المرجع الديني السيّد فضل الله لصحيفة إلموندو الأسبانيّة:
أوباما يستحقّ جائزة نوبل للخداع
في حيّ حارة حريك، معقل حزب الله في بيروت، يطالعك وجهه المهيمن في كلّ مكان، كما الحال مع صورة السيّد حسن نصر الله. ليس عبثاً أنّ نفوذ المرجع الدّيني محمّد حسين فضل الله، هو الّذي حفَّز على إنشاء حزب الله خلال الثّمانينات، وما زال مصدر إلهامٍ للشّيعة في لبنان وجزءٍ كبيرٍ من العالم الإسلاميّ.
ولد السيّد محمد حسين فضل الله في مدينة النّجف العراقيّة المقدّسة، حيث أمضى 22 عاماً في دراسة الإسلام. يُعتبر الأب الرّوحيّ للحركة الثّوريّة الشّيعيّة اللّبنانيّة، مع المغيَّب السّيد موسى الصّدر مؤسّس حركة أمل، ومع الشّيخ محمّد مهدي شمس الدّين. ويُعدّ من المؤثّرين في الحركة الإسلاميّة في العراق، كما يُعتبر واحداً من أبرز المفكّرين المسلمين في العالم، وهو صاحب فكرٍ واقعيّ، لأنّ فتاواه تدعو إلى التّسامح والحوار والتّقدّم العلميّ، وتحسين وضع المرأة المسلمة.
وعلى الرَّغم من أهميَّة موقعه، والقدرة الهائلة لتأثير خطابه في مؤيّديه، إلا أنّ اللافت هو سهولة اللّقاء به، حيث يستقبلك في مكتبه المتواضع في حارة حريك، فلا يجعل ضيوفه ينتظرون. الهدوء والإقناع يرافقان خطابه المتميّز بالإبداع والتّقدميّة بشكلٍ مذهل، مقارنةً بغيره من العلماء، الّذين يحملون الدّرجة الدينيّة نفسها (مرجع)، وهي أعلى مرتبة علميّة في الفقه الشيعيّ، وأيضاً مقارنةً بزعماء الدّيانات الأخرى كالمسيحيّة.
يعتبر المرجع فضل الله أنّ المرأة والرّجل متساويان بدرجة مائة في المائة؛ ما يسمح للمرأة بإصدار الفتوى أو ممارسة وظيفة وزير أو حتى رئيس دولة إذا كانت تمتلك الكفاءة اللازمة، وهو يشجّع النّساء على الدّفاع عن أنفسهنّ في حال العنف الزّوجيّ.
وانطلاقاً من إيمانه بالتّكنولوجيا، يجيب عن أسئلة مقلّديه واستفساراتهم على موقعه على الإنترنت، ومن بينها أسئلةٌ حول الاستنساخ والأبحاث حول الخلايا الأمّ. ويتأسّف السيّد من أنّ بعض العلماء المسلمين يأخذون النّصّ القرآنيّ بظاهره دون النّظر إلى الأمور بعيونٍ مفتوحةٍ على العلم وتقدّمه.
وهنا نص المقابلة :
الانقسام الإسلاميّ
إلموندو: إنّ شعوب العراق ولبنان وفلسطين عانوا من الفتن. ما أسباب هذه الفتن؟ ومن يقف خلفها؟ وهل من الممكن وقف القتال الّذي سبّبته؟
فضل الله: لا تزال المنطقة، وخصوصاً العراق وفلسطين ولبنان، تدخل في الاستراتيجيّة الأمريكيّة، والّتي قد تلتقي مع الاستراتيجيّة الإسرائيليّة، لأنّ المطلوب هو أن لا يكون هناك أيّ استقرار في هذه البلدان. أمّا بالنّسبة إلى فلسطين، فمن الطّبيعيّ أنّ إسرائيل تحاول السّيطرة الكاملة عليها، إلا من خلال ما يكون على صورة الحكم الذّاتيّ، أو أقلّ من الحكم الذّاتيّ، وهذا ما نلاحظه في مسألة الاستيطان الّذي تشجّعه أمريكا في الواقع، وإن كانت تستنكره في الإعلام.
أمّا بالنّسبة إلى العراق، فنحن نعرف أنّ أمريكا دخلت العراق من أجل السّيطرة على النّفط فيه، كما صرّح بذلك جون أبي زيد الّذي قال: إنّنا دخلنا العراق من أجل السّيطرة على النّفط من جهة، ولموقعه الاستراتيجيّ من جهة أخرى. إذاً، هذه هي خطّتهم؛ ليكون العراق جسراً إلى الدّول المجاورة له، سواء سوريا أو تركيا أو إيران أو الخليج، بحيث إذا تحوّل العراق إلى قاعدةٍ أمريكيّة؛ فإنّ أمريكا تستطيع أن تأخذ حرّيتها في التحرّك في كلّ هذه البلدان.
ولذلك، نحن نعتقد أنّ أمريكا لن تخرج من العراق إلا خروجاً شكليّاً، وليس خروجاً حقيقيّاً. أمّا لبنان، فإنّ أمريكا تعتبر ـ كما كان الرّئيس بوش يتحدّث ـ أنّه يمثّل البلد الّذي يرتبط به الأمن القوميّ الأمريكيّ، وكما صرّحت وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة السّابقة "رايس"، بأنّ لبنان هو أفضل مكانٍ لمشروع الشّرق الأوسط الجديد. ولذلك، فإنّ أمريكا، ومعها أيضاً أكثر دول أوروبا، إلى جانب إسرائيل، تعمل على أن تبقى هذه الدّول متحرّكةً وغير مستقرّة، لتستطيع المخابرات الأمريكيّة، ومعها المخابرات الإسرائيليّة، وبعض المخابرات الأوروبيّة، التدخّل في سياسة هذه البلدان وفي ثرواتها الطّبيعيّة، وخصوصاً بالنّسبة إلى الدّول البتروليّة، فأمريكا لا صديق لها؛ ولذلك فلا مشكلة عندها في أن تتدخّل في القضيّة الكرديّة التّركيّة، أو تُخضع سوريا لسياساتها، أو تجعل العراق جسراً للعبور إلى إيران.
إنّ أمريكا لن تخرج من العراق إلا خروجاً شكليّاً
إلموندو: سماحة السيّد، هل يمكننا أن نوقف هذا النـزاع؟
فضل الله: لا أعتقد أنّ من السّهل إيقاف هذه المشكلة، باعتبار أنها تتّصل بالمصالح الاستراتيجيّة لأمريكا وإسرائيل، وربّما لبعض دول الغرب، مع ملاحظة، وهي أنّ الدول العربيّة بشكل عام، ولا سيّما ما يُطلَق عليه مصطلح دول الاعتدال العربيّ، كما ركّزت ذلك وزيرة خارجيّة أمريكا السّابقة "رايس"؛ هي دول خاضعة لأمريكا، فهي تتحرّك على أساس خدمة السّياسة الأمريكيّة، لا خدمة السياسة العربية.
حريّة ارتداء الحجاب
إلموندو: إنّ جامعة الأزهر في مصر قد حظّرت ارتداء النّقاب، وقد لاقى هذا القرار انتقاداً على نطاق واسع. فماذا تقولون في ذلك؟
فضل الله: نحن لا نرى وضع المرأة النّقاب حكماً شرعيّاً، فلا يجب على المرأة وضعه، والحجاب لا يقتضي وضع النّقاب على الوجه. ولكنّنا نقول إنّ مسألة ما تلبسه المرأة هو جزءٌ من حرّيّتها، فهناك بعض النّساء قد تفضّل أن تضع النّقاب على وجهها، وهناك بعض النّساء اللاتي لا يفضّلن ذلك. فنحن نقول إنّه لا يجوز لنا أن نضغط على حريّة المرأة، ولا يجوز لنا أن نجبر المرأة على أن تضع النّقاب على وجهها كما تفرضه بعض المجتمعات التّقليدية، أو كما يفرضه بعض الآباء أو بعض الأزواج مثلاً، ليس من حقّ هؤلاء أن يفرضوا عليها أن تضع النّقاب، كما أنّه ليس من الطّبيعيّ أن يُفرَض على المرأة نزع النّقاب أيضاً، إذا كانت ذلك باختيارها وإرادتها.
لا يجوز لنا أن نجبر المرأة على أن تضع النّقاب على وجهها، ولا يجوز أن نجبرها على نزعه أيضاً
إلموندو: سماحة السيّد، أنتم من أكبر المدافعين عن المرأة في المجتمع الإسلاميّ من أجل تحقيق المساواة لنيل حقوقها، فلماذا نرى الأنظمة في العالم، بما فيها الدّيانات، تعطي المرأة مرتبة مواطنة من الدّرجة الثّانية؟
فضل الله: نحن نعتقد أنّ المرأة إنسانٌ يساوي الرّجل مائة في المائة في كلّ الحقوق والواجبات، فلا يجوز أن يكون راتب المرأة العاملة أقلّ من راتب الرّجل، وخصوصاً إذا كان جهدها أكثر من جهد الرّجل. ونحن نرى أنّ البلدان الّتي تنتقص من راتب المرأة أو ما تقدّمه للمرأة في مقابل عملها، لا يمثّل العدالة ولا يمثّل الإنسانيّة، لأنّه لا يجوز لنا أن ننتقص من شخصيّة المرأة ومن حقوقها الماليّة إذا كانت أعمالها في مستوى أعمال الرّجل أو ربما تكون أكثر من أعمال الرّجل.
إلموندو: هل يتعارض تعليم المرأة مع تعاليم الإسلام والسنّة؟
فضل الله: نحن نعتقد أنّ المرأة إنسان كما هو الرّجل إنسان، فلها حقوق الإنسانيّة كما للرّجل حقوق الإنسانيّة. ولكن هناك بعض النّقاط التّفصيليّة في مسألة الحقوق، وذلك في مسألة الإرث، فالمرأة ترث نصف ما يرثه الرّجل، وذلك باعتبار أنّ الإسلام حمّل الرّجل مسؤوليّة المرأة، فالرّجل هو الّذي يدفع المهر في الإسلام، والرّجل هو الّذي ينفق على البيت الزّوجي، وهو يتحمّل مسؤوليّة الأسرة بأجمعها. ولذلك كانت زيادة حصّة الرّجل للتّعويض عليه في مقابل ما يتوجّب عليه من مسؤوليّات، وليس انتقاصاً من شخصيّة المرأة. وفي بعض الحالات، إذا كانت المرأة وارثةً وحيدةً مثلاً، فإنّها تأخذ الإرث كلّه إذا لم يكن معها وارثٌ رجل.
الحوار مع "إسرائيل"
إلموندو: هل من الممكن إجراء حوارٍ مع إسرائيل؟
فضل الله: هنا لا بدّ لنا من أن ندرس المسألة من النّاحيتين القانونيّة والإنسانيّة، ففلسطين لم تكن أرضاً بلا شعب، بل كانت في مدى الزّمن بلداً يسكنه الكثير من النّاس، فكانت هناك أكثريّة إسلاميّة وأقلّيّة مسيحيّة وأقليّة يهوديّة، فهي لم تكن أرضاً يهوديّة. وأمّا حديث اليهود بأنّ فلسطين تمثّل البلد المقدّس الّذي جعله الله لليهود، فهذه أسطورةٌ يهوديّة ليس لها أيّ أساس دينيّ، وليس لها أيّ أساس قانونيّ أو تاريخيّ. ولذلك، نحن نعتقد أنّ استيلاء اليهود على كلّ فلسطين يمثّل اغتصاباً لفلسطين، لأنّهم شرّدوا أكثر المسلمين والمسيحيّين، وحاصروا الفلسطينيّين حتى في بلادهم، كما يحدث الآن في غزّة وفي الضفّة الغربيّة في محاصرة اليهود للفلسطينيّين. فنحن نعتبر أنّ اليهود الذين جاؤوا إلى فلسطين، عليهم أن يرجعوا إلى بلدانهم، ويبقى اليهود الذين كانوا منذ القِدَم إلى جانب المسلمين والمسيحيّين، بحيث تكون هناك دولةٌ مشترَكةٌ مع الجميع.
ولذلك، فالحوار إنما يكون مع الجهة التي يمكن أن يكون لها حقّ، أمّا الجهة التي تغتصب البلد كلّه من دون أيّ حقّ، فلا يمكن أن نحاورها، بل نقول لها إنّ عليها أن تخرج من هذا البلد ليرجع إليه أهله.
حديث اليهود بأنّ فلسطين تمثّل البلد المقدّس الّذي جعله الله لليهود، هو أسطورةٌ يهوديّةٌ ليس لها أيّ أساسٍ دينيّ أو قانوني أو تاريخي
إلموندو: في رأيك، هل من الممكن للقادة الفلسطينيّين أن يتّفقوا فيما بينهم؟
فضل الله: إنّ من الضّروري للفلسطينيّين، بكلّ فصائلهم وزعاماتهم، أن يتّحدوا حتى يستطيعوا أن يدافعوا عن بلدهم، وأن يؤكّدوا حقوقهم الشّرعيّة في بلدهم، ولا سيّما حقّ العودة.
أوباما وجائزة نوبل
إلموندو: ما رأيكم في قضيّة منح الرّئيس الأمريكيّ "باراك أوباما" جائزة نوبل للسّلام؟
فضل الله: كان الرّئيس الأمريكيّ يتحدّث مع إيران ويقول إنّنا نريد أفعالاً ولا نريد أقوالاً، ونحن نقول له إنّنا نريد أفعالاً ولا نريد أقوالاً. لقد تحدّث الرّئيس الأمريكيّ إلى المسلمين في تركيا وفي مصر، ولكنّه في الوقت نفسه أعطى إسرائيل الحقّ في السّيطرة على القدس، كما أنّه لم يتحدّث مع إسرائيل عن إزالة المستوطنات، بل تحدّث عن تجميدها لوقت معيّن. وقد لاحظنا أيضاً أنّ أوباما طلب من العرب أن يقوموا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أن تقوم إسرائيل بتجميد المستوطنات، ما يعني أنّ على العرب أن يقدّموا إلى إسرائيل تنازلاتٍ مقابل لا شيء، فقط لأجل إقناع إسرائيل بأن تقوم بتجميد الاستيطان، ما جعلنا نعتقد أنّ أوباما كان إسرائيليّاً أكثر من الإسرائيليّين.
ولذلك كنّا نقول له إنّنا نريد أفعالاً ولا نريد أقوالاً، وهذا ما لاحظناه في الخطاب الّذي ألقاه في المؤتمر اليهوديّ في أمريكا، حيث قال: إنّ العلاقات مع إسرائيل ليست مجرّد تحالف، بل هي علاقاتٌ استراتيجيّة، أي أنّ أوباما يشعر بمسؤوليّته عن إسرائيل أكثر من مسؤوليّته عن الفلسطينيّين وعن العرب وعن كلّ بلدان المستضعفين في العالم. أنا أعتقد أنّه لم يفعل شيئاً ليستحقّ جائزة نوبل للسّلام، وإنما يستحقّ جائزة نوبل للخداع، إذا كان لنوبل جائزة للخداع.
أعتقد أنّ أوباما لم يفعل شيئاً ليستحقّ جائزة نوبل للسّلام، وإنما يستحقّ جائزة نوبل للخداع
وسائل الإعلام
إلموندو: أوافقك، سماحة السيّد، مائة في المائة. وسؤالي هو أنّ دور وسائل الإعلام في السّنوات الأخيرة كان متّجهاً إلى تشجيع المواجهة بين الإسلام والغرب، وزيادة الفجوة بينهما، والتّحريض على العنف، مثل ما يفعله تنظيم القاعدة؟
فضل الله: نحن نرفض العنف؛ عنف المسلمين ضدّ الغرب، وعنف الغرب ضدّ المسلمين. نحن ضدّ القاعدة لأنّها تقوم بالاعتداء على المسلمين وغير المسلمين، ولعلّ المجازر التي تحدث الآن في العراق، المسؤول عنها هو القاعدة. فنحن ضدّ القاعدة. وأنا أذكر أنّني عندما وقعت أحداث 11أيلول في أمريكا من قِبَل القاعدة، استنكرت ذلك، وقلت: إنّ هذا الأمر لا يقبل به عقلٌ ولا شرعٌ ولا دين. نحن نعتقد أنّ العنف ليس إسلاميّاً، وإنما العنف لمن يفرض علينا العنف. ولكن لماذا لا يتحدّثون عن عنف الاحتلال الغربيّ؟ لماذا لا يتحدّثون عن عنف الاحتلال البريطانيّ في الأربعينات؟ لماذا لا يتحدّثون عن عنف الاحتلال الفرنسيّ؟ ولماذا لا يتحدّثون عن عنف الاحتلال الأمريكيّ؟ لماذا لا يتحدّثون عن عنف الاحتلال الإسرائيليّ؟ لماذا يقتصرون على الحديث عن عنف القاعدة؟!
