يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219].
تؤكد هذه الآية الكريمة أن من الممكن أن يجد الإنسان بعض المنافع الجزئية في الخمر مما يتحدّث به بعض الذين يلتذّون بشربه، أو في القمار من خلال حصول بعض الناس على شيء من الربح بسببه، ولكن الله تعالى يؤكد حقيقةً، وهي أنه ليس هناك شيء في الحياة مضر مئة في المئة، ولا هناك شيء نافع مئة في المئة، فقد يكون الشيء نافعاً بنسبة عشرين في المئة ومضراً بنسبة ثمانين في المئة. والعاقل الذي يحترم نفسه وحياته وأوضاعه، هو الذي لا يرتكب ما يكون ضرره أكبر ليحصل على القليل من النفع. ومن هنا، فإنّ الإثم الذي ذكر في الآية هو الضرر المبطّئ عن الخير.
فلو أن أحداً من الناس استشار خبيراً في بضاعة يريد أن يشتريها، وقال له إن نسبة الربح هي عشرون في المئة، بينما ستكون خسارته بنسبة ثمانين في المئة، فهل يقدم على شرائها إذا كان عاقلاً؟ فالله تعالى يقول إن ضرر الخمر والقمار أكبر بكثير من النفع الذي قد يحصل عليه الإنسان بسببهما: {وإثمهما أكبر من نفعهما}. وهذه الآية تؤكد قاعدةً فقهيةً عامةً، وهي أن كل ما كان ضرره أكبر من نفعه فهو حرام، سواء كان الضرر في الدنيا أو في الآخرة. فعلى الإنسان إذا أراد أن يقدم على أكل أو شرب أي شيء، أو على تجارة، أن يحكّم عقله ليعرف نسبة الضرر والنفع في العمل.
ويقول تعالى: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91]. لأنّ الخمر عندما يدخل إلى عقل الإنسان ويفقده توازنه، أو يضعف قوة عقله، فإنّ ذلك قد يدفعه إلى أن يتحرك بعيداً عن الخط السليم، وقد يؤدّي به ذلك إلى أن يصطدم بالآخرين، فيؤسس معهم العداوة والبغضاء، كما أنه قد ينسى الله تعالى أيضاً، فيترك واجباته العبادية، لأن السكر يفقده وعيه، وإذا فقد وعيه فقد إحساسه بالله وبضرورة القيام بفرائضه. فهل تنتهون عن شرب الخمر ولعب القمار، باعتبار أنهما خصلتان يؤكدهما الشيطان ويغري بهما ليبعدكم عن مسؤولياتكم؟
ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ ـ والرجس هو الشيء الخبيث القذر ـ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90].
الخمر مفتاح الشر وغيبوبة للعقل
ونقرأ في حديث رسول الله(ص): "جُمع الشر كله في بيت، وجُعل مفتاحه شربُ الخمر". ويذكر بعض الناس في هذا المورد، أن شخصاً خُيّر بين أمور ثلاثة: إما الزنى، وإما قتل النفس، وإما شرب الخمر، فرأى أن الزنى من الذنوب الكبيرة فلم يقدم عليه، وأنّ قتل النفس أعظم وأعظم فلم يقبل باختياره، واستسهل شرب الخمر، وعندما دارت الخمر في رأسه، قتل النفس المحترمة وزنى، لأنه عندما فقد عقله، استسهل واستحلّ الذنوب الأخرى.
وفي حديث عنه(ص)، وهو موجّه بالخصوص إلى كل من يعمل في صنع الخمر وبيعها أو تقديمها: "لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه". وعنه(ص) أيضاً: "الخمر أمّ الفواحش والكبائر". ويقول(ص): "شارب الخمر كعابد الوثن"، لأنه عندما يستغرق في شرب الخمر ويدمن عليه، فكأنه جعل الخمر صنماًَ يعبده كما تُعبد الأصنام.
ويقول الإمام الصادق(ع): "ما بعث الله نبيّاً قطّ إلا وقد عَلِم الله أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ـ فما من دين أنزله الله تعالى على رسله إلا وحرّم فيه الخمر، ولكن الله ينـزل الأحكام بالتدريج ـ ولم تزل الخمر حراماً. إن الدين إنما يحوّل من خصلة ثمّ أخرى، فلو كان ذلك جملةً ـ دفعة واحدة ـ قطع بهم (بالناس) دون الدين".
وبعض الناس قد لا يشرب الخمر، ولكنّه يجالس أصحابه وزملاءه الذين يشربونه، وهذا مما جاء فيه الحديث عن رسول الله(ص): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُشرب عليها الخمر"، لأن الجلوس معهم هو إقرار لهم ورضا بما يقومون به، ولأنّ الجو قد يجذبه فيقع في شرك شربها.
وعن الإمام عليّ(ع) أنه قال: "فَرَضَ الله تركَ شربِ الخمر تحصيناً للعقل"، فالعقل هو حجة الله على العباد، والله لا يريد للإنسان أن يفسد عقله أو يضعفه، بل أن يقوّيه ويصلحه وينمّيه، لأن العقل هو الذي يجعله يميّز الحسن من القبيح، والخير من الشر، والحق من الباطل، فإذا ضعف العقل انقلبت الموازين والقيم. ويقول الإمام الباقر(ع): "إن الله حرَّم الخمر لفعلها وفسادها".
ويذكر الأطباء الكثير من النتائج الصحية السلبية المترتبة على شرب الخمر، كما يُذكَر أن الخمر كان محرّماً عند بعض المجتمعات الغربية في أول نشأتها.
المخدّرات آفةٌ مدمّرة
وعن الإمام الكاظم(ع): "إن الله لم يحرِّم الخمر لاسمها ـ فالخمر ليس اسماً بل هو فعل ـ ولكنه حرَّمها لعاقبتها، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر"، وإن تعددت الأسماء. ومن هنا ندخل إلى الحديث عن خطرٍ آخر وهو المخدرات، التي أصبحت منتشرة بكثرة بين شبابنا من الذكور والإناث، وخصوصاً في الجامعات، وأصبحت بعض الصيدليات تبيعها بعنوان الأدوية المهدئة للأعصاب. والمخدرات أخطر من الخمر، لأنها تؤثّر في الإنسان، فتضعف وعيه، وتدمّر صحته، وتضعف إرادته، وتجعله يعيش فيما يشبه الهلوسة. ومع الأسف، فإنّ كثيراً من الشباب يعيشون الهلوسة التي تفقدهم التوازن في حياتهم، وهذا من الأخطار التي يمكن أن تدمّر الوطن كله.
يقال إن بريطانيا عندما كانت تستعمر الصين، كانت تنشر المخدرات بين أبنائه لتضعف إرادتهم عن مقاومتها، وعندما بدأ بعض المصلحين بمحاربة هذه العادة، أعلنت بريطانيا الحرب على الصين.
وهكذا عندما ترك الصينيون المخدرات، أصبحت لهم مواقعهم في الحرية والاستقلال وإرادة التقدّم، وأصبحت الصين دولة كبرى تنافس غيرها من الدول الكبرى في العالم.
ولذلك، فإن بعض الناس يوزعون المخدرات من أجل أن يضعفوا هذا الشعب أو ذاك، وهذا ما يجب على الآباء والأمهات أن يلتفتوا إليه، وعلى الأسرة أن تراقب أبناءها وبناتها في ظل انتشار المخدرات في الثانويات والجامعات، كما أننا نعتبر أن الحكومة مسؤولة عن حفظ البلد من هذه الآفة، وتشجيع الزراعات البديلة، لأن هذا الخطر شعر العالم كله بنتائجه المدمّرة، فأصبح يحاربه بكلّ السبل، ولا يمكن أن نقضي على هذه العادة إلا إذا تعاونا جميعاً في مواجهتها وتحذير أبنائنا من خطرها الذي سوف يسقط مستقبلهم ويدمّر حياتهم.
ويروى في هذا المجال عن رسول الله(ص) أنه قال: "سيأتي زمان على أمتي يأكلون شيئاً اسمه البنج ـ وهو ضرب من النبات له حب يُسكر، قال ابن سيبويه إنه مما يُنبذ أو يقوّى به النبيذ ـ أنا بريء منهم وهم بريئون مني"، فالنبي(ص) يتبرأ ممن يمارسون هذه العادة حتى لو صلّوا وصاموا. وفي حديث عنه(ص): "من احتقر ذنب البنج فقد كَفَر"، لأنه حرمة البنج من الضرورات الدينية، ومن أنكر ضرورة من ضرورات الدين فقد انطلق في خط الكفر.
لذلك علينا أن نحارب كل الذين يتاجرون بالمخدرات أو بالخمر، فكل إنسان يبيع الخمر ماله حرام، حتى إنه يحرم الشراء من المحلات التي تبيع الخمر، لأن ذلك يدخل في باب النهي عن المنكر، وقد أكدت الآيات الكريمة وأحاديث رسول الله(ص) والأئمة من أهل البيت(ع) لعن بائعها ومشتريها. لذلك علينا أن نحاربهم بالمقاطعة، وأنا أصدرت فتوى شرعية بحرمة شراء أي شيء، حتى الحلال، من المحلات التي تبيع الخمر، حتى الصيدليات التي تبيع المخدرات للشباب أيضاً يحرم التعامل معها، لأن علينا أن نحفظ مجتمعنا من الأخطار الصحية والاجتماعية.
خطبة الجمعة 14-11-2008 م
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219].
تؤكد هذه الآية الكريمة أن من الممكن أن يجد الإنسان بعض المنافع الجزئية في الخمر مما يتحدّث به بعض الذين يلتذّون بشربه، أو في القمار من خلال حصول بعض الناس على شيء من الربح بسببه، ولكن الله تعالى يؤكد حقيقةً، وهي أنه ليس هناك شيء في الحياة مضر مئة في المئة، ولا هناك شيء نافع مئة في المئة، فقد يكون الشيء نافعاً بنسبة عشرين في المئة ومضراً بنسبة ثمانين في المئة. والعاقل الذي يحترم نفسه وحياته وأوضاعه، هو الذي لا يرتكب ما يكون ضرره أكبر ليحصل على القليل من النفع. ومن هنا، فإنّ الإثم الذي ذكر في الآية هو الضرر المبطّئ عن الخير.
فلو أن أحداً من الناس استشار خبيراً في بضاعة يريد أن يشتريها، وقال له إن نسبة الربح هي عشرون في المئة، بينما ستكون خسارته بنسبة ثمانين في المئة، فهل يقدم على شرائها إذا كان عاقلاً؟ فالله تعالى يقول إن ضرر الخمر والقمار أكبر بكثير من النفع الذي قد يحصل عليه الإنسان بسببهما: {وإثمهما أكبر من نفعهما}. وهذه الآية تؤكد قاعدةً فقهيةً عامةً، وهي أن كل ما كان ضرره أكبر من نفعه فهو حرام، سواء كان الضرر في الدنيا أو في الآخرة. فعلى الإنسان إذا أراد أن يقدم على أكل أو شرب أي شيء، أو على تجارة، أن يحكّم عقله ليعرف نسبة الضرر والنفع في العمل.
ويقول تعالى: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91]. لأنّ الخمر عندما يدخل إلى عقل الإنسان ويفقده توازنه، أو يضعف قوة عقله، فإنّ ذلك قد يدفعه إلى أن يتحرك بعيداً عن الخط السليم، وقد يؤدّي به ذلك إلى أن يصطدم بالآخرين، فيؤسس معهم العداوة والبغضاء، كما أنه قد ينسى الله تعالى أيضاً، فيترك واجباته العبادية، لأن السكر يفقده وعيه، وإذا فقد وعيه فقد إحساسه بالله وبضرورة القيام بفرائضه. فهل تنتهون عن شرب الخمر ولعب القمار، باعتبار أنهما خصلتان يؤكدهما الشيطان ويغري بهما ليبعدكم عن مسؤولياتكم؟
ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ ـ والرجس هو الشيء الخبيث القذر ـ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90].
الخمر مفتاح الشر وغيبوبة للعقل
ونقرأ في حديث رسول الله(ص): "جُمع الشر كله في بيت، وجُعل مفتاحه شربُ الخمر". ويذكر بعض الناس في هذا المورد، أن شخصاً خُيّر بين أمور ثلاثة: إما الزنى، وإما قتل النفس، وإما شرب الخمر، فرأى أن الزنى من الذنوب الكبيرة فلم يقدم عليه، وأنّ قتل النفس أعظم وأعظم فلم يقبل باختياره، واستسهل شرب الخمر، وعندما دارت الخمر في رأسه، قتل النفس المحترمة وزنى، لأنه عندما فقد عقله، استسهل واستحلّ الذنوب الأخرى.
وفي حديث عنه(ص)، وهو موجّه بالخصوص إلى كل من يعمل في صنع الخمر وبيعها أو تقديمها: "لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه". وعنه(ص) أيضاً: "الخمر أمّ الفواحش والكبائر". ويقول(ص): "شارب الخمر كعابد الوثن"، لأنه عندما يستغرق في شرب الخمر ويدمن عليه، فكأنه جعل الخمر صنماًَ يعبده كما تُعبد الأصنام.
ويقول الإمام الصادق(ع): "ما بعث الله نبيّاً قطّ إلا وقد عَلِم الله أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ـ فما من دين أنزله الله تعالى على رسله إلا وحرّم فيه الخمر، ولكن الله ينـزل الأحكام بالتدريج ـ ولم تزل الخمر حراماً. إن الدين إنما يحوّل من خصلة ثمّ أخرى، فلو كان ذلك جملةً ـ دفعة واحدة ـ قطع بهم (بالناس) دون الدين".
وبعض الناس قد لا يشرب الخمر، ولكنّه يجالس أصحابه وزملاءه الذين يشربونه، وهذا مما جاء فيه الحديث عن رسول الله(ص): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُشرب عليها الخمر"، لأن الجلوس معهم هو إقرار لهم ورضا بما يقومون به، ولأنّ الجو قد يجذبه فيقع في شرك شربها.
وعن الإمام عليّ(ع) أنه قال: "فَرَضَ الله تركَ شربِ الخمر تحصيناً للعقل"، فالعقل هو حجة الله على العباد، والله لا يريد للإنسان أن يفسد عقله أو يضعفه، بل أن يقوّيه ويصلحه وينمّيه، لأن العقل هو الذي يجعله يميّز الحسن من القبيح، والخير من الشر، والحق من الباطل، فإذا ضعف العقل انقلبت الموازين والقيم. ويقول الإمام الباقر(ع): "إن الله حرَّم الخمر لفعلها وفسادها".
ويذكر الأطباء الكثير من النتائج الصحية السلبية المترتبة على شرب الخمر، كما يُذكَر أن الخمر كان محرّماً عند بعض المجتمعات الغربية في أول نشأتها.
المخدّرات آفةٌ مدمّرة
وعن الإمام الكاظم(ع): "إن الله لم يحرِّم الخمر لاسمها ـ فالخمر ليس اسماً بل هو فعل ـ ولكنه حرَّمها لعاقبتها، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر"، وإن تعددت الأسماء. ومن هنا ندخل إلى الحديث عن خطرٍ آخر وهو المخدرات، التي أصبحت منتشرة بكثرة بين شبابنا من الذكور والإناث، وخصوصاً في الجامعات، وأصبحت بعض الصيدليات تبيعها بعنوان الأدوية المهدئة للأعصاب. والمخدرات أخطر من الخمر، لأنها تؤثّر في الإنسان، فتضعف وعيه، وتدمّر صحته، وتضعف إرادته، وتجعله يعيش فيما يشبه الهلوسة. ومع الأسف، فإنّ كثيراً من الشباب يعيشون الهلوسة التي تفقدهم التوازن في حياتهم، وهذا من الأخطار التي يمكن أن تدمّر الوطن كله.
يقال إن بريطانيا عندما كانت تستعمر الصين، كانت تنشر المخدرات بين أبنائه لتضعف إرادتهم عن مقاومتها، وعندما بدأ بعض المصلحين بمحاربة هذه العادة، أعلنت بريطانيا الحرب على الصين.
وهكذا عندما ترك الصينيون المخدرات، أصبحت لهم مواقعهم في الحرية والاستقلال وإرادة التقدّم، وأصبحت الصين دولة كبرى تنافس غيرها من الدول الكبرى في العالم.
ولذلك، فإن بعض الناس يوزعون المخدرات من أجل أن يضعفوا هذا الشعب أو ذاك، وهذا ما يجب على الآباء والأمهات أن يلتفتوا إليه، وعلى الأسرة أن تراقب أبناءها وبناتها في ظل انتشار المخدرات في الثانويات والجامعات، كما أننا نعتبر أن الحكومة مسؤولة عن حفظ البلد من هذه الآفة، وتشجيع الزراعات البديلة، لأن هذا الخطر شعر العالم كله بنتائجه المدمّرة، فأصبح يحاربه بكلّ السبل، ولا يمكن أن نقضي على هذه العادة إلا إذا تعاونا جميعاً في مواجهتها وتحذير أبنائنا من خطرها الذي سوف يسقط مستقبلهم ويدمّر حياتهم.
ويروى في هذا المجال عن رسول الله(ص) أنه قال: "سيأتي زمان على أمتي يأكلون شيئاً اسمه البنج ـ وهو ضرب من النبات له حب يُسكر، قال ابن سيبويه إنه مما يُنبذ أو يقوّى به النبيذ ـ أنا بريء منهم وهم بريئون مني"، فالنبي(ص) يتبرأ ممن يمارسون هذه العادة حتى لو صلّوا وصاموا. وفي حديث عنه(ص): "من احتقر ذنب البنج فقد كَفَر"، لأنه حرمة البنج من الضرورات الدينية، ومن أنكر ضرورة من ضرورات الدين فقد انطلق في خط الكفر.
لذلك علينا أن نحارب كل الذين يتاجرون بالمخدرات أو بالخمر، فكل إنسان يبيع الخمر ماله حرام، حتى إنه يحرم الشراء من المحلات التي تبيع الخمر، لأن ذلك يدخل في باب النهي عن المنكر، وقد أكدت الآيات الكريمة وأحاديث رسول الله(ص) والأئمة من أهل البيت(ع) لعن بائعها ومشتريها. لذلك علينا أن نحاربهم بالمقاطعة، وأنا أصدرت فتوى شرعية بحرمة شراء أي شيء، حتى الحلال، من المحلات التي تبيع الخمر، حتى الصيدليات التي تبيع المخدرات للشباب أيضاً يحرم التعامل معها، لأن علينا أن نحفظ مجتمعنا من الأخطار الصحية والاجتماعية.
خطبة الجمعة 14-11-2008 م