ثقافة النصر الإلهي انتصار المقاومة الإسلامية استطاع أن يصنع للأمة قوة جديدة وتاريخاً جديداً

ثقافة النصر الإلهي انتصار المقاومة الإسلامية استطاع أن يصنع للأمة قوة جديدة وتاريخاً جديداً

ثقافة النصر الإلهي

انتصار المقاومة الإسلامية استطاع أن يصنع للأمة قوة جديدة وتاريخاً جديداً


في أجواء الانتصار الذي حقَّقته المقاومة الإسلامية في لبنان على العدو الصهيوني الغاصب في تموز الفائت، استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، مجموعةً من الأخوة الباحثين في معهد المعارف الحكمية، حيث تمحور اللقاء حول موقع الانتصار من خلال مجموعة من العناوين لها طابع فكري وثقافي وديني.

وهذا نص الحوار:


معنى النصر الإلهي:

س: بعد حرب تموز، سماحة السيد، أدى تعبير "النصر الإلهي" الذي استعمل بعد حرب تموز، إلى فتح سجال أراده البعض منفذاً لتشويه الانتصار. كيف تقرأون النصر في أبعاده؟

ج: من الطَّبيعي أنّ كل نصر في أيّة معركة يخوضها المسلمون ضد أعدائهم الذين يعيشون فكراً لا يلتقي بالخطِّ الإيماني المنفتح على الله تعالى، هو نصر بشري بالمعنى المادي، لأنّ المجاهدين هم الّذين يخوضون المعركة بكلِّ حركيتها وقساوتها واندفاعها، ولكنّ المسألة هي أنّ المقاوم أو المجاهد المسلم، ينطلق في المعركة وهو يفكِّر في أنّه يؤدّي هذه المعركة كصلاة يتقرّب بها إلى الله تعالى، لأنّ الصلاة في معناها العميق في كيان المسلم، تمثِّل معراج روح المؤمن إلى الله، كما ورد في بعض الأحاديث، فالمجاهد أثناء تأديته لواجبه الجهادي، لا يعيش روحه من خلال المعنى المادي الّذي يجعله يسقط أمام حالات الخطر التي تواجهه أثناء خوضه للمعركة، ولكنه يعيش روحه من خلال محبته لله تعالى ورضاه عنه، لأنّ هذه الحركة الجهادية التي يمارسها ويخوضها، تمثِّل نوعاً من أنواع الارتفاع إلى مواقع القرب من الله تعالى.

         

ولذلك، فإنّ مصطلح النصر الإلهي ينطلق من طبيعة الخلفية التي ينطلق منها المجاهد على أساس أنّه ينصر الله في حربه، لأنّه ينصر القيم التي أرادها الله، وينصر الأهداف التي أراد الله للمسلم أن يحقّقها، وينصر الساحة التي أراد الله لها أن تكون ساحة العدل والخير والحرية والبركة، لذلك فإنّه يتقدم في المعركة وهو يشعر بأن الله معه، وهذا ما نستوحيه من قول النبي(ص) عندما تلمَّس الخطر المحيط به في ليلة الهجرة: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}. وهذا ما نستوحيه أيضاً من قوله سبحانه وتعالى، وهو يتحدث عن المجاهدين الّذين كانوا يواجهون عدوّاً أكثر منهم قوّةً وعدداً: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}(آل عمران/173).
   

النصر الإلهي ينطلق من طبيعة الخلفية التي يتحرّك المجاهد على أساسها وهي أنه ينصر الله وينصر القيم التي أرادها الله


إن مسألة النصر الإلهي، يستوحيها المجاهدون من قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد/7). فالمجاهد في جهاده، إنما يتلقى الألطاف الإلهية التي ترتفع بجهده الشخصي لتمنحه طاقةً فوق طاقته، وحركةً فوق حركته. لذلك، عندما نعطي المعركة الجهادية التي عاشها الشباب المؤمن المجاهد المقاوم معنى النصر الإلهي، فلأن المجاهد يتحرّك في المعركة ويوجّه كلّ طاقته للعدوّ من خلال ما يتطلّع إليه من لطف الله ورحمته، ولعل ذلك ما نستوحيه مما يرويه الرواة، أو ما يرويه الإمام علي(ع) في معركة بدر، أنّه كان بين وقت وآخر يقصد النبي(ص)، وفي أثناء المعركة، فيجده ساجداً يردِّد قوله: يا عليّ يا عظيم، فكأنه يستجدي الله تعالى في علوّه وعظمته، أن يمنح المجاهدين البدريين كلَّ العلو الجهادي في المعركة وعظمة الموقف.

صفة البدريين:

س: سماحة السيد، في السياق نفسه، استعملتم في الخطاب للمجاهدين أثناء الحرب، صفة البدريين، لماذا؟

ج: عندما كنت أخاطبهم وأقول أيُّها البدريون، لم أنطلق من عاطفة، ولكنّي وازنت بين موقف أصحاب بدر وبين موقف شباب المقاومة الإسلامية. فنحن عندما ندرس بدراً، نجد أنّ المناخ الّذي كان سائداً آنذاك، هو أنّ القوّة كانت في جانب المشركين، وأن المسلمين كانوا في موقع الضعف، وأنّ "قريش" هي الجهة التي تنتصر دائماً عندما تدخل في أيّة معركة ضد أيِّ عدو لها. وهذا ما نستوحيه أيضاً من موقف بعض المسلمين المهاجرين الذين قالوا للنبي(ص) عندما استشارهم في مسألة الحرب: "يا رسول الله، إنّها قريش ما ذُلَّت منذ عزَّت"، بمعنى أن "قريش" سوف تنتصر، فلا تغامر بالدخول في المعركة ضدها، لأن "قريش" سوف تحصل على عزّ جديد من خلال نصر جديد في معركتها معك.

ولكنّ انتصار المسلمين في بدر جاء ليكرّس ميزان قوّة جديد وليخلق نوعاً من التوازن بين قوة قريش وقوة المسلمين، بحيث إنّ العرب أصبحوا يشعرون بأنّ هناك قوتين في شبه الجزيرة العربية، هي قوة قريش وقوة الإسلام.

لذلك عندما ندرس واقع شباب المقاومة الإسلامية، نجد أن المناخ الذي كان يسود العالم العربي والإسلامي في مسألة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، أو الصراع الإسلامي ـ الإسرائيلي، هو أنّ هناك قوة واحدة هي قوة إسرائيل تساندها أمريكا بشكل مطلق، ولذلك كان العرب، وربما المسلمون بشكل عام أيضاً، يشعرون بأنّ أية معركة ضد إسرائيل من قبل أية جهة عربية على الأخص سوف تكون الغلبة فيها لإسرائيل، باعتبار أن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر.

وهكذا انطلقت التجربة الإسلامية للمقاومة في هذه المرحلة، بعد أن كانت المقاومة الإسلامية قد حصلت على نصر سابق في عام 2000، ولكن بشكل تدريجي عمل على الضغط على إسرائيل بطريقة الكرّ والفر، ومن خلال المعارك الصغيرة هنا وهناك، حتى شعرت إسرائيل بأنّها لن تستطيع الاستمرار في احتلالها لمنطقة الجنوب اللُّبناني، لكن في حرب تموز، خاضت المقاومة المعركة ضدَّ إسرائيل كجيشٍ يواجه جيشاً، فالحربُ الَّتي خاضها المقاومون الإسلاميون في تموز لم تكن حرب عصابات بالمعنى المتحرّك، بل كانت أشبه بحربٍ نظاميةٍ في هذا المجال، حيث وقف المقاومون مع الإسرائيليين وجهاً لوجه، وكانت المعركة تحتاج إلى قوة روحية عالية إلى جانب القوَّة المادية.

         

لذلك، فإنَّ المقاومة الإسلامية الّتي انتصرت على إسرائيل وهزمتها، والّتي أثبتت أنّ شبابها يملكون شجاعة الروح وصلابة الموقف وصمود الموقع وفنية الحركة العسكرية، والاطّلاع على خلفيات الأسرار العسكرية والأسرار السياسية للعدو، استطاعت أن تصنع قوةً جديدةً عندما انطلقت لتهزم الجيش الذي لا يُقهر، ما جعل إسرائيل تعترف بالهزيمة، وجعل الموقف بمثابة الصَّدمة للعالم المستكبر، وفي مقدمه أمريكا، التي كانت تنتظر أن تنتصر إسرائيل على المقاومة في عدة أيام، وبمثابة الصّدمة أيضاً لكل عملاء الاستكبار الأمريكي. حتى إنّنا كنا نلاحظ من خلال التأييد الواسع لهذا العدوان من قبل الدُّول الأوروبية والعربية الخاضعة للإدارة الأمريكية، أنّ شباب المقاومة يواجهون حرباً عالمية في المسألة السياسية، ورأينا كيف تفاعل العالم العربي والإسلامي مع هذه الصدمة الإيجابية التي أثبتت لكل شعوبنا العربية والإسلامية، بأنّ من الممكن جداً أن تقهر إسرائيل وأن ينتصر المسلمون في أية مواجهة جديدة.
   

انتصار المسلمين من بدر كرّس قوة جديدة في ميزان المسلمين كما هو انتصار المقاومة في لبنان كرس قوة جديدة للأمة


لذلك، كنت أوازن بين الظروف التي تحركت فيها معركة بدر، والظروف التي تحركت بها معركة المقاومة الإسلامية في لبنان، فرأيت أن الظروف هي الظروف، وأن الكلمة الرائدة التي قالها رسول الله(ص) في مناجاته لربه: "إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد، وإن شئت أن لا تُعبد لا تُعبد"، كانت تمثل واقع نتائج المعركة. ولو أنَّ الإسرائيليّين انتصروا على المقاومين في هذه المعركة، لما قامت للمسلمين قائمة، لأنّ هذه الهزيمة المفترضة كان يمكن لها أن تضاف إلى سجل الهزائم العربية والإسلامية في المعارك مع إسرائيل، وعند ذلك يتكرس لدى العالم العربي والإسلامي بأنّ إسرائيل هي القوة الوحيدة التي لا بد للجميع من أن يخضعوا لها.

النصر في بعديه المادي والروحي

س: في غالب التّقويمات لهذه التجربة، يتمُّ التركيز على البعد المعنوي للمسألة في صناعة القوة، وسماحتكم لطالما تحدَّثتم عن منطق القوة في الإسلام. إلى أيّ مدى يمكن لهذه القوة في الأمة وفي المجتمع أن تؤسِّس لثقافة نوعية وخاصة؟ إلى أيّ مدى يمكن لهذه الثقافة أن تتجاوز حدود الفئة المحدَّدة، وأن يكون لها قابلية التعميم؟

ج: أنا لست ممن يشجّعون على المبالغة في تقويم مثل هذه الانتصارات في المعارك، لأنّها قد تجعلنا ننطلق في عالم التجريد، الذي قد يوحي في أيّة تجربة جديدة، بأنّ هذه الانطلاقة الروحية هي التي تمنح النصر في المعركة، ما قد يعطِّل الكثير من عملية الاستعداد. نحن نعرف جيداً أن الله سبحانه وتعالى عندما عالج مسألة النصر والهزيمة، عالجها من خلال طبيعة القوانين الطبيعية في مسألة السلم والحرب، إضافةً إلى بعض المعالجات التي ركّزت على مسألة الجانب الروحي في إطار الحركة المادّية، فنحن نقرأ في واقعة بدر قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}(آل عمران/123). وفي المقابل، عندما نقرأ نتائج معركة أُحد، نرى كيف أنّ المسلمين هزموا في الجولة الثانية بعد ما حقّقوه من نصرٍ في الجولة الأولى، ذلك لأنّهم لم يأخذوا بأسباب النصر، ولم يتعاملوا مع عناصر القوة في التخطيط العسكري للمعركة. وهكذا لاحظنا كيف يتحدث الله سبحانه وتعالى عن نقاط الضعف التي عاشها المسلمون في معركة الأحزاب ومعركة حنين، ما يعني أنّ الإسلام يؤكد أنَّ على المسلمين في كلِّ معاركهم التي يواجهون فيها العدو، أن يكون لهم القوّة العسكرية التي يلتزمون فيها الحدود التي تحقق النصر وتمنع الهزيمة.