نحن ضدّ عنف القاعدة وضدّ كلّ عنف أيضاً، ونحن نرى أنّ هناك عنفاً في أمريكا قد لا يكون موجوداً في بعض البلدان العربيّة، فنحن نرى أنّ بعض الطلاب يقتلون أساتذتهم، ونحن نرى أيضاً المافيا التي تحاول أن تقوم بأعمال العنف في أكثر من بلدٍ من بلدان أوروبا. فلماذا لا يتحدّث الغربيّون عن عنفهم تجاه العالم الثّالث، ويقتصرون في الحديث عمّا يحدث من عنفٍ في الغرب على بعض الفئات في العالم الغربيّ. ونحن نعرف أنّ العنف الّذي يوجَّه إلى الغربيّين غالباً ما يكون ردّ فعل على العنف الّذي ينطلق به الغرب ضدّ المستضعفين أو ضدّ العالم الثّالث.
ونحن ندعو إلى أن يكون هناك علاقات طبيعيّة بيننا وبين الغرب، لأنّنا بحاجة إليه وهو بحاجة إلينا، ولا بدّ لنا من أن نحلّ مشاكلنا معه بواسطة الحوار، وأن تقوم علاقاتنا معه على أساس الاحترام المتبادل. أنا أرسلت إلى كثيرٍ ممن يأخذون برأيي وبفتاواي، أنّ عليهم أن لا يُسيئوا إلى أمن البلاد التي يسكنون فيها في الغرب، وقد نُشر في هذا اليوم في الإعلام تصريحٌ لي بأنّي أطلب من المسلمين أن لا يقوموا بأيّ عملٍ من أعمال العنف في البلاد الغربيّة التي يسكنونها، وأن لا يردّوا على ما تقوم به تلك البلدان من عمليّات الضّغط على المسلمين بضغطٍ مماثل.
نحن نرفض كلّ العنف؛ عنف المسلمين ضدّ الغرب، وعنف الغرب ضدّ المسلمين
الإعلام الغربيّ ليس واحداً
إلموندو: هل تثق حضرتك بالإعلام الغربيّ؟
فضل الله: أعتقد أنّ الإعلام الغربيّ ليس واحداً، فهناك إعلامٌ محايدٌ، وهناك إعلامٌ عدوانيٌّ تشرف عليه إسرائيل وتشرف عليه المخابرات الأمريكيّة.
صدام الحضارات
إلموندو: هل النّظرة القائلة: إنّ هناك صداماً بين الحضارات القائمة هي نظرة صحيحة؟
فضل الله: أنا لا أعتقد أنّ هناك صداماً بين الحضارات، لأنّ الحضارات تمثّل الخطوط الثّقافيّة والفكريّة والإنسانيّة، ولا يمكن أن يكون هناك صدامٌ بينها، هناك صدامٌ بين المصالح، وهناك صدامٌ بين القوى الاقتصاديّة والسياسيّة والعسكريّة في العالم.
الدّيمقراطية الإيرانيّة
إلموندو: بعد الانتخابات الإيرانيّة، صار هناك ردّ فعل على نتائج الانتخابات؟
فضل الله: أعتقد أنّ الإعلام لم يكن موضوعيّاً في دراسة هذه الأمور، لأنّه لو كان هناك ضغطٌ غير إنسانيّ، لما استطاع الموسوي أن يحصل على 13 مليون ناخب. إنّ حصول الإصلاحيّين المتمثّلين بالموسوي على 13 مليون ناخب، يدلّ على أنّ هناك حرّيةً في مسألة الانتخابات. ولكن من الطّبيعي جداً أنّه عندما تخرج المظاهرات بأعدادٍ كبيرة، وخصوصاً الّذين هم من أنصار الموسوي وخاتمي، فلا بدّ من أن يحدث هناك بعض الفوضى وبعض المشاكل. ولكنّ الإعلام، وخصوصاً الإعلام الغربيّ، حاول تضخيم ما حدث، ولكنّ معلوماتنا تقول إنها لم تكن بهذه الضّخامة، ولذا رأينا أنّ الأوضاع قد استقرّت في إيران من دون حاجةٍ إلى العنف، وأن النّظام الإيرانيّ يقوم بمحاكمة الأشخاص الّذين يتّهمهم بأنهم كانوا وراء الأحداث، وأنهم كانوا يسيئون إلى النّظام العام.
هناك في مدينة "قم" معارضون للنّظام ومعارضون لولاية الفقيه أيضاً، وهناك في "قم" أيضاً مفكّرون يختلفون مع الفكر التقليدي الإسلاميّ لدى الكثيرين من رجال الدّين الكبار،، ولم يقم أحدٌ باضطهادهم.
إلموندو: هل يمكن أن تكون هناك ديمقراطيّة في أيدي المتديّنين؟
فضل الله: هناك فرقٌ بين الدّيمقراطيّة في الثّوابت الّتي هي من حقائق الإسلام، وبين أن تكون في الجانب السياسيّ الحركيّ. بالنّسبة إلى قضيّة الجانب السياسيّ، فإيران الآن تمارس الديمقراطيّة، لأنّ الانتخابات في إيران تتمّ بطريقة الاستفتاء الشّعبي، وهي أفضل من ديمقراطيّة الانتخابات الموجودة في أمريكا، لأنها لا تتحرّك على أساس الاستفتاء الشّعبي المباشر، وهناك أيضاً ديمقراطيّة في انتخاب مجلس الخبراء الّذي يستطيع أن يُعيّن الوليّ الفقيه ويسقط الوليّ الفقيه. وهناك أيضاً ديمقراطيّة في انتخاب الوليّ الفقيه. وقد قام الإمام الخميني باستفتاء الشّعب الإيرانيّ حول جعل إيران دولةً إسلاميّةً أو لا ؟ أي أنّه قام باستفتاء الشّعب الإيرانيّ على الإسلام.
ولذلك، فإنّ إيران تمارس الديمقراطيّة، ولكن من الطّبيعيّ أنّه ليست هناك ديمقراطيّة في أيّ مكان في العالم خالية من النّقدٍ مائة في المائة، ولذلك قيل إنّ الديمقراطيّة ليست أفضل الأنظمة، ولكنّها أقلّها سوءاً.
إيران تمارس الدّيمقراطيّة، ولكن ليس هناك ديمقراطيّة في أيّ مكانٍ في العالم خالية من النقد مائة في المائة
سلاح حزب الله
إلموندو: ما مصير مستقبل سلاح حزب الله؟
فضل الله: إنّ سلاح حزب الله ليس سلاحاً موجّهاً إلى الدّاخل اللّبنانيّ، بل هو موجّه ضدّ الاعتداء الإسرائيليّ إذا قامت إسرائيل بالاعتداء على لبنان. ولذلك، فإذا لم يعد هناك أيّ اعتداء على لبنان، فإنّ هذا السّلاح لا يبقى له دور.
التطور العلمي
إلموندو: سماحة السيّد، أنتم من المدافعين عن البحث في التّكنولوجيا الجديدة، والبحث العلميّ للأغراض السّلميّة. هل تتناقض هذه التطوّرات مع حسابات رجال الدّين؟
فضل الله: هناك بعض الآراء الفقهيّة التي لا يوافقني عليها بعض علماء الدّين، باعتبار أنهم يأخذون بالنّصّ بشكلٍ جامد، بينما أنفتح أنا على المسألة بشكلٍ علميّ متحرّك.
إنّ سلاح حزب الله موجّه ضدّ الاعتداء الإسرائيليّ على لبنان
أجرى الحوار: مونيكا غارسيا بريتو
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 8 ذو القعدة 1430 هـ الموافق: 26/10/2009 م