالسين أن يعيدوا تركيبه، تدليلاً على الطاقة الشعرية، وما إلى ذلك من لهو بريء، ولكنه لهو ثقافي يمكن أن يحقّق للإنسان الكثير من إمكاناته الثقافية من خلال هذه التجارب.
س: هل ما زالت هذه العادات موجودة في النجف؟
ج: لقد بعدت عن النجف كثيراً، لكني أتصوّر أن هناك شيئاً من هذه العادات.
رمضان بين الأمس واليوم
س: سماحة السيّد، هل اختلف رمضان اليوم عن رمضان أيّام زمان؟
ج: من الطبيعيّ أنَّ رمضان الماضي كان رمضان التقاليد الشعبيّة، ورمضان الاسترخاء الروحيّ، ورمضان الحالة الاجتماعيّة التي يلتقي فيها الناس في لياليهم على الأجواء التي يصنعونها من أجل إغناء حياتهم وتجربتهم.. ولكنّنا نلاحظ أنَّ الحياة تعقّدت كثيراً، وأن الإنسان أصبح غير الإنسان في ذلك الوقت، لا في رمضان فحسب، ولكن في الأجواء الشعبيّة العامّة.
إنَّ هموم الإنسان الكثيرة أصبحت تضغط عليه، سواء من الناحية الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية، بحيث أصبح الإنسان يميل إلى الجدّ أكثر، وإلى المعاناة أكثر، بينما كان الإنسان يجد في استرخاء الأزمات، وفي استرخاء الأجواء العامّة التي تحيط به، إمكانيّة لأكثر من استرخاء في نزواته وفي تطلّعاته وفي حياته.
إنني أعتقد أنَّ تعقيدات الحياة الجديدة استطاعت أن تأكل الكثير من جمالاتنا الروحية، ومن حياتنا الاجتماعيّة، لأن الواقع أصبح أكثر ضيقاً وأكثر عدوانيّة، فيما ينفذ به إلى عقل الإنسان وإلى قلبه وحياته.. وبهذا أصبح الإنسان إنسان التّعب، وإنسان الأزمات، والإنسان الذي تتصوّره إنساناً لاصقاً بالأرض، يبحث عن كلّ ما فيها من قوت وهمّ وحرمان، بدلاً من أن يكون الإنسان المتطلّع إلى السّماء، ليجد فيها الانفتاح والراحة والطمأنينة.
مشكلة حياتنا الجديدة مقارنةً بحياتنا القديمة، أن الحياة القديمة بالرّغم من ضيقها، كانت تمنح الإنسان شيئاً من الطّمأنينة، أمّا حياتنا اليوم، فهي حياة القلق والحيرة، وربما في بعض مجالاتها، قد تكون حياة الضّياع.
س: لماذا ذلك في رأيك؟
ج: لأنّ الإنسان قد ارتبط بالجانب المادّيّ في شخصيّته أكثر، فأصبح الإنسان يمثّل كائناً ذا نقود، كما رأينا أن بعض الشعراء بدّل بيت أبي العلاء المعرّي الذي يقول فيه:
والـــّذي حــــارت الـبـريــَّة فــيــه حـيـوانٌ مسـتـحـدثٌ مـــن جـمــادِ
فصار: والـــّذي حــــارت الـبـريــّة فــيــه كائن ذو نقود.
الإنسان أصبح يفكّر مادياً، بمعنى أننا فقدنا تلك الحيوية الروحيّة، الّتي تتجاوز حياتنا الماديّة من دون أن تنفصل عنها، لكنّها لا تتجمّد فيها.
إننا عندما ندرس العلاقات الإنسانية الآن؛ علاقة الزوج بزوجته، علاقة العائلة ببعضها البعض، وعلاقة الإنسان بالإنسان الآخر، نجدها علاقات محسوبة بالحسابات المادية، إلاّ القليل من ذلك، ولكننا كنا نلاحظ أنّ هناك شيئاً اسمه الحبّ، وأن هنا شيئاً اسمه الصّداقة، وأن هناك شيئاً اسمه القيم؛ قيم الضّيعة، قيم الإنسان الّذي يعطي بلا حساب، قيم الإنسان الذي تتنفّس إنسانيّته في الخير، بينما تحوّل الحبّ عندنا إلى جنس، وتحوّلت الصّداقة عندنا إلى مصلحة، وتحوّلت قيم الضّيعة عندنا إلى ما يشبه حركة المدينة.
إنني أشعر بأنَّ شيئاً من إنسانيتنا ضاع، وأننا نتكوّن مادياً، وحتى المعاني الإنسانية أصبحت تمثّل حالة مادية في عقولنا.. إننا لا نستطيع أن نتحرّر، بأن نمنح عقولنا انفتاحاً على أفق أوسع من الأفق الّذي نعيش فيه، لأن المفردات الصغيرة تأكل عقولنا، وتأكل قلوبنا، وربما تتحول إلى شيء يضع الأغلال في أيدينا، ليضع الأغلال، بالتالي، في حياتنا.
إننا متعبون ومقيَّدون، وقد نقول إننا جامدون في المعنى الإنساني للحركة والجمود، وإن كنا متحركين في المعنى المادّيّ للحركة والجمود.
ذكريات لا تُنسَى
س: سماحة السيد، لنرجع إلى الذكريات، ما هي الذّكرى المحفورة في ذاكرتك عن رمضان ولا تنساها، وحصلت معك خلال الرمضانات الطويلة في حياتك؟
ج: من الطبيعي أن يعيش الإنسان ذكريات الطفولة التي تحفر في داخل ذاته.. إنني أتحسّس طفولتي في رمضان في الأجواء الشعبيّة التي كنا نعيشها هناك، عندما تتحرك المواكب الشعبية التي تنشد الأهازيج في ذكرى شهادة الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، حيث يلطم الناس على صدورهم، ويندفعون إلى مقام الإمام عليّ بطريقة من البكاء والألم والصّراخ وما إلى ذلك، إذ إن الإمام عليّ استشهد في الحادي والعشرين من شهر رمضان، وبذلك كانت ذكراه تمثل حالة يستذكر فيها الإنسان المأساة، إلى جانب ما يستذكره من فضائل الإمام ومن قيمه وما إلى ذلك.
إنّني أستذكر ذلك، كما أنني أستذكر في رمضان الضّاحية أيام الاحتلال الإسرائيلي، عندما بقيت مع ثلّة قليلة من الناس وحدي، وكان الاحتلال الإسرائيلي يضغط على بيروت وعلى المنطقة، وكنا نعيش حالة صعبة في أجواء رمضان أثناء الاحتلال، باعتبار النتائج السلبية والآلام التي نختزنها هناك.. لا أزال أذكر بكثير من المعاناة النفسيّة تلك الذكريات.
العيد يمثّل حركة الفرح الرّوحيّ في وعي الإنسان
معنى العيد
س: سؤالنا الأخير سماحة السيِّد، والوقت داهمنا، وليته لا ينتهي مع سماحتك، العيد الذي يلي رمضان، ماذا تحدّثنا عنه؟
ج: إننا نفهم أنّ العيد يمثل حركة الفرح الروحي في وعي الإنسان، باعتبار أنه قام بمسؤوليّته التي فرضها الله عليه، أو التي اختارها من خلال القيم الكبيرة التي نعيشها. فنحن نجعل يوماً ما عيداً، لأننا استطعنا أن نتحرّر فيه من ضغوط تطبق علينا، ونعتبر يوماً ما عيداً، لأنّنا استطعنا أن نمارس فيه مسؤوليّتنا بكفاءة وبحرية.
هناك كلمة للإمام عليّ(ع) في عيد الفطر، يقول: "إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، وكلّ يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد"، كلّ يوم نستطيع أن نعيش فيه مسؤوليّتنا أمام الله ومسؤوليتنا في الحياة، كلّ يوم نستطيع فيه أن نعطي الإنسان فرح الرّوح وفرح الحياة وفرح القضايا الكبرى.. وإنّنا نستطيع أن نحوّل أيامنا إلى أعياد، ولكن مشكلتنا أننا ننتج في كلّ يوم أحزان الإنسان وآلامه ومشاكله.
إننا متعبون متعبون، نعيش تعب الذات وتعب الإنسان الآخر من خلال هذه الذّات، لذلك نحن ندعو إلى أعياد ننفتح فيها على الله، لننفتح فيها على إنسانيّتنا التي تجعل الإنسان يحترم الإنسان الآخر، ويتحاور معه ويعيش معه، وينطلقان من أجل إغناء الإنسانيّة لمستقبل جديد ولعالم جديد.
نتمنّى لكلّ اللّبنانيّين، من مسيحيّين ومسلمين، الّذين ينفتحون الآن على الصَّوم من خلال انفتاحهم على الله، الّذي يتمثَّلون طاعته في صوم بطريقة خاصَّة هنا، وصوم بطريقة خاصّة هناك، أن يصوموا جميعاً عن الحقد والعداوة والبغضاء، لنعيش جميعاً في لبنان من خلال صوم رمضان والصّوم الكبير، الصّوم عن كلِّ ما يهدِّد البلد، وعن كلّ ما يفتّته، من أجل أن يكون لبنان الإنسان، لبنان الحريّة والانفتاح والرّوح المنطلقة مع الله لتنطلق مع الإنسان.
مقابلة مع إذاعة صوت لبنان
23/2/1993م