بعد أن يتمّ الحاجّ وقوفه في مزدلفة، يجب عليه الإفاضة إلى منى لأداء سلسلة من الأعمال الواجبة فيها يوم العيد؛ وهذه الأعمال هي: رمي جمرة العقبة، والذبح، والحلق أو التقصير، وتفصيل ذلك على الشكل التالي:
الواجب الأول: رمي جمرة العقبة:
الجمرة اسم للموضع الذي يرميه الحاجّ تأسيّاً بالنبيّ(ص)، والجمار ثلاثة: الصغرى والوسطى وجمرة العقبة المعروفة عند الناس بـ«الجمرة الكبرى». والواجب في يوم العيد رمي جمرة العقبة فقط دون الجمرتين الأخريين، ورميها هو أوّل أعمال منى يوم العيد.
وقت الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجوز للنساء، وسائر من رُخّص لهم الإفاضة من مزدلفة من الليل أن يرموا ليلة العيد ويجزىء عنهم.
ويُعتبر في الرمي أمور:
أ - نيّة القربة والإخلاص لله تعالى.
ب - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزىء أقل من ذلك، كما لا يجزىء غير الحصى من الأجسام.
ت - أن يكون رمي الحصيات على التعاقب، أي واحدة بعد واحدة، حتى يكمل سبعةً، فلو أخذ السبعة بيده أو أقلّ من ذلك ورمى بها دفعة واحدة لم يجزئه ما فعله، ويجب أن يعيد الرمي على التعاقب.
ث - أن تصيب الحصيات الجمرة ثم تقع في الحوض، أو تصيب مجمع الحصى في الحوض مباشرة، فلا يعتدّ بما لا يصيب كذلك؛ لأن الجمرة هي مجمع الحصى، لا العمود نفسه.
ج - أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزىء وضعها على الجمرة وضعاً من غير رمي.
ح - أن يكون كلّ من الإصابة والرمي بفعله، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه إنسان بيده فانطلقت الحصاة قهراً إلى الجمرة لم تجزئه تلك الحصاة، ولزمه رمي غيرها. نعم، إذا رمى الحصاة، فلاقت في طريقها شيئاً فطفرت منه إلى الجمرة فالظاهر الإجزاء.
خ - أن يكون الرمي بيده مباشرة، فلو رمى الحصيات بآلة - كالمقلاع - لم يجزئه على الأحوط.
م ـ 239: يعتبر في الحصيات التي تُرمى بها جمرة العقبة، بل كلّ الجمار، أمران:
أ - أن تكون من الحرم، وهي مكَّة ومحيطها بدائرة شعاعها 22 كلم تقريباً، والأفضل أخذها من المشعر الحرام (مزدلفة) ممّا تقدّم بيانه في آداب الوقوف بمزدلفة.
هذا، ورغم أن خصوص المسجد الحرام في مكَّة ومسجد الخيف بمنى من الحرم، إلا أنّه لا يجوز التقاط الحصى منهما، ولا تجزىء في الرمي، وهذا الفرض لا ابتلاء به في زماننا لعدم وجود حصى في حرم المسجد الحرام ومسجد الخيف.
ب - أن تكون الحصيات أبكاراً على الأحوط، بمعنى أن لا تكون قد استعملت في الرمي قبل ذلك. ويُستحبّ فيها أن تكون ملوّنة ومنقّطة ورخوة، وأن يكون حجمها بمقدار أنملة.
م ـ 240: بعدما تبيّن أنَّ الجمرة هي مجمع الحصى لا العمود نفسه، فما يُزاد على الجمرة حديثاً - ارتفاعاً أو عرضاً - يكفي الرمي عليه، مع سقوط الحصى في الحوض.
م ـ 241: إذا شكّ في الإصابة وعدمها بنى على عدم الإصابة ولزمه رمي بدل عمّا شكّ في إصابته، ولكن لو حصل له الشكّ بعد الدخول في العمل التالي من أعمال يوم العيد أو بعد انقضاء وقت الرمي، كما إذا حصل له الشكّ بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل بنى على صحة عمله. وكذلك الحكم لو شكّ في أصل الرمي، أي شكّ أنّه هل رمى أو لا، فإنه يبنى على الإتيان به إذا شك بعد التجاوز إلى غيره أو خرج الوقت.
م ـ 242: إذا كان المكلّف ضعيف البصر، ولم يكن بإمكانه التأكد من إصابة الجمرة، ولو بالاستعانة بغيره بنى على اطمئنانه.
م ـ 243: إذا لم يتمكّن الحاجّ من رمي جمرة العقبة يوم العيد لعارضٍ من نسيان أو جهل بوجوب الرمي في حينه، أو غير ذلك من الأعذار، لزمه التدارك حين ارتفاع العارض في النهار حتى مغيب الشمس، فإذا لم يرتفع العارض إلا في الليل أخّر الرمي إلى النهار من اليوم التالي، إلا أن يكون قد رُخّص له الرمي ليلاً كما سيأتي في رمي الجمار في أيام التشريق.
أمّا بالنسبة للحد الأقصى لزمان التدارك فهنا حالتان:
1 - أن يكون ارتفاع العارض والحاج لا يزال بمنى أو بمكَّة، حتى لو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، فإن عليه أن يرمي ويجزيه ذلك، وإن كان الأفضل - عند ارتفاع العارض بعد اليوم الثالث عشر - أن يرمي ثم يعيد الرمي في وقته المحدَّد له في السنة القادمة بنفسه إن حجّ، أو يستنيب من يرمي عنه إن لم يحجّ بنفسه.
2 - أن يرتفع العارض بعد خروجه من مكَّة، فهنا لايجب عليه الرجوع للرمي، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بواسطة النائب عنه في ذلك على الأوْلى.
م ـ 244: إذا لم يكن المكلّف ممن رُخِّص لهم في الرمي ليلاً، ومع ذلك رمى جمرة العقبة في اليوم العاشر قبل شروق الشمس، فيجب عليه إعادة الرمي بعد الشروق، فإن فاته الرمي يوم العيد لزمه تدارك الرمي حسب التفصيل المذكور في المسألة السابقة.
ولو لم يستطع الحاجّ الرمي بعد الشروق بسبب كثرة الزحام يوم العيد، ولكنه يستطيع الرمي لو انتظر إلى الظهر أو قبله أو بعده، ولكن ذلك يؤثر على ذبحه في ذلك اليوم، لأن المتولّين للذبح لا ينتظرونه - مثلاً - أو لغير ذلك من الاعذار لم يجز له الاستنابة، بل يمكنه تحقيق الذبح قبل الرمي ويؤخر الرمي إلى وقت إمكانه.
م ـ 245: إذا لم يرمِ يوم العيد نسياناً أو جهلاً، فتذكّر أو علم بعد الطواف لم يجب عليه إعادة الطواف بعد تدارك الرمي، وإن كانت الإعادة أفضل، وكذا إذا كان الترك لعارض آخر غير الجهل والنسيان، وارتفع العارض بعد الطواف، وبتعبير آخر: إنّه وإن كان الرمي قبل الطواف بحسب ترتيب الأعمال، فإنّه في صورة عدم الرمي بسبب العارض لا يجب على الحاجّ تحقيق الترتيب وإعادة الطواف بعد الرمي وإن كان هو الأفضل.
م ـ 246: المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه - كالمريض - ولا يُرجى ارتفاع عذره يجب عليه أن يستنيب من يرمي عنه في يوم العيد، وكذا حكم من لم يتمكّن من الرمي يوم العيد من شدّة الزحام، ولا يجوز له تأخير الرمي إلى الليل أو إلى اليوم التالي.
ولو اتفق زوال العذر فالأحوط أن يرمي بنفسه أيضاً.
فرعٌ: في مستحبات رمي الجمرات:
يُستحبّ في رمي جمرة العقبة - ورمي الجمرات عموماً - أمور:
1 - أن يكون الرامي راجلاً لا راكباً.
2 - أن يكون الرامي على طهارة.
3 - المشي للرمي على سكينة ووقار حتى يصل إلى الجمرة
4 - أن يستدبر القبلة ويستقبل جمرة العقبة، بخلاف الجمرتين الأخريين، فإنه يرميهما مستقبلاً للقبلة.
5 - أن يبتعد عن الجمرة بمقدار عشرة أذرع، والأفضل خمسة عشر ذراعاً.
6 - أن يضع الحصيات في يده اليُسرى ويرمي باليد اليمنى.
7 - أن يقول عند الرمي ما رواه معاوية بن عمار عن الإمام الصادق(ع): «اللهم إنَّ هذه حصياتٌ فاحصهنّ لي، وارفعْهُنَّ في عملي».
8 - وضع الحصاة على الإبهام إن أمكن، ودفعها بظفر السبابة.
9 - أن يقول عند كل حصاة يرميها: «الله أكبر، اللهُم ادْحَر عَنّي الشيطان، اللَّهُمَّ تصديقاً بكتابِك وعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّد(ص)، اللَّهُمَّ اجْعله حَجَّاً مَبْرواً وَعَملاً مَقْبُولاً وسَعْيَاً مَشْكُوراً وَذْنَباً مَغْفُوراً»، ويجوز الاقتصار على التكبير فقط. وأن يقول بعد إكمال الرمي والرجوع إلى منزله في منى: «اللَّهُم بِكَ وثقت، وعليك توكّلت، فنعم الربّ ونِعْمَ المَوْلى ونعم النصير».
الواجب الثاني: الذبح أو النحر:
والمراد هو ذبح الهدي أو نحره في يوم العيد، والهدي هو أحد الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، ويعتبر الماعز من الغنم. والذبح يكون في الأنعام الثلاثة، وتنفرد الأبل باختصاصها بالنحر.
وذبح الهدي أو نحره واجب في حجّ التَّمتُّع، وسيأتي وجوبه أيضاً في حجّ القران دون حجّ الإفراد. وأمّا تفاصيل هذا الواجب وأحكامه فنبيّنها على النحو التالي:
أولاً: في صفات الهدي:
م ـ 247: تقدّم وجوب كون الهدي من النعم الثلاثة: الإبل والبقر والغنم - ومنه المعز -، إلا أنّه لا يكفي أياً من هذه الأنعام ما لم تتوفّر فيه أمور معيّنة، وذلك كالآتي:
1 - العمر، وذلك على النحو الآتي:
أ - الإبل: ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة.
ب - البقر والمعز: ما أكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط وجوباً.
ج - الضأن، أي الغنم: ما أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية على الأحوط وجوباً.
2 - السلامة، ونعني بهذا الشرط سلامة الخارج، أي بأن يكون تامّ الأعضاء، وسلامة الداخل من حيث السمن والهزال والصحّة والمرض، وتفصيل ذلك في نقطتين:
أ - يعتبر في الهدي أن يكون تامّ الأعضاء، فلا يجزىء الأعور ولا الأعرج، ولا المقطوع أذنه إلا أن يكون قد خلق كذلك، ولا يجزىء المكسور قرنه الداخل، ونحو ذلك، وكذا لا يكفي الخصي إلا مع عدم توفّر غيره. ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان الأفضل اختيار ما كان سالماً من ذلك أيضاً، كما أن الأفضل أن لا يكون فاقد القَرْن أو الذَنَب من أصل خلقته.
ب - يعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً، والأفضل أن لا يكون مريضاً ولا موجوءاً ولا مرضوض الخصيتين ولا كبيراً لا مخّ له.
م ـ 248: إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته من العيوب الخارجية المتقدّمة ودفع ثمنه، ثمّ اكتشف - بعد دفعه الثمن - أنّه معيب، فلا يجب عليه شراء هدي آخر سالم من العيوب، بل يجوز له ذبحه ويجزئه عن الواجب.
م ـ 249: إذا اشترى هدياً على أنّه سمين، فتبيّن بعد ذلك أنّه مهزول، أجزأه عن الواجب، سواء كان اكتشافه قبل الذبح أو بعده. وكذلك يجزيه إذا كان عنده كبش - مثلاً - فذبحه معتقداً أنّه سمين فبان مهزولاً.
م ـ 250: إذا ذبح الهدي، ثم شكّ في أنّه هل كان واجداً للشرائط أو لم يكن، أو شكّ في تماميّته ونقصانه من حيث الصفات الخارجية، أو أنَّ ذبحه هل كان في المكان المطلوب شرعاً أو خارجه، لم يعتنِ بشكّه، وبنى على صحّة ما أتى به. وأمّا إذا شكّ في هزال الهدي، فذبحه برجاء أن لا يكون مهزولاً، وتحقّق منه قصد القربة المعتبر في الهدي، ثمّ ظهر له بعد الذبح أنّه لم يكن مهزولاً لم يجب عليه الإتيان به مرّة أخرى، وأجزأه ما صنع. وأما إن تبيّن أنه مهزول لم يجزئه ما صنع ولزمه ذبح هدي آخر.
م ـ 251: إذا اشترى هدياً سليماً لحجّ التَّمتُّع فمرض - بعدما اشتراه - أو أصابه كسرٌ أو عيب أجزأه، ولا يلزمه إبداله.
م ـ 252: إذا لم يجد شيئاً من الأنعام الثلاثة واجداً للشروط المعتبرة في الهدي في أيام النحر، أي يوم العيد وأيام التشريق - 11 و12 و13 ذي الحجّة - أجزأه الهدي الذي يشتمل على أكبر قدر من الشروط، وكذلك الحال إذا كان ما معه من المال لا يكفي إلا لشراء الفاقد للشروط.
م ـ 253: يُستحبّ في الهدي:
أ - أن يكون سميناً.
ب - أن يكون من إناث الإبل والبقر، أو ذكور الغنم، أو كبشاً أسود، ثمّ أملح أقرن، أي ذو قرن عظيم الهيئة.
ثانياً: في شروط الذبح:
يُعتبر في الذبح عدة أمور نذكرها على النحو التالي:
1 - زمان الذبح، وهو يوم العيد في العاشر من ذي الحجّة، فلا يجوز تقديمه على يوم العيد إلا للخائف، فإنّه يجوز له الذبح أو النحر في ليلة العيد. ومقتضى الاحتياط أن لا يؤخّر الذبح أو النحر عن يوم العيد، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق، وعندئذٍ يجوز له الحلق أو التقصير ويحلّ من إحرامه، ولكن لا يجوز له الإتيان بأيّ من أعمال مكَّة إلا بعد الذبح أو النحر. كما أن الأحوط وجوباً عدم الذبح في الليل مطلقاً، حتى الليالي التي تتوسّط أيام التشريق، إلا للخائف. وعلى كل حال فإنّه لو خالف وذبح في الليل أجزأه. نعم، قد يترتب عليه الإثم.
2 - مكان الذبح، وهو منى، فلا يجوز في الأصل الذبح في غير منى، ولكن حيث لا يمكن الذبح بمنى بسبب كثرة الحجّاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فإنّه يجوز الذبح أو النحر في وادي محسّر، وهي المنطقة الفاصلة بين منى ومزدلفة، أو حيث محل المجازر الآن، أو في أي مكان آخر من منطقة الحجّ بما في ذلك مكَّة، ولا وجه لسقوط الهدي في موسم الحجّ لأجل ذلك، وكذا لا وجه للقول بإمكان ذبحه في بلد المكلف، فإن الهدي من شعائر الحجّ، ولذا لا بد من ذبحه كعمل من أعمال الحجّ في وقته حيث يمكن، وفي الحرم لا خارجه.
3 - الترتيب، وذلك بأن يكون الذبح بعد الرمي على الأحوط وجوباً، ولكنّه لو قدّم الذبح على الرمي جهلاً أو نسياناً أو لاعتبار آخر أو لضرورةٍ صحّ ما وقع منه، ولم يحتج إلى الإعادة. وكذلك يصحّ إذا قدّمه عمداً، وإن كان آثماً في هذه الصورة، والأفضل الإعادة في صورة التعمّد.
4 - الوحدة، بمعنى أنّه لا يجزىء هديٌ واحدٌ إلا عن شخص واحد إذا كان متمكّناً من ذلك. أمّا إذا لم يتمكّن من الهدي مستقلاً، وتمكّن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط وجوباً الجمع بين الشركة في الهدي والصوم بالنحو الآتي ذكره.
م ـ 254: إذا لم يتمكّن من الهدي فهنا حالتان:
1 - أن لا يتمكّن من ثمن الهدي أيضاً، فيجب عليه أن يصوم - بدلاً عن الهدي - عشرة أيام: ثلاثة منها في شهر ذي الحجّة، والأوْلى أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن والتاسع، وإن كان يجوز تقديمها بعد إحرام عمرة التَّمتُّع لا قبله، ثمّ يأتي بالسبعة الباقية إذا رجع إلى بلده، ولا يجزئه الإتيان بها - أي بالسبعة - في مكَّة أو في الطريق. وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكَّة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهرٌ ثمّ يصوم بعد ذلك. هذا، ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في السبعة وإن كان صومها متتالية هو الأفضل.
2 - أن يتمكّن من ثمن الهدي، فلا يبعد جواز الاكتفاء بالصوم بالنحو المتقدم، ويسقط الهدى بمضي أيام التشريق، وإن كان الأفضل له أن يجمع بين الصوم وبين الذبح في بقيّة ذي الحجّة إن أمكن، ولو بإيداع ثمنه عند من يطمئنّ له ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجّة، فإن مضى ذو الحجّة ذبحه في السنة القادمة.
م ـ 255: المكلّف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحجّ يجوز له أن يبدأ صومها من اليوم الثالث عشر، وإن كان الأفضل أن لا يبدأ إلا بعد انتهاء أيام التشريق؛ والأوْلى له أن يبادر إلى صومها عندئذٍ - أي بعد انتهاء الثالث عشر - ولا يؤخر الصوم عنها إلا لعذر. كما يمكنه أن يصومها جميعاً قبل يوم العيد، والأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بصوم يومين قبل يوم العيد ويوم بعد رجوعه إلى منى مثلاً.
وأمّا إن لم يتمكّن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في الطريق، أو صامها في بلده أيضاً، ولكن الأولى أن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، بأن يصوم ثمانية أيام أو تسعة إلى العشرة متتالية، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهلّ هلال محرّم سقط الصوم وتعيّن الهدي للسنة القادمة.
م ـ 256: من انتقل فرضه عن الهدي إلى الصوم وصام ثلاثة أيام في الحجّ، ثمّ تمكّن من الهدي قبل مضيّ أيام النحر، وهي يوم العيد وأيام التشريق، وجب عليه الهدي على الأحوط وجوباً.
م ـ 257: لو اشترى هدياً فضاع ولم يجده، ولم يعلم أنّ هناك من ذبحه عنه، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه. وفي هذه الحالة إذا وجد الأول قبل ذبح الثاني، أو علم بذبحه عنه، كفاه الأول، وهو بالخيار في الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه ويكون كسائر أمواله، وإن كان الأفضل ذبحه أيضاً. وأمّا إن وجد الهدي الضائع بعد ذبح الثاني، فالأفضل له ذبح الأول أيضاً وإن لم يكن واجباً عليه.
م ـ 258: يعتبر في الذبح أو النحر نية القربة والإخلاص لله تعالى، كغيره من أفعال وشعائر الحج.
م ـ 259: لا تعتبر المباشرة في الذبح أو النحر، بل يجوز الاستنابة في ذلك، ولو في حال الاختيار، ولكن لا بدّ أن تكون النية من النائب، ولا يشترط نية صاحب الهدي وإن كان ذلك أفضل، ويعتبر في النائب أن يكون مسلماً.
م ـ 260: إذا شك في أنّه هل ذبح أو لا، فإن كان الشكّ بعد الحلق أو التقصير لم يعتنِ بشكّه وإلا لزم الإتيان به. وأمّا إذا استناب غيره في الذبح عنه، ثمّ شكّ في أنّه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه، إلا أن يكون النائب ثقة وأخبره بأنّه قد ذبح عنه، فيكتفي بخبره عندئذٍ ولو لم يُفِدِ اليقين.
م ـ 261: يستحبّ أن يتولّى الحاجّ الذبح أو النحر بنفسه، فإن لم يقدر على ذلك فليضع يده على يد الذابح أو الناحر حين يذبح أو ينحر. كما يُستحب أن يقول عند الذبح أو النحر ما روي عن الإمام الصادق(ع): «وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم منك ولك، باسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني» . والأولى أن يقول بعد ذلك أيضاً: «اللهم تقبَّل مني كما تقبّلت من إبراهيم خليلك وموسى كليمك ومحمد حبيبك صلى الله عليه وآله وعليهم» . كما يستحب أن تُنحر الإبل وهي قائمة، وقد ربطت يداها بين الخفّ والركبة، ويطعنها قائماً من الجانب الأيمن.
م ـ 262: إذا تبيّن بطلان الذبح لم يؤثر ذلك على ما أتى به من الأعمال اللاحقة للذبح ما دام بطلان الذبح ناشئاً عن عدم مراعاة بعض الشروط المعتبرة فيه جهلاً أو نسياناً لا عمداً، فإذا أعاد الذبح لم يجب عليه إعادة التقصير مثلاً أو الطواف ونحو ذلك.
ثالثاً: في مصرف هدي التَّمتُّع:
قد ذكر جماعة من الفقهاء وجوب تقسيم الهدي - بعد ذبحه - إلى ثلاثة أقسام:
أ - ثلثٌ للحاج، ويجب عليه أن يأكل منه.
ب - ثلث هدية، يهديها إلى بعض المؤمنين.
ت - ثلث صدقة، يتصدّق بها على بعض الفقراء المؤمنين أيضاً.
والأظهر أنه لا يجب على الحاجّ أن يأكل من هدي تمتّعه، وإنما يُرخّص له في ذلك. أمّا وجوب إطعام الفقراء من ذبيحته فيجب مع الإمكان. هذا، ولا يُشترط في الفقير أن يكون مسلماً ولا يشترط أن يكون موافقاً في المذهب. وإذا لم يوجد الفقير فلا يجب دفع ثمن حصّته إلى وكيله؛ لعدم ثبوت تحقّق الامتثال بذلك.
كما ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة الموجودين فيها إليه.
م ـ 263: يجوز للمُتصدَّق عليه من الذبيحة، أو لمن أُهْدِيَ له منها أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء، ولذا لا بأس بأن يبيعها أو يملّكها لغيره حتى لغير المسلم.
الواجب الثالث: الحلق أو التقصير
الحلق يكون بحلق الحاجّ رأسَه كلّه، وأمّا التقصير فقد مرّ في عمرة التَّمتُّع، وهو أن يأخذ من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، أو من أظفار اليد أو الرجل، وقد تقدّم أن الأفضل الجمع بين الأخذ من الشعر قبل الأظافر وعدم الاكتفاء بالأخذ من الأظافر.
ويختلف حكم هذا النسك بين الرجال والنساء، حيث لا يجوز للنساء الحلق، بل يتعيّن عليهن التقصير. وأمّا الرجل فيتخيّر بين الحلق والتقصير، وإن كان الحلق أفضل، بل هو أحوط أولى لمن حجّ لأول مرة، والمسمَّى الصرورة.
م ـ 264: لا يبعد - في الحلق - جواز الاكتفاء بالحلق بالماكينة الناعمة جداً، فلا يُشترط استئصال الشعر من جذوره بالحلق بمثل الموسى، وإن كان هو الأفضل، إلا مع خوف إدماء الرأس بالحلق به فيتعيّن غيره، ولو خالف مقتضى خوفه فحلق بالموسى فأدمى رأسه أجزأه ذلك وإن كان آثماً.
م ـ 265: لا يجوز أن يحلق الحاجّ أو يقصّر قبل يوم العيد، حتى في ليلته، إلا للخائف؛ والأوْلى عدم تأخيره عن نهار يوم العيد. هذا، والأحوط وجوباً تأخيره عن رمي جمرة العقبة. ويكفي في جواز الحلق أو التقصير تحصيل الهدي في المكان الذي يذبحه فيه، ولا يجب عليه الانتظار إلى أن يتم ذبحه فعلاً وإن كان ذلك أفضل.
ولو حصل أن قدّم الحاجّ الحلق أو التقصير على الرمي أو تحصيل الهدي نسياناً أو جهلاً منه بلزوم التأخير أو لضرورة أو لأي اعتبار آخر، أجزأه ذلك ولم يحتج إلى الإعادة، وإن قدّمه عمداً كان آثماً ولكنه يجزىء عنه.
م ـ 266: إذا حلق الحاجّ رأسه أو قصّر ليلة العيد عمداً أو جهلاً منه بالحكم، كفاه أن يأخذ في نهار يوم العيد من شعر لحيته أو شاربه أو أظافره - ومن الأوّليْن أفضل -.
م ـ 267: إذا حلق المحرم أو قصّر حلّ له جميع ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء والطيب، وكذا الصيد على الأحوط. والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق والتقصير يختص بالجماع، ولذا تحلّ له سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالإحرام، بما في ذلك العقد على النساء والشهادة عليه.
م ـ 268: يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى، فإذا لم يقصّر ولم يحلق فيها متعمّداً أو جهلاً منه بوجوب إيقاعه فيها حتى نفر من منى وجب عليه الرجوع إليها لتدارك ذلك الواجب، وكذا الحكم في الناسي على الأحوط.
وإذا تعذّر عليه الرجوع أو تعسّر، حلق أو قصّر في مكانه ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك. وكذلك فإنَّ من حلق رأسه في غير منى - ولو متعمداً - يجتزىء به ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الإمكان.
م ـ 269: إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحجّ تداركه، ولم تجب عليه إعادة الطواف والسعي وإن كانت الإعادة أفضل، ولم يؤثر ذلك في الخروج من احرامه.
فرعٌ: في آداب الحلق:
يُستحب في الحلق أن يبتدىء فيه من طرف الرأس الأيمن، وأن يقول حين الحلق: «اللهم أعطني بكل شعرة نوراً يوم القيامة» ، كما يُستحبّ أن يدفن شعره في خيمته في منى، وأن يأخذ من لحيته وشاربه ويقلّم أظافره بعد الحلق.
بعد أن يتمّ الحاجّ وقوفه في مزدلفة، يجب عليه الإفاضة إلى منى لأداء سلسلة من الأعمال الواجبة فيها يوم العيد؛ وهذه الأعمال هي: رمي جمرة العقبة، والذبح، والحلق أو التقصير، وتفصيل ذلك على الشكل التالي:
الواجب الأول: رمي جمرة العقبة:
الجمرة اسم للموضع الذي يرميه الحاجّ تأسيّاً بالنبيّ(ص)، والجمار ثلاثة: الصغرى والوسطى وجمرة العقبة المعروفة عند الناس بـ«الجمرة الكبرى». والواجب في يوم العيد رمي جمرة العقبة فقط دون الجمرتين الأخريين، ورميها هو أوّل أعمال منى يوم العيد.
وقت الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجوز للنساء، وسائر من رُخّص لهم الإفاضة من مزدلفة من الليل أن يرموا ليلة العيد ويجزىء عنهم.
ويُعتبر في الرمي أمور:
أ - نيّة القربة والإخلاص لله تعالى.
ب - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزىء أقل من ذلك، كما لا يجزىء غير الحصى من الأجسام.
ت - أن يكون رمي الحصيات على التعاقب، أي واحدة بعد واحدة، حتى يكمل سبعةً، فلو أخذ السبعة بيده أو أقلّ من ذلك ورمى بها دفعة واحدة لم يجزئه ما فعله، ويجب أن يعيد الرمي على التعاقب.
ث - أن تصيب الحصيات الجمرة ثم تقع في الحوض، أو تصيب مجمع الحصى في الحوض مباشرة، فلا يعتدّ بما لا يصيب كذلك؛ لأن الجمرة هي مجمع الحصى، لا العمود نفسه.
ج - أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزىء وضعها على الجمرة وضعاً من غير رمي.
ح - أن يكون كلّ من الإصابة والرمي بفعله، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه إنسان بيده فانطلقت الحصاة قهراً إلى الجمرة لم تجزئه تلك الحصاة، ولزمه رمي غيرها. نعم، إذا رمى الحصاة، فلاقت في طريقها شيئاً فطفرت منه إلى الجمرة فالظاهر الإجزاء.
خ - أن يكون الرمي بيده مباشرة، فلو رمى الحصيات بآلة - كالمقلاع - لم يجزئه على الأحوط.
م ـ 239: يعتبر في الحصيات التي تُرمى بها جمرة العقبة، بل كلّ الجمار، أمران:
أ - أن تكون من الحرم، وهي مكَّة ومحيطها بدائرة شعاعها 22 كلم تقريباً، والأفضل أخذها من المشعر الحرام (مزدلفة) ممّا تقدّم بيانه في آداب الوقوف بمزدلفة.
هذا، ورغم أن خصوص المسجد الحرام في مكَّة ومسجد الخيف بمنى من الحرم، إلا أنّه لا يجوز التقاط الحصى منهما، ولا تجزىء في الرمي، وهذا الفرض لا ابتلاء به في زماننا لعدم وجود حصى في حرم المسجد الحرام ومسجد الخيف.
ب - أن تكون الحصيات أبكاراً على الأحوط، بمعنى أن لا تكون قد استعملت في الرمي قبل ذلك. ويُستحبّ فيها أن تكون ملوّنة ومنقّطة ورخوة، وأن يكون حجمها بمقدار أنملة.
م ـ 240: بعدما تبيّن أنَّ الجمرة هي مجمع الحصى لا العمود نفسه، فما يُزاد على الجمرة حديثاً - ارتفاعاً أو عرضاً - يكفي الرمي عليه، مع سقوط الحصى في الحوض.
م ـ 241: إذا شكّ في الإصابة وعدمها بنى على عدم الإصابة ولزمه رمي بدل عمّا شكّ في إصابته، ولكن لو حصل له الشكّ بعد الدخول في العمل التالي من أعمال يوم العيد أو بعد انقضاء وقت الرمي، كما إذا حصل له الشكّ بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل بنى على صحة عمله. وكذلك الحكم لو شكّ في أصل الرمي، أي شكّ أنّه هل رمى أو لا، فإنه يبنى على الإتيان به إذا شك بعد التجاوز إلى غيره أو خرج الوقت.
م ـ 242: إذا كان المكلّف ضعيف البصر، ولم يكن بإمكانه التأكد من إصابة الجمرة، ولو بالاستعانة بغيره بنى على اطمئنانه.
م ـ 243: إذا لم يتمكّن الحاجّ من رمي جمرة العقبة يوم العيد لعارضٍ من نسيان أو جهل بوجوب الرمي في حينه، أو غير ذلك من الأعذار، لزمه التدارك حين ارتفاع العارض في النهار حتى مغيب الشمس، فإذا لم يرتفع العارض إلا في الليل أخّر الرمي إلى النهار من اليوم التالي، إلا أن يكون قد رُخّص له الرمي ليلاً كما سيأتي في رمي الجمار في أيام التشريق.
أمّا بالنسبة للحد الأقصى لزمان التدارك فهنا حالتان:
1 - أن يكون ارتفاع العارض والحاج لا يزال بمنى أو بمكَّة، حتى لو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، فإن عليه أن يرمي ويجزيه ذلك، وإن كان الأفضل - عند ارتفاع العارض بعد اليوم الثالث عشر - أن يرمي ثم يعيد الرمي في وقته المحدَّد له في السنة القادمة بنفسه إن حجّ، أو يستنيب من يرمي عنه إن لم يحجّ بنفسه.
2 - أن يرتفع العارض بعد خروجه من مكَّة، فهنا لايجب عليه الرجوع للرمي، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بواسطة النائب عنه في ذلك على الأوْلى.
م ـ 244: إذا لم يكن المكلّف ممن رُخِّص لهم في الرمي ليلاً، ومع ذلك رمى جمرة العقبة في اليوم العاشر قبل شروق الشمس، فيجب عليه إعادة الرمي بعد الشروق، فإن فاته الرمي يوم العيد لزمه تدارك الرمي حسب التفصيل المذكور في المسألة السابقة.
ولو لم يستطع الحاجّ الرمي بعد الشروق بسبب كثرة الزحام يوم العيد، ولكنه يستطيع الرمي لو انتظر إلى الظهر أو قبله أو بعده، ولكن ذلك يؤثر على ذبحه في ذلك اليوم، لأن المتولّين للذبح لا ينتظرونه - مثلاً - أو لغير ذلك من الاعذار لم يجز له الاستنابة، بل يمكنه تحقيق الذبح قبل الرمي ويؤخر الرمي إلى وقت إمكانه.
م ـ 245: إذا لم يرمِ يوم العيد نسياناً أو جهلاً، فتذكّر أو علم بعد الطواف لم يجب عليه إعادة الطواف بعد تدارك الرمي، وإن كانت الإعادة أفضل، وكذا إذا كان الترك لعارض آخر غير الجهل والنسيان، وارتفع العارض بعد الطواف، وبتعبير آخر: إنّه وإن كان الرمي قبل الطواف بحسب ترتيب الأعمال، فإنّه في صورة عدم الرمي بسبب العارض لا يجب على الحاجّ تحقيق الترتيب وإعادة الطواف بعد الرمي وإن كان هو الأفضل.
م ـ 246: المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه - كالمريض - ولا يُرجى ارتفاع عذره يجب عليه أن يستنيب من يرمي عنه في يوم العيد، وكذا حكم من لم يتمكّن من الرمي يوم العيد من شدّة الزحام، ولا يجوز له تأخير الرمي إلى الليل أو إلى اليوم التالي.
ولو اتفق زوال العذر فالأحوط أن يرمي بنفسه أيضاً.
فرعٌ: في مستحبات رمي الجمرات:
يُستحبّ في رمي جمرة العقبة - ورمي الجمرات عموماً - أمور:
1 - أن يكون الرامي راجلاً لا راكباً.
2 - أن يكون الرامي على طهارة.
3 - المشي للرمي على سكينة ووقار حتى يصل إلى الجمرة
4 - أن يستدبر القبلة ويستقبل جمرة العقبة، بخلاف الجمرتين الأخريين، فإنه يرميهما مستقبلاً للقبلة.
5 - أن يبتعد عن الجمرة بمقدار عشرة أذرع، والأفضل خمسة عشر ذراعاً.
6 - أن يضع الحصيات في يده اليُسرى ويرمي باليد اليمنى.
7 - أن يقول عند الرمي ما رواه معاوية بن عمار عن الإمام الصادق(ع): «اللهم إنَّ هذه حصياتٌ فاحصهنّ لي، وارفعْهُنَّ في عملي».
8 - وضع الحصاة على الإبهام إن أمكن، ودفعها بظفر السبابة.
9 - أن يقول عند كل حصاة يرميها: «الله أكبر، اللهُم ادْحَر عَنّي الشيطان، اللَّهُمَّ تصديقاً بكتابِك وعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّد(ص)، اللَّهُمَّ اجْعله حَجَّاً مَبْرواً وَعَملاً مَقْبُولاً وسَعْيَاً مَشْكُوراً وَذْنَباً مَغْفُوراً»، ويجوز الاقتصار على التكبير فقط. وأن يقول بعد إكمال الرمي والرجوع إلى منزله في منى: «اللَّهُم بِكَ وثقت، وعليك توكّلت، فنعم الربّ ونِعْمَ المَوْلى ونعم النصير».
الواجب الثاني: الذبح أو النحر:
والمراد هو ذبح الهدي أو نحره في يوم العيد، والهدي هو أحد الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، ويعتبر الماعز من الغنم. والذبح يكون في الأنعام الثلاثة، وتنفرد الأبل باختصاصها بالنحر.
وذبح الهدي أو نحره واجب في حجّ التَّمتُّع، وسيأتي وجوبه أيضاً في حجّ القران دون حجّ الإفراد. وأمّا تفاصيل هذا الواجب وأحكامه فنبيّنها على النحو التالي:
أولاً: في صفات الهدي:
م ـ 247: تقدّم وجوب كون الهدي من النعم الثلاثة: الإبل والبقر والغنم - ومنه المعز -، إلا أنّه لا يكفي أياً من هذه الأنعام ما لم تتوفّر فيه أمور معيّنة، وذلك كالآتي:
1 - العمر، وذلك على النحو الآتي:
أ - الإبل: ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة.
ب - البقر والمعز: ما أكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط وجوباً.
ج - الضأن، أي الغنم: ما أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية على الأحوط وجوباً.
2 - السلامة، ونعني بهذا الشرط سلامة الخارج، أي بأن يكون تامّ الأعضاء، وسلامة الداخل من حيث السمن والهزال والصحّة والمرض، وتفصيل ذلك في نقطتين:
أ - يعتبر في الهدي أن يكون تامّ الأعضاء، فلا يجزىء الأعور ولا الأعرج، ولا المقطوع أذنه إلا أن يكون قد خلق كذلك، ولا يجزىء المكسور قرنه الداخل، ونحو ذلك، وكذا لا يكفي الخصي إلا مع عدم توفّر غيره. ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان الأفضل اختيار ما كان سالماً من ذلك أيضاً، كما أن الأفضل أن لا يكون فاقد القَرْن أو الذَنَب من أصل خلقته.
ب - يعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً، والأفضل أن لا يكون مريضاً ولا موجوءاً ولا مرضوض الخصيتين ولا كبيراً لا مخّ له.
م ـ 248: إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته من العيوب الخارجية المتقدّمة ودفع ثمنه، ثمّ اكتشف - بعد دفعه الثمن - أنّه معيب، فلا يجب عليه شراء هدي آخر سالم من العيوب، بل يجوز له ذبحه ويجزئه عن الواجب.
م ـ 249: إذا اشترى هدياً على أنّه سمين، فتبيّن بعد ذلك أنّه مهزول، أجزأه عن الواجب، سواء كان اكتشافه قبل الذبح أو بعده. وكذلك يجزيه إذا كان عنده كبش - مثلاً - فذبحه معتقداً أنّه سمين فبان مهزولاً.
م ـ 250: إذا ذبح الهدي، ثم شكّ في أنّه هل كان واجداً للشرائط أو لم يكن، أو شكّ في تماميّته ونقصانه من حيث الصفات الخارجية، أو أنَّ ذبحه هل كان في المكان المطلوب شرعاً أو خارجه، لم يعتنِ بشكّه، وبنى على صحّة ما أتى به. وأمّا إذا شكّ في هزال الهدي، فذبحه برجاء أن لا يكون مهزولاً، وتحقّق منه قصد القربة المعتبر في الهدي، ثمّ ظهر له بعد الذبح أنّه لم يكن مهزولاً لم يجب عليه الإتيان به مرّة أخرى، وأجزأه ما صنع. وأما إن تبيّن أنه مهزول لم يجزئه ما صنع ولزمه ذبح هدي آخر.
م ـ 251: إذا اشترى هدياً سليماً لحجّ التَّمتُّع فمرض - بعدما اشتراه - أو أصابه كسرٌ أو عيب أجزأه، ولا يلزمه إبداله.
م ـ 252: إذا لم يجد شيئاً من الأنعام الثلاثة واجداً للشروط المعتبرة في الهدي في أيام النحر، أي يوم العيد وأيام التشريق - 11 و12 و13 ذي الحجّة - أجزأه الهدي الذي يشتمل على أكبر قدر من الشروط، وكذلك الحال إذا كان ما معه من المال لا يكفي إلا لشراء الفاقد للشروط.
م ـ 253: يُستحبّ في الهدي:
أ - أن يكون سميناً.
ب - أن يكون من إناث الإبل والبقر، أو ذكور الغنم، أو كبشاً أسود، ثمّ أملح أقرن، أي ذو قرن عظيم الهيئة.
ثانياً: في شروط الذبح:
يُعتبر في الذبح عدة أمور نذكرها على النحو التالي:
1 - زمان الذبح، وهو يوم العيد في العاشر من ذي الحجّة، فلا يجوز تقديمه على يوم العيد إلا للخائف، فإنّه يجوز له الذبح أو النحر في ليلة العيد. ومقتضى الاحتياط أن لا يؤخّر الذبح أو النحر عن يوم العيد، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق، وعندئذٍ يجوز له الحلق أو التقصير ويحلّ من إحرامه، ولكن لا يجوز له الإتيان بأيّ من أعمال مكَّة إلا بعد الذبح أو النحر. كما أن الأحوط وجوباً عدم الذبح في الليل مطلقاً، حتى الليالي التي تتوسّط أيام التشريق، إلا للخائف. وعلى كل حال فإنّه لو خالف وذبح في الليل أجزأه. نعم، قد يترتب عليه الإثم.
2 - مكان الذبح، وهو منى، فلا يجوز في الأصل الذبح في غير منى، ولكن حيث لا يمكن الذبح بمنى بسبب كثرة الحجّاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فإنّه يجوز الذبح أو النحر في وادي محسّر، وهي المنطقة الفاصلة بين منى ومزدلفة، أو حيث محل المجازر الآن، أو في أي مكان آخر من منطقة الحجّ بما في ذلك مكَّة، ولا وجه لسقوط الهدي في موسم الحجّ لأجل ذلك، وكذا لا وجه للقول بإمكان ذبحه في بلد المكلف، فإن الهدي من شعائر الحجّ، ولذا لا بد من ذبحه كعمل من أعمال الحجّ في وقته حيث يمكن، وفي الحرم لا خارجه.
3 - الترتيب، وذلك بأن يكون الذبح بعد الرمي على الأحوط وجوباً، ولكنّه لو قدّم الذبح على الرمي جهلاً أو نسياناً أو لاعتبار آخر أو لضرورةٍ صحّ ما وقع منه، ولم يحتج إلى الإعادة. وكذلك يصحّ إذا قدّمه عمداً، وإن كان آثماً في هذه الصورة، والأفضل الإعادة في صورة التعمّد.
4 - الوحدة، بمعنى أنّه لا يجزىء هديٌ واحدٌ إلا عن شخص واحد إذا كان متمكّناً من ذلك. أمّا إذا لم يتمكّن من الهدي مستقلاً، وتمكّن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط وجوباً الجمع بين الشركة في الهدي والصوم بالنحو الآتي ذكره.
م ـ 254: إذا لم يتمكّن من الهدي فهنا حالتان:
1 - أن لا يتمكّن من ثمن الهدي أيضاً، فيجب عليه أن يصوم - بدلاً عن الهدي - عشرة أيام: ثلاثة منها في شهر ذي الحجّة، والأوْلى أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن والتاسع، وإن كان يجوز تقديمها بعد إحرام عمرة التَّمتُّع لا قبله، ثمّ يأتي بالسبعة الباقية إذا رجع إلى بلده، ولا يجزئه الإتيان بها - أي بالسبعة - في مكَّة أو في الطريق. وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكَّة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهرٌ ثمّ يصوم بعد ذلك. هذا، ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في السبعة وإن كان صومها متتالية هو الأفضل.
2 - أن يتمكّن من ثمن الهدي، فلا يبعد جواز الاكتفاء بالصوم بالنحو المتقدم، ويسقط الهدى بمضي أيام التشريق، وإن كان الأفضل له أن يجمع بين الصوم وبين الذبح في بقيّة ذي الحجّة إن أمكن، ولو بإيداع ثمنه عند من يطمئنّ له ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجّة، فإن مضى ذو الحجّة ذبحه في السنة القادمة.
م ـ 255: المكلّف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحجّ يجوز له أن يبدأ صومها من اليوم الثالث عشر، وإن كان الأفضل أن لا يبدأ إلا بعد انتهاء أيام التشريق؛ والأوْلى له أن يبادر إلى صومها عندئذٍ - أي بعد انتهاء الثالث عشر - ولا يؤخر الصوم عنها إلا لعذر. كما يمكنه أن يصومها جميعاً قبل يوم العيد، والأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بصوم يومين قبل يوم العيد ويوم بعد رجوعه إلى منى مثلاً.
وأمّا إن لم يتمكّن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في الطريق، أو صامها في بلده أيضاً، ولكن الأولى أن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، بأن يصوم ثمانية أيام أو تسعة إلى العشرة متتالية، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهلّ هلال محرّم سقط الصوم وتعيّن الهدي للسنة القادمة.
م ـ 256: من انتقل فرضه عن الهدي إلى الصوم وصام ثلاثة أيام في الحجّ، ثمّ تمكّن من الهدي قبل مضيّ أيام النحر، وهي يوم العيد وأيام التشريق، وجب عليه الهدي على الأحوط وجوباً.
م ـ 257: لو اشترى هدياً فضاع ولم يجده، ولم يعلم أنّ هناك من ذبحه عنه، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه. وفي هذه الحالة إذا وجد الأول قبل ذبح الثاني، أو علم بذبحه عنه، كفاه الأول، وهو بالخيار في الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه ويكون كسائر أمواله، وإن كان الأفضل ذبحه أيضاً. وأمّا إن وجد الهدي الضائع بعد ذبح الثاني، فالأفضل له ذبح الأول أيضاً وإن لم يكن واجباً عليه.
م ـ 258: يعتبر في الذبح أو النحر نية القربة والإخلاص لله تعالى، كغيره من أفعال وشعائر الحج.
م ـ 259: لا تعتبر المباشرة في الذبح أو النحر، بل يجوز الاستنابة في ذلك، ولو في حال الاختيار، ولكن لا بدّ أن تكون النية من النائب، ولا يشترط نية صاحب الهدي وإن كان ذلك أفضل، ويعتبر في النائب أن يكون مسلماً.
م ـ 260: إذا شك في أنّه هل ذبح أو لا، فإن كان الشكّ بعد الحلق أو التقصير لم يعتنِ بشكّه وإلا لزم الإتيان به. وأمّا إذا استناب غيره في الذبح عنه، ثمّ شكّ في أنّه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه، إلا أن يكون النائب ثقة وأخبره بأنّه قد ذبح عنه، فيكتفي بخبره عندئذٍ ولو لم يُفِدِ اليقين.
م ـ 261: يستحبّ أن يتولّى الحاجّ الذبح أو النحر بنفسه، فإن لم يقدر على ذلك فليضع يده على يد الذابح أو الناحر حين يذبح أو ينحر. كما يُستحب أن يقول عند الذبح أو النحر ما روي عن الإمام الصادق(ع): «وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم منك ولك، باسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني» . والأولى أن يقول بعد ذلك أيضاً: «اللهم تقبَّل مني كما تقبّلت من إبراهيم خليلك وموسى كليمك ومحمد حبيبك صلى الله عليه وآله وعليهم» . كما يستحب أن تُنحر الإبل وهي قائمة، وقد ربطت يداها بين الخفّ والركبة، ويطعنها قائماً من الجانب الأيمن.
م ـ 262: إذا تبيّن بطلان الذبح لم يؤثر ذلك على ما أتى به من الأعمال اللاحقة للذبح ما دام بطلان الذبح ناشئاً عن عدم مراعاة بعض الشروط المعتبرة فيه جهلاً أو نسياناً لا عمداً، فإذا أعاد الذبح لم يجب عليه إعادة التقصير مثلاً أو الطواف ونحو ذلك.
ثالثاً: في مصرف هدي التَّمتُّع:
قد ذكر جماعة من الفقهاء وجوب تقسيم الهدي - بعد ذبحه - إلى ثلاثة أقسام:
أ - ثلثٌ للحاج، ويجب عليه أن يأكل منه.
ب - ثلث هدية، يهديها إلى بعض المؤمنين.
ت - ثلث صدقة، يتصدّق بها على بعض الفقراء المؤمنين أيضاً.
والأظهر أنه لا يجب على الحاجّ أن يأكل من هدي تمتّعه، وإنما يُرخّص له في ذلك. أمّا وجوب إطعام الفقراء من ذبيحته فيجب مع الإمكان. هذا، ولا يُشترط في الفقير أن يكون مسلماً ولا يشترط أن يكون موافقاً في المذهب. وإذا لم يوجد الفقير فلا يجب دفع ثمن حصّته إلى وكيله؛ لعدم ثبوت تحقّق الامتثال بذلك.
كما ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة الموجودين فيها إليه.
م ـ 263: يجوز للمُتصدَّق عليه من الذبيحة، أو لمن أُهْدِيَ له منها أن يتصرف فيما قبضه كيفما شاء، ولذا لا بأس بأن يبيعها أو يملّكها لغيره حتى لغير المسلم.
الواجب الثالث: الحلق أو التقصير
الحلق يكون بحلق الحاجّ رأسَه كلّه، وأمّا التقصير فقد مرّ في عمرة التَّمتُّع، وهو أن يأخذ من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، أو من أظفار اليد أو الرجل، وقد تقدّم أن الأفضل الجمع بين الأخذ من الشعر قبل الأظافر وعدم الاكتفاء بالأخذ من الأظافر.
ويختلف حكم هذا النسك بين الرجال والنساء، حيث لا يجوز للنساء الحلق، بل يتعيّن عليهن التقصير. وأمّا الرجل فيتخيّر بين الحلق والتقصير، وإن كان الحلق أفضل، بل هو أحوط أولى لمن حجّ لأول مرة، والمسمَّى الصرورة.
م ـ 264: لا يبعد - في الحلق - جواز الاكتفاء بالحلق بالماكينة الناعمة جداً، فلا يُشترط استئصال الشعر من جذوره بالحلق بمثل الموسى، وإن كان هو الأفضل، إلا مع خوف إدماء الرأس بالحلق به فيتعيّن غيره، ولو خالف مقتضى خوفه فحلق بالموسى فأدمى رأسه أجزأه ذلك وإن كان آثماً.
م ـ 265: لا يجوز أن يحلق الحاجّ أو يقصّر قبل يوم العيد، حتى في ليلته، إلا للخائف؛ والأوْلى عدم تأخيره عن نهار يوم العيد. هذا، والأحوط وجوباً تأخيره عن رمي جمرة العقبة. ويكفي في جواز الحلق أو التقصير تحصيل الهدي في المكان الذي يذبحه فيه، ولا يجب عليه الانتظار إلى أن يتم ذبحه فعلاً وإن كان ذلك أفضل.
ولو حصل أن قدّم الحاجّ الحلق أو التقصير على الرمي أو تحصيل الهدي نسياناً أو جهلاً منه بلزوم التأخير أو لضرورة أو لأي اعتبار آخر، أجزأه ذلك ولم يحتج إلى الإعادة، وإن قدّمه عمداً كان آثماً ولكنه يجزىء عنه.
م ـ 266: إذا حلق الحاجّ رأسه أو قصّر ليلة العيد عمداً أو جهلاً منه بالحكم، كفاه أن يأخذ في نهار يوم العيد من شعر لحيته أو شاربه أو أظافره - ومن الأوّليْن أفضل -.
م ـ 267: إذا حلق المحرم أو قصّر حلّ له جميع ما حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء والطيب، وكذا الصيد على الأحوط. والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق والتقصير يختص بالجماع، ولذا تحلّ له سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالإحرام، بما في ذلك العقد على النساء والشهادة عليه.
م ـ 268: يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى، فإذا لم يقصّر ولم يحلق فيها متعمّداً أو جهلاً منه بوجوب إيقاعه فيها حتى نفر من منى وجب عليه الرجوع إليها لتدارك ذلك الواجب، وكذا الحكم في الناسي على الأحوط.
وإذا تعذّر عليه الرجوع أو تعسّر، حلق أو قصّر في مكانه ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك. وكذلك فإنَّ من حلق رأسه في غير منى - ولو متعمداً - يجتزىء به ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الإمكان.
م ـ 269: إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحجّ تداركه، ولم تجب عليه إعادة الطواف والسعي وإن كانت الإعادة أفضل، ولم يؤثر ذلك في الخروج من احرامه.
فرعٌ: في آداب الحلق:
يُستحب في الحلق أن يبتدىء فيه من طرف الرأس الأيمن، وأن يقول حين الحلق: «اللهم أعطني بكل شعرة نوراً يوم القيامة» ، كما يُستحبّ أن يدفن شعره في خيمته في منى، وأن يأخذ من لحيته وشاربه ويقلّم أظافره بعد الحلق.