ولكنّنا عندما ندرس هذا النقد الإلهي، إذا صحَّ التعبير، للمسلمين في معركة أُحد وفي معركة الأحزاب وفي معركة حنين، نجد أن الله سبحانه وتعالى لا يبعد المسألة الإيمانية الروحية عن حركة المعركة في هذا المقام، فنحن نقرأ، مثلاً، قوله تعالى عن المؤمنين في معركة الأحزاب: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}(الأحزاب/22). في الوقت الذي عاشوا حالةً من الخوف الشديد، من خلال سيطرة المشركين وحلفائهم ومحاصرتهم للمدينة، إلاّ أنَّهم واجهوا الموقف بكلِّ رضى وتسليم لأمر الله سبحانه وتعالى، ما يوحي بأنّ شراسة المعركة أو بعض النتائج السلبية للمعركة لم تهزمهم، ولم تهزم روحهم.

         

لذلك، فنحن نؤكّد نقطة أساسية، وهي أنّ أيّة حرب يخوضها المسلمون، لا بد من أن تتزاوج فيها المسألة المادّية والمسألة الإيمانية، من خلال ما تعطيه هذه الرّوح الإيمانيّة من قوّة تنفتح على الله وتحوِّل الإنسان إلى طاقة روحيّة عظيمة تستطيع أن تضاعف القوة المادية عنده وهو ما تحدّث الله عنه، عندما أراد للمسلمين أن يكون الواحد منهم بمثابة عشرة، أو أن يكون الواحد منهم بمثابة اثنين، باعتبار أن الطاقة الروحية التي يملكها الإنسان المؤمن في طبيعة إيمانه بالله وإخلاصه للهدف الذي تقود إليه المعركة، يمكن أن يضاعف الجانب الروحي والإيماني.
   

في المعركة يجب أن تتزاوج المسألة المادية مع المسألة الإيماني من خلال ما تعطيه الروح الإيمانية من قوة تنفتح على الله وتحول الإنسان إلى طاقة روحية تضاعف القوة المادية


إنني أعتقد أن قيمة الإسلام، هو أنه يريد للإنسان أن ينظر إلى كل أنواع الحياة بعين تتطلّع إلى الله سبحانه وتعالى، ليطلب منه اللطف والرحمة، وأن يزوّده بالنصر ويمنحه القوة، وأن يأخذ بأسباب النصر الواقعية في حركته في المعركة، لأنّنا نؤمن بقانون السببية الذي جعله الله سبحانه وتعالى النظام الذي يشمل كل الظواهر الكونية والظواهر الإنسانية.

وعلى هذا، فنحن نعتقد أنّ علينا عندما نطلق مصطلحاً كمصطلح النصر الإلهي وما إلى ذلك، أن نحيطه بالعناصر التي لا تجعله مجرَّد حالة إيمانية طائرة في الهواء، بل أن يكون حالةً تنطلق من جهد الإنسان وحركيته وخبرته، ومن الروح التي استطاعت أن تضاعف فيه كل عناصر القوة التي يختزنها في نفسه.

بين أسلمة المقاومة وأسلمة القيم

س: إذا كانت لهذه الثقافة الخاصة مدخلية في تحقيق عمل المقاومة وإنجازاتها على مستوى هذا النصر الذي تحقَّق، أنتقل من خلالها نحو إشكالية يطرحها البعض، وهي أنَّ العنوان الأساسي لهذه المقاومة هو إسلاميتها، وأنّ من خصوصيات هذه الأسلمة شيعية هذه المقاومة، وبالتالي هناك بعض المجتمعات التي تخشى من أسلمة الواقع اللبناني، وتبحث عن ماهية قراءة هؤلاء الإسلاميّين للواقع الوطني في لبنان، كما أنّ المنطقة الآن تخشى، إضافة إلى شيعية هذه المقاومة، إمكانية تعميمها. كيف يمكن لنا أن نوائم بين متطلّبات الواقع والبيئة التي تحتضن المقاومة، وبين الأهداف التي تصبو إليها هذه المقاومة؟

         

ج: هناك فرق بين الأسلمة الّتي تريد أن تسيطر على الواقع كلّه، بحيث تصادر الآخرين لتربطهم بالإطار الإسلامي بالمعنى الضيِّق الذي قد يحوّله إلى حالة طائفية، وبين الأسلمة التي تحاول أن تنفتح على القيم الإسلامية التي تلتقي بالقيم الدينية لدى كلِّ الرسل وكلّ الأديان. نحن نعرف أنّ ما يتحرّك به المقاوم المسلم، إنّما هو محبة الله في مواجهة أعداء الله وأعداء الإنسانية، وقوة الموقف وصلابة المواجهة وما إلى ذلك من القيم التي ترتفع بإنسانية الإنسان عندما تنطلق من خلال طبيعة الخط الإسلامي الذي يلتزمه المقاوم المسلم، لذلك، عندما ندرس المسألة في هذا الخط، نشعر بأننا نلتقي مع كل القيم التي جاء بها السيد المسيح(ع) والقيم التي جاء بها النبي موسى(ع) في الخط الأصيل لليهودية الدينية، والتي جاء بها النبي إبراهيم(ع) {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَْ}(البقرة/131).
   

الأسلمة تنفتح على القيم الإسلامية التي تلتقي بالقيم الدينية لدى كل الرسل وكل الأديان


إنّ الأسلمة هنا، هي أن ينطلق المجاهد في بالّروح القدسيّة التي يتحدث عنها المسيحيون عن القديسين الذين يهبون كلَّ حياتهم وروحهم لله سبحانه وتعالى، لأنّه ليس هناك فرقٌ بين أن تهب روحك لله وأنت تمارس عملية الخير في الحياة، أو أن تهب روحك لله وأنت تمارس عملية المواجهة مع الذين يصادرون إنسانية الإنسان ويسقطون روحه، ويعملون على أساس تحريك كل قواعد الظلم ضده.

لذلك، فإنّ إسلاميَّة المعركة انطلقت في مواجهة اليهود الذين هم، حتى في النظرة المسيحية، أعداء الإنسانية وأعداء الأديان، على الرغم من إخراج بعض التسويات التي حاولت أن تبرئ اليهود مما حدث للمسيحيين في مدى التاريخ.

