الوصية بالولاية على القاصر

الوصية بالولاية على القاصر

وفيه مسائل:

م ـ471:  لا يخفى أن الولاية على القاصر من الأمور المهمة التي يحرص عليها الإنسان بعد وفاته ليكفل لأولاده القاصرين رعايةً حسنةً وحياةً مستقرةً، و(القاصر) مصطلح فقهي يراد به: (من لم يحز أهلية التصرف الشرعي بشؤونه وأمواله لفقدانه شرط البلوغ والرشد معاً)، ولا يرتفع هذا العنوان عن الولد إلا بعد بلوغه ورشده، فلو كان رشيداً قبل بلوغه، أو بلغ غير رشيد، لم يكف ذلك في ارتفاع عنوان )القاصر( عنه ولا في استقلاله في شؤونه وأمواله؛ وعملية الرعاية لهذا القاصر يصطلح عليها بـ()الولاية) أو (القيمومة)، ويعبر عن المشرف والراعي للقاصر بـ(الولي)، وبخاصة إذا كان هو الأب أو الجد للأب أو الحاكم الشرعي، وبـ(القيم)، والقيِّم لفظ يكاد يختص بالمنصوب لذلك من قبل أحد هؤلاء الثلاثة، وإن كان يصح إطلاقه عليهم أيضاً، فإن قيل له )الوصي( كان المراد به دائماً من هو غير هؤلاء الثلاثة الذين تنبع ولايتهم من أنفسهم، وهو المنصوب من قبل الأب أو الجد للأب من أجل ذلك بخصوصه، أو من أجل غيره من شؤونه، بعد وفاته.

م ـ472:  تصح الوصية بالقيمومة على القاصر من الأب والجد للأب شرط فقد الآخر، فلا تصح وصية الولد بالقيمومة على أولاده في حياة أبيه، وكذا لا تصح وصية الجد بالقيمومة على أحفاده في حياة والدهم؛ أما الأم أو والدها أو الإخوة أو الأعمام فلا تصح منهم الوصية بها على القاصرين من أولادهم وأسباطهم وإخوتهم وأولاد إخوتهم، لأنهم لم يُجعلوا ـ أولياء  في الشريعة ـ  عليهم حتى يكون لهم حق نصب قيِّم عليهم بعد وفاتهم، بل إن الولي بعد فقد الأب والجد للأب والوصي من أحدهما هو الحاكم الشرعي. ومثل هؤلاء في عدم صحة الوصية منه بجعل قيّمٍ على القاصر الوصيُّ نفسُه، فإنه وإن كان هو القيم على القاصر لكن قيمومته منحصرة بحال حياته إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في ذلك، ومثله في ذلك الحاكم الشرعي، فهو وإن كان له الحق حال حياته بتعيين قيِّم على القاصر، لكنه ليس له الحق بنصب قيِّم عليه بعد وفاته إذا توفر حاكم شرعي غيره يمكنه توليه ورعايته، فإن لم يوجد حاكم شرعي غيره، أو وُجدَ ولكن لم يمكن الوصول إليه، وخيف على ذلك القاصر من الأذى والفساد، جاز للحاكم الشرعي  حينئذ  أن يوصي من يتولاّه بعد وفاته، وتصح وصيته.

م ـ473: إن الوصية بجعل قيم على القاصر هي وصية بالتولية والرعاية لشؤون ذلك القاصر بما في ذلك تدبير أمواله، وهي بهذا المعنى تَجعل الوصيَّ بمنزلة الولي الأصلي ومقدَّماً على الحاكم الشرعي في النظر والتدبير، ولكن ينبغي الالتفات إلى وجود فارق مهم بين ولاية الوصي وولاية الأصيل، فإن ولاية الأصيل، وهو الأب والجد للأب والحاكم الشرعي تتعلق مباشرة بالتصرف والإدارة والإشراف على جميع الشؤون التفصيلية العائدة للقاصر بما في ذلك تولية من يقوم مقامهم بالإدارة، بينما لا تتعلق ولاية الوصي مباشرة بأنواع التصرفات التفصيلية، بل إن الشي‏ء الذي أوصي له به هو (الولاية)، وهي تستلزم بطريقة غير مباشرة التصرف التفصيلي والإدارة والإشراف، وعليه، فإنه لا يصح للإنسان، كالأب مثلاً، أن يوصي لغير الجد والحاكم الشرعي بمباشرة أمر تفصيلي كتدبير أموال الصغير وأملاكه، وذلك كأن يوصي لذلك الصغير بمبلغ من المال ويُوكل أمر تدبيره لوصيٍّ هو غير الجد وغير الحاكم الشرعي، لأن الوصية المباشرة بتدبير المال المملوك للصبي منافية لولاية الجد الموجود أو لولاية الحاكم الشرعي عند فقد الجد؛ نعم يصح للأب مثلاً أن يوصي بمال لولده الصغير ويودعه عند أجنبي ويوصيه بدفعه له عند بلوغه حتى مع وجود الجد والحاكم الشرعي.

م ـ474: يجوز للأب والجد أن يجعل القيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر، كذلك يجوز له جعل ناظرٍ مع الوصي بالنحو الذي سيأتي تفصيله في مبحث الوصي.

م ـ475: إذا أطلق الموصي ولاية القيِّم شملت كل جوانب التصرف المناسب لأولاده القاصرين، كحفظ نفوسهم وأموالهم وتربيتهم والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ودفع ما يترتب عليهم دفعه من نفقات السكن والخدم والضمانات والضرائب والحقوق الشرعية وغير ذلك. أما الولاية على تزويجهم وتفاصيل أخرى لها علاقة ببعض ما ورد فقد ذكر بعضها سابقاً ويذكر بعضها الآخر في محله لاحقاً.

وإذا قيّدها بمجال دون مجال انحصرت صلاحياته فيما قيده به، ولم يكن له التعدي إلى غيره من شؤون القاصرين، بل يكون النظر في ما يخرج عن صلاحيات  الوصي للحاكم الشرعي إن وجد، وإلا فلعدول المؤمنين الذين قد يكون هو منهم فيجوز له توليها حينئذ، إلا أن يفهم من التقييد عدم رغبة الموصي بتولي الوصي لها.

هذا، وسوف نذكر في (مبحث الوصي) مزيداً من التفاصيل حول بعض هذه الأمور وغيرها.



وفيه مسائل:

م ـ471:  لا يخفى أن الولاية على القاصر من الأمور المهمة التي يحرص عليها الإنسان بعد وفاته ليكفل لأولاده القاصرين رعايةً حسنةً وحياةً مستقرةً، و(القاصر) مصطلح فقهي يراد به: (من لم يحز أهلية التصرف الشرعي بشؤونه وأمواله لفقدانه شرط البلوغ والرشد معاً)، ولا يرتفع هذا العنوان عن الولد إلا بعد بلوغه ورشده، فلو كان رشيداً قبل بلوغه، أو بلغ غير رشيد، لم يكف ذلك في ارتفاع عنوان )القاصر( عنه ولا في استقلاله في شؤونه وأمواله؛ وعملية الرعاية لهذا القاصر يصطلح عليها بـ()الولاية) أو (القيمومة)، ويعبر عن المشرف والراعي للقاصر بـ(الولي)، وبخاصة إذا كان هو الأب أو الجد للأب أو الحاكم الشرعي، وبـ(القيم)، والقيِّم لفظ يكاد يختص بالمنصوب لذلك من قبل أحد هؤلاء الثلاثة، وإن كان يصح إطلاقه عليهم أيضاً، فإن قيل له )الوصي( كان المراد به دائماً من هو غير هؤلاء الثلاثة الذين تنبع ولايتهم من أنفسهم، وهو المنصوب من قبل الأب أو الجد للأب من أجل ذلك بخصوصه، أو من أجل غيره من شؤونه، بعد وفاته.

م ـ472:  تصح الوصية بالقيمومة على القاصر من الأب والجد للأب شرط فقد الآخر، فلا تصح وصية الولد بالقيمومة على أولاده في حياة أبيه، وكذا لا تصح وصية الجد بالقيمومة على أحفاده في حياة والدهم؛ أما الأم أو والدها أو الإخوة أو الأعمام فلا تصح منهم الوصية بها على القاصرين من أولادهم وأسباطهم وإخوتهم وأولاد إخوتهم، لأنهم لم يُجعلوا ـ أولياء  في الشريعة ـ  عليهم حتى يكون لهم حق نصب قيِّم عليهم بعد وفاتهم، بل إن الولي بعد فقد الأب والجد للأب والوصي من أحدهما هو الحاكم الشرعي. ومثل هؤلاء في عدم صحة الوصية منه بجعل قيّمٍ على القاصر الوصيُّ نفسُه، فإنه وإن كان هو القيم على القاصر لكن قيمومته منحصرة بحال حياته إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في ذلك، ومثله في ذلك الحاكم الشرعي، فهو وإن كان له الحق حال حياته بتعيين قيِّم على القاصر، لكنه ليس له الحق بنصب قيِّم عليه بعد وفاته إذا توفر حاكم شرعي غيره يمكنه توليه ورعايته، فإن لم يوجد حاكم شرعي غيره، أو وُجدَ ولكن لم يمكن الوصول إليه، وخيف على ذلك القاصر من الأذى والفساد، جاز للحاكم الشرعي  حينئذ  أن يوصي من يتولاّه بعد وفاته، وتصح وصيته.

م ـ473: إن الوصية بجعل قيم على القاصر هي وصية بالتولية والرعاية لشؤون ذلك القاصر بما في ذلك تدبير أمواله، وهي بهذا المعنى تَجعل الوصيَّ بمنزلة الولي الأصلي ومقدَّماً على الحاكم الشرعي في النظر والتدبير، ولكن ينبغي الالتفات إلى وجود فارق مهم بين ولاية الوصي وولاية الأصيل، فإن ولاية الأصيل، وهو الأب والجد للأب والحاكم الشرعي تتعلق مباشرة بالتصرف والإدارة والإشراف على جميع الشؤون التفصيلية العائدة للقاصر بما في ذلك تولية من يقوم مقامهم بالإدارة، بينما لا تتعلق ولاية الوصي مباشرة بأنواع التصرفات التفصيلية، بل إن الشي‏ء الذي أوصي له به هو (الولاية)، وهي تستلزم بطريقة غير مباشرة التصرف التفصيلي والإدارة والإشراف، وعليه، فإنه لا يصح للإنسان، كالأب مثلاً، أن يوصي لغير الجد والحاكم الشرعي بمباشرة أمر تفصيلي كتدبير أموال الصغير وأملاكه، وذلك كأن يوصي لذلك الصغير بمبلغ من المال ويُوكل أمر تدبيره لوصيٍّ هو غير الجد وغير الحاكم الشرعي، لأن الوصية المباشرة بتدبير المال المملوك للصبي منافية لولاية الجد الموجود أو لولاية الحاكم الشرعي عند فقد الجد؛ نعم يصح للأب مثلاً أن يوصي بمال لولده الصغير ويودعه عند أجنبي ويوصيه بدفعه له عند بلوغه حتى مع وجود الجد والحاكم الشرعي.

م ـ474: يجوز للأب والجد أن يجعل القيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر، كذلك يجوز له جعل ناظرٍ مع الوصي بالنحو الذي سيأتي تفصيله في مبحث الوصي.

م ـ475: إذا أطلق الموصي ولاية القيِّم شملت كل جوانب التصرف المناسب لأولاده القاصرين، كحفظ نفوسهم وأموالهم وتربيتهم والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ودفع ما يترتب عليهم دفعه من نفقات السكن والخدم والضمانات والضرائب والحقوق الشرعية وغير ذلك. أما الولاية على تزويجهم وتفاصيل أخرى لها علاقة ببعض ما ورد فقد ذكر بعضها سابقاً ويذكر بعضها الآخر في محله لاحقاً.

وإذا قيّدها بمجال دون مجال انحصرت صلاحياته فيما قيده به، ولم يكن له التعدي إلى غيره من شؤون القاصرين، بل يكون النظر في ما يخرج عن صلاحيات  الوصي للحاكم الشرعي إن وجد، وإلا فلعدول المؤمنين الذين قد يكون هو منهم فيجوز له توليها حينئذ، إلا أن يفهم من التقييد عدم رغبة الموصي بتولي الوصي لها.

هذا، وسوف نذكر في (مبحث الوصي) مزيداً من التفاصيل حول بعض هذه الأمور وغيرها.



اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية