وفيه مسائل:
ـ تتحقّق الحوالة بالعقد المشتمل على الإيجاب من المحيل والقبول من المحال، وكذا من المحال عليه إجمالاً كما سيأتي، ويكفي في الإيجاب والقبول فيها كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة؛ وبناءً عليه فإن الدائن غير ملزم بقبول الإحالة، حتى لو كان المحال عليه راضياً ومرحِّباً وغير مماطل في الأداء.
ـ لا يعتبر في عقد الحوالة صدور القبول من المحال عليه، إضافة إلى صدوره من المحال، إلا في الحالات التالية:
أ ـ إذا كان المحال عليه بريئاً، أي غير مشغول الذمة بدين للمحيل، وهي ما يعبر عنها الفقهاء بـ (الحوالة على البريء).
ب ـ إذا كان المال المحال به على المدين من غير جنس الدين الذي عليه للمحيل.
ج ـ إذا كان الدين الذي في ذمة المحال عليه مؤجلاً والدين المحال به معجلاً، أو مؤجلاً إلى وقت هو دون الأجل الأول.
ـ يعتبر في المحيل والمحال والمحال عليه البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد، وذلك بالنحو الذي سبق ذكره في غير الحوالة من العقود؛ وكذلك يشترط فيهم عدم الحجر لفلس في كل مورد كانت الحوالة فيه منافية لحق الغرماء، وذلك كما في الحوالة المؤجلة، أو بغير جنس الدين، أو في الحوالة على البريء من دون ضمانها له من المحيل، ونحو ذلك من الأمور التي تظهر عند التأمل.
ـ يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل بسبب من أسبابه، فلا تصح في ما لم يثبت بعد في الذمة وإن وجد سببه، كمال الجعالة قبل العمل، فضلاً عن ما لم يوجد سببه، كالحوالة بما سيقترضه، أو بثمن المبيع الذي سيشتريه، أو نحوهما.
ـ يعتبر أن يكون المال المحال به معيّناً غير مبهم ولا مردداً بين أمرين أو أكثر، فإذا كان الشخص مديناً بعشرة كيلوات من القمح وخمسة دنانير، فلا يصح أن يحيله على غيره بأحدهمـا من دون تعييـن؛ وكذلك فإنه ـ حيث لا يشترط قبول المحال عليه ـ لا بد أن يكون معلوماً ومعيناً، فلو حوله على أحد مدينيه الثلاثة ـ مثلاً ـ دون تعيين لم يصح، وإلا فلا حاجة لهذا الشرط بعد ما صار المحال عليه متعيناً بالقبول.
نعم لا يشترط في المال المحال به أن يكون عيناً في ذمة المحيل، بل تصح الإحالة من مشغول الذمة بخياطة ثوب أو عمل عبادي مستأجر عليه على بريء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك؛ وكذا لا فرق بين كون العين مثلية، كالحنطة والشعير، وبين كونها قيمية، كالحيوان، فإذا اشتغلت ذمة المحيل بشاة موصوفة مثلاً ـ بسببٍ كبيع السلف ـ جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف، أو على البريء.
ـ كما تصح الحوالة على المدين بمالٍ هو من جنس الدين ونوعه، كذلك تصح بما هو مختلف عنه جنساً ونوعاً، فمن كان له على غيره حنطة وكان عليه دنانير صح له أن يحيل دائنه بالدنانير على المدين له بالحنطة، فتنشغل ذمة المحال عليه ـ إن قَبل الحوالة ـ بالدنانير للمحال بدل الحنطة التي كانت مشغولة بها للمحيل، بل إنه يصح الإتفاق بين المحيل الذي عليه دنانير وبين المحال عليه المدين بالحنطة، على تحويل الدائن عليه بالدنانير مع بقاء الحنطة عليه، فإذا دفع المحال عليه الدنانير كان له أن يرجع بها على المحيل، فيما يبقى مديناً للمحيل بالحنطة بالنحو الذي كان عليه.
ـ إذا ابتنى حق أحد الأطراف في الحوالة على معاملة أخرى، كالبيع والزواج ونحوهما، ثم تبيّن بطلان تلك المعاملة وزوال الحق بزوالها، بطلت الحوالة ببطلانها، ومثال ذلك ما يلي:
أ ـ في البيع: أن يحيل البائع دائنه على المشتري منه نسيئة بالثمن الذي استحقه عليه بالبيع؛ أو أن يحيل المشتري البائع بالثمن على مدين له،فإذا تبين بطلان البيع في الموردين بطلت معه الحوالة.
ب ـ في الزواج: أن تحيل الزوجة دائنها على زوجها بمهرها الذي لها عليه؛ أو أن يحيل الزوج زوجته بمهرها على مدين له؛ ففي كلا الموردين تبطل الحوالة إذا تبيّن بطلان الزواج.
هذا إذا تبين بطلان المعاملة، أما إذا فسخت المعاملة بخيار أو تقايل، فيمكن بقاء الحوالة إذا تحقّق أمران مترتبان، الأول: أن يرضى المحال عليه، لأن الحوالة ـ بعد التغاء المعاملة ـ هي من نوع الحوالة على البرىء، فتتوقف على رضاه. الثاني: إضافة إلى رضا المحال عليه، فإنها قد تحتاج إلى رضا المحال وترك استخدام حقه في فسخ الحوالة، وذلك في صورة ما لو كان قبوله الأول بالحوالة مشروطاً صراحة أو ضمناً باستمرار المعاملة، وحيث إنها قد التغت فقد ثبت له خيار الفسخ بسبب تخلف الشرط.
ـ إذا تم العقد مستكملاً لشروطه وقع لازماً، فلا ينفسخ العقد بالتقايل من قبل الأطراف إلا أن يرضى المحال عليه، كما لا ينفسخ من قبل المحال عند إعسار المحال عليه بعدما كان موسراً حين الحوالة، بل وحتى لو كان معسراً حين الحوالة مع علم المحال بالأمر، فإن كان معسراً حينها، وكان المحال جاهلاً بالحال، جاز له الفسخ، إلا أن تتجدد القدرة على الوفاء قبل الاستحقاق، فإن بقاء حق الفسخ ـ حينئذ ـ محل إشكال.
نعم يثبت فيها خيار اشتراط الفسخ، وخيار تخلف الشرط أو الوصف، فينفسخ به العقد ويرجع المحال ـ حينئذ ـ بدينه على المحيل.
وفيه مسائل:
ـ تتحقّق الحوالة بالعقد المشتمل على الإيجاب من المحيل والقبول من المحال، وكذا من المحال عليه إجمالاً كما سيأتي، ويكفي في الإيجاب والقبول فيها كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة؛ وبناءً عليه فإن الدائن غير ملزم بقبول الإحالة، حتى لو كان المحال عليه راضياً ومرحِّباً وغير مماطل في الأداء.
ـ لا يعتبر في عقد الحوالة صدور القبول من المحال عليه، إضافة إلى صدوره من المحال، إلا في الحالات التالية:
أ ـ إذا كان المحال عليه بريئاً، أي غير مشغول الذمة بدين للمحيل، وهي ما يعبر عنها الفقهاء بـ (الحوالة على البريء).
ب ـ إذا كان المال المحال به على المدين من غير جنس الدين الذي عليه للمحيل.
ج ـ إذا كان الدين الذي في ذمة المحال عليه مؤجلاً والدين المحال به معجلاً، أو مؤجلاً إلى وقت هو دون الأجل الأول.
ـ يعتبر في المحيل والمحال والمحال عليه البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد، وذلك بالنحو الذي سبق ذكره في غير الحوالة من العقود؛ وكذلك يشترط فيهم عدم الحجر لفلس في كل مورد كانت الحوالة فيه منافية لحق الغرماء، وذلك كما في الحوالة المؤجلة، أو بغير جنس الدين، أو في الحوالة على البريء من دون ضمانها له من المحيل، ونحو ذلك من الأمور التي تظهر عند التأمل.
ـ يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل بسبب من أسبابه، فلا تصح في ما لم يثبت بعد في الذمة وإن وجد سببه، كمال الجعالة قبل العمل، فضلاً عن ما لم يوجد سببه، كالحوالة بما سيقترضه، أو بثمن المبيع الذي سيشتريه، أو نحوهما.
ـ يعتبر أن يكون المال المحال به معيّناً غير مبهم ولا مردداً بين أمرين أو أكثر، فإذا كان الشخص مديناً بعشرة كيلوات من القمح وخمسة دنانير، فلا يصح أن يحيله على غيره بأحدهمـا من دون تعييـن؛ وكذلك فإنه ـ حيث لا يشترط قبول المحال عليه ـ لا بد أن يكون معلوماً ومعيناً، فلو حوله على أحد مدينيه الثلاثة ـ مثلاً ـ دون تعيين لم يصح، وإلا فلا حاجة لهذا الشرط بعد ما صار المحال عليه متعيناً بالقبول.
نعم لا يشترط في المال المحال به أن يكون عيناً في ذمة المحيل، بل تصح الإحالة من مشغول الذمة بخياطة ثوب أو عمل عبادي مستأجر عليه على بريء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلك؛ وكذا لا فرق بين كون العين مثلية، كالحنطة والشعير، وبين كونها قيمية، كالحيوان، فإذا اشتغلت ذمة المحيل بشاة موصوفة مثلاً ـ بسببٍ كبيع السلف ـ جاز له إحالتها على من كان له عليه شاة بذلك الوصف، أو على البريء.
ـ كما تصح الحوالة على المدين بمالٍ هو من جنس الدين ونوعه، كذلك تصح بما هو مختلف عنه جنساً ونوعاً، فمن كان له على غيره حنطة وكان عليه دنانير صح له أن يحيل دائنه بالدنانير على المدين له بالحنطة، فتنشغل ذمة المحال عليه ـ إن قَبل الحوالة ـ بالدنانير للمحال بدل الحنطة التي كانت مشغولة بها للمحيل، بل إنه يصح الإتفاق بين المحيل الذي عليه دنانير وبين المحال عليه المدين بالحنطة، على تحويل الدائن عليه بالدنانير مع بقاء الحنطة عليه، فإذا دفع المحال عليه الدنانير كان له أن يرجع بها على المحيل، فيما يبقى مديناً للمحيل بالحنطة بالنحو الذي كان عليه.
ـ إذا ابتنى حق أحد الأطراف في الحوالة على معاملة أخرى، كالبيع والزواج ونحوهما، ثم تبيّن بطلان تلك المعاملة وزوال الحق بزوالها، بطلت الحوالة ببطلانها، ومثال ذلك ما يلي:
أ ـ في البيع: أن يحيل البائع دائنه على المشتري منه نسيئة بالثمن الذي استحقه عليه بالبيع؛ أو أن يحيل المشتري البائع بالثمن على مدين له،فإذا تبين بطلان البيع في الموردين بطلت معه الحوالة.
ب ـ في الزواج: أن تحيل الزوجة دائنها على زوجها بمهرها الذي لها عليه؛ أو أن يحيل الزوج زوجته بمهرها على مدين له؛ ففي كلا الموردين تبطل الحوالة إذا تبيّن بطلان الزواج.
هذا إذا تبين بطلان المعاملة، أما إذا فسخت المعاملة بخيار أو تقايل، فيمكن بقاء الحوالة إذا تحقّق أمران مترتبان، الأول: أن يرضى المحال عليه، لأن الحوالة ـ بعد التغاء المعاملة ـ هي من نوع الحوالة على البرىء، فتتوقف على رضاه. الثاني: إضافة إلى رضا المحال عليه، فإنها قد تحتاج إلى رضا المحال وترك استخدام حقه في فسخ الحوالة، وذلك في صورة ما لو كان قبوله الأول بالحوالة مشروطاً صراحة أو ضمناً باستمرار المعاملة، وحيث إنها قد التغت فقد ثبت له خيار الفسخ بسبب تخلف الشرط.
ـ إذا تم العقد مستكملاً لشروطه وقع لازماً، فلا ينفسخ العقد بالتقايل من قبل الأطراف إلا أن يرضى المحال عليه، كما لا ينفسخ من قبل المحال عند إعسار المحال عليه بعدما كان موسراً حين الحوالة، بل وحتى لو كان معسراً حين الحوالة مع علم المحال بالأمر، فإن كان معسراً حينها، وكان المحال جاهلاً بالحال، جاز له الفسخ، إلا أن تتجدد القدرة على الوفاء قبل الاستحقاق، فإن بقاء حق الفسخ ـ حينئذ ـ محل إشكال.
نعم يثبت فيها خيار اشتراط الفسخ، وخيار تخلف الشرط أو الوصف، فينفسخ به العقد ويرجع المحال ـ حينئذ ـ بدينه على المحيل.