         

أمّا في مسألة شيعية المقاومة، فإنّ "الشيعية" انطلقت من البُعد الإسلامي الروحي الذي تحدَّث فيه الله سبحانه وتعالى عن الانفتاح عليه في المعركة، وعن حركية الإيمان في نفس المؤمن، وانطلقت أيضاً من التجربة العاشورائية الحسينية التي لا تنحصر في دائرة ضيّقة على المستوى الطّائفيّ، بل إنّنا عندما ندرس مواقف الإمام الحسين(ع)، وندرس تجربته المتنوّعة في كربلاء، فإنّنا نلتقي مع كل الناس في العالم، سواء كانوا مسيحيين أو علمانيين، لأنّ الإمام الحسين(ع) هو الإنسان الّذي انطلق بهذا الارتفاع في مستوى الموقف الإنساني الصلب ليواجه جيشاً بمفرده من أجل القضايا الحية التي يراد لها أن ترتفع بالإنسان في حياته.
   

مشكلة الذين يتحدثون بسلبية عن الإسلامية وعن الشيعية أنهم يتحركون من خلال الزنزانة الطائفية لا من خلال العنصر القيمي الإيماني


ولذلك، فإنّ المشكلة عند الذين يتحدثون بسلبية عن الإسلامية وعن الشيعية، أنّهم يتحركون من خلال الزنزانة الطائفية ولا يتحركون من خلال العنصر القيمي الإيماني الذي يلتقي فيه الإسلام مع المسيحية، وتلتقي فيه الشيعية أيضاً مع العيسوية وما إلى ذلك.

س: سماحة السيِّد، تفضَّلتم في أحد المقالات، بأنّ المقاومة هي جامعة الشعوب العربية. كيف تشرحون هذا القول؟ وكيف يمكن تعزيز خط المقاومة عربياً وإسلامياً؟

         

ج: إنّ المشكلة في الجامعة العربية، أنَّها أُسِّست بقرار بريطاني يريد أن يجمع العرب في تلك المرحلة في جامعة واحدة ليصادروا القرار العربي بشكل جماعي من دون أن يتحاوروا مع فريق دون فريق آخر. إنّ الجامعة العربية لم تنطلق من إرادة عربية منفتحة على تأصيل مسألة العروبة في الارتفاع إلى المستوى العروبي الذي ينطلق فيه العرب ليؤكّدوا أصالتهم، وليرتفعوا بأمتهم إلى أن تكون كما قال الله تعالى في القرآن: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ}(آل عمران/110)، ولتكون أمّة رسالية، تحمل الرسالة إلى العالم كلّه كما حملتها في الماضي. ثم إنَّ التطورات الدولية جعلت بريطانيا تنسحب من ساحة التأثير الدولي، وأعطت هذا القرار لأمريكا، فأصبحت الجامعة العربية بشكل عام، وخصوصاً بعد ولادة إسرائيل التي اعتبرتها أمريكا القوة الوحيدة في المنطقة، تتحرك في دائرة التَّخطيط الأمريكي الذي يريد من هذه الجامعة أن تنفذ كل الخطط في مشاريعها للمنطقة، ولا سيّما في علاقة العرب مع إسرائيل، وقد وجدنا أنّها تحركت من أجل الصلح مع إسرائيل بإشراف أمريكي، وبلهاث وراء إسرائيل لتحريك المفاوضات، من موقع الضعف العربي، بغية تحقيق أي شيء وإن كان بخساً.
   

جامعة الدول العربية لا يمكن أن تحقق للواقع العربي القوة والحرية والعنفوان لأنها جامعة الأنظمة العربية الخاضعة لأمريكا


إن جامعة الدول العربية، سواء في بُعدها التأسيسي أو في تطوراتها السياسية المستقبلية، لا تمثِّل الجامعة التي يمكن أن تحقق للواقع العربي القوة والحرية والعنفوان، بل إنّها أصبحت مجرد تجمّع دول خاضعة للاستكبار الأمريكي، وأصبحت مشكلة للعرب بدلاً من أن تكون حلاً، وأصبحت تجمعاً يعمل على أساس إسقاط الواقع العربي لمصلحة الواقع الدولي أو الواقع الإسرائيلي، بدلاً من الارتفاع به إلى الدرجة العليا. أما المقاومة الإسلامية، سواء كانت في لبنان أو في فلسطين، فإنّها تمثل جامعة الشعوب العربية التي تتطلَّع إلى تحقيق القوة والحرية والانتصار في المعارك المستقبلية مع كلِّ الأعداء، سواء كانت المعارك معارك سياسية، كما في المعركة مع أمريكا ومع حلفائها في أوروبا، أو معارك عسكرية كما في المعركة مع إسرائيل.

لذلك نقول إن الجامعة العربية هي جامعة الأنظمة العربية الخاضعة لأمريكا، والتي ليست لها علاقة بالشعوب العربية، بينما المقاومة تمثل جامعة الشعوب العربية والإسلامية التي تجمع العرب بأجمعهم كما تجمع المسلمين. وهذا ما لاحظناه عندما انطلقت الشعوب العربية والإسلامية لتقف مع المقاومة ولتصفِّق لها، ولتعتبر أنها صنعت لها التاريخ من جديد.

المرجعية الدينية

         

س: ما هو الدور الذي يجب أن تقوم به المرجعية الشيعية إذا ما تعرض الشيعة بشكل عام إلى خطر على وجودهم؟                                                
   

المرجعية الدينية عندنا هي مرجعية فتوائية لا مرجعية قيادية


ج: إنني آسف أن أقول إنّ المرجعية لا تزال في إطارها التقليدي الذي عاشته في التاريخ، والذي يعتبر أن علاقة المرجع بأتباعه ومقلِّديه هو أن يطلق لهم الفتاوى ويعطيهم بعض التعليمات في الحقوق الشرعية، لذلك فالمرجعية عندنا هي مرجعية فتوائية وليست مرجعية قيادية، ونحن نبحث عن مرجعية تنفتح على كل الواقع الإسلامي الشيعي، لتجيب عن كل علامات الاستفهام التي يعيشها شباب الشيعة الذين أخذوا بأسباب الثقافة والعمل وواجهوا التحديات الكبرى، والتي يعيشها الشيعة في العالم أمام التحديات التي واجهتهم ويراد لهم أن يواجهوها. إنّنا مع احترامنا لكل المرجعيات الفتوائية، لا نجد أنّ هناك مرجعية شاملة يمكن لها أن تحتضن هذا التحدي الكبير الذي يعيشه الشيعة في العالم، وأكاد أقول ليست هناك مرجعية إسلامية ولا عربية.

         

س: سماحة السيد، هل من كلمة توجّهونها إلى الأدباء والشعراء والمثقفين والإعلاميين في ظل هذا المناخ العام، وفي ظل ما حدث حرب في تموز؟ وأين موقع هؤلاء في هذه المعركة؟
   

على الفنانين أن يعطوا كل فنهم لكل مفردات تجربة المقاومة


ج: إنّنا نقول لكلِّ الذين يحملون فكراً وقلماً وفناً، أن يدرسوا هذه التجربة الفريدة في العالم العربي والإسلامي، ليعملوا على أساس أن يعطوا كلّ فنهم لكل مفردات هذه التجربة، من أجل أن يؤصِّلوا الجانب الفني في التجربة بعدما انطلق المجاهدون ليؤصلوا الجانب الواقعي لها. إنّنا نجد أن الشعراء والأدباء والفنانين يتحدثون عن معارك التاريخ التي قد لا تحمل الكثير مما تحمله هذه المعركة، لذلك نقول لهم إنّ عليكم أن تعيشوا عصركم وتجربتكم وانتصاراتكم وهزائمكم في هذا المجال، لأنّ دور الأديب والشاعر والفنان والمثقف أن يعيش عصره، وأن يعيش إنسانه، وأن يعيش الواقع الذي ينفتح على المستقبل في كل مطلع شمس.

ونقول للإعلاميين، إنّ الإعلام رسالة، لأنّه هو الذي يبلّغ الناس بالحقائق، وهو الذي يعطي الوعي للناس في أوضاعهم وفي أمورهم.

لذلك، فهم يحملون رسالة كبرى، لأن عليهم أن يقدموا الحدث إلى الناس بطريقة أصيلة فنية، يستطيع الناس من خلالها أن يعرفوا الحدث من خلال خلفياته وظروفه وأهدافه، ومن خلال ما يُراد له أن يحققه من تجارب جديدة للإنسان وللمستقبل.

شكراً لسماحتكم على هذا اللقاء.

الإثنين في 9-7-2007

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 24 جمادى الثاني 1428 هـ  الموافق: 09/07/2007 م

ثقافة النصر الإلهي

انتصار المقاومة الإسلامية استطاع أن يصنع للأمة قوة جديدة وتاريخاً جديداً


في أجواء الانتصار الذي حقَّقته المقاومة الإسلامية في لبنان على العدو الصهيوني الغاصب في تموز الفائت، استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، مجموعةً من الأخوة الباحثين في معهد المعارف الحكمية، حيث تمحور اللقاء حول موقع الانتصار من خلال مجموعة من العناوين لها طابع فكري وثقافي وديني.

وهذا نص الحوار:


معنى النصر الإلهي:

س: بعد حرب تموز، سماحة السيد، أدى تعبير "النصر الإلهي" الذي استعمل بعد حرب تموز، إلى فتح سجال أراده البعض منفذاً لتشويه الانتصار. كيف تقرأون النصر في أبعاده؟

ج: من الطَّبيعي أنّ كل نصر في أيّة معركة يخوضها المسلمون ضد أعدائهم الذين يعيشون فكراً لا يلتقي بالخطِّ الإيماني المنفتح على الله تعالى، هو نصر بشري بالمعنى المادي، لأنّ المجاهدين هم الّذين يخوضون المعركة بكلِّ حركيتها وقساوتها واندفاعها، ولكنّ المسألة هي أنّ المقاوم أو المجاهد المسلم، ينطلق في المعركة وهو يفكِّر في أنّه يؤدّي هذه المعركة كصلاة يتقرّب بها إلى الله تعالى، لأنّ الصلاة في معناها العميق في كيان المسلم، تمثِّل معراج روح المؤمن إلى الله، كما ورد في بعض الأحاديث، فالمجاهد أثناء تأديته لواجبه الجهادي، لا يعيش روحه من خلال المعنى المادي الّذي يجعله يسقط أمام حالات الخطر التي تواجهه أثناء خوضه للمعركة، ولكنه يعيش روحه من خلال محبته لله تعالى ورضاه عنه، لأنّ هذه الحركة الجهادية التي يمارسها ويخوضها، تمثِّل نوعاً من أنواع الارتفاع إلى مواقع القرب من الله تعالى.

         

ولذلك، فإنّ مصطلح النصر الإلهي ينطلق من طبيعة الخلفية التي ينطلق منها المجاهد على أساس أنّه ينصر الله في حربه، لأنّه ينصر القيم التي أرادها الله، وينصر الأهداف التي أراد الله للمسلم أن يحقّقها، وينصر الساحة التي أراد الله لها أن تكون ساحة العدل والخير والحرية والبركة، لذلك فإنّه يتقدم في المعركة وهو يشعر بأن الله معه، وهذا ما نستوحيه من قول النبي(ص) عندما تلمَّس الخطر المحيط به في ليلة الهجرة: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}. وهذا ما نستوحيه أيضاً من قوله سبحانه وتعالى، وهو يتحدث عن المجاهدين الّذين كانوا يواجهون عدوّاً أكثر منهم قوّةً وعدداً: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}(آل عمران/173).
   

النصر الإلهي ينطلق من طبيعة الخلفية التي يتحرّك المجاهد على أساسها وهي أنه ينصر الله وينصر القيم التي أرادها الله


إن مسألة النصر الإلهي، يستوحيها المجاهدون من قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد/7). فالمجاهد في جهاده، إنما يتلقى الألطاف الإلهية التي ترتفع بجهده الشخصي لتمنحه طاقةً فوق طاقته، وحركةً فوق حركته. لذلك، عندما نعطي المعركة الجهادية التي عاشها الشباب المؤمن المجاهد المقاوم معنى النصر الإلهي، فلأن المجاهد يتحرّك في المعركة ويوجّه كلّ طاقته للعدوّ من خلال ما يتطلّع إليه من لطف الله ورحمته، ولعل ذلك ما نستوحيه مما يرويه الرواة، أو ما يرويه الإمام علي(ع) في معركة بدر، أنّه كان بين وقت وآخر يقصد النبي(ص)، وفي أثناء المعركة، فيجده ساجداً يردِّد قوله: يا عليّ يا عظيم، فكأنه يستجدي الله تعالى في علوّه وعظمته، أن يمنح المجاهدين البدريين كلَّ العلو الجهادي في المعركة وعظمة الموقف.

صفة البدريين:

س: سماحة السيد، في السياق نفسه، استعملتم في الخطاب للمجاهدين أثناء الحرب، صفة البدريين، لماذا؟

ج: عندما كنت أخاطبهم وأقول أيُّها البدريون، لم أنطلق من عاطفة، ولكنّي وازنت بين موقف أصحاب بدر وبين موقف شباب المقاومة الإسلامية. فنحن عندما ندرس بدراً، نجد أنّ المناخ الّذي كان سائداً آنذاك، هو أنّ القوّة كانت في جانب المشركين، وأن المسلمين كانوا في موقع الضعف، وأنّ "قريش" هي الجهة التي تنتصر دائماً عندما تدخل في أيّة معركة ضد أيِّ عدو لها. وهذا ما نستوحيه أيضاً من موقف بعض المسلمين المهاجرين الذين قالوا للنبي(ص) عندما استشارهم في مسألة الحرب: "يا رسول الله، إنّها قريش ما ذُلَّت منذ عزَّت"، بمعنى أن "قريش" سوف تنتصر، فلا تغامر بالدخول في المعركة ضدها، لأن "قريش" سوف تحصل على عزّ جديد من خلال نصر جديد في معركتها معك.

ولكنّ انتصار المسلمين في بدر جاء ليكرّس ميزان قوّة جديد وليخلق نوعاً من التوازن بين قوة قريش وقوة المسلمين، بحيث إنّ العرب أصبحوا يشعرون بأنّ هناك قوتين في شبه الجزيرة العربية، هي قوة قريش وقوة الإسلام.

لذلك عندما ندرس واقع شباب المقاومة الإسلامية، نجد أن المناخ الذي كان يسود العالم العربي والإسلامي في مسألة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، أو الصراع الإسلامي ـ الإسرائيلي، هو أنّ هناك قوة واحدة هي قوة إسرائيل تساندها أمريكا بشكل مطلق، ولذلك كان العرب، وربما المسلمون بشكل عام أيضاً، يشعرون بأنّ أية معركة ضد إسرائيل من قبل أية جهة عربية على الأخص سوف تكون الغلبة فيها لإسرائيل، باعتبار أن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر.

وهكذا انطلقت التجربة الإسلامية للمقاومة في هذه المرحلة، بعد أن كانت المقاومة الإسلامية قد حصلت على نصر سابق في عام 2000، ولكن بشكل تدريجي عمل على الضغط على إسرائيل بطريقة الكرّ والفر، ومن خلال المعارك الصغيرة هنا وهناك، حتى شعرت إسرائيل بأنّها لن تستطيع الاستمرار في احتلالها لمنطقة الجنوب اللُّبناني، لكن في حرب تموز، خاضت المقاومة المعركة ضدَّ إسرائيل كجيشٍ يواجه جيشاً، فالحربُ الَّتي خاضها المقاومون الإسلاميون في تموز لم تكن حرب عصابات بالمعنى المتحرّك، بل كانت أشبه بحربٍ نظاميةٍ في هذا المجال، حيث وقف المقاومون مع الإسرائيليين وجهاً لوجه، وكانت المعركة تحتاج إلى قوة روحية عالية إلى جانب القوَّة المادية.

         

لذلك، فإنَّ المقاومة الإسلامية الّتي انتصرت على إسرائيل وهزمتها، والّتي أثبتت أنّ شبابها يملكون شجاعة الروح وصلابة الموقف وصمود الموقع وفنية الحركة العسكرية، والاطّلاع على خلفيات الأسرار العسكرية والأسرار السياسية للعدو، استطاعت أن تصنع قوةً جديدةً عندما انطلقت لتهزم الجيش الذي لا يُقهر، ما جعل إسرائيل تعترف بالهزيمة، وجعل الموقف بمثابة الصَّدمة للعالم المستكبر، وفي مقدمه أمريكا، التي كانت تنتظر أن تنتصر إسرائيل على المقاومة في عدة أيام، وبمثابة الصّدمة أيضاً لكل عملاء الاستكبار الأمريكي. حتى إنّنا كنا نلاحظ من خلال التأييد الواسع لهذا العدوان من قبل الدُّول الأوروبية والعربية الخاضعة للإدارة الأمريكية، أنّ شباب المقاومة يواجهون حرباً عالمية في المسألة السياسية، ورأينا كيف تفاعل العالم العربي والإسلامي مع هذه الصدمة الإيجابية التي أثبتت لكل شعوبنا العربية والإسلامية، بأنّ من الممكن جداً أن تقهر إسرائيل وأن ينتصر المسلمون في أية مواجهة جديدة.
   

انتصار المسلمين من بدر كرّس قوة جديدة في ميزان المسلمين كما هو انتصار المقاومة في لبنان كرس قوة جديدة للأمة


لذلك، كنت أوازن بين الظروف التي تحركت فيها معركة بدر، والظروف التي تحركت بها معركة المقاومة الإسلامية في لبنان، فرأيت أن الظروف هي الظروف، وأن الكلمة الرائدة التي قالها رسول الله(ص) في مناجاته لربه: "إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد، وإن شئت أن لا تُعبد لا تُعبد"، كانت تمثل واقع نتائج المعركة. ولو أنَّ الإسرائيليّين انتصروا على المقاومين في هذه المعركة، لما قامت للمسلمين قائمة، لأنّ هذه الهزيمة المفترضة كان يمكن لها أن تضاف إلى سجل الهزائم العربية والإسلامية في المعارك مع إسرائيل، وعند ذلك يتكرس لدى العالم العربي والإسلامي بأنّ إسرائيل هي القوة الوحيدة التي لا بد للجميع من أن يخضعوا لها.

النصر في بعديه المادي والروحي

س: في غالب التّقويمات لهذه التجربة، يتمُّ التركيز على البعد المعنوي للمسألة في صناعة القوة، وسماحتكم لطالما تحدَّثتم عن منطق القوة في الإسلام. إلى أيّ مدى يمكن لهذه القوة في الأمة وفي المجتمع أن تؤسِّس لثقافة نوعية وخاصة؟ إلى أيّ مدى يمكن لهذه الثقافة أن تتجاوز حدود الفئة المحدَّدة، وأن يكون لها قابلية التعميم؟

ج: أنا لست ممن يشجّعون على المبالغة في تقويم مثل هذه الانتصارات في المعارك، لأنّها قد تجعلنا ننطلق في عالم التجريد، الذي قد يوحي في أيّة تجربة جديدة، بأنّ هذه الانطلاقة الروحية هي التي تمنح النصر في المعركة، ما قد يعطِّل الكثير من عملية الاستعداد. نحن نعرف جيداً أن الله سبحانه وتعالى عندما عالج مسألة النصر والهزيمة، عالجها من خلال طبيعة القوانين الطبيعية في مسألة السلم والحرب، إضافةً إلى بعض المعالجات التي ركّزت على مسألة الجانب الروحي في إطار الحركة المادّية، فنحن نقرأ في واقعة بدر قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}(آل عمران/123). وفي المقابل، عندما نقرأ نتائج معركة أُحد، نرى كيف أنّ المسلمين هزموا في الجولة الثانية بعد ما حقّقوه من نصرٍ في الجولة الأولى، ذلك لأنّهم لم يأخذوا بأسباب النصر، ولم يتعاملوا مع عناصر القوة في التخطيط العسكري للمعركة. وهكذا لاحظنا كيف يتحدث الله سبحانه وتعالى عن نقاط الضعف التي عاشها المسلمون في معركة الأحزاب ومعركة حنين، ما يعني أنّ الإسلام يؤكد أنَّ على المسلمين في كلِّ معاركهم التي يواجهون فيها العدو، أن يكون لهم القوّة العسكرية التي يلتزمون فيها الحدود التي تحقق النصر وتمنع الهزيمة.

ولكنّنا عندما ندرس هذا النقد الإلهي، إذا صحَّ التعبير، للمسلمين في معركة أُحد وفي معركة الأحزاب وفي معركة حنين، نجد أن الله سبحانه وتعالى لا يبعد المسألة الإيمانية الروحية عن حركة المعركة في هذا المقام، فنحن نقرأ، مثلاً، قوله تعالى عن المؤمنين في معركة الأحزاب: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}(الأحزاب/22). في الوقت الذي عاشوا حالةً من الخوف الشديد، من خلال سيطرة المشركين وحلفائهم ومحاصرتهم للمدينة، إلاّ أنَّهم واجهوا الموقف بكلِّ رضى وتسليم لأمر الله سبحانه وتعالى، ما يوحي بأنّ شراسة المعركة أو بعض النتائج السلبية للمعركة لم تهزمهم، ولم تهزم روحهم.

         

لذلك، فنحن نؤكّد نقطة أساسية، وهي أنّ أيّة حرب يخوضها المسلمون، لا بد من أن تتزاوج فيها المسألة المادّية والمسألة الإيمانية، من خلال ما تعطيه هذه الرّوح الإيمانيّة من قوّة تنفتح على الله وتحوِّل الإنسان إلى طاقة روحيّة عظيمة تستطيع أن تضاعف القوة المادية عنده وهو ما تحدّث الله عنه، عندما أراد للمسلمين أن يكون الواحد منهم بمثابة عشرة، أو أن يكون الواحد منهم بمثابة اثنين، باعتبار أن الطاقة الروحية التي يملكها الإنسان المؤمن في طبيعة إيمانه بالله وإخلاصه للهدف الذي تقود إليه المعركة، يمكن أن يضاعف الجانب الروحي والإيماني.
   

في المعركة يجب أن تتزاوج المسألة المادية مع المسألة الإيماني من خلال ما تعطيه الروح الإيمانية من قوة تنفتح على الله وتحول الإنسان إلى طاقة روحية تضاعف القوة المادية


إنني أعتقد أن قيمة الإسلام، هو أنه يريد للإنسان أن ينظر إلى كل أنواع الحياة بعين تتطلّع إلى الله سبحانه وتعالى، ليطلب منه اللطف والرحمة، وأن يزوّده بالنصر ويمنحه القوة، وأن يأخذ بأسباب النصر الواقعية في حركته في المعركة، لأنّنا نؤمن بقانون السببية الذي جعله الله سبحانه وتعالى النظام الذي يشمل كل الظواهر الكونية والظواهر الإنسانية.

وعلى هذا، فنحن نعتقد أنّ علينا عندما نطلق مصطلحاً كمصطلح النصر الإلهي وما إلى ذلك، أن نحيطه بالعناصر التي لا تجعله مجرَّد حالة إيمانية طائرة في الهواء، بل أن يكون حالةً تنطلق من جهد الإنسان وحركيته وخبرته، ومن الروح التي استطاعت أن تضاعف فيه كل عناصر القوة التي يختزنها في نفسه.

بين أسلمة المقاومة وأسلمة القيم

س: إذا كانت لهذه الثقافة الخاصة مدخلية في تحقيق عمل المقاومة وإنجازاتها على مستوى هذا النصر الذي تحقَّق، أنتقل من خلالها نحو إشكالية يطرحها البعض، وهي أنَّ العنوان الأساسي لهذه المقاومة هو إسلاميتها، وأنّ من خصوصيات هذه الأسلمة شيعية هذه المقاومة، وبالتالي هناك بعض المجتمعات التي تخشى من أسلمة الواقع اللبناني، وتبحث عن ماهية قراءة هؤلاء الإسلاميّين للواقع الوطني في لبنان، كما أنّ المنطقة الآن تخشى، إضافة إلى شيعية هذه المقاومة، إمكانية تعميمها. كيف يمكن لنا أن نوائم بين متطلّبات الواقع والبيئة التي تحتضن المقاومة، وبين الأهداف التي تصبو إليها هذه المقاومة؟

         

ج: هناك فرق بين الأسلمة الّتي تريد أن تسيطر على الواقع كلّه، بحيث تصادر الآخرين لتربطهم بالإطار الإسلامي بالمعنى الضيِّق الذي قد يحوّله إلى حالة طائفية، وبين الأسلمة التي تحاول أن تنفتح على القيم الإسلامية التي تلتقي بالقيم الدينية لدى كلِّ الرسل وكلّ الأديان. نحن نعرف أنّ ما يتحرّك به المقاوم المسلم، إنّما هو محبة الله في مواجهة أعداء الله وأعداء الإنسانية، وقوة الموقف وصلابة المواجهة وما إلى ذلك من القيم التي ترتفع بإنسانية الإنسان عندما تنطلق من خلال طبيعة الخط الإسلامي الذي يلتزمه المقاوم المسلم، لذلك، عندما ندرس المسألة في هذا الخط، نشعر بأننا نلتقي مع كل القيم التي جاء بها السيد المسيح(ع) والقيم التي جاء بها النبي موسى(ع) في الخط الأصيل لليهودية الدينية، والتي جاء بها النبي إبراهيم(ع) {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَْ}(البقرة/131).
   

الأسلمة تنفتح على القيم الإسلامية التي تلتقي بالقيم الدينية لدى كل الرسل وكل الأديان


إنّ الأسلمة هنا، هي أن ينطلق المجاهد في بالّروح القدسيّة التي يتحدث عنها المسيحيون عن القديسين الذين يهبون كلَّ حياتهم وروحهم لله سبحانه وتعالى، لأنّه ليس هناك فرقٌ بين أن تهب روحك لله وأنت تمارس عملية الخير في الحياة، أو أن تهب روحك لله وأنت تمارس عملية المواجهة مع الذين يصادرون إنسانية الإنسان ويسقطون روحه، ويعملون على أساس تحريك كل قواعد الظلم ضده.

لذلك، فإنّ إسلاميَّة المعركة انطلقت في مواجهة اليهود الذين هم، حتى في النظرة المسيحية، أعداء الإنسانية وأعداء الأديان، على الرغم من إخراج بعض التسويات التي حاولت أن تبرئ اليهود مما حدث للمسيحيين في مدى التاريخ.

         

أمّا في مسألة شيعية المقاومة، فإنّ "الشيعية" انطلقت من البُعد الإسلامي الروحي الذي تحدَّث فيه الله سبحانه وتعالى عن الانفتاح عليه في المعركة، وعن حركية الإيمان في نفس المؤمن، وانطلقت أيضاً من التجربة العاشورائية الحسينية التي لا تنحصر في دائرة ضيّقة على المستوى الطّائفيّ، بل إنّنا عندما ندرس مواقف الإمام الحسين(ع)، وندرس تجربته المتنوّعة في كربلاء، فإنّنا نلتقي مع كل الناس في العالم، سواء كانوا مسيحيين أو علمانيين، لأنّ الإمام الحسين(ع) هو الإنسان الّذي انطلق بهذا الارتفاع في مستوى الموقف الإنساني الصلب ليواجه جيشاً بمفرده من أجل القضايا الحية التي يراد لها أن ترتفع بالإنسان في حياته.
   

مشكلة الذين يتحدثون بسلبية عن الإسلامية وعن الشيعية أنهم يتحركون من خلال الزنزانة الطائفية لا من خلال العنصر القيمي الإيماني


ولذلك، فإنّ المشكلة عند الذين يتحدثون بسلبية عن الإسلامية وعن الشيعية، أنّهم يتحركون من خلال الزنزانة الطائفية ولا يتحركون من خلال العنصر القيمي الإيماني الذي يلتقي فيه الإسلام مع المسيحية، وتلتقي فيه الشيعية أيضاً مع العيسوية وما إلى ذلك.

س: سماحة السيِّد، تفضَّلتم في أحد المقالات، بأنّ المقاومة هي جامعة الشعوب العربية. كيف تشرحون هذا القول؟ وكيف يمكن تعزيز خط المقاومة عربياً وإسلامياً؟

         

ج: إنّ المشكلة في الجامعة العربية، أنَّها أُسِّست بقرار بريطاني يريد أن يجمع العرب في تلك المرحلة في جامعة واحدة ليصادروا القرار العربي بشكل جماعي من دون أن يتحاوروا مع فريق دون فريق آخر. إنّ الجامعة العربية لم تنطلق من إرادة عربية منفتحة على تأصيل مسألة العروبة في الارتفاع إلى المستوى العروبي الذي ينطلق فيه العرب ليؤكّدوا أصالتهم، وليرتفعوا بأمتهم إلى أن تكون كما قال الله تعالى في القرآن: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ}(آل عمران/110)، ولتكون أمّة رسالية، تحمل الرسالة إلى العالم كلّه كما حملتها في الماضي. ثم إنَّ التطورات الدولية جعلت بريطانيا تنسحب من ساحة التأثير الدولي، وأعطت هذا القرار لأمريكا، فأصبحت الجامعة العربية بشكل عام، وخصوصاً بعد ولادة إسرائيل التي اعتبرتها أمريكا القوة الوحيدة في المنطقة، تتحرك في دائرة التَّخطيط الأمريكي الذي يريد من هذه الجامعة أن تنفذ كل الخطط في مشاريعها للمنطقة، ولا سيّما في علاقة العرب مع إسرائيل، وقد وجدنا أنّها تحركت من أجل الصلح مع إسرائيل بإشراف أمريكي، وبلهاث وراء إسرائيل لتحريك المفاوضات، من موقع الضعف العربي، بغية تحقيق أي شيء وإن كان بخساً.
   

جامعة الدول العربية لا يمكن أن تحقق للواقع العربي القوة والحرية والعنفوان لأنها جامعة الأنظمة العربية الخاضعة لأمريكا


إن جامعة الدول العربية، سواء في بُعدها التأسيسي أو في تطوراتها السياسية المستقبلية، لا تمثِّل الجامعة التي يمكن أن تحقق للواقع العربي القوة والحرية والعنفوان، بل إنّها أصبحت مجرد تجمّع دول خاضعة للاستكبار الأمريكي، وأصبحت مشكلة للