الإمام الحسن(ع) وليد الطّهر وربيب النبوّة

الإمام الحسن(ع) وليد الطّهر وربيب النبوّة
ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

 

الإمام الحسن(ع) وليد الطّهر وربيب النبوّة

الطّهارة من الّرجس
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب:33].
نزلت هذه الآية على النبي(ص) وهو في بيت أمّ سلمة، إحدى زوجاته، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساء، وعليّ خلف ظهره، ثم قال: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأَذهبْ عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً". وهذه الفقرة من الآية تدلّ على عصمة هؤلاء، فقد أذهب الله عنهم الرّجس، وهو كلّ ذنبٍ ومعصيةٍ وانحرافٍ عن الحقّ، وطهّرهم من الذّنوب كلّها، وقد قيل إنّ أمّ سلمة قالت للنبيّ(ص): وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: "أنت على مكانك، أنت على خير"، فهذه الآية مختصّة بهؤلاء ولا تشمل زوجات النبيّ(ص).

الحسن (ع) وريث أخلاق النبوّة
في هذا اليوم، الخامس عشر من شهر رمضان، وُلد الإمام الحسن(ع) بالمدينة المنوّرة، وهو أوّل أولاد عليّ وفاطمة(ع). وقد ورد أنّ النبيّ(ص) خاطب الحسن(ع) فقال له: "أَشبهتَ خَلْقي وخُلُقي". وعن أنس بن مالك: "لم يكن أحدٌ أشبه برسول الله من الحسن بن علي". ويتحدّث عنه الإمام الصّادق(ع) فيما روي عنه، فيقول(ع): "إنّ الحسن بن عليّ كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربما مشى حافياً، ولا يمرّ في شيءٍ من أحواله إلا ذَكَرَ الله سبحانه، وكان أصدق النّاس لهجةً، وأفضلهم منطقاً، وكان إذا بَلَغَ باب المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم".

وعن محمّد بن إسحاق قال: "ما بلغ أحدٌ من الشّرف بعد رسول الله(ص) ما بَلَغ الحسن بن عليّ، كان يُبسَط له على باب داره، فإذا خرج وجلس انقطع الطّريق، فما يمرّ أحدٌ من خلق الله إجلالاً له، فإذا عَلِمَ قام ودخل بيته فيمرّ الناس".

منـزلة الحسن(ع) عند الرّسول(ص)
وعن النّسائي قال: قال رسول الله(ص) في الحسن والحسين، وهما على وركيه: "اللّهمّ إنك تعلم أني أُحبُّهما فأَحبَّهما". وعنه(ص): "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة". وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله: "إني تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، أحدهما أعظم من الآخر؛ كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السّماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما".

الأسلوب الحكيم في الدّعوة
وورد في الجانب التربوي، في الأسلوب الحكيم للدّعوة، أنّ الحسن والحسين(ع) مرّا على شيخٍ كبيرٍ لا يُحسن الوضوء، وأرادا أن يعلّماه، فجاءا إليه وقالا له: "نريد أن نعرض عليك وضوءنا لتحكم أيّ وضوء منّا أفضل"، فوافق على ذلك، فتوضّأ الحسن والحسين، ومن الطّبيعي أنّ وضوء الحسن والحسين وضوء رسول الله، والشّيخ ينظر إلى وضوئهما ويفكّر، وقد رأى أنّ وضوءهما واحد، فعرف أنّ وضوءه غير صحيح. وقد أرادا(ع) أن يعلّما هذا الشّيخ الوضوء الصّحيح بأسلوبٍ يحترمان فيه سنّه ولا يشعرانه بالحرج.

وقد ورد أنّ الإمام الحسن(ع) قاسَمَ الله ماله مرّتين، فكان يتصدّق بنصف ماله.

أحاديث الرّسول(ص) والقرآن: صنوان لا يفترقان
وفي عصر الإمام الحسن(ع)، دار جدلٌ بين المسلمين حول كتابة أحاديث رسول الله(ص): هل يقوم المسلمون بكتابتها، أم تقتصر المسألة على القرآن؟ وكان البعض يرى أن يُقتصر على القرآن حتى لا يختلط الحديث بالقرآن، ولكنّ عليّاً والحسن(ع)، كانا يريان أنّ هناك فرقاً بين القرآن والحديث في أسلوب كلّ منهما، فكانا يشجّعان كتابة أحاديث النبيّ(ص)، لأنها لا بدّ من أن تُحفظ، ولا يمكن أن تُحفظ إلا من خلال الكتابة.

المراحل التي عاشها الإمام الحسن(ع)
وإنّنا نلاحظ أنّ هناك عدّة مراحل عاشها الإمام الحسن(ع): في المرحلة الأولى، كان وأخاه الحسين(ع) في حضانة رسول الله، الذي كان يمنحهما العطف والحنان، وكانا يلتقطان كلام النبيّ(ص)، حتى إنهما كانا ينقلان بعض أحاديثه في المسجد إلى أمّهما فاطمة(ع)، وكانا في حضانة عليّ وفاطمة، وكان(ع) يسهر مع أمّه وهي تصلّي صلاة اللّيل، وكان يستمع إليها وهي تستغفر للمؤمنين والمؤمنات وتدعو لهم، فقال لها: "يا أمّاه، لم لا تدعين لنفسك"؟ فقالت: "يا بنيّ، الجار ثم الدار".

وكانت المرحلة الثانية بعد وفاة النبي(ص) ووفاة أمّهما فاطمة(ع)، فكان الحسن والحسين(ع) مع أبيهما عليّ(ع)، يتعلّمان منه ما علّمه إيّاه رسول الله، ويعلّمهم ما يملكه من فكرٍ وتجربة، وقد عاشا تلك المرحلة التي أُبعد فيها عليّ(ع) عن حقّه وصبر، وكان عليّ(ع) في أيّام خلافته يعتمد على الإمام الحسن(ع)، وكان يهتم بتعليمه وتوجيهه، وقد ترك له وصيّةً من أفضل الوصايا التي تحتوي على الكثير من النظام الأخلاقيّ والروحي والاجتماعي.

وبعد استشهاد الإمام عليّ(ع)، بويع الإمام الحسن(ع) بالخلافة، ولكنّ الواقع الإسلامي حينها كان مرتبكاً ومنقسماً، واستطاع معاوية أن يسيطر على رؤساء القبائل والعشائر بالمال، وأعلن معاوية نفسه خليفةً على المسلمين، وأراد الإمام الحسن(ع) أن يركّز الأمور على أساس الشرعيّة، ولكنّ معاوية اشترى أغلب جيش الحسن(ع) بالمال، فاستطاع أن يحتويهم ويهدّد الإمام(ع) الذي كان يفكّر في الحفاظ على البقيّة الباقية من المعارضة التي كانت تسير في خطّ عليّ (ع)؛ لذلك اضطرّ إلى عقد اتفاقيّة مع معاوية، وهو الذي يملك الحكمة في تشخيص المصلحة الإسلاميّة، ولم تكن ظروف الحسن كظروف الحسين(ع) فيما بعد، ولكنّ الحسن(ع) استطاع أن يهيئ الظّروف لثورة الحسين(ع). وقد دسّ معاوية السمّ للإمام الحسن(ع)، فاستشهد بعد أن أدّى مهمّته الرسالية.

كلمات الإمام النّورانية
وفي هذه الذّكرى، نحاول أن نستفيد من بعض كلمات الإمام الحسن(ع)، ولو بشكلٍ سريع. قال له جنادة بن أبي أميّة في مرضه الذي توفي فيه: عظني يا ابن رسول الله. قال(ع): "نعم، استعدّ لسفرك ـ وهو السفر إلى يوم القيامة ـ وحصّل زادك قبل حلول أجلك ـ وخير الزّاد التقوى ـ واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحملْ همَّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه ـ خطّط لمستقبلك، ولكن لا تحمل الهمّ لتعيش في حالةٍ نفسيّة صعبة ـ واعلم أنّك لا تكسب شيئاً فوق قُوتِك إلا كنت فيه خازناً لغيرك ـ لأنّ ما تحتاجه تستهلكه، أمّا الباقي، فإنّك تخزنه للورثة ـ واعلم أنّ الدّنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشّبهات عتاب. فأَنزلِ الدّنيا بمنـزلة الميتة ـ عندما تضطرّ إليها ـ خذْ منها ما يكفيك؛ فإنْ كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وإن كان حراماً لم يكن في وزر فأَخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فالعتاب يسير. واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً ـ بحيث توازن بين تخطيطك للمستقبل وبين مسؤوليّاتك أمام ما فرضه الله عليك ـ وإذا أردتَ عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّ وجلّ".

وورد عنه(ع): "ما تشاور قومٌ إلا هُدوا إلى رشدهم". فلا تستبدّوا في أموركم بالرّأي الفردي، بل شاوروا أهل الخبرة، فإنّ انضمام العقول بعضها إلى بعض، يفتح أبواب الرشد والحقيقة. وعنه(ع): "يا بن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارضَ بما قَسَمَ الله تكن غنيّاً، وأَحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً، إنّه كان بين أيديكم أقوامٌ يجمعون كثيراً ـ من دون أن يكترثوا هل من حلال أم من حرام ـ ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً. يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فإنّ المؤمن يتزوّد والكافر يتمتّع".

هذا هو الإمام الحسن(ع) الّذي كان الإمام المفترض الطّاعة الذي عاش للرّسالة، وانطلق من حضن الرّسالة لخدمة الله ورسوله والمسلمين. والسّلام عليه يوم وُلد ويوم انتقل إلى جوار ربّه ويوم يبعث حيّاً.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الخطبة الثّانية

الاستيطان اليهودي: مباركةٌ أمريكيّة ورضوخٌ عربي
في المشهد الفلسطينيّ، ينشط المبعوثون الأمريكيّون والأوروبيون في المنطقة لتمهيد الطريق أمام الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية، للقبول بالشّروط الإسرائيلية لبدء التفاوض مع العدوّ... وقد تحدّثت تقارير رسمية صهيونية مؤخّراً، أنّ الاستيطان يتقدّم بسرعة في الضفّة الغربية والقدس الشرقية، كما أنّ عمليات تهويد القدس تتحرّك بوتيرةٍ متصاعدة.

وقد أصبح من الواضح أنّ الإدارة الأمريكية قد رضخت للشروط الإسرائيلية قبل الإعلان عن بدء جولات المفاوضات بعد الخطاب المقرّر للرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة أواخر الشهر الحالي، حيث أطلقت الضوء الأخضر للعدوّ للاستمرار في عمليات البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وبالسّعي العملي لسوْق العرب الرسميّين إلى ميدان التسوية، حتى مع إسقاط حقّ العودة بشكلٍ رسميّ، وانتزاعه من عناوين التفاوض وجداولها.

وبالتّالي، فإنّ الحديث عن تجميد الاستيطان أو الإبطاء في عمليّات البناء داخل المستوطنات، لا يدخل إلا في نطاق إخراج بعض الأنظمة العربية من حال الحرج التي تعيشها مع شعوبها، للمباشرة بعمليّة التطبيع مع العدوّ عندما يطلب منها الأمريكيّون أن تنضّم إلى ما يسمّونه جهود السّلام في المنطقة.

لعبة أمميّة على الفلسطينيين بمشاركة عربيّة
إنّ الخطّة التي رسم خطوطها وأهدافها الأمريكيّون والصّهاينة، تقوم على إقناع العرب والفلسطينيين بالقبول بما سيبقى من الضفّة الغربية، بعد انتهاء المفاوضات، لتقوم عليها الدولة الفلسطينيّة المنـزوعة السلاح وغير القابلة للحياة، وإذا عرفنا أنّ ما تبقّى من الضفّة لا يتجاوز 42% منها في ظلّ الانتشار الاستيطاني وتواصل البناء في الجدار الفاصل، اتّضح لنا حجم المؤامرة التي يراد للأمّة أن توقِّع عليها، والتي يسعى العدوّ لاختراق ساحاتها وتمزيق علاقاتها وأوضاعها بالحروب والفتن الداخليّة المتنقّلة.

إنّنا نحذّر الفلسطينيين من أنّ لعبة الأمم قد بدأت تبرز في الأفق من خلال أولئك الذين ارتهنوا للعدوّ وللإدارة الأمريكيّة على السّاحة العربية والفلسطينية على السواء، ونحذّر المنظّمات العربية والإسلامية الرسمية وغير الرسمية من الانخراط في هذه المؤامرة الخطيرة؛ لأنّ الشعوب، وإن حوصرت بالمخابرات وأنظمة الطوارئ أو بالحصار الاقتصادي والتجويعي، سوف تتحرك لإسقاط كلّ المشاريع الاستكباريّة التي تتحرّك للقضاء على حاضر الأمّة ومستقبلها.

الحوار العربي ـ الإيراني: الأسباب والغايات!
وفي موازاة ذلك، استمعنا إلى حديث أمين عام الجامعة العربية عن أنّ إيران تتدخّل بشؤون الدول العربية، ودعوته هذه الدّول مجتمعةً إلى الدخول في حوارٍ مع إيران.

إنّنا نوافق الأمين العام للجامعة العربية على أن تبدأ الدول العربية حواراً جاداً مع إيران في كيفيّة الاستفادة من الخبرات العلمية الإيرانية، والاستعانة بقدرات إيران المختلفة ومواقفها السياسية الداعمة لمواجهة الخطر الاستراتيجي الذي يمثّله الكيان الصهيوني على الأمّة كلّها، لا أن تكون الدعوة إلى الحوار مع الجمهورية الإسلامية محاولةً للإيحاء بوجود مشاكل خطيرة معها، لأنّنا نزعم أنّ مشكلة إيران الوحيدة تتمثّل في موقفها الحاسم من كيان العدوّ، وفي دعمها غير المحدود للشّعب الفلسطيني وفصائله المقاوِمة، ولولا ذلك لهرول العرب إليها، ولعملوا للدخول معها في محورٍ استراتيجي على المستويات الأمنية والسياسية، لأنّ بعض العرب على مستوى الأنظمة وضعوا في برامجهم السياسيّة قواعد وثوابت عنوانها الاقتراب ممن يقترب من إسرائيل، والابتعاد عمّن يبتعد عنها، وعلى هذا الأساس، أرادوا لمعاهدات الأمن والدفاع المشترك أن تسير، لتسلك خطوط الآخرين لا خطوط الأمّة ومصالحها.

الجامعة العربيّة: تقاعس في حمل المسؤوليّة
لقد كنّا ننتظر من الجامعة العربية أن تقوم بواجبها في الدّفاع عن الفلسطينيين في قلب القدس الذين يطردهم الاحتلال من بيوتهم ليلقي بهم في الشارع، أو أن تتحرّك جدياً لرأب الصدع داخل اليمن لحماية اليمنيين وصون وحدتهم، وقطع الطريق على الفتنة التي أوشكت أن تتوسّع دائرتها وتضغط بأنيابها في كثيرٍ من المواقع لتهدّد وحدة اليمن ومستقبله ومصيره.

إنّنا ندعو العرب على مستوى الأنظمة، وفي المنظمات الرسمية، وفي الجامعة العربية، إلى الاستفاقة من كبوتهم، والتبصّر بما يجري حولهم، لأنّ دفن الرؤوس في الرمال، والتغافل عن خطر العدوّ الحقيقي للأمّة، سوف يجلب العار لساحاتهم، وسيتسبّب بخسائر باهظة تدفعها الشّعوب العربية من مخزونها السياسيّ والاقتصاديّ، ومن مستقبل أجيالها وأمنها الاجتماعيّ والعسكريّ وما إلى ذلك.

لبنان: استفحال الأمراض السياسيّة
أمّا لبنان، فقد أصبح عرضةً للأمراض السياسيّة المزمنة بفعل هذه الاستجابة الداخليّة للشّروط التي تُفرض من الخارج، حتى على مستوى تشكيل الحكومات وتوزيع الحقائب.

إنّنا نخشى على هذا (اللبنان) من السّقوط في متاهات الخضوع لتعليمات الخارج التي تلبس لبوس النصائح، كما نخشى عليه من الضّغوط الدولية والإقليمية التي جعلت من هذه الوزارة أو تلك وديعةً لهذا المحور الدولي وذاك المحور الإقليميّ، ليواصل حركته التدميرية في ربط البلد بالمشروع الخارجي الذي يضع الأمن الإسرائيلي في أولوياته الكبرى، ويرهن الأمن اللبناني لحسابات العدوّ القصيرة والبعيدة المدى.

إنّنا ندعو المسؤولين في لبنان إلى التحرر من ضغط المحاور الدولية، والخروج من دائرة التعليمات الخارجية، حتى يحصلوا على حكومة وحدة وطنية حقيقية، وحتى يضمنوا مستقبل بلدهم، ويؤمّنوا الحماية الحقيقية لشعبهم وبلادهم.

ألقى سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته:

 

الإمام الحسن(ع) وليد الطّهر وربيب النبوّة

الطّهارة من الّرجس
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب:33].
نزلت هذه الآية على النبي(ص) وهو في بيت أمّ سلمة، إحدى زوجاته، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساء، وعليّ خلف ظهره، ثم قال: "اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأَذهبْ عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً". وهذه الفقرة من الآية تدلّ على عصمة هؤلاء، فقد أذهب الله عنهم الرّجس، وهو كلّ ذنبٍ ومعصيةٍ وانحرافٍ عن الحقّ، وطهّرهم من الذّنوب كلّها، وقد قيل إنّ أمّ سلمة قالت للنبيّ(ص): وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: "أنت على مكانك، أنت على خير"، فهذه الآية مختصّة بهؤلاء ولا تشمل زوجات النبيّ(ص).

الحسن (ع) وريث أخلاق النبوّة
في هذا اليوم، الخامس عشر من شهر رمضان، وُلد الإمام الحسن(ع) بالمدينة المنوّرة، وهو أوّل أولاد عليّ وفاطمة(ع). وقد ورد أنّ النبيّ(ص) خاطب الحسن(ع) فقال له: "أَشبهتَ خَلْقي وخُلُقي". وعن أنس بن مالك: "لم يكن أحدٌ أشبه برسول الله من الحسن بن علي". ويتحدّث عنه الإمام الصّادق(ع) فيما روي عنه، فيقول(ع): "إنّ الحسن بن عليّ كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربما مشى حافياً، ولا يمرّ في شيءٍ من أحواله إلا ذَكَرَ الله سبحانه، وكان أصدق النّاس لهجةً، وأفضلهم منطقاً، وكان إذا بَلَغَ باب المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم".

وعن محمّد بن إسحاق قال: "ما بلغ أحدٌ من الشّرف بعد رسول الله(ص) ما بَلَغ الحسن بن عليّ، كان يُبسَط له على باب داره، فإذا خرج وجلس انقطع الطّريق، فما يمرّ أحدٌ من خلق الله إجلالاً له، فإذا عَلِمَ قام ودخل بيته فيمرّ الناس".

منـزلة الحسن(ع) عند الرّسول(ص)
وعن النّسائي قال: قال رسول الله(ص) في الحسن والحسين، وهما على وركيه: "اللّهمّ إنك تعلم أني أُحبُّهما فأَحبَّهما". وعنه(ص): "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة". وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله: "إني تاركٌ فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، أحدهما أعظم من الآخر؛ كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السّماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما".

الأسلوب الحكيم في الدّعوة
وورد في الجانب التربوي، في الأسلوب الحكيم للدّعوة، أنّ الحسن والحسين(ع) مرّا على شيخٍ كبيرٍ لا يُحسن الوضوء، وأرادا أن يعلّماه، فجاءا إليه وقالا له: "نريد أن نعرض عليك وضوءنا لتحكم أيّ وضوء منّا أفضل"، فوافق على ذلك، فتوضّأ الحسن والحسين، ومن الطّبيعي أنّ وضوء الحسن والحسين وضوء رسول الله، والشّيخ ينظر إلى وضوئهما ويفكّر، وقد رأى أنّ وضوءهما واحد، فعرف أنّ وضوءه غير صحيح. وقد أرادا(ع) أن يعلّما هذا الشّيخ الوضوء الصّحيح بأسلوبٍ يحترمان فيه سنّه ولا يشعرانه بالحرج.

وقد ورد أنّ الإمام الحسن(ع) قاسَمَ الله ماله مرّتين، فكان يتصدّق بنصف ماله.

أحاديث الرّسول(ص) والقرآن: صنوان لا يفترقان
وفي عصر الإمام الحسن(ع)، دار جدلٌ بين المسلمين حول كتابة أحاديث رسول الله(ص): هل يقوم المسلمون بكتابتها، أم تقتصر المسألة على القرآن؟ وكان البعض يرى أن يُقتصر على القرآن حتى لا يختلط الحديث بالقرآن، ولكنّ عليّاً والحسن(ع)، كانا يريان أنّ هناك فرقاً بين القرآن والحديث في أسلوب كلّ منهما، فكانا يشجّعان كتابة أحاديث النبيّ(ص)، لأنها لا بدّ من أن تُحفظ، ولا يمكن أن تُحفظ إلا من خلال الكتابة.

المراحل التي عاشها الإمام الحسن(ع)
وإنّنا نلاحظ أنّ هناك عدّة مراحل عاشها الإمام الحسن(ع): في المرحلة الأولى، كان وأخاه الحسين(ع) في حضانة رسول الله، الذي كان يمنحهما العطف والحنان، وكانا يلتقطان كلام النبيّ(ص)، حتى إنهما كانا ينقلان بعض أحاديثه في المسجد إلى أمّهما فاطمة(ع)، وكانا في حضانة عليّ وفاطمة، وكان(ع) يسهر مع أمّه وهي تصلّي صلاة اللّيل، وكان يستمع إليها وهي تستغفر للمؤمنين والمؤمنات وتدعو لهم، فقال لها: "يا أمّاه، لم لا تدعين لنفسك"؟ فقالت: "يا بنيّ، الجار ثم الدار".

وكانت المرحلة الثانية بعد وفاة النبي(ص) ووفاة أمّهما فاطمة(ع)، فكان الحسن والحسين(ع) مع أبيهما عليّ(ع)، يتعلّمان منه ما علّمه إيّاه رسول الله، ويعلّمهم ما يملكه من فكرٍ وتجربة، وقد عاشا تلك المرحلة التي أُبعد فيها عليّ(ع) عن حقّه وصبر، وكان عليّ(ع) في أيّام خلافته يعتمد على الإمام الحسن(ع)، وكان يهتم بتعليمه وتوجيهه، وقد ترك له وصيّةً من أفضل الوصايا التي تحتوي على الكثير من النظام الأخلاقيّ والروحي والاجتماعي.

وبعد استشهاد الإمام عليّ(ع)، بويع الإمام الحسن(ع) بالخلافة، ولكنّ الواقع الإسلامي حينها كان مرتبكاً ومنقسماً، واستطاع معاوية أن يسيطر على رؤساء القبائل والعشائر بالمال، وأعلن معاوية نفسه خليفةً على المسلمين، وأراد الإمام الحسن(ع) أن يركّز الأمور على أساس الشرعيّة، ولكنّ معاوية اشترى أغلب جيش الحسن(ع) بالمال، فاستطاع أن يحتويهم ويهدّد الإمام(ع) الذي كان يفكّر في الحفاظ على البقيّة الباقية من المعارضة التي كانت تسير في خطّ عليّ (ع)؛ لذلك اضطرّ إلى عقد اتفاقيّة مع معاوية، وهو الذي يملك الحكمة في تشخيص المصلحة الإسلاميّة، ولم تكن ظروف الحسن كظروف الحسين(ع) فيما بعد، ولكنّ الحسن(ع) استطاع أن يهيئ الظّروف لثورة الحسين(ع). وقد دسّ معاوية السمّ للإمام الحسن(ع)، فاستشهد بعد أن أدّى مهمّته الرسالية.

كلمات الإمام النّورانية
وفي هذه الذّكرى، نحاول أن نستفيد من بعض كلمات الإمام الحسن(ع)، ولو بشكلٍ سريع. قال له جنادة بن أبي أميّة في مرضه الذي توفي فيه: عظني يا ابن رسول الله. قال(ع): "نعم، استعدّ لسفرك ـ وهو السفر إلى يوم القيامة ـ وحصّل زادك قبل حلول أجلك ـ وخير الزّاد التقوى ـ واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحملْ همَّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه ـ خطّط لمستقبلك، ولكن لا تحمل الهمّ لتعيش في حالةٍ نفسيّة صعبة ـ واعلم أنّك لا تكسب شيئاً فوق قُوتِك إلا كنت فيه خازناً لغيرك ـ لأنّ ما تحتاجه تستهلكه، أمّا الباقي، فإنّك تخزنه للورثة ـ واعلم أنّ الدّنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشّبهات عتاب. فأَنزلِ الدّنيا بمنـزلة الميتة ـ عندما تضطرّ إليها ـ خذْ منها ما يكفيك؛ فإنْ كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وإن كان حراماً لم يكن في وزر فأَخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فالعتاب يسير. واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً ـ بحيث توازن بين تخطيطك للمستقبل وبين مسؤوليّاتك أمام ما فرضه الله عليك ـ وإذا أردتَ عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّ وجلّ".

وورد عنه(ع): "ما تشاور قومٌ إلا هُدوا إلى رشدهم". فلا تستبدّوا في أموركم بالرّأي الفردي، بل شاوروا أهل الخبرة، فإنّ انضمام العقول بعضها إلى بعض، يفتح أبواب الرشد والحقيقة. وعنه(ع): "يا بن آدم، عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارضَ بما قَسَمَ الله تكن غنيّاً، وأَحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً، إنّه كان بين أيديكم أقوامٌ يجمعون كثيراً ـ من دون أن يكترثوا هل من حلال أم من حرام ـ ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً. يا بن آدم، لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فإنّ المؤمن يتزوّد والكافر يتمتّع".

هذا هو الإمام الحسن(ع) الّذي كان الإمام المفترض الطّاعة الذي عاش للرّسالة، وانطلق من حضن الرّسالة لخدمة الله ورسوله والمسلمين. والسّلام عليه يوم وُلد ويوم انتقل إلى جوار ربّه ويوم يبعث حيّاً.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الخطبة الثّانية

الاستيطان اليهودي: مباركةٌ أمريكيّة ورضوخٌ عربي
في المشهد الفلسطينيّ، ينشط المبعوثون الأمريكيّون والأوروبيون في المنطقة لتمهيد الطريق أمام الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية، للقبول بالشّروط الإسرائيلية لبدء التفاوض مع العدوّ... وقد تحدّثت تقارير رسمية صهيونية مؤخّراً، أنّ الاستيطان يتقدّم بسرعة في الضفّة الغربية والقدس الشرقية، كما أنّ عمليات تهويد القدس تتحرّك بوتيرةٍ متصاعدة.

وقد أصبح من الواضح أنّ الإدارة الأمريكية قد رضخت للشروط الإسرائيلية قبل الإعلان عن بدء جولات المفاوضات بعد الخطاب المقرّر للرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة أواخر الشهر الحالي، حيث أطلقت الضوء الأخضر للعدوّ للاستمرار في عمليات البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وبالسّعي العملي لسوْق العرب الرسميّين إلى ميدان التسوية، حتى مع إسقاط حقّ العودة بشكلٍ رسميّ، وانتزاعه من عناوين التفاوض وجداولها.

وبالتّالي، فإنّ الحديث عن تجميد الاستيطان أو الإبطاء في عمليّات البناء داخل المستوطنات، لا يدخل إلا في نطاق إخراج بعض الأنظمة العربية من حال الحرج التي تعيشها مع شعوبها، للمباشرة بعمليّة التطبيع مع العدوّ عندما يطلب منها الأمريكيّون أن تنضّم إلى ما يسمّونه جهود السّلام في المنطقة.

لعبة أمميّة على الفلسطينيين بمشاركة عربيّة
إنّ الخطّة التي رسم خطوطها وأهدافها الأمريكيّون والصّهاينة، تقوم على إقناع العرب والفلسطينيين بالقبول بما سيبقى من الضفّة الغربية، بعد انتهاء المفاوضات، لتقوم عليها الدولة الفلسطينيّة المنـزوعة السلاح وغير القابلة للحياة، وإذا عرفنا أنّ ما تبقّى من الضفّة لا يتجاوز 42% منها في ظلّ الانتشار الاستيطاني وتواصل البناء في الجدار الفاصل، اتّضح لنا حجم المؤامرة التي يراد للأمّة أن توقِّع عليها، والتي يسعى العدوّ لاختراق ساحاتها وتمزيق علاقاتها وأوضاعها بالحروب والفتن الداخليّة المتنقّلة.

إنّنا نحذّر الفلسطينيين من أنّ لعبة الأمم قد بدأت تبرز في الأفق من خلال أولئك الذين ارتهنوا للعدوّ وللإدارة الأمريكيّة على السّاحة العربية والفلسطينية على السواء، ونحذّر المنظّمات العربية والإسلامية الرسمية وغير الرسمية من الانخراط في هذه المؤامرة الخطيرة؛ لأنّ الشعوب، وإن حوصرت بالمخابرات وأنظمة الطوارئ أو بالحصار الاقتصادي والتجويعي، سوف تتحرك لإسقاط كلّ المشاريع الاستكباريّة التي تتحرّك للقضاء على حاضر الأمّة ومستقبلها.

الحوار العربي ـ الإيراني: الأسباب والغايات!
وفي موازاة ذلك، استمعنا إلى حديث أمين عام الجامعة العربية عن أنّ إيران تتدخّل بشؤون الدول العربية، ودعوته هذه الدّول مجتمعةً إلى الدخول في حوارٍ مع إيران.

إنّنا نوافق الأمين العام للجامعة العربية على أن تبدأ الدول العربية حواراً جاداً مع إيران في كيفيّة الاستفادة من الخبرات العلمية الإيرانية، والاستعانة بقدرات إيران المختلفة ومواقفها السياسية الداعمة لمواجهة الخطر الاستراتيجي الذي يمثّله الكيان الصهيوني على الأمّة كلّها، لا أن تكون الدعوة إلى الحوار مع الجمهورية الإسلامية محاولةً للإيحاء بوجود مشاكل خطيرة معها، لأنّنا نزعم أنّ مشكلة إيران الوحيدة تتمثّل في موقفها الحاسم من كيان العدوّ، وفي دعمها غير المحدود للشّعب الفلسطيني وفصائله المقاوِمة، ولولا ذلك لهرول العرب إليها، ولعملوا للدخول معها في محورٍ استراتيجي على المستويات الأمنية والسياسية، لأنّ بعض العرب على مستوى الأنظمة وضعوا في برامجهم السياسيّة قواعد وثوابت عنوانها الاقتراب ممن يقترب من إسرائيل، والابتعاد عمّن يبتعد عنها، وعلى هذا الأساس، أرادوا لمعاهدات الأمن والدفاع المشترك أن تسير، لتسلك خطوط الآخرين لا خطوط الأمّة ومصالحها.

الجامعة العربيّة: تقاعس في حمل المسؤوليّة
لقد كنّا ننتظر من الجامعة العربية أن تقوم بواجبها في الدّفاع عن الفلسطينيين في قلب القدس الذين يطردهم الاحتلال من بيوتهم ليلقي بهم في الشارع، أو أن تتحرّك جدياً لرأب الصدع داخل اليمن لحماية اليمنيين وصون وحدتهم، وقطع الطريق على الفتنة التي أوشكت أن تتوسّع دائرتها وتضغط بأنيابها في كثيرٍ من المواقع لتهدّد وحدة اليمن ومستقبله ومصيره.

إنّنا ندعو العرب على مستوى الأنظمة، وفي المنظمات الرسمية، وفي الجامعة العربية، إلى الاستفاقة من كبوتهم، والتبصّر بما يجري حولهم، لأنّ دفن الرؤوس في الرمال، والتغافل عن خطر العدوّ الحقيقي للأمّة، سوف يجلب العار لساحاتهم، وسيتسبّب بخسائر باهظة تدفعها الشّعوب العربية من مخزونها السياسيّ والاقتصاديّ، ومن مستقبل أجيالها وأمنها الاجتماعيّ والعسكريّ وما إلى ذلك.

لبنان: استفحال الأمراض السياسيّة
أمّا لبنان، فقد أصبح عرضةً للأمراض السياسيّة المزمنة بفعل هذه الاستجابة الداخليّة للشّروط التي تُفرض من الخارج، حتى على مستوى تشكيل الحكومات وتوزيع الحقائب.

إنّنا نخشى على هذا (اللبنان) من السّقوط في متاهات الخضوع لتعليمات الخارج التي تلبس لبوس النصائح، كما نخشى عليه من الضّغوط الدولية والإقليمية التي جعلت من هذه الوزارة أو تلك وديعةً لهذا المحور الدولي وذاك المحور الإقليميّ، ليواصل حركته التدميرية في ربط البلد بالمشروع الخارجي الذي يضع الأمن الإسرائيلي في أولوياته الكبرى، ويرهن الأمن اللبناني لحسابات العدوّ القصيرة والبعيدة المدى.

إنّنا ندعو المسؤولين في لبنان إلى التحرر من ضغط المحاور الدولية، والخروج من دائرة التعليمات الخارجية، حتى يحصلوا على حكومة وحدة وطنية حقيقية، وحتى يضمنوا مستقبل بلدهم، ويؤمّنوا الحماية الحقيقية لشعبهم وبلادهم.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية