تعريف النذر وصيغته وأقسامه

تعريف النذر وصيغته وأقسامه
وفيه مسائل:
ـ (النَذْرُ) لغة: الوعد بخير أو شر، مع الشرط وبدونه. وأصله يدل على التخويف، ومنه (الإنذار)، أي: إخبار فيه تخويف؛ و(النذير) هو: المخبر بالخبر المخيف.
والنذر في الفقه هو: (صيغة يلتزم فيها الناذر بترك شيء أو فعله، لله تعالىفلا ينعقد بالنية المجردة عن اللفظ؛ كما أنه لا يشترط في الصيغة لفظ خاص، بل تصح بكل ما يفيد جعل فعلٍ أو تركٍ على ذمته لله تعالى إذا توفر فيها أمران:
الأول: جعل العمل على النفس لا على الغير، فلو جعله على غيره بمثل قوله: «لله على ولدي زيد أن يزور البيت الحرام إذا شفي من مرضه» كان لغواً لا يُلزِمُ الناذرَ ولا المنذورَ عنه بشيء، إلا أن يكون على من له الولاية عليه وبالنحو الذي تقدم في اليمين. (أنظر آخر فقرة «الثاني» من المسألة السابقة).
الثاني: أن يكون التزامه لله تعالى، فلو خلت الصيغة منه فاقتصر على قوله: «نذر علي أن أفعل كذا) كان لغواً لا يُلزمه بشيء؛ وكذا لا يجب الوفاء بما لو نذر لغير الله تعالى من الأنبياء والأوصياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، كما لو قال: «لك عليّ يا رسول الله أن أصلي ركعتين شكراً لله تعالى إذا تركت التدخين»، أو نحو ذلك.
فالصيغة المطلوبة في انعقاد النذر هي التي تشتمل على ذينك الأمرين، ويكفي فيها أن يقول: «لله عليّ صلاة ركعتين إن وصلت سالماً»، باللغة العربية أو بغيرها ولو لمن يحسن العربية، وباللهجة الفصحى أو العامية من العربية، وبأية طريقة رَكَّبَ بها الصيغة. بل يتحقّق النذر بما لو زاد على تلك الصيغة كلمة (نذر) ومشتقاتها، كأن يقول: «نذرت لله تعالى... إلخ»، أو: «نذر لله عليّ...»، أو ما أشبه ذلك.

ـ لا يشترط في الصيغة ذكر لفظ الجلالة بخاصة، بل يصح بكل ما دل عليه من الأسماء والصفات الخاصة به، أو المشتركة إذا قصد بها الله تعالى.
ـ الأصل في النذر أن يكون الوفاء بالمنذور معلقاً ومشروطاً بحدوث أمر معين، وذلـك علـى خـلاف اليميـن، لكنـه يصـح ـ أيضاً ـ إذا كان منجزاً ومطلقاً، ويسمى (نذر التبرع)، كأن يقول: «لله علي أن أصوم يوم الخميس» دون تعليقه على شيء، فإنه ينعقد ويجب الوفاء به، وحينئذٍ فإنه يفيد فائدة اليمين ويغني عنها، ويكون الفرق بينهما أن الحالف في اليمين يشهد الله تعالى على التزامه دون أن يقصد بنفس حلفه التوجه إلى الله تعالى وإن كان المحلوف عليه طاعة وعبادة، فيما يرتكز الالتزام من الناذر على التوجه بنفس التزامه ونذره إلى الله تعالى سواء كان المنذور عبادة أو غيرها، وبعبارة مختصرة: (نفس الحلف ليس طاعة فيما لا يكون النذر بذاته إلا طاعة).

ـ ينقسم النذر المعلـق ـ من حيث طبيعة الشرط الذي علق عليه ـ إلى قسمين:

الأول: نذر بِرٍ: وهو ما كان الهدف منه حث النفس ـ أو الغيـر ـ وبعثها إلى أعمال الخير والبر ولو من خلال ما يكون شكراً لله تعالى على ما وفق إليه من أعمال أو أفاض من نعم، فإن في نفس الشكر على ذلك ما يزيد النفس انبعاثاً إلى الخير؛ ولذا صح أن يكون بهذا اللحاظ على نحوين:
1 ـ نذر شكر لله تعالى على إيجاد الشرط، سواءً لنفسه أو لغيره، كأن يعلق نذر الصيام على شفائه أو شفاء ولده، أو على توفيقه لزيارة الإمام الحسين عليه السلام أو بناء بيته أو أداء فريضة الحج، أو غير ذلك من أمور الدين والدنيا من مصلحة حلت أو مفسدة اندفعت.
2 ـ نذر بعث لغيره من أجل فعل الخير، كأن يقول لولده: «إن حفظت القرآن الكريم فلله عليّ أن أبذل لك نفقة حجك»، ونحو ذلك مما يكون من قبيل الجائزة لفاعل الشرط على قيامه به.

أما مورد نذر البر بنَحوَيْه فهو ما إذا كان الشرط أمراً وجودياً أو عدمياً مرغوباً فيه للناذر، سواءً كان مِنْ فعله أو فعل غيره، ويعتبر أن يكون مما يَحسُن به تمنيه ويسوغ له طلبه من الله تعالى، إما لكونه طاعة لله تعالى، كفعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه، وإما لكونه انقياداً له تعالى بفعل ما يحتمل محبوبيته له وترك ما يحتمل مبغوضيته عنده، أما المباح المحض كالمشي والنوم ونحو ذلك فإن الظاهر فيه ـ أيضاً ـ جواز تعليق النذر عليه. وهنا لا بد من إلفات النظر إلى وجود فرق بين اشتراط النذر أو العهد وتعليقهما على المباح، وبين ما لو كان متعلق النذر أو العهد هو المباح، فالأول، وهو المذكور آنفاً، جائز، مثل أن يقول: «إن شربت الماء فللَّه عليّ أن أتصدق» والثاني غير سائغ، وهو مثل أن يقول: «إن شفيت من مرضي فللَّه عليّ أن أشرب الماء»، وهو الذي سيأتي بيانه في فقرة (الأول) من المسألة: 487.
فإن كان الشرط مما لا يحسن تمنيه، كما لو علق نذر الشكر على فعل الحرام أو المكروه أو ما يحتمل مبغوضيته، أو علقه على ترك الواجب أو المستحب أو ما يحتمل محبوبيته، أو علقه على ما فيه ضرر وأذى للإنسان أو غير الإنسان من الشرور والكوارث، لم ينعقد النذر، بل يأثم الناذر في بعض موارده، كمثل نذر الشكر على المعصية وعلى وقوع الأذى على المسلم.

الثاني: نذر الزجر، وهو ما يراد به ردع النفس عن فعل ما لا يحسن تمنيه، وذلك تشويقاً لها للطاعة وتزهيداً لها بالمعصية. ويكون إما: على ترك الواجب أو المستحب أو ما يحتمل أنه محبوب لله تعالى من كريم الأعمال، وإما: على فعل محرم أو مكروه أو ما يحتمل مبغوضيته من منافيات المروءة؛ وذلك كأن يقول: «لله عليّ أن أتصدق بألف دينار إن تركت الصلاة» قاصداً بذلك زجر نفسه عن ترك الصلاة، وهكذا سائر الموارد التي يجمعها كون الشرط من الأعمال الاختيارية للناذر. ولكن ينبغي الالتفات إلى أن هذه الموارد كما هي صالحة لأن تكون نذر بر زجراً للنفس عما لا يحبه الله تعالى فإنها صالحة ـ أيضاً ـ لأن تكون نذر شكر على المعصية، والمائز بينهما ـ حينئذ ـ هو القصد، فإذا قصد الناذر بها الشكر على المعصية أثم ولم ينعقد النذر.

ـ إذا علَّق النذر على أمر راجح ثم عرض عليه ما جعله مرجوحاً انحل النذر المعلق عليه.

ـ إذا تم النذر بالصيغة التي ذكرناها، وكان مستكملاً لسائر الشروط المعتبرة فيه مما سنذكره لاحقاً، انعقد ولزم الناذر الوفاء به وحرمت مخالفته ووجبت الكفارة على المخالفة، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث خاص لاحقاً.
وفيه مسائل:
ـ (النَذْرُ) لغة: الوعد بخير أو شر، مع الشرط وبدونه. وأصله يدل على التخويف، ومنه (الإنذار)، أي: إخبار فيه تخويف؛ و(النذير) هو: المخبر بالخبر المخيف.
والنذر في الفقه هو: (صيغة يلتزم فيها الناذر بترك شيء أو فعله، لله تعالىفلا ينعقد بالنية المجردة عن اللفظ؛ كما أنه لا يشترط في الصيغة لفظ خاص، بل تصح بكل ما يفيد جعل فعلٍ أو تركٍ على ذمته لله تعالى إذا توفر فيها أمران:
الأول: جعل العمل على النفس لا على الغير، فلو جعله على غيره بمثل قوله: «لله على ولدي زيد أن يزور البيت الحرام إذا شفي من مرضه» كان لغواً لا يُلزِمُ الناذرَ ولا المنذورَ عنه بشيء، إلا أن يكون على من له الولاية عليه وبالنحو الذي تقدم في اليمين. (أنظر آخر فقرة «الثاني» من المسألة السابقة).
الثاني: أن يكون التزامه لله تعالى، فلو خلت الصيغة منه فاقتصر على قوله: «نذر علي أن أفعل كذا) كان لغواً لا يُلزمه بشيء؛ وكذا لا يجب الوفاء بما لو نذر لغير الله تعالى من الأنبياء والأوصياء عليهم أفضل الصلاة والسلام، كما لو قال: «لك عليّ يا رسول الله أن أصلي ركعتين شكراً لله تعالى إذا تركت التدخين»، أو نحو ذلك.
فالصيغة المطلوبة في انعقاد النذر هي التي تشتمل على ذينك الأمرين، ويكفي فيها أن يقول: «لله عليّ صلاة ركعتين إن وصلت سالماً»، باللغة العربية أو بغيرها ولو لمن يحسن العربية، وباللهجة الفصحى أو العامية من العربية، وبأية طريقة رَكَّبَ بها الصيغة. بل يتحقّق النذر بما لو زاد على تلك الصيغة كلمة (نذر) ومشتقاتها، كأن يقول: «نذرت لله تعالى... إلخ»، أو: «نذر لله عليّ...»، أو ما أشبه ذلك.

ـ لا يشترط في الصيغة ذكر لفظ الجلالة بخاصة، بل يصح بكل ما دل عليه من الأسماء والصفات الخاصة به، أو المشتركة إذا قصد بها الله تعالى.
ـ الأصل في النذر أن يكون الوفاء بالمنذور معلقاً ومشروطاً بحدوث أمر معين، وذلـك علـى خـلاف اليميـن، لكنـه يصـح ـ أيضاً ـ إذا كان منجزاً ومطلقاً، ويسمى (نذر التبرع)، كأن يقول: «لله علي أن أصوم يوم الخميس» دون تعليقه على شيء، فإنه ينعقد ويجب الوفاء به، وحينئذٍ فإنه يفيد فائدة اليمين ويغني عنها، ويكون الفرق بينهما أن الحالف في اليمين يشهد الله تعالى على التزامه دون أن يقصد بنفس حلفه التوجه إلى الله تعالى وإن كان المحلوف عليه طاعة وعبادة، فيما يرتكز الالتزام من الناذر على التوجه بنفس التزامه ونذره إلى الله تعالى سواء كان المنذور عبادة أو غيرها، وبعبارة مختصرة: (نفس الحلف ليس طاعة فيما لا يكون النذر بذاته إلا طاعة).

ـ ينقسم النذر المعلـق ـ من حيث طبيعة الشرط الذي علق عليه ـ إلى قسمين:

الأول: نذر بِرٍ: وهو ما كان الهدف منه حث النفس ـ أو الغيـر ـ وبعثها إلى أعمال الخير والبر ولو من خلال ما يكون شكراً لله تعالى على ما وفق إليه من أعمال أو أفاض من نعم، فإن في نفس الشكر على ذلك ما يزيد النفس انبعاثاً إلى الخير؛ ولذا صح أن يكون بهذا اللحاظ على نحوين:
1 ـ نذر شكر لله تعالى على إيجاد الشرط، سواءً لنفسه أو لغيره، كأن يعلق نذر الصيام على شفائه أو شفاء ولده، أو على توفيقه لزيارة الإمام الحسين عليه السلام أو بناء بيته أو أداء فريضة الحج، أو غير ذلك من أمور الدين والدنيا من مصلحة حلت أو مفسدة اندفعت.
2 ـ نذر بعث لغيره من أجل فعل الخير، كأن يقول لولده: «إن حفظت القرآن الكريم فلله عليّ أن أبذل لك نفقة حجك»، ونحو ذلك مما يكون من قبيل الجائزة لفاعل الشرط على قيامه به.

أما مورد نذر البر بنَحوَيْه فهو ما إذا كان الشرط أمراً وجودياً أو عدمياً مرغوباً فيه للناذر، سواءً كان مِنْ فعله أو فعل غيره، ويعتبر أن يكون مما يَحسُن به تمنيه ويسوغ له طلبه من الله تعالى، إما لكونه طاعة لله تعالى، كفعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه، وإما لكونه انقياداً له تعالى بفعل ما يحتمل محبوبيته له وترك ما يحتمل مبغوضيته عنده، أما المباح المحض كالمشي والنوم ونحو ذلك فإن الظاهر فيه ـ أيضاً ـ جواز تعليق النذر عليه. وهنا لا بد من إلفات النظر إلى وجود فرق بين اشتراط النذر أو العهد وتعليقهما على المباح، وبين ما لو كان متعلق النذر أو العهد هو المباح، فالأول، وهو المذكور آنفاً، جائز، مثل أن يقول: «إن شربت الماء فللَّه عليّ أن أتصدق» والثاني غير سائغ، وهو مثل أن يقول: «إن شفيت من مرضي فللَّه عليّ أن أشرب الماء»، وهو الذي سيأتي بيانه في فقرة (الأول) من المسألة: 487.
فإن كان الشرط مما لا يحسن تمنيه، كما لو علق نذر الشكر على فعل الحرام أو المكروه أو ما يحتمل مبغوضيته، أو علقه على ترك الواجب أو المستحب أو ما يحتمل محبوبيته، أو علقه على ما فيه ضرر وأذى للإنسان أو غير الإنسان من الشرور والكوارث، لم ينعقد النذر، بل يأثم الناذر في بعض موارده، كمثل نذر الشكر على المعصية وعلى وقوع الأذى على المسلم.

الثاني: نذر الزجر، وهو ما يراد به ردع النفس عن فعل ما لا يحسن تمنيه، وذلك تشويقاً لها للطاعة وتزهيداً لها بالمعصية. ويكون إما: على ترك الواجب أو المستحب أو ما يحتمل أنه محبوب لله تعالى من كريم الأعمال، وإما: على فعل محرم أو مكروه أو ما يحتمل مبغوضيته من منافيات المروءة؛ وذلك كأن يقول: «لله عليّ أن أتصدق بألف دينار إن تركت الصلاة» قاصداً بذلك زجر نفسه عن ترك الصلاة، وهكذا سائر الموارد التي يجمعها كون الشرط من الأعمال الاختيارية للناذر. ولكن ينبغي الالتفات إلى أن هذه الموارد كما هي صالحة لأن تكون نذر بر زجراً للنفس عما لا يحبه الله تعالى فإنها صالحة ـ أيضاً ـ لأن تكون نذر شكر على المعصية، والمائز بينهما ـ حينئذ ـ هو القصد، فإذا قصد الناذر بها الشكر على المعصية أثم ولم ينعقد النذر.

ـ إذا علَّق النذر على أمر راجح ثم عرض عليه ما جعله مرجوحاً انحل النذر المعلق عليه.

ـ إذا تم النذر بالصيغة التي ذكرناها، وكان مستكملاً لسائر الشروط المعتبرة فيه مما سنذكره لاحقاً، انعقد ولزم الناذر الوفاء به وحرمت مخالفته ووجبت الكفارة على المخالفة، وسيأتي تفصيل ذلك في مبحث خاص لاحقاً.
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية