الشروط

الشروط
ـ يعتبر في المضاربة أمور:

الأول: أن يقتصر استثمار المال على الإتجار به دون ما عداه من وجوه الاستنماء؛ فلا تتحقّق المضاربة فيما لو تعاقدا على استثمار المال في الزراعة، بل يكون ـ حينئذ ـ مزارعة إن جعل أجرته حصة من حاصلها معينة بالكسور، وإجارة إن جعل الأجرة على خلاف ذلك، عيناً أو منفعة؛ كما لا تتحقّق المضاربة بما لو تعاقدا على أن يشتري العامل شيئاً بمال المالك للاستفادة من نمائه، كالأغنام والدجاج للاستفادة من نتاجها بيضاً وصوفاً ولبناً وفراخاً وسخالاً، وكالسيارات أو الدور يشتريها بالمال ليؤجرها وينتفع بأجرتها، وكالآلات الخاصة بحرفة الحدادة أو النجارة أو الصيد أو غيرها يشتريها العامل الحِرَفيُّ ليعمل فيها في حرفته؛ وما أشبه ذلك من وجوه استنماء المال في غير الإتجار، فإنها لا تكون مضاربة، بل هي جعالة إن حدَّد ربح العامل بحصة منه معينة بالكسور، وهي إجارة إن عينها بغير ذلك، عيناً أو منفعة.

الثاني: أن يكون العامل قادراً على القيام بالتجارة بالوجه المطلوب منه بنفسه أو بغيره، فإن لم يشترط عليه مباشرة التجارة بنفسه، وظهر عجزه عنها ولو مع الاستعانة بالغير، بطلت المضاربة من رأسٍ إن كان عاجزاً من الأول، وبطلت من حين الإنكشاف إن طرأ العجز في الأثناء. وكذا تبطل إذا جعل مباشرة العامل لها بنفسه قيداً في أصل المعاملة فعجز عن مباشرتها، فيما يكون للمالك خيار الفسخ إذا جعل المباشرة شرطاً فعجز العامل عنها.

الثالث: أن يكون مال المضاربة عيناً خارجية، نقداً أو بضاعة، فكما تتحقّق بالنقد المعدني أو الورقي تتحقّق بما لو دفع إليه قمحاً أو سيارة أو ثياباً أو داراً ليتجر بها ويتداولها في البيع والشراء، كما لو كانت نقداً. فإن لم تكن عيناً بل منفعة لم تصح المضاربة بها بما هي عليه من عنوان المنفعة رغم إمكان مبادلتها بشيء آخر، على الأحوط وجوباً، نعم تصح المضاربة على أجرتها، كأن يقول له: (خذ منفعة داري هذا فأجّره وضارب على أجرته). وإن لم يكن عيناً خارجية بل كان ديناً في الذمة، ولوحظ في قيام العامل بالمضاربة عليه حالةُ قبضه، صحت المضاربة عليه وهو ما يزال ديناً، بحيث يتضمن إنشاءُ المضاربة عليه من قبل الدائن توكيلَ العامل بقبض الدين نيابة عنه بعد تعيينه وعزله، ثم الإتجار به، دون ضرورة لأن يُنشيء العامل ـ مديناً كان أو غيره ـ عقد المضاربة بطرفيه؛ وكذا تصح المضاربـة ـ على الأقـرب ـ إذا لم يلاحَظ في المضاربة على الدين قيام العامل بها بعد قبضه، بل لوحظت المضاربة عليه بالبيع والشراء حالة كونه ما يزال ديناً.

الرابع: أن يكون المال معلوماً قدراً ووصفاً. وإذا كان للمالك أموال متعددة وجب تعيين ما يكون منها للمضاربة، إلا أن تتساوى الأموال في الوصف والمقدار فلا يجب ـ حينئذ ـ تعيين كون المضاربة بهذا المال أو بذاك، فلو كان عنده محفظتان تحتوي كل منهما على ألف دينار، وضاربه على أحدهما دون تعيين صحت، وإن كان الأحوط استحباباً التعيين.

الخامس: أن يُجعل الربح فيها لمن قدَّم مالاً أو عملاً، وهو منحصر بطرفي العقد، وهما: صاحب المال والعامل، واحداً كان كل منهما أو متعدداً؛ فلو جعل أحدُهما نصيباً من الربح لشخص غيرهم دون أن يكون قد ساهم بمال، ولا اشتُرطَ عليه القيامُ بعمل من أعمال المضاربة، بطلت به المضاربة. وكذا تبطل المضاربة إذا اشترط المالك كون تمام الربح له، أما جعل تمام الخسارة على العامل فهو صحيح إذا جعل تمام الربح له كما سيأتي في الفقرة التالية.

السادس: أن يكون تعيين حصة كل منهما من الربح بالكسر لا بالرقم الصحيح، فيجعلها ثلثاً أو نصفاً، أو ثلاثة من كل مئة، أو نحو ذلك، فلو عينها بالأرقـام الصحيحـة ـ كألف دينـار مثـلاً ـ بطلت المضاربة. هذا، ويغني عن التصريح بمقدار الحصة بذلك النحو كونُه ملحوظاً ضمناً بسبب التعارف الخارجي، كأن يتعاقدا على المضاربة في بلد يعلمان أنَّ العرف فيه هو جعل حصة العامل ثلثاً، فإذا لم يعينا حصة العامل ـ وحالهما هذه ـ ثبت له ثلث الربح.

أما الخسارة فهي بتمامها على صاحب المال، فلو شرط على العامل مشاركته بنصيب من الخسارة يؤخذ من حصته من الربح بطل الشرط، ولم يُلزم بها العامل، بل يَشْكُل الحكم بصحة الشرط إذا جعلها في ماله لا في ربحه. نعم لو شرط عليه أن يتحمل تمام الخسارة على أن يكون له تمام الربح صح الشرط.

ـ لا يشترط لفظ خاص في تحديد نسبة الربح، بل يكفي كل لفظ يدل عليها عرفاً، فلو تراضيا على أن يكون لكل منهما نصف الربح كفى في الدلالة عليه أن يقول: (... والربح بيننا)، أو: (... ولك نصف ربحه)، أو: (... ولك ربح نصفه)، أو نحو ذلك.

ـ تصح المضاربة على حصة من المال المشاع قبل فرزه، بل يمكنه تداول تلك الحصة بالبيع والشراء وهي على حالتها تلك، إلا أن يرغب العامل في فرزها والانفراد بها ليسهل عليه الإتجار بها، فإن له ـ حينئذ ـ أن يطلب القسمة.

ـ لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال في يد المالك ولا في يد العامل، بل تصح المضاربة من قبل المالك إذا كان ماله في يد غيره أمانة أو نحوها؛ وكذا يصح قيام العامل بالمضاربة إذا كان المال ما يزال في يد المالك.

ـ يجوز في المضاربة الواحدة تعدد العامل، سواءً اتحد المالك أو تعدد، فيتقاسم العمال فيما بينهم نصيبهم من الربح بالتساوي أو بالتفاضل، بالنحو الذي تعاقدوا عليه مع المالك.

وكذا يجوز في المضاربة تعدد المالكين، سواءً اتحد العامل أو تعدد، ويتحقّق هذا الفرض في صور:

الأولى: أن يكون المال مشتركاً بينهم قبل المضاربة، ويضاربون بعقد واحد عاملاً واحداً أو أكثر.

الثانية: أن يكون المال كما في الصورة الأولى، ويضارب كل واحد من الشركاء منفرداً نفس العامل.

الثالثة: أن لا يكون المال مشتركاً، ويضارب أكثر من مالك نفس العامل، ويشترط العامل عليهم أن يخلط مال كل واحد منهم بمال الآخر، بحيث يصير المال مشتركاً بفعل العامل وبعد إنشاء عقد المضاربة.

فتصح المضاربة في هذه الصور الثلاث مهما كانت الكيفية التي يتوافقون عليها لتوزيع الربح بينهم في نصيبهم كمالكين، بما في ذلك ما لو تفاضلوا فيها مع تساوي حصة كل منهم في رأس المال، وتساوي نسبة الربح التي أعطاها كل واحد منهم للعامل، وعدم تقديم آخذ الزيادة شيئاً دون الآخرين في عملية المضاربة من عين أو منفعة.

ولا يخفى أن جواز التفاضل في ربح الشركاء من المضاربة في الصورتين الأولى والثانية مستثنى مما سبق ذكره في باب الشركة في (المسألة: 9)، فراجعه.

كما أنه ينبغي الالتفات إلى أن مورد الكلام في جواز التفاضل في حصص المالكين وعدمه إنما هو في غير صورة حدوث التفاضل بينهم طبيعياً بسبب اختلاف نسبة ما أعطاه كل واحد منهم من ربح للعامل عما أعطاه الآخر له، إذ إن كل زيادة منه عن غيره في حصة العامل هي نقص طبيعي في حصته.
ـ يعتبر في المضاربة أمور:

الأول: أن يقتصر استثمار المال على الإتجار به دون ما عداه من وجوه الاستنماء؛ فلا تتحقّق المضاربة فيما لو تعاقدا على استثمار المال في الزراعة، بل يكون ـ حينئذ ـ مزارعة إن جعل أجرته حصة من حاصلها معينة بالكسور، وإجارة إن جعل الأجرة على خلاف ذلك، عيناً أو منفعة؛ كما لا تتحقّق المضاربة بما لو تعاقدا على أن يشتري العامل شيئاً بمال المالك للاستفادة من نمائه، كالأغنام والدجاج للاستفادة من نتاجها بيضاً وصوفاً ولبناً وفراخاً وسخالاً، وكالسيارات أو الدور يشتريها بالمال ليؤجرها وينتفع بأجرتها، وكالآلات الخاصة بحرفة الحدادة أو النجارة أو الصيد أو غيرها يشتريها العامل الحِرَفيُّ ليعمل فيها في حرفته؛ وما أشبه ذلك من وجوه استنماء المال في غير الإتجار، فإنها لا تكون مضاربة، بل هي جعالة إن حدَّد ربح العامل بحصة منه معينة بالكسور، وهي إجارة إن عينها بغير ذلك، عيناً أو منفعة.

الثاني: أن يكون العامل قادراً على القيام بالتجارة بالوجه المطلوب منه بنفسه أو بغيره، فإن لم يشترط عليه مباشرة التجارة بنفسه، وظهر عجزه عنها ولو مع الاستعانة بالغير، بطلت المضاربة من رأسٍ إن كان عاجزاً من الأول، وبطلت من حين الإنكشاف إن طرأ العجز في الأثناء. وكذا تبطل إذا جعل مباشرة العامل لها بنفسه قيداً في أصل المعاملة فعجز عن مباشرتها، فيما يكون للمالك خيار الفسخ إذا جعل المباشرة شرطاً فعجز العامل عنها.

الثالث: أن يكون مال المضاربة عيناً خارجية، نقداً أو بضاعة، فكما تتحقّق بالنقد المعدني أو الورقي تتحقّق بما لو دفع إليه قمحاً أو سيارة أو ثياباً أو داراً ليتجر بها ويتداولها في البيع والشراء، كما لو كانت نقداً. فإن لم تكن عيناً بل منفعة لم تصح المضاربة بها بما هي عليه من عنوان المنفعة رغم إمكان مبادلتها بشيء آخر، على الأحوط وجوباً، نعم تصح المضاربة على أجرتها، كأن يقول له: (خذ منفعة داري هذا فأجّره وضارب على أجرته). وإن لم يكن عيناً خارجية بل كان ديناً في الذمة، ولوحظ في قيام العامل بالمضاربة عليه حالةُ قبضه، صحت المضاربة عليه وهو ما يزال ديناً، بحيث يتضمن إنشاءُ المضاربة عليه من قبل الدائن توكيلَ العامل بقبض الدين نيابة عنه بعد تعيينه وعزله، ثم الإتجار به، دون ضرورة لأن يُنشيء العامل ـ مديناً كان أو غيره ـ عقد المضاربة بطرفيه؛ وكذا تصح المضاربـة ـ على الأقـرب ـ إذا لم يلاحَظ في المضاربة على الدين قيام العامل بها بعد قبضه، بل لوحظت المضاربة عليه بالبيع والشراء حالة كونه ما يزال ديناً.

الرابع: أن يكون المال معلوماً قدراً ووصفاً. وإذا كان للمالك أموال متعددة وجب تعيين ما يكون منها للمضاربة، إلا أن تتساوى الأموال في الوصف والمقدار فلا يجب ـ حينئذ ـ تعيين كون المضاربة بهذا المال أو بذاك، فلو كان عنده محفظتان تحتوي كل منهما على ألف دينار، وضاربه على أحدهما دون تعيين صحت، وإن كان الأحوط استحباباً التعيين.

الخامس: أن يُجعل الربح فيها لمن قدَّم مالاً أو عملاً، وهو منحصر بطرفي العقد، وهما: صاحب المال والعامل، واحداً كان كل منهما أو متعدداً؛ فلو جعل أحدُهما نصيباً من الربح لشخص غيرهم دون أن يكون قد ساهم بمال، ولا اشتُرطَ عليه القيامُ بعمل من أعمال المضاربة، بطلت به المضاربة. وكذا تبطل المضاربة إذا اشترط المالك كون تمام الربح له، أما جعل تمام الخسارة على العامل فهو صحيح إذا جعل تمام الربح له كما سيأتي في الفقرة التالية.

السادس: أن يكون تعيين حصة كل منهما من الربح بالكسر لا بالرقم الصحيح، فيجعلها ثلثاً أو نصفاً، أو ثلاثة من كل مئة، أو نحو ذلك، فلو عينها بالأرقـام الصحيحـة ـ كألف دينـار مثـلاً ـ بطلت المضاربة. هذا، ويغني عن التصريح بمقدار الحصة بذلك النحو كونُه ملحوظاً ضمناً بسبب التعارف الخارجي، كأن يتعاقدا على المضاربة في بلد يعلمان أنَّ العرف فيه هو جعل حصة العامل ثلثاً، فإذا لم يعينا حصة العامل ـ وحالهما هذه ـ ثبت له ثلث الربح.

أما الخسارة فهي بتمامها على صاحب المال، فلو شرط على العامل مشاركته بنصيب من الخسارة يؤخذ من حصته من الربح بطل الشرط، ولم يُلزم بها العامل، بل يَشْكُل الحكم بصحة الشرط إذا جعلها في ماله لا في ربحه. نعم لو شرط عليه أن يتحمل تمام الخسارة على أن يكون له تمام الربح صح الشرط.

ـ لا يشترط لفظ خاص في تحديد نسبة الربح، بل يكفي كل لفظ يدل عليها عرفاً، فلو تراضيا على أن يكون لكل منهما نصف الربح كفى في الدلالة عليه أن يقول: (... والربح بيننا)، أو: (... ولك نصف ربحه)، أو: (... ولك ربح نصفه)، أو نحو ذلك.

ـ تصح المضاربة على حصة من المال المشاع قبل فرزه، بل يمكنه تداول تلك الحصة بالبيع والشراء وهي على حالتها تلك، إلا أن يرغب العامل في فرزها والانفراد بها ليسهل عليه الإتجار بها، فإن له ـ حينئذ ـ أن يطلب القسمة.

ـ لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال في يد المالك ولا في يد العامل، بل تصح المضاربة من قبل المالك إذا كان ماله في يد غيره أمانة أو نحوها؛ وكذا يصح قيام العامل بالمضاربة إذا كان المال ما يزال في يد المالك.

ـ يجوز في المضاربة الواحدة تعدد العامل، سواءً اتحد المالك أو تعدد، فيتقاسم العمال فيما بينهم نصيبهم من الربح بالتساوي أو بالتفاضل، بالنحو الذي تعاقدوا عليه مع المالك.

وكذا يجوز في المضاربة تعدد المالكين، سواءً اتحد العامل أو تعدد، ويتحقّق هذا الفرض في صور:

الأولى: أن يكون المال مشتركاً بينهم قبل المضاربة، ويضاربون بعقد واحد عاملاً واحداً أو أكثر.

الثانية: أن يكون المال كما في الصورة الأولى، ويضارب كل واحد من الشركاء منفرداً نفس العامل.

الثالثة: أن لا يكون المال مشتركاً، ويضارب أكثر من مالك نفس العامل، ويشترط العامل عليهم أن يخلط مال كل واحد منهم بمال الآخر، بحيث يصير المال مشتركاً بفعل العامل وبعد إنشاء عقد المضاربة.

فتصح المضاربة في هذه الصور الثلاث مهما كانت الكيفية التي يتوافقون عليها لتوزيع الربح بينهم في نصيبهم كمالكين، بما في ذلك ما لو تفاضلوا فيها مع تساوي حصة كل منهم في رأس المال، وتساوي نسبة الربح التي أعطاها كل واحد منهم للعامل، وعدم تقديم آخذ الزيادة شيئاً دون الآخرين في عملية المضاربة من عين أو منفعة.

ولا يخفى أن جواز التفاضل في ربح الشركاء من المضاربة في الصورتين الأولى والثانية مستثنى مما سبق ذكره في باب الشركة في (المسألة: 9)، فراجعه.

كما أنه ينبغي الالتفات إلى أن مورد الكلام في جواز التفاضل في حصص المالكين وعدمه إنما هو في غير صورة حدوث التفاضل بينهم طبيعياً بسبب اختلاف نسبة ما أعطاه كل واحد منهم من ربح للعامل عما أعطاه الآخر له، إذ إن كل زيادة منه عن غيره في حصة العامل هي نقص طبيعي في حصته.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية