علينا أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على قضايا الإنسان ويتحرَّك من أجل حرّيته

علينا أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على قضايا الإنسان ويتحرَّك من أجل حرّيته

السيِّد فضل الله لقناة "السومريَّة" الفضائيَّة:

علينا أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على قضايا الإنسان ويتحرَّك من أجل حرّيته

ـ إنَّه ليس مرجعاً دينيّاً وزعيماً سياسيّاً ونجماً إعلاميّاً فحسب، بل هو إنسانٌ مرهفُ الحسّ، صاحب شاعريّة عالية وذكاء متوقِّد، واثقٌ بنفسه دون غرور، أثار الإعجاب الشَّديد كما الانتقاد العنيف، مدافع صلب عن مواقفه واجتهاداته، داعية عنيد وأصيل للوحدة الإسلاميَّة، مؤمن بالحوار مع الآخر والانفتاح على أصحاب العلم والدِّين لأنهما وجهان لعملة واحدة وهبها الله لمن شاء من عباده. تميّز سماحة السيد بتجربة فقهية وعلمية متميّزة، جعلت منه مجدّداً في العالم، متابعاً لمسيرة المجتهدين الكبار.

ولد سماحة العلَّامة المرجع، السيِّد محمد حسين فضل الله، في النّجف الأشرف، وترعرع في أحضان الحوزة العلميَّة الكبرى فيها، وبدأ دراسته العلوم الدينيَّة في سنّ مبكرة، متأثّراً بتيارات فكريّة وسياسيَّة كانت سائدةً آنذاك.

أجرت قناة "السومرية" الفضائيَّة حواراً مع سماحة العلَّامة المرجع، السيِّد محمد حسين فضل الله، تناولت فيه قضايا فكرية إسلامية، وهذا نصّ الحوار:

النّجف: البيئة والمدرسة

س: سماحة السيِّد، نشأت في بيئة علميَّة دينيَّة في النّجف الأشرف، معايشاً مناخاً دينيَّاً وثقافيَّاً. كيف أثّر ذلك في نشأتك؟ وبمن تأثَّرت في تلك الفترة؟

ج: المعروف أنَّ النَّجف الأشرف تضمّ جسد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، وهي تنفتح على جانب المأساة فيما يستذكره النّاس من مآسي أهل البيت (ع)، وحتّى إنَّ الإنسان فيها منذ طفولته يعيش جوَّ المأساة المتحرّكة فيما يشاهده من الجنائز الَّتي يؤتى بها من سائر أنحاء العراق لتدفن في مقبرة "وادي السَّلام"، كلّ ذلك يجعل من النَّجف المركز الديني الروحي التاريخي في إيحاءات شخصيَّة الإمام عليّ (ع)، وفي مقبرة "وادي السَّلام" الكبرى التي هي من أكبر مقابر العالم.

ومن الطبيعيّ لمن يعيش في هذه البيئة، أن يتعمَّق الجانب المأساوي في شخصيَّته، وخصوصاً عندما تأتي عاشوراء ويرى ما يمارسه بعض النَّاس من تقاليد يتعقَّد منها دون أن يعبّر عن ذلك، كما عندما يرى الَّذين يضربون رؤوسهم بالسَّيف، وظهورهم بالسَّلاسل.

عندما يعيش الإنسان في النّجف الأشرف، وتتقدَّم به طفولته، يستشعر الجوّ الثقافي، لأنّ النجف تتنفّس ثقافةً وشعراً، وقد كنّا نتابع المناسبات الدينية، وخصوصاً عندما يتوفّى أحد المراجع، حيث كان الشعراء يتبارون في رثائه بدءاً من اليوم الأول لوفاته حتى الأربعين، ولم تكن القصائد التي تلقى تستغرق في شخصية الفقيد، بل كانت تنفتح على القضايا الاجتماعية، وحتى إنّها كانت في بعض مواردها تنفتح على نقد الواقع الحوزوي في النجف، في عملية مباراة شعريّة يردّ فيها أحدهم على الآخر. ولذلك، كان انفتاحي على الشعر مبكراً، حتى إنّني نظمت الشعر وأنا في سنّ العاشرة من عمري، ودخلت إلى محافل النجف في مناسباتها الدينيَّة مبكراً، وكنت في سنّ الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، وأذكر أنني ألقيت قصيدةً في الصحن الشَّريف، وكان آخرها تقييماً للشعر، حيث قلت:

ما قيمة الشّعر إن لم يبنِ مجتمعاً حرّاً تسيرُ على منهاجه العصورُ

وانطلقت من قلب الحوزة في النّجف، حيث كان والدي من أساتذتها، وكانت التّقاليد تفرض عليّ أن أدخل الحوزة، فدخلتها مبكراً، ولكنَّني في الوقت نفسه لم أختنق بأجوائها التقليدية، بل كنت أطّلع على الثقافات المعاصرة، فكنت أقرأ المجلات الثقافية المصرية، كمجلة "الرسالة" لأحمد حسن الزيّات، ومجلة "الكاتب المصري" لطه حسين، ومجلَّة "الكتاب" لعادل الغضبان. وكنت في ذلك الوقت أيضاً أتابع حتى الصحف السياسية، "كالمصوّر" و"آخر ساعة"، كما كنت أتابع التجربة الشعرية في مصر ولبنان.

ولذلك، كنت أعيش شيئاً من المعاصرة، ولم أكن تاريخياً، وإن كنت أؤمن ببعض إيجابيّات التَّاريخ، ولا سيَّما في ما يتَّصل بأمور العقيدة، وكنت منفتحاً على الحوار في سنٍّ مبكرة، فنحن نعرف أنّه كان في العراق تيّارات متعدّدة، كالتيّار الديمقراطي الَّذي كانت تمثّله جريدة "الأهالي"، وكان هناك من يلتزمون السياسة الغربيَّة، كنوري السعيد وأمثاله، وكان هناك الشيوعيّون والقوميّون، وكنت أدخل في حوارات مع شخصيات شيوعية وقومية بحسب ما كنت أملك من الثقافة في ذلك الوقت.

وهكذا تفاعلت ثقافياً وحوزوياً وأدبياً وسياسياً مع النجف، كما كنت أتابع الأوضاع السياسيَّة في ظلّ العهد الملكي الَّذي كان يمثّل غطاءً للنفوذ البريطاني، وأتابع المعارك التي كان البعض منها يحاول أن يثير المسألة الطائفيَّة، كما حدث مع وزارة صالح جبر الَّذي أثيرت في وجهه مسألة معاهدة بورتسموث مع الحكومة البريطانيَّة، إذ إنَّ البعض كان يحاول أن يحرّك الجوَّ الطائفيَّ، على أساس أنَّ صالح جبر شيعي وأنَّ نوري السعيد سنّي وما إلى ذلك.

لقد عشنا العراق، كما عشنا العالم العربي والإسلامي من خلال النجف، لأن النجف لم تكن مجرد مقبرة ومركز ديني، بل كانت تنفتح على الواقع كلّه، لأنّ العراق كان يمثل الموقع الاستراتيجي الذي يتأثر بما حوله ويؤثّر فيه، لأنّه كان يتبنّى قضايا الأمَّة، ومنها القضيَّة الفلسطينيَّة.

العلاقة مع الشّهيد الصّدر

س: منذ نعومة أظافرك وتوجّهُك توجّهٌ انفتاحيٌّ، وقد كان الشَّهيد السيد محمد باقر الصدر يمثّل هذا التوجّه أيضاً، فهل أثّر فيك هذا الشّخص بالذات؟

ج: لقد كنت منذ أواخر الأربعينات إسلامياً، ألتزم الإسلام الحضاري الذي يحاول الإيحاء إلى العالم بأنَّ الإسلام قادر على أن يحلَّ مشاكل الإنسان في الحياة، وكنت أؤكّد أنَّ الإسلام لا بدَّ من أن يكون قاعدةً للفكر والعاطفة والحياة، وكنت صديقاً لآل الصَّدر، وفي مقدَّمهم السيد إسماعيل الصدر، الأخ الأكبر للشَّهيد السيد محمد باقر الصَّدر، والذي التقيت من خلاله بالسيِّد محمد باقر الصَّدر، وكنا زميلين ننفتح على ضرورة تغيير الواقع التقليدي الَّذي كان يستغرق في الماضي أكثر مما يعيش الحاضر، وكنّا نرفض هذا النوع من الجمود في فهم الإسلام، ولذلك التقينا مع نخبة من المثقّفين الإسلاميّين في النّجف الأشرف، لتأسيس حركة إسلاميَّة تنفتح على العالم الإسلامي بطريقة حضاريَّة لا بطريقة تقليديَّة.

وهكذا انطلقنا في العام 1958م من أجل التهيئة لحركة إسلامية تفكّر في الوحدة الإسلامية، وفي الانفتاح على قضايا الإسلام، وكان العراق يعيش مرحلة سقوط النظام الملكي ومجيء عبد الكريم قاسم الذي حاول أن يظهر بمظهر الشخصيَّة التي تنفتح على الإسلام، ولذلك رأيناه يزور المرجع الكبير السيِّد محسن الحكيم عندما كان في المستشفى، وقد التقينا به أنا والسيّد محمد باقر الصدر عندما كنا في زيارة لآية الله الحكيم.

وفي النجف أيضاً، واجهنا المدّ الشيوعي الذي طغى على العراق آنذاك، من خلال تأثير الاتحاد السوفياتي، ومن خلال ظروف الحرمان الّتي كان يعيشها العراقيون الذين لم يتبعوا الشيوعيّين على أساس فلسفتهم، بل على أساس أنهم يحملون قضايا الأمَّة وقضايا الشعب، ويحاربون الحرمان، ويدَّعون الاشتراكيَّة بمعناها الاجتماعي، لا بمعناها الفلسفي.

لذلك، نشأت في النجف جماعة العلماء، وكان للسيّد محمد باقر الصدر دور في كتابة المناشير التي كانت تنشرها جماعة العلماء، وأصدرنا في ذلك الوقت باسم جماعة العلماء مجلّة "الأضواء" التي كان السيِّد الشهيد يكتب افتتاحيتها الأولى بعنوان "رسالتنا"، وكنت أكتب افتتاحيَّتها الثانية بعنوان "كلمتنا"، وانطلقنا معاً في هذا المجال، وتحركنا بالوحدة الإسلاميَّة. وقد كان من بين الشخصيَّات التي تعاونّا معها، الشَّهيد الشيخ عبد العزيز البدري، وهو من علماء السنَّة، وقد اغتاله الطَّاغية.

لذلك، فإنّ هذا هو الجوّ الذي تأثّرت به، وتأثرت أيضاً بالحالة الثقافية التي كانت سائدةً آنذاك، وبالأوضاع الإقليمية والدولية التي كنت أتابعها. ومن الطبيعي عندما نعيش في جوٍّ ثقافي وسياسي واحد، أن نتفاعل معاً بهذا الجوّ، من دون أن يؤثّر أحدنا بالآخر، لأنّنا كنَّا نتأثر بالفكرة الرساليَّة، ولا نتأثر بهذا الشخص أو ذاك الشخص.

العراق يرفض الاحتلال

س: سماحة السيِّد، هل من المصادفة أن يتزامن موعد التاسع من نيسان، يوم استشهاد السيِّد محمد باقر الصدر، مع يوم سقوط نظام صدّام حسين؟ هل من رمزية معيّنة لهذا التزامن؟

ج: لقد كان العراق يمثّل الموقع العربي الإسلامي القويّ، وكانت إسرائيل تخاف منه كما كانت أمريكا تعيش القلق حياله، وخصوصاً بعد انحسار النفوذ البريطاني من العالم العربي في تلك المرحلة. ولذلك بدأ العراق يعيش الصراع الذي كان يتحرك بقوّة في العالم العربي، وخصوصاً بعد ظهور الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر، حتى دخلت حالة الصراع بين الشرق والغرب في مفاصل السياسة العراقية، فقد كنا نلاحظ مثلاً أنّ القوميين العرب الذين كان يقودهم عبد السلام عارف، كانوا ينادون بالوحدة العربية مع مصر والبلاد الأخرى، أما الشيوعيون، فكانوا ينادون بالاتحاد الفيدرالي لإرباك الفكر القومي، وكانت خطّتهم تشويه صورة عبد الناصر لتشويه الفكر القومي في العراق، الذي كان الشيوعيون يحاربونه بحسب خطّتهم الاستراتيجية في العالم، وكانوا يحاولون أن يوحوا بأنّ عبد الناصر يريد نفط العراق وإلى آخر ما هنالك.

وهكذا امتدّ الصراع في الحرب الباردة بين الشرق والغرب حتى ضعف نفوذ الشرق، وهو الاتحاد السوفياتي، وانطلق الغرب في تأثيراته بشكل تدريجي، وأخذت أمريكا تبحث عن شخصية قيادية أو حزب قيادي لتوظّفه في تنفيذ سياستها، وكان الطاغية صدام حسين موظّفاً منذ الستينات في المخابرات الأمريكية، وقد استطاع بفضل نفوذه وسيطرته على الحزب، حتّى على أقرانه الذين اغتالهم الواحد تلو الآخر، التضييق على الحركة الإسلامية في العراق، وعلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فحكم العراق بالنار والحديد، حتى أصبحنا نستذكر كلمة الحجَّاج المعروفة: "يا حرسي اضرب عنقه"، لأنها كانت تمثّل ذهنيته وعقليته التي تتعطّش للدماء بشكل مرضيّ معقّد.

وهكذا استطاعت أمريكا من خلال صدّام حسين أن تربك العالم العربي بسياستها، وأن تثير الحرب على إيران من أجل إضعاف ثورتها، حتى لا تمتدّ إلى المنطقة من خلال ما كان يسمّى تصدير الثورة، ثم كانت نهاية المطاف في احتلال العراق للكويت، الذي كان يتحدث عنه عبد الكريم قاسم، ولكن من دون تنفيذ. ولكنّ أمريكا التي كانت تريد أن تنفذ إلى الخليج تحت عنوان حمايته، سهّلت احتلال النظام العراقي للكويت، ثم جاءت أمريكا تحت عنوان تحرير الكويت، لتقنع الخليجيين بأن يسمحوا لها بإقامة قواعد عسكريَّة تحت ذريعة حمايتهم من صدّام. وعندما انتهت وظيفة هذا الرَّجل وأُريد إحالته إلى التقاعد، تحرّكت اللّعبة الأمريكيَّة لاستغلال الوضع الَّذي كان يعيشه العراقيون تحت تأثير ظلم هذا الطَّاغية، فالتقت المصلحة الأمريكية مع ما كانت تفكّر فيه المعارضة العراقيَّة من إسقاط النظام... ولذلك، حاول الأمريكيّون الإيحاء إلى المعارضة العراقيَّة بأنّهم هم الذين ينقذون الشعب العراقي من الطاغية، حتى أصبح العالم العربي يتصوَّر أن العراقيّين هم الذين سهّلوا لأمريكا احتلال العراق، وهذا غير صحيح، لأنَّ الشعب العراقي ضدّ أيّ احتلال، وقد كانت ثورة العشرين تمثّل الموقف المتحدّي للاحتلال، على الرغم من أنهم كانوا لا يملكون الكثير من الأسلحة أو التدريب.

فالاحتلال الأمريكي للعراق كان من أجل السيطرة على ثرواته، كما صرّح قائد القوّات الأمريكيّة آنذاك في العراق، جون أبو زيد، إضافةً إلى أنَّ موقع العراق الاستراتيجي، من خلال مجاورته لإيران وللخليج وتركيا وسوريا، كان يغري الإدارة الأمريكيَّة بتنفيذ مشروعها الديمقراطي أو ما يسمَّى الفوضى الخلاقة.

لقد كان صدّام موظّفاً في المخابرات الأمريكيَّة، وعندما انتهت وظيفته أسقطوه.

مفهوم التّجديد الدّينيّ

س: سننتقل إلى الشقّ الآخر من مقابلتنا، وهو يتناول الجانب الفكري لسماحتكم. سماحة السيِّد، لطالما عملت على تكريس مفهوم الفكر الإسلامي الشيعي التجديدي، ماذا تقصد بهذا المصطلح؟ وما علاقته بمفهوم الإصلاح الديني؟

ج: عندما كنّا نفكّر في الإسلام بطريقة حضاريّة، كنّا نناقش الفكر التقليدي الذي يحاول أن يجعل الإسلام حالةً تاريخيةً يحبس المسلمين في الماضي، ليستحضروا معاركه، وينسوا الحاضر، ويكفّوا عن صناعة المستقبل، خلافاً لقوله تعالى الذي يريد للناس أن يعيشوا تجربتهم من خلال العصر الذي يعيشون فيه: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة: 134].

وقد كنّا نلاحظ أنَّ القدامى من علمائنا، سواء من علماء السنّة أو من علماء الشيعة أو من المفكّرين السابقين، كانوا يعيشون عصرهم، وكانوا يستنبطون الأحكام الشرعية الاجتهادية من خلال الظروف التي كانوا يعيشون فيها، والثقافات التي تربّوا عليها ونشأوا عليها.

ونحن نقول: إنّ علينا أن لا نقلِّد العلماء التاريخيين، بل علينا أن نقرأهم، فنقبل ما نقتنع به، ونرفض ما لا نقتنع به، وأن نعيش ظروفنا وثقافتنا، فما عندهم عندنا، وما عندنا لم يكن عندهم. ولذلك، كنا نعمل على أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على كلّ قضايا الإنسان، ويتحرك من أجل الحريَّة للإنسان كلّه؛ هذه الحرية الَّتي تجعل كلَّ فريق من المفكّرين يقدّم فكره، ليكون الحوار هو الَّذي يفرض على هذا الفكر أو ذاك أن يناقش ويحاور، ليفهم كلّ واحد وجهة نظر الآخر فيما يلتزمه، لا من خلال ما نفهمه عنه.

علينا أن لا نقلِّد العلماء التّاريخيّين في تراثهم، بل نقبل ما نقتنع به، ونرفض ما لا نقتنع به

لذلك، فإنَّ التجديد لا يعني تجديد الإسلام، لأنَّ الإسلام هو وحي الله تعالى الذي لا يمكن أن نغيّره، ولكنَّ التَّجديد هو في فهم وحي الله تعالى، وفهم القرآن الكريم، وفهم السنَّة النبويَّة الشَّريفة، وفهم الآفاق التي لا بدَّ لنا من أن ننطلق فيها، من أجل أن يجد العالم في الإسلام ديناً حضارياً ينادي بالسّلام، ويرفض الإرهاب، ويلتقي بالحوار مع كلّ الأديان: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ}[آل عمران: 64]، أو قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[العنكبوت: 46]، ولا سيَّما أنَّ الأسلوب القرآنيَّ في الحوار لم يقترب منه أيّ أسلوب مهما تقدَّمت المناهج الحوارية في العالم، لأن المناهج الحوارية تقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. فهناك طرف يعتبر نفسه هو المصيب، ويعطي الطرف الآخر احتمالاً صغيراً في أن يكون مصيباً، بينما يقول القرآن الكريم: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24]، يعني قد أكون أنا على هدًى وقد أكون على ضلال، وقد تكون أنت على هدى وقد تكون على ضلال. إذاً هناك حقيقة ضائعة بيننا، وعلينا أن نترافق معاً من أجل اكتشافها.

لذلك، فإنّنا ندعو المسلمين إلى أن ينفتحوا على منهج الحوار في القرآن الكريم وعلى الكلمة السّواء، لا بين أهل الكتاب والمسلمين فحسب، بل حتى بين العلمانيين والمسلمين، لأنّنا نؤمن بالحوار الإنساني الإنساني؛ بحوار الأديان بعضها مع بعض، وبحوار العلمانيّين مع الدّين، وبالحوار السياسي بين السياسيّين المختلفين، وبالحوار العلمي في النّظريات العلميّة المختلفة، لأنَّ الحوار هو المنهج الأقرب إلى اللّقاء والتفاهم.

نقد الفكر التَّجديديّ

س: هل إنَّ الفكر التَّجديدي الذي ترجمتموه بالحوار الإنساني هو أحد أهمّ الأسباب للانتقادات العنيفة الَّتي وجّهت إليكم، باعتبار أنّكم ربما تجاوزتم خطوطاً حمراً وثوابت معينةً أثارت جدلاً، ربما فقهياً في بعض الحالات، حول آراء سماحتكم؟

ج: كلّ من يفكِّر في تغيير الواقع وإصلاحه، لا بدَّ من أن يتلقّى الصدمات من الذين ينحنون أمام التقاليد ويسقطون أمام تأثيرات الواقع، ويقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ}[الزخرف: 23-24]. فلذلك، نحن نؤمن بأنّ علينا أن نصدم الواقع ونتحمّل نتائج هذه الصَّدمة، وأنا لم أسمع من هؤلاء مناقشةً علميةً حول ما أرتئيه من آراء، بل كلّ ما فعله هؤلاء، هو توجيه الإساءة إليَّ كشخص لا إلى الفكر الذي أحمله، لأنهم لا يتحمّلون التغيير فيما درجوا عليه وفيما استهلكوه واعتبروه من المقدَّسات التي لا قداسة لها، ومن المسلَّمات التي لا أساس لها.

لذلك، فقد كنت أواجه هذه الحملة التكفيرية التضليلية بما واجه به النبيّ (ص) قومه، إذ كان يقول: "اللّهمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون". فنحن نطلق الفكرة، ونجعلها تتفاعل مع الواقع وتمتدّ إلى المستقبل، لتجد في نهاية المطاف آذاناً تسمعها، وعقولاً تفكِّر فيها. وأذكر أنَّني قلت في ديوان شعري "يا ظلال الإسلام"، في رباعيّة من رباعيّاته:

دورنا أن نحرّك الصوت في الـ أفق ليـبقى معلّـقـاً فـي الفضـاءِ

باحثاً في المدى عن الأذن الظّمـ أى إليـه فـي لـهفـة الإصـغـاءِ

عن كيانٍ يعيش في قلـق الحيـ ـرة بحثـاً عن فكـرةٍ بـيـضـاءِ

عن غدٍ يحضن الهدى إن تخلَّى حاضـر الجيـل عـن نـداء السّمـاءِ

ولذلك، عندما كان بعض اليساريين يثيرون الكلمات التقليديَّة في محاربة خصومهم، فيقولون إنّ فلاناً رجعي أو عميل، كنت أقول لهم: إذا شئتم الحوار فأنا مستعدّ، وإذا لم تريدوا الحوار، فأنا أقول لكم إنّنا تعلّمنا في العراق أن نعيش هذه الصَّدمات، ويمكننا أن نتحمّل الكثير من النّعرات.

كلّ من يفكّر في تغيير الواقع وإصلاحه، لا بدَّ من أن يتلقّى الصّدمات من الّذين ينحنون أمام التّقاليد

من هو الفقيه؟

س: سماحة السيّد، أريد من حضرتك أن تُعرّف لنا من يستحقّ أن يُطلق عليه لقب الفقيه المفتي؟ وهل يجوز أن لا يكون رجل دين معمَّماً؟ ومن هم الَّذين أوتوا العلم درجات؟

ج: إنَّ كلمة الفقيه لا تعني أنّه المقدَّس الذي يطأطئ الناس رؤوسهم أمامه، ويجمِّدون أفكارهم لحساب فكره، ولا يناقشونها باعتبارها مقدَّسةً، فالفقيه رجل مثقَّف بالثقافة الفقهيَّة، قد يخطئ وقد يصيب، وقد اشتهر بين النَّاس القول المأثور: "للمجتهد أجران إن أصاب، وأجر واحد إن أخطأ"، فقد يخطئ المجتهد. وأنا أدعو إلى نقد الفقهاء نقداً منهجياً موضوعياً، كما ينقد هم بعضهم بعضاً، لا في الفقه فحسب، بل في الفكر أيضاً، وإذا أخذوا بأسباب السياسة، فعلينا أن ننقد سياستهم ونبيّن مواقع الخطأ فيها إن كان هناك خطأ. أنا لا أعتبر أنَّ هناك مقدَّساً إلَّا الله سبحانه وتعالى، قدس الأقداس، والأنبياء والأئمَّة (ع)، بحسب النظريّة الإسلامية الشيعيّة، وما عدا ذلك، فليس هناك مقدَّس، لأنّ المقدَّس هو الذي لا تناقشه باعتباره يمثل الحقيقة، وليس هناك شخص يمثل الحقيقة المطلقة.

وعليه، فإنّنا نؤمن بحرية الشعب الذي يملك الثقافة ويملك إمكانات أن ينقد أيّ شخص، سواء كان شخصيةً دينيةً إسلاميةً أو مسيحيةً، أو من الأديان الأخرى، أو كان شخصيةً سياسيةً أو ثقافيةً أو اجتماعيةً أو ما إلى ذلك.

لهذا، نحن نعتبر أن الفقيه بشر، لأنَّ الله تعالى قال عن النبي: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ}[الكهف: 110]، {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}[الأحقاف: 9]، {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}[الأعراف :188]، {قل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ}[الأنعام: 50]، {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ}[الأعراف: 188]. فإذا كان الله يتحدَّث عن النبيِّ (ص) بهذه الطريقة، فهل نعطي الناس العاديّين أكثر من صفات النبيّ (ص)؟!

السيِّد فضل الله لقناة "السومريَّة" الفضائيَّة:

علينا أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على قضايا الإنسان ويتحرَّك من أجل حرّيته

ـ إنَّه ليس مرجعاً دينيّاً وزعيماً سياسيّاً ونجماً إعلاميّاً فحسب، بل هو إنسانٌ مرهفُ الحسّ، صاحب شاعريّة عالية وذكاء متوقِّد، واثقٌ بنفسه دون غرور، أثار الإعجاب الشَّديد كما الانتقاد العنيف، مدافع صلب عن مواقفه واجتهاداته، داعية عنيد وأصيل للوحدة الإسلاميَّة، مؤمن بالحوار مع الآخر والانفتاح على أصحاب العلم والدِّين لأنهما وجهان لعملة واحدة وهبها الله لمن شاء من عباده. تميّز سماحة السيد بتجربة فقهية وعلمية متميّزة، جعلت منه مجدّداً في العالم، متابعاً لمسيرة المجتهدين الكبار.

ولد سماحة العلَّامة المرجع، السيِّد محمد حسين فضل الله، في النّجف الأشرف، وترعرع في أحضان الحوزة العلميَّة الكبرى فيها، وبدأ دراسته العلوم الدينيَّة في سنّ مبكرة، متأثّراً بتيارات فكريّة وسياسيَّة كانت سائدةً آنذاك.

أجرت قناة "السومرية" الفضائيَّة حواراً مع سماحة العلَّامة المرجع، السيِّد محمد حسين فضل الله، تناولت فيه قضايا فكرية إسلامية، وهذا نصّ الحوار:

النّجف: البيئة والمدرسة

س: سماحة السيِّد، نشأت في بيئة علميَّة دينيَّة في النّجف الأشرف، معايشاً مناخاً دينيَّاً وثقافيَّاً. كيف أثّر ذلك في نشأتك؟ وبمن تأثَّرت في تلك الفترة؟

ج: المعروف أنَّ النَّجف الأشرف تضمّ جسد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، وهي تنفتح على جانب المأساة فيما يستذكره النّاس من مآسي أهل البيت (ع)، وحتّى إنَّ الإنسان فيها منذ طفولته يعيش جوَّ المأساة المتحرّكة فيما يشاهده من الجنائز الَّتي يؤتى بها من سائر أنحاء العراق لتدفن في مقبرة "وادي السَّلام"، كلّ ذلك يجعل من النَّجف المركز الديني الروحي التاريخي في إيحاءات شخصيَّة الإمام عليّ (ع)، وفي مقبرة "وادي السَّلام" الكبرى التي هي من أكبر مقابر العالم.

ومن الطبيعيّ لمن يعيش في هذه البيئة، أن يتعمَّق الجانب المأساوي في شخصيَّته، وخصوصاً عندما تأتي عاشوراء ويرى ما يمارسه بعض النَّاس من تقاليد يتعقَّد منها دون أن يعبّر عن ذلك، كما عندما يرى الَّذين يضربون رؤوسهم بالسَّيف، وظهورهم بالسَّلاسل.

عندما يعيش الإنسان في النّجف الأشرف، وتتقدَّم به طفولته، يستشعر الجوّ الثقافي، لأنّ النجف تتنفّس ثقافةً وشعراً، وقد كنّا نتابع المناسبات الدينية، وخصوصاً عندما يتوفّى أحد المراجع، حيث كان الشعراء يتبارون في رثائه بدءاً من اليوم الأول لوفاته حتى الأربعين، ولم تكن القصائد التي تلقى تستغرق في شخصية الفقيد، بل كانت تنفتح على القضايا الاجتماعية، وحتى إنّها كانت في بعض مواردها تنفتح على نقد الواقع الحوزوي في النجف، في عملية مباراة شعريّة يردّ فيها أحدهم على الآخر. ولذلك، كان انفتاحي على الشعر مبكراً، حتى إنّني نظمت الشعر وأنا في سنّ العاشرة من عمري، ودخلت إلى محافل النجف في مناسباتها الدينيَّة مبكراً، وكنت في سنّ الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، وأذكر أنني ألقيت قصيدةً في الصحن الشَّريف، وكان آخرها تقييماً للشعر، حيث قلت:

ما قيمة الشّعر إن لم يبنِ مجتمعاً حرّاً تسيرُ على منهاجه العصورُ

وانطلقت من قلب الحوزة في النّجف، حيث كان والدي من أساتذتها، وكانت التّقاليد تفرض عليّ أن أدخل الحوزة، فدخلتها مبكراً، ولكنَّني في الوقت نفسه لم أختنق بأجوائها التقليدية، بل كنت أطّلع على الثقافات المعاصرة، فكنت أقرأ المجلات الثقافية المصرية، كمجلة "الرسالة" لأحمد حسن الزيّات، ومجلة "الكاتب المصري" لطه حسين، ومجلَّة "الكتاب" لعادل الغضبان. وكنت في ذلك الوقت أيضاً أتابع حتى الصحف السياسية، "كالمصوّر" و"آخر ساعة"، كما كنت أتابع التجربة الشعرية في مصر ولبنان.

ولذلك، كنت أعيش شيئاً من المعاصرة، ولم أكن تاريخياً، وإن كنت أؤمن ببعض إيجابيّات التَّاريخ، ولا سيَّما في ما يتَّصل بأمور العقيدة، وكنت منفتحاً على الحوار في سنٍّ مبكرة، فنحن نعرف أنّه كان في العراق تيّارات متعدّدة، كالتيّار الديمقراطي الَّذي كانت تمثّله جريدة "الأهالي"، وكان هناك من يلتزمون السياسة الغربيَّة، كنوري السعيد وأمثاله، وكان هناك الشيوعيّون والقوميّون، وكنت أدخل في حوارات مع شخصيات شيوعية وقومية بحسب ما كنت أملك من الثقافة في ذلك الوقت.

وهكذا تفاعلت ثقافياً وحوزوياً وأدبياً وسياسياً مع النجف، كما كنت أتابع الأوضاع السياسيَّة في ظلّ العهد الملكي الَّذي كان يمثّل غطاءً للنفوذ البريطاني، وأتابع المعارك التي كان البعض منها يحاول أن يثير المسألة الطائفيَّة، كما حدث مع وزارة صالح جبر الَّذي أثيرت في وجهه مسألة معاهدة بورتسموث مع الحكومة البريطانيَّة، إذ إنَّ البعض كان يحاول أن يحرّك الجوَّ الطائفيَّ، على أساس أنَّ صالح جبر شيعي وأنَّ نوري السعيد سنّي وما إلى ذلك.

لقد عشنا العراق، كما عشنا العالم العربي والإسلامي من خلال النجف، لأن النجف لم تكن مجرد مقبرة ومركز ديني، بل كانت تنفتح على الواقع كلّه، لأنّ العراق كان يمثل الموقع الاستراتيجي الذي يتأثر بما حوله ويؤثّر فيه، لأنّه كان يتبنّى قضايا الأمَّة، ومنها القضيَّة الفلسطينيَّة.

العلاقة مع الشّهيد الصّدر

س: منذ نعومة أظافرك وتوجّهُك توجّهٌ انفتاحيٌّ، وقد كان الشَّهيد السيد محمد باقر الصدر يمثّل هذا التوجّه أيضاً، فهل أثّر فيك هذا الشّخص بالذات؟

ج: لقد كنت منذ أواخر الأربعينات إسلامياً، ألتزم الإسلام الحضاري الذي يحاول الإيحاء إلى العالم بأنَّ الإسلام قادر على أن يحلَّ مشاكل الإنسان في الحياة، وكنت أؤكّد أنَّ الإسلام لا بدَّ من أن يكون قاعدةً للفكر والعاطفة والحياة، وكنت صديقاً لآل الصَّدر، وفي مقدَّمهم السيد إسماعيل الصدر، الأخ الأكبر للشَّهيد السيد محمد باقر الصَّدر، والذي التقيت من خلاله بالسيِّد محمد باقر الصَّدر، وكنا زميلين ننفتح على ضرورة تغيير الواقع التقليدي الَّذي كان يستغرق في الماضي أكثر مما يعيش الحاضر، وكنّا نرفض هذا النوع من الجمود في فهم الإسلام، ولذلك التقينا مع نخبة من المثقّفين الإسلاميّين في النّجف الأشرف، لتأسيس حركة إسلاميَّة تنفتح على العالم الإسلامي بطريقة حضاريَّة لا بطريقة تقليديَّة.

وهكذا انطلقنا في العام 1958م من أجل التهيئة لحركة إسلامية تفكّر في الوحدة الإسلامية، وفي الانفتاح على قضايا الإسلام، وكان العراق يعيش مرحلة سقوط النظام الملكي ومجيء عبد الكريم قاسم الذي حاول أن يظهر بمظهر الشخصيَّة التي تنفتح على الإسلام، ولذلك رأيناه يزور المرجع الكبير السيِّد محسن الحكيم عندما كان في المستشفى، وقد التقينا به أنا والسيّد محمد باقر الصدر عندما كنا في زيارة لآية الله الحكيم.

وفي النجف أيضاً، واجهنا المدّ الشيوعي الذي طغى على العراق آنذاك، من خلال تأثير الاتحاد السوفياتي، ومن خلال ظروف الحرمان الّتي كان يعيشها العراقيون الذين لم يتبعوا الشيوعيّين على أساس فلسفتهم، بل على أساس أنهم يحملون قضايا الأمَّة وقضايا الشعب، ويحاربون الحرمان، ويدَّعون الاشتراكيَّة بمعناها الاجتماعي، لا بمعناها الفلسفي.

لذلك، نشأت في النجف جماعة العلماء، وكان للسيّد محمد باقر الصدر دور في كتابة المناشير التي كانت تنشرها جماعة العلماء، وأصدرنا في ذلك الوقت باسم جماعة العلماء مجلّة "الأضواء" التي كان السيِّد الشهيد يكتب افتتاحيتها الأولى بعنوان "رسالتنا"، وكنت أكتب افتتاحيَّتها الثانية بعنوان "كلمتنا"، وانطلقنا معاً في هذا المجال، وتحركنا بالوحدة الإسلاميَّة. وقد كان من بين الشخصيَّات التي تعاونّا معها، الشَّهيد الشيخ عبد العزيز البدري، وهو من علماء السنَّة، وقد اغتاله الطَّاغية.

لذلك، فإنّ هذا هو الجوّ الذي تأثّرت به، وتأثرت أيضاً بالحالة الثقافية التي كانت سائدةً آنذاك، وبالأوضاع الإقليمية والدولية التي كنت أتابعها. ومن الطبيعي عندما نعيش في جوٍّ ثقافي وسياسي واحد، أن نتفاعل معاً بهذا الجوّ، من دون أن يؤثّر أحدنا بالآخر، لأنّنا كنَّا نتأثر بالفكرة الرساليَّة، ولا نتأثر بهذا الشخص أو ذاك الشخص.

العراق يرفض الاحتلال

س: سماحة السيِّد، هل من المصادفة أن يتزامن موعد التاسع من نيسان، يوم استشهاد السيِّد محمد باقر الصدر، مع يوم سقوط نظام صدّام حسين؟ هل من رمزية معيّنة لهذا التزامن؟

ج: لقد كان العراق يمثّل الموقع العربي الإسلامي القويّ، وكانت إسرائيل تخاف منه كما كانت أمريكا تعيش القلق حياله، وخصوصاً بعد انحسار النفوذ البريطاني من العالم العربي في تلك المرحلة. ولذلك بدأ العراق يعيش الصراع الذي كان يتحرك بقوّة في العالم العربي، وخصوصاً بعد ظهور الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر، حتى دخلت حالة الصراع بين الشرق والغرب في مفاصل السياسة العراقية، فقد كنا نلاحظ مثلاً أنّ القوميين العرب الذين كان يقودهم عبد السلام عارف، كانوا ينادون بالوحدة العربية مع مصر والبلاد الأخرى، أما الشيوعيون، فكانوا ينادون بالاتحاد الفيدرالي لإرباك الفكر القومي، وكانت خطّتهم تشويه صورة عبد الناصر لتشويه الفكر القومي في العراق، الذي كان الشيوعيون يحاربونه بحسب خطّتهم الاستراتيجية في العالم، وكانوا يحاولون أن يوحوا بأنّ عبد الناصر يريد نفط العراق وإلى آخر ما هنالك.

وهكذا امتدّ الصراع في الحرب الباردة بين الشرق والغرب حتى ضعف نفوذ الشرق، وهو الاتحاد السوفياتي، وانطلق الغرب في تأثيراته بشكل تدريجي، وأخذت أمريكا تبحث عن شخصية قيادية أو حزب قيادي لتوظّفه في تنفيذ سياستها، وكان الطاغية صدام حسين موظّفاً منذ الستينات في المخابرات الأمريكية، وقد استطاع بفضل نفوذه وسيطرته على الحزب، حتّى على أقرانه الذين اغتالهم الواحد تلو الآخر، التضييق على الحركة الإسلامية في العراق، وعلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فحكم العراق بالنار والحديد، حتى أصبحنا نستذكر كلمة الحجَّاج المعروفة: "يا حرسي اضرب عنقه"، لأنها كانت تمثّل ذهنيته وعقليته التي تتعطّش للدماء بشكل مرضيّ معقّد.

وهكذا استطاعت أمريكا من خلال صدّام حسين أن تربك العالم العربي بسياستها، وأن تثير الحرب على إيران من أجل إضعاف ثورتها، حتى لا تمتدّ إلى المنطقة من خلال ما كان يسمّى تصدير الثورة، ثم كانت نهاية المطاف في احتلال العراق للكويت، الذي كان يتحدث عنه عبد الكريم قاسم، ولكن من دون تنفيذ. ولكنّ أمريكا التي كانت تريد أن تنفذ إلى الخليج تحت عنوان حمايته، سهّلت احتلال النظام العراقي للكويت، ثم جاءت أمريكا تحت عنوان تحرير الكويت، لتقنع الخليجيين بأن يسمحوا لها بإقامة قواعد عسكريَّة تحت ذريعة حمايتهم من صدّام. وعندما انتهت وظيفة هذا الرَّجل وأُريد إحالته إلى التقاعد، تحرّكت اللّعبة الأمريكيَّة لاستغلال الوضع الَّذي كان يعيشه العراقيون تحت تأثير ظلم هذا الطَّاغية، فالتقت المصلحة الأمريكية مع ما كانت تفكّر فيه المعارضة العراقيَّة من إسقاط النظام... ولذلك، حاول الأمريكيّون الإيحاء إلى المعارضة العراقيَّة بأنّهم هم الذين ينقذون الشعب العراقي من الطاغية، حتى أصبح العالم العربي يتصوَّر أن العراقيّين هم الذين سهّلوا لأمريكا احتلال العراق، وهذا غير صحيح، لأنَّ الشعب العراقي ضدّ أيّ احتلال، وقد كانت ثورة العشرين تمثّل الموقف المتحدّي للاحتلال، على الرغم من أنهم كانوا لا يملكون الكثير من الأسلحة أو التدريب.

فالاحتلال الأمريكي للعراق كان من أجل السيطرة على ثرواته، كما صرّح قائد القوّات الأمريكيّة آنذاك في العراق، جون أبو زيد، إضافةً إلى أنَّ موقع العراق الاستراتيجي، من خلال مجاورته لإيران وللخليج وتركيا وسوريا، كان يغري الإدارة الأمريكيَّة بتنفيذ مشروعها الديمقراطي أو ما يسمَّى الفوضى الخلاقة.

لقد كان صدّام موظّفاً في المخابرات الأمريكيَّة، وعندما انتهت وظيفته أسقطوه.

مفهوم التّجديد الدّينيّ

س: سننتقل إلى الشقّ الآخر من مقابلتنا، وهو يتناول الجانب الفكري لسماحتكم. سماحة السيِّد، لطالما عملت على تكريس مفهوم الفكر الإسلامي الشيعي التجديدي، ماذا تقصد بهذا المصطلح؟ وما علاقته بمفهوم الإصلاح الديني؟

ج: عندما كنّا نفكّر في الإسلام بطريقة حضاريّة، كنّا نناقش الفكر التقليدي الذي يحاول أن يجعل الإسلام حالةً تاريخيةً يحبس المسلمين في الماضي، ليستحضروا معاركه، وينسوا الحاضر، ويكفّوا عن صناعة المستقبل، خلافاً لقوله تعالى الذي يريد للناس أن يعيشوا تجربتهم من خلال العصر الذي يعيشون فيه: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة: 134].

وقد كنّا نلاحظ أنَّ القدامى من علمائنا، سواء من علماء السنّة أو من علماء الشيعة أو من المفكّرين السابقين، كانوا يعيشون عصرهم، وكانوا يستنبطون الأحكام الشرعية الاجتهادية من خلال الظروف التي كانوا يعيشون فيها، والثقافات التي تربّوا عليها ونشأوا عليها.

ونحن نقول: إنّ علينا أن لا نقلِّد العلماء التاريخيين، بل علينا أن نقرأهم، فنقبل ما نقتنع به، ونرفض ما لا نقتنع به، وأن نعيش ظروفنا وثقافتنا، فما عندهم عندنا، وما عندنا لم يكن عندهم. ولذلك، كنا نعمل على أن نقدِّم إلى العالم إسلاماً ينفتح على كلّ قضايا الإنسان، ويتحرك من أجل الحريَّة للإنسان كلّه؛ هذه الحرية الَّتي تجعل كلَّ فريق من المفكّرين يقدّم فكره، ليكون الحوار هو الَّذي يفرض على هذا الفكر أو ذاك أن يناقش ويحاور، ليفهم كلّ واحد وجهة نظر الآخر فيما يلتزمه، لا من خلال ما نفهمه عنه.

علينا أن لا نقلِّد العلماء التّاريخيّين في تراثهم، بل نقبل ما نقتنع به، ونرفض ما لا نقتنع به

لذلك، فإنَّ التجديد لا يعني تجديد الإسلام، لأنَّ الإسلام هو وحي الله تعالى الذي لا يمكن أن نغيّره، ولكنَّ التَّجديد هو في فهم وحي الله تعالى، وفهم القرآن الكريم، وفهم السنَّة النبويَّة الشَّريفة، وفهم الآفاق التي لا بدَّ لنا من أن ننطلق فيها، من أجل أن يجد العالم في الإسلام ديناً حضارياً ينادي بالسّلام، ويرفض الإرهاب، ويلتقي بالحوار مع كلّ الأديان: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ}[آل عمران: 64]، أو قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[العنكبوت: 46]، ولا سيَّما أنَّ الأسلوب القرآنيَّ في الحوار لم يقترب منه أيّ أسلوب مهما تقدَّمت المناهج الحوارية في العالم، لأن المناهج الحوارية تقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. فهناك طرف يعتبر نفسه هو المصيب، ويعطي الطرف الآخر احتمالاً صغيراً في أن يكون مصيباً، بينما يقول القرآن الكريم: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24]، يعني قد أكون أنا على هدًى وقد أكون على ضلال، وقد تكون أنت على هدى وقد تكون على ضلال. إذاً هناك حقيقة ضائعة بيننا، وعلينا أن نترافق معاً من أجل اكتشافها.

لذلك، فإنّنا ندعو المسلمين إلى أن ينفتحوا على منهج الحوار في القرآن الكريم وعلى الكلمة السّواء، لا بين أهل الكتاب والمسلمين فحسب، بل حتى بين العلمانيين والمسلمين، لأنّنا نؤمن بالحوار الإنساني الإنساني؛ بحوار الأديان بعضها مع بعض، وبحوار العلمانيّين مع الدّين، وبالحوار السياسي بين السياسيّين المختلفين، وبالحوار العلمي في النّظريات العلميّة المختلفة، لأنَّ الحوار هو المنهج الأقرب إلى اللّقاء والتفاهم.

نقد الفكر التَّجديديّ

س: هل إنَّ الفكر التَّجديدي الذي ترجمتموه بالحوار الإنساني هو أحد أهمّ الأسباب للانتقادات العنيفة الَّتي وجّهت إليكم، باعتبار أنّكم ربما تجاوزتم خطوطاً حمراً وثوابت معينةً أثارت جدلاً، ربما فقهياً في بعض الحالات، حول آراء سماحتكم؟

ج: كلّ من يفكِّر في تغيير الواقع وإصلاحه، لا بدَّ من أن يتلقّى الصدمات من الذين ينحنون أمام التقاليد ويسقطون أمام تأثيرات الواقع، ويقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ}[الزخرف: 23-24]. فلذلك، نحن نؤمن بأنّ علينا أن نصدم الواقع ونتحمّل نتائج هذه الصَّدمة، وأنا لم أسمع من هؤلاء مناقشةً علميةً حول ما أرتئيه من آراء، بل كلّ ما فعله هؤلاء، هو توجيه الإساءة إليَّ كشخص لا إلى الفكر الذي أحمله، لأنهم لا يتحمّلون التغيير فيما درجوا عليه وفيما استهلكوه واعتبروه من المقدَّسات التي لا قداسة لها، ومن المسلَّمات التي لا أساس لها.

لذلك، فقد كنت أواجه هذه الحملة التكفيرية التضليلية بما واجه به النبيّ (ص) قومه، إذ كان يقول: "اللّهمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون". فنحن نطلق الفكرة، ونجعلها تتفاعل مع الواقع وتمتدّ إلى المستقبل، لتجد في نهاية المطاف آذاناً تسمعها، وعقولاً تفكِّر فيها. وأذكر أنَّني قلت في ديوان شعري "يا ظلال الإسلام"، في رباعيّة من رباعيّاته:

دورنا أن نحرّك الصوت في الـ أفق ليـبقى معلّـقـاً فـي الفضـاءِ

باحثاً في المدى عن الأذن الظّمـ أى إليـه فـي لـهفـة الإصـغـاءِ

عن كيانٍ يعيش في قلـق الحيـ ـرة بحثـاً عن فكـرةٍ بـيـضـاءِ

عن غدٍ يحضن الهدى إن تخلَّى حاضـر الجيـل عـن نـداء السّمـاءِ

ولذلك، عندما كان بعض اليساريين يثيرون الكلمات التقليديَّة في محاربة خصومهم، فيقولون إنّ فلاناً رجعي أو عميل، كنت أقول لهم: إذا شئتم الحوار فأنا مستعدّ، وإذا لم تريدوا الحوار، فأنا أقول لكم إنّنا تعلّمنا في العراق أن نعيش هذه الصَّدمات، ويمكننا أن نتحمّل الكثير من النّعرات.

كلّ من يفكّر في تغيير الواقع وإصلاحه، لا بدَّ من أن يتلقّى الصّدمات من الّذين ينحنون أمام التّقاليد

من هو الفقيه؟

س: سماحة السيّد، أريد من حضرتك أن تُعرّف لنا من يستحقّ أن يُطلق عليه لقب الفقيه المفتي؟ وهل يجوز أن لا يكون رجل دين معمَّماً؟ ومن هم الَّذين أوتوا العلم درجات؟

ج: إنَّ كلمة الفقيه لا تعني أنّه المقدَّس الذي يطأطئ الناس رؤوسهم أمامه، ويجمِّدون أفكارهم لحساب فكره، ولا يناقشونها باعتبارها مقدَّسةً، فالفقيه رجل مثقَّف بالثقافة الفقهيَّة، قد يخطئ وقد يصيب، وقد اشتهر بين النَّاس القول المأثور: "للمجتهد أجران إن أصاب، وأجر واحد إن أخطأ"، فقد يخطئ المجتهد. وأنا أدعو إلى نقد الفقهاء نقداً منهجياً موضوعياً، كما ينقد هم بعضهم بعضاً، لا في الفقه فحسب، بل في الفكر أيضاً، وإذا أخذوا بأسباب السياسة، فعلينا أن ننقد سياستهم ونبيّن مواقع الخطأ فيها إن كان هناك خطأ. أنا لا أعتبر أنَّ هناك مقدَّساً إلَّا الله سبحانه وتعالى، قدس الأقداس، والأنبياء والأئمَّة (ع)، بحسب النظريّة الإسلامية الشيعيّة، وما عدا ذلك، فليس هناك مقدَّس، لأنّ المقدَّس هو الذي لا تناقشه باعتباره يمثل الحقيقة، وليس هناك شخص يمثل الحقيقة المطلقة.

وعليه، فإنّنا نؤمن بحرية الشعب الذي يملك الثقافة ويملك إمكانات أن ينقد أيّ شخص، سواء كان شخصيةً دينيةً إسلاميةً أو مسيحيةً، أو من الأديان الأخرى، أو كان شخصيةً سياسيةً أو ثقافيةً أو اجتماعيةً أو ما إلى ذلك.

لهذا، نحن نعتبر أن الفقيه بشر، لأنَّ الله تعالى قال عن النبي: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ}[الكهف: 110]، {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}[الأحقاف: 9]، {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}[الأعراف :188]، {قل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ}[الأنعام: 50]، {قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ}[الأعراف: 188]. فإذا كان الله يتحدَّث عن النبيِّ (ص) بهذه الطريقة، فهل نعطي الناس العاديّين أكثر من صفات النبيّ (ص)؟!

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية