وفيه مسائل:
ـ إذا انعقد النذر وشبهه مستكملاً لشروطه المعتبرة فيه، ولم يطرأ عليه ما يوجب انحلاله، كان الوفاء به وحنثه على النحو التالي:
أولاً: إذا كان متعلق الالتزام في هذه الثلاثة هو من الأفعال لا من التروك، وكان منجزاً غير معلق، أو كان ـ في خصوص النذر والعهد ـ معلقاً على شرط وقد تحقّق ذلك الشرط، كان الوفاء به بالإتيان به في وقته الذي عيّنه له إن كان مؤقتاً، وبنفس الكيفية التي نص عليها أو قصدها في نفسه حين الالتزام؛ فإن لم يأت به في وقته حتى مضى، أو أتى به على غير الكيفية التي التزمها دون أن يعيده بما يوافقها حتى مضى الوقت، كان حانثاً، ولم ينفعه الإتيان به بعده إلا إذا وجب قضاؤه، كما سيأتي. ومما يعد من المؤقت ما لو كان له ـ بحسب طبيعته أو بالتعارف ـ مدى زمني تقريبي، بحيث يكون ما بعده خارجاً حتماً عن محط النظر، فيجب الوفاء به في داخل ذلك المدى، كالمؤقت، وذلك كما لو نذر التصدق على فلان اليتيم، فإن التصدق يجب أن يتم قبل بلوغ ذلك اليتيم سن التكليف رغم أنه لم يوقت الوفاء به، لأنه بالبلوغ يخرج عن عنوان اليتم الملحوظ في النذر؛ ومنه ـ أيضاً ـ ما لو قصد الإتيان به فوراً، فإن الوفاء به يكون بإتيانه في أول أزمنة الإمكان، والحنث بترك الإتيان به فيه.
وفي قبال هذا المؤقت ما لم يكن لمتعلقه وقت معين بالنحو الذي ذكرناه آنفاً، فإنَّ الوفاء به يمتد مع العمر، وساعة يشاء، والحنث بتركه حتى نهاية العمر، لكن لا يجوز له التأخير إلى حد يعدّ معه متساهلاً ومتهاوناً في أداء الواجب، إذ يعتبر عدم الوفاء به حينئذٍ معصية، رغم عدم كونه حانثاً به.
ثانياً: إذا كان متعلق الالتزام هو الترك في وقت محدد، أو في مدى زمني تقريبي يقتضيه التعارف أو طبيعة الشيء، كان الوفاء به بترك إيجاده البتة في ذلك الوقت، والحنثُ به بإيجاده ـ ولو مرة واحدة ـ فيه؛ فإن لم يكن مؤقتاً كان وفاؤه بتركه مدى العمر وحنثه بإيجاده ولو مرة على مدى العمر؛ سواءً ما كان من هذه الثلاثة منجزاً أو معلقاً وقد تحقّق شرطه.
ـ لا يتحقّق الحنث إلا بالمخالفة المتعمدة، فلو خالف ما التزمه بنذر أو عهد أو يمين نسياناً أو خطأ أو اضطراراً أو إكراهاً أو جهلاً يعذر فيه ـ كما لو حدث الجهل عن قصور أو عن اعتقاد خاطىء، بالحكـم أو الموضوع ـ لم يحنث به ووجب عليه الاستمرار عليه بالنحو الذي التزمه.
ـ إذا حنث عمداً وجبـت عليه الكفـارة، ووجب عليه ـ إضافة إليها ـ قضاء الصوم والصلاة إذا جعل لهما وقتاً ولم يأت بهما فيه بالنحو الذي حلف عليه أو نذره أو عاهد عليه، أما غير الصلاة والصوم من الأعمال التي يلتزمها ويحنث بها، كالصدقة وعيادة المريض والمرابطة ونحوها، فإنه لا يجب عليه قضاؤها إذا مضى وقتها ولم يأت بها؛ هذا، وكما يجب قضاء الصوم والصلاة عند تعمد المخالفة فإنه يجب ـ أيضاً ـ مع عدم الإتيان بهما في وقتهما لا عن عمد.
ـ تختلف الكفارة الواجبة عند الحنث على النحو التالي:
أولاً: كفارة مخالفة اليمين والنذر: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعة.
ثانياً: كفارة مخالفة العهد مثل كفارة الإفطار عمداً في شهر رمضان، أي إنه يتخير بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.
ـ إذا التزم ـ بنذر أو شبهه ـ التصدق بعين شخصية من بين أمواله، نقداً كانت أو عَروضاً، فحكم جواز التصرف فيها وعدمه يختلف في موردين:
الأول: ما يكون منها قبل لزوم الوفاء بها، فيجوز في هذا المورد أن يتصرف بالعين المنذورة ـ مثلاً ـ في حاجاته مع بقائها، بل يجوز التصرف بها بما يوجب إتلافها أو نقلها عن ملكه إلا أن يعلم بتحقّق نذره فيما بعد، أو يكون نذره مشتملاً على ما يفيد الالتزام بإبقاء العين إلى أن يتبين له تحقّق المعلق عليه، فلا يجوز له التصرف فيها حينئذ؛ فإذا تصرف بها تصرفاً ناقلاً أو متلفاً حيث يجوز له ذلك كان حانثاً ولا كفارة عليه، وإن تصرف بها كذلك حيث لا يجوز، فإن كان تصرفاً ناقلاً وأمكن استرجاعها وجب ووفى بها، وإن لم يمكن استرجاعهـا ـ أو كان التصرّف متلفاً ـ كان حانثاً وعليه الكفارة.
الثاني: ما يكون منها بعد لزوم الوفاء بها، وذلك إما لأنه معلق وقد تحقّق شرطه أو لأنه نذر منجز قد لزم الوفاء به؛ وهنا ـ أيضاً ـ يجوز له التصرف فيها في حاجاته ـ ولو بدون ضرورة ـ مع بقاء العين، فيما لا يجوز له منها ما يوجب إتلاف العين المنذورة أو نقلها عن ملكه أو تبديلها بعين غيرها، فلو نقلها عن ملكه بطل النقل ووجب استرجاعها، وإن بدّلها بغيرها لم يغن البديل عنها ووجب استرجاع المبدل منه، فإن لم يمكن استرجاعها في هذين الفرضين، أو كان قد أتلفها عن عمد، كان حنثاً بنذره ولزمته الكفارة؛ وأما إن حدث شيء من ذلك بدون تعمد فينحل النذر ولا شيء عليه، كما أنه في حالتي تلفها أو إتلافها لا ضمان على الناذر.
ـ إذا كان متعلق النذر وشبهه هو التصدق على شخص معين لزم دفع المال إليه حتى لو أبرأه المنذور له منه، وإن كان لا يجب على المنذور له قبوله، فإن دفعه إليه فلم يقبله منه بطل النذر، وإذا عاد فقبله بعد امتناعه وجب دفعه إليه إذا كان النذر مطلقاً أو مؤقتاً ولم يخرج وقته بعد.
وإذا مات المنذور له قبل تحقّق النذر أو شبهه بطل النذر وانحل، وإذا مات بعد تحقّقه وقبل الوفاء به دفعه إلى وارثه تركة بينهم.
ـ إذا التزم بالنذر وشبهه دَفْعَ مبلغ من المال لمشهد مشرَّف أو مسجد أو نحوهما من الأماكن المشرفة أو الأماكن ذات المنفعة العامة، كالمبرات والمدارس والمستشفيات والمكتبات والحدائق والملاعب ونحوها، ولم يقصد الناذر جهة خاصة من جهات الصرف المتعلقة بشؤون ذلك المقام أو المكان، ولو لعدم وجود عرف يَحْصُر الصرفَ بجهة خاصة، وجب صرف المال بالدرجة الأولى في شؤون ذلك المكان ككيان له احتياجاته في إطار العنوان المنشأ لأجله، مثل عمارته وترميمه وصيانة تجهيزاته وتجديدها وإنارته وأجور العاملين فيه ونحو ذلك، فإن لم يكن بحاجة إلى شيء من ذلك، ولو مستقبلاً ليُدَّخر المال من أجله، جاز صرف المال في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم وانقطع بهم الطريق أو معالجة المرضى منهم، أو نحو ذلك من الأمور الضرورية، ومن ذلك مساعدة تلامذة المدرسة المنذور لها أو المبرة، أو رواد المستشفى أو المكتبة العامة، وذلك لما في الصرف على زواره وتلامذته ورواده من تعزيز لحرمة ودور ذلك المكان المشرَّف أو المرفق الحيوي الهام. هذا، ولو كان المنذور متاعاً للمشهد، وكان مستغنياً عن عينه أو لم يمكن الاستفادة منه فيه، جاز بيعه وصرف ثمنه في مصالحه بالترتيب المذكور.
ـ إذا نذر مالاً للنبي(ص) أو لبعض الأئمة الأطهار i أو لبعض أعاظم الماضين من العلماء والصالحين، فإن لم يكن قد قصد جهة صرف خاصة ولو لكونها متعارفة، وجب صرفه فيما يرجع إلى المنذور له من جهات الصرف، فيتخير بين صرفه على شؤون مقامه المختلفة، أو على نفقة المحتاجين من زواره، أو على إعلاء شأنه وإحياء ذكره بإقامة المجالس في ذكرى مولده ووفاته، ونشر علومه وفضائله، ونحو ذلك؛ وإذا لم يمكن إيصال المال إلى مقامه، أو كانت الجهة المشرفة على المقام غير مؤتمنة عليه، ولم يمكن صرفه عليه إلا من خلالها، وكانت قد استنفدت جوانب إحياء ذكره ونشر علومه وفضائله بحيث فضل عنها مال كثير، جاز التصدق بذلك المال على الفقراء عن ذلك المعصوم(ع) أو الولي.
هذا، وينبغي الالتفات إلى أن بعض الناس قد ينذرون مالاً لنفس القفص الموضوع حول ضريح المعصوم عليه السلام لا إلى صاحب الضريح، فإنْ نَذَرَ كذلك كان باطلاً لا يجب الوفاء به، وبخاصة إذا كان المشرفون على المقام غير مؤتمنين عليه أو كانوا من حكام الجور الغاشمين.
ـ يستحسن الوفاء بما جعله الإنسان على نفسه من الخير من دون أن يضيفه إلى الله تعالى، كأن قال: «نذر عليّ.. أو عهد عليّ أن أفعل كذا»، وكذا يحسن الوفاء بما لو كان النذر أو العهد لغير الله تعالى، كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام، فإنه وعد منه لهم بما هم عليه من رفعة المقام وعلو الشأن، بحيث يجدر منه الوفاء بوعده لهم كما لو كان قد واعدهم حال حياتهم رعايةً لعظيم حقهم عنده.
ـ إذا التزم المكلف بدفع شيء من ماله بنذر أو شبهه ولزمه الوفاء به فمات قبل الوفاء به، أخرج من ثلث الميت إن كان قد أوصى به، لا من أصل التركة.
ـ إذا التزم صوم شهر أجزأه صوم ما بين الهلالين من شهر قمري ولو كان تسعة وعشرين يوماً، إلا أن يشرع فيه أثناء الشهر، فإذا أتمه من الشهر الثاني وجب احتسابه ثلاثين يوماً. هذا إذا أطلق أو نص على كونه شهراً قمرياً، أما إذا نص على كونه شهراً شمسياً كفاه أي شهر منه ولو كان ناقصاً إذا شرع فيه من أوله.
ـ إذا التزم صوم سنة معينة استثنى منها يومي عيد الفطر والأضحى، فيفطر فيهما ولا قضاء عليه، أما إذا التزم صوم كل خميس فصادف بعضها أحد العيدين، أفطر فيه وعليه قضاؤه فيما بعد؛ وكما يصح الإفطار ـ بل يجب ـ لمصادفة يوم العيد لمن التزم صوم سنة معينة أو صوم يوم معين من كل أسبوع أو شهر، فإنه يجوز له الإفطار لغير ذلك من الأعذار، كالمرض والحيض والسفر، ويجب عليه ـ أيضاً ـ قضاؤه فيما بعد.
إلفات:
قد ذكرنا عدداً من أحكام الصوم الواجب بالنذر في مباحث الصوم ، وهو كما يصلح مورداً لما وجب بالنذر فإنه يصلح مورداً لما وجب باليمين أو العهد، لذا فإننا قد اقتصرنا هنا على ذكر ما لم نذكره هناك من فروع الصوم الواجب بالنذر وشبهه. (أنظر من الجزء الأول المسائل:
(948، 959، 960، 961، 962، 979، 996، 1005، 1006، 1009).
وفيه مسائل:
ـ إذا انعقد النذر وشبهه مستكملاً لشروطه المعتبرة فيه، ولم يطرأ عليه ما يوجب انحلاله، كان الوفاء به وحنثه على النحو التالي:
أولاً: إذا كان متعلق الالتزام في هذه الثلاثة هو من الأفعال لا من التروك، وكان منجزاً غير معلق، أو كان ـ في خصوص النذر والعهد ـ معلقاً على شرط وقد تحقّق ذلك الشرط، كان الوفاء به بالإتيان به في وقته الذي عيّنه له إن كان مؤقتاً، وبنفس الكيفية التي نص عليها أو قصدها في نفسه حين الالتزام؛ فإن لم يأت به في وقته حتى مضى، أو أتى به على غير الكيفية التي التزمها دون أن يعيده بما يوافقها حتى مضى الوقت، كان حانثاً، ولم ينفعه الإتيان به بعده إلا إذا وجب قضاؤه، كما سيأتي. ومما يعد من المؤقت ما لو كان له ـ بحسب طبيعته أو بالتعارف ـ مدى زمني تقريبي، بحيث يكون ما بعده خارجاً حتماً عن محط النظر، فيجب الوفاء به في داخل ذلك المدى، كالمؤقت، وذلك كما لو نذر التصدق على فلان اليتيم، فإن التصدق يجب أن يتم قبل بلوغ ذلك اليتيم سن التكليف رغم أنه لم يوقت الوفاء به، لأنه بالبلوغ يخرج عن عنوان اليتم الملحوظ في النذر؛ ومنه ـ أيضاً ـ ما لو قصد الإتيان به فوراً، فإن الوفاء به يكون بإتيانه في أول أزمنة الإمكان، والحنث بترك الإتيان به فيه.
وفي قبال هذا المؤقت ما لم يكن لمتعلقه وقت معين بالنحو الذي ذكرناه آنفاً، فإنَّ الوفاء به يمتد مع العمر، وساعة يشاء، والحنث بتركه حتى نهاية العمر، لكن لا يجوز له التأخير إلى حد يعدّ معه متساهلاً ومتهاوناً في أداء الواجب، إذ يعتبر عدم الوفاء به حينئذٍ معصية، رغم عدم كونه حانثاً به.
ثانياً: إذا كان متعلق الالتزام هو الترك في وقت محدد، أو في مدى زمني تقريبي يقتضيه التعارف أو طبيعة الشيء، كان الوفاء به بترك إيجاده البتة في ذلك الوقت، والحنثُ به بإيجاده ـ ولو مرة واحدة ـ فيه؛ فإن لم يكن مؤقتاً كان وفاؤه بتركه مدى العمر وحنثه بإيجاده ولو مرة على مدى العمر؛ سواءً ما كان من هذه الثلاثة منجزاً أو معلقاً وقد تحقّق شرطه.
ـ لا يتحقّق الحنث إلا بالمخالفة المتعمدة، فلو خالف ما التزمه بنذر أو عهد أو يمين نسياناً أو خطأ أو اضطراراً أو إكراهاً أو جهلاً يعذر فيه ـ كما لو حدث الجهل عن قصور أو عن اعتقاد خاطىء، بالحكـم أو الموضوع ـ لم يحنث به ووجب عليه الاستمرار عليه بالنحو الذي التزمه.
ـ إذا حنث عمداً وجبـت عليه الكفـارة، ووجب عليه ـ إضافة إليها ـ قضاء الصوم والصلاة إذا جعل لهما وقتاً ولم يأت بهما فيه بالنحو الذي حلف عليه أو نذره أو عاهد عليه، أما غير الصلاة والصوم من الأعمال التي يلتزمها ويحنث بها، كالصدقة وعيادة المريض والمرابطة ونحوها، فإنه لا يجب عليه قضاؤها إذا مضى وقتها ولم يأت بها؛ هذا، وكما يجب قضاء الصوم والصلاة عند تعمد المخالفة فإنه يجب ـ أيضاً ـ مع عدم الإتيان بهما في وقتهما لا عن عمد.
ـ تختلف الكفارة الواجبة عند الحنث على النحو التالي:
أولاً: كفارة مخالفة اليمين والنذر: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعة.
ثانياً: كفارة مخالفة العهد مثل كفارة الإفطار عمداً في شهر رمضان، أي إنه يتخير بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.
ـ إذا التزم ـ بنذر أو شبهه ـ التصدق بعين شخصية من بين أمواله، نقداً كانت أو عَروضاً، فحكم جواز التصرف فيها وعدمه يختلف في موردين:
الأول: ما يكون منها قبل لزوم الوفاء بها، فيجوز في هذا المورد أن يتصرف بالعين المنذورة ـ مثلاً ـ في حاجاته مع بقائها، بل يجوز التصرف بها بما يوجب إتلافها أو نقلها عن ملكه إلا أن يعلم بتحقّق نذره فيما بعد، أو يكون نذره مشتملاً على ما يفيد الالتزام بإبقاء العين إلى أن يتبين له تحقّق المعلق عليه، فلا يجوز له التصرف فيها حينئذ؛ فإذا تصرف بها تصرفاً ناقلاً أو متلفاً حيث يجوز له ذلك كان حانثاً ولا كفارة عليه، وإن تصرف بها كذلك حيث لا يجوز، فإن كان تصرفاً ناقلاً وأمكن استرجاعها وجب ووفى بها، وإن لم يمكن استرجاعهـا ـ أو كان التصرّف متلفاً ـ كان حانثاً وعليه الكفارة.
الثاني: ما يكون منها بعد لزوم الوفاء بها، وذلك إما لأنه معلق وقد تحقّق شرطه أو لأنه نذر منجز قد لزم الوفاء به؛ وهنا ـ أيضاً ـ يجوز له التصرف فيها في حاجاته ـ ولو بدون ضرورة ـ مع بقاء العين، فيما لا يجوز له منها ما يوجب إتلاف العين المنذورة أو نقلها عن ملكه أو تبديلها بعين غيرها، فلو نقلها عن ملكه بطل النقل ووجب استرجاعها، وإن بدّلها بغيرها لم يغن البديل عنها ووجب استرجاع المبدل منه، فإن لم يمكن استرجاعها في هذين الفرضين، أو كان قد أتلفها عن عمد، كان حنثاً بنذره ولزمته الكفارة؛ وأما إن حدث شيء من ذلك بدون تعمد فينحل النذر ولا شيء عليه، كما أنه في حالتي تلفها أو إتلافها لا ضمان على الناذر.
ـ إذا كان متعلق النذر وشبهه هو التصدق على شخص معين لزم دفع المال إليه حتى لو أبرأه المنذور له منه، وإن كان لا يجب على المنذور له قبوله، فإن دفعه إليه فلم يقبله منه بطل النذر، وإذا عاد فقبله بعد امتناعه وجب دفعه إليه إذا كان النذر مطلقاً أو مؤقتاً ولم يخرج وقته بعد.
وإذا مات المنذور له قبل تحقّق النذر أو شبهه بطل النذر وانحل، وإذا مات بعد تحقّقه وقبل الوفاء به دفعه إلى وارثه تركة بينهم.
ـ إذا التزم بالنذر وشبهه دَفْعَ مبلغ من المال لمشهد مشرَّف أو مسجد أو نحوهما من الأماكن المشرفة أو الأماكن ذات المنفعة العامة، كالمبرات والمدارس والمستشفيات والمكتبات والحدائق والملاعب ونحوها، ولم يقصد الناذر جهة خاصة من جهات الصرف المتعلقة بشؤون ذلك المقام أو المكان، ولو لعدم وجود عرف يَحْصُر الصرفَ بجهة خاصة، وجب صرف المال بالدرجة الأولى في شؤون ذلك المكان ككيان له احتياجاته في إطار العنوان المنشأ لأجله، مثل عمارته وترميمه وصيانة تجهيزاته وتجديدها وإنارته وأجور العاملين فيه ونحو ذلك، فإن لم يكن بحاجة إلى شيء من ذلك، ولو مستقبلاً ليُدَّخر المال من أجله، جاز صرف المال في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم وانقطع بهم الطريق أو معالجة المرضى منهم، أو نحو ذلك من الأمور الضرورية، ومن ذلك مساعدة تلامذة المدرسة المنذور لها أو المبرة، أو رواد المستشفى أو المكتبة العامة، وذلك لما في الصرف على زواره وتلامذته ورواده من تعزيز لحرمة ودور ذلك المكان المشرَّف أو المرفق الحيوي الهام. هذا، ولو كان المنذور متاعاً للمشهد، وكان مستغنياً عن عينه أو لم يمكن الاستفادة منه فيه، جاز بيعه وصرف ثمنه في مصالحه بالترتيب المذكور.
ـ إذا نذر مالاً للنبي(ص) أو لبعض الأئمة الأطهار i أو لبعض أعاظم الماضين من العلماء والصالحين، فإن لم يكن قد قصد جهة صرف خاصة ولو لكونها متعارفة، وجب صرفه فيما يرجع إلى المنذور له من جهات الصرف، فيتخير بين صرفه على شؤون مقامه المختلفة، أو على نفقة المحتاجين من زواره، أو على إعلاء شأنه وإحياء ذكره بإقامة المجالس في ذكرى مولده ووفاته، ونشر علومه وفضائله، ونحو ذلك؛ وإذا لم يمكن إيصال المال إلى مقامه، أو كانت الجهة المشرفة على المقام غير مؤتمنة عليه، ولم يمكن صرفه عليه إلا من خلالها، وكانت قد استنفدت جوانب إحياء ذكره ونشر علومه وفضائله بحيث فضل عنها مال كثير، جاز التصدق بذلك المال على الفقراء عن ذلك المعصوم(ع) أو الولي.
هذا، وينبغي الالتفات إلى أن بعض الناس قد ينذرون مالاً لنفس القفص الموضوع حول ضريح المعصوم عليه السلام لا إلى صاحب الضريح، فإنْ نَذَرَ كذلك كان باطلاً لا يجب الوفاء به، وبخاصة إذا كان المشرفون على المقام غير مؤتمنين عليه أو كانوا من حكام الجور الغاشمين.
ـ يستحسن الوفاء بما جعله الإنسان على نفسه من الخير من دون أن يضيفه إلى الله تعالى، كأن قال: «نذر عليّ.. أو عهد عليّ أن أفعل كذا»، وكذا يحسن الوفاء بما لو كان النذر أو العهد لغير الله تعالى، كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام، فإنه وعد منه لهم بما هم عليه من رفعة المقام وعلو الشأن، بحيث يجدر منه الوفاء بوعده لهم كما لو كان قد واعدهم حال حياتهم رعايةً لعظيم حقهم عنده.
ـ إذا التزم المكلف بدفع شيء من ماله بنذر أو شبهه ولزمه الوفاء به فمات قبل الوفاء به، أخرج من ثلث الميت إن كان قد أوصى به، لا من أصل التركة.
ـ إذا التزم صوم شهر أجزأه صوم ما بين الهلالين من شهر قمري ولو كان تسعة وعشرين يوماً، إلا أن يشرع فيه أثناء الشهر، فإذا أتمه من الشهر الثاني وجب احتسابه ثلاثين يوماً. هذا إذا أطلق أو نص على كونه شهراً قمرياً، أما إذا نص على كونه شهراً شمسياً كفاه أي شهر منه ولو كان ناقصاً إذا شرع فيه من أوله.
ـ إذا التزم صوم سنة معينة استثنى منها يومي عيد الفطر والأضحى، فيفطر فيهما ولا قضاء عليه، أما إذا التزم صوم كل خميس فصادف بعضها أحد العيدين، أفطر فيه وعليه قضاؤه فيما بعد؛ وكما يصح الإفطار ـ بل يجب ـ لمصادفة يوم العيد لمن التزم صوم سنة معينة أو صوم يوم معين من كل أسبوع أو شهر، فإنه يجوز له الإفطار لغير ذلك من الأعذار، كالمرض والحيض والسفر، ويجب عليه ـ أيضاً ـ قضاؤه فيما بعد.
إلفات:
قد ذكرنا عدداً من أحكام الصوم الواجب بالنذر في مباحث الصوم ، وهو كما يصلح مورداً لما وجب بالنذر فإنه يصلح مورداً لما وجب باليمين أو العهد، لذا فإننا قد اقتصرنا هنا على ذكر ما لم نذكره هناك من فروع الصوم الواجب بالنذر وشبهه. (أنظر من الجزء الأول المسائل:
(948، 959، 960، 961، 962، 979، 996، 1005، 1006، 1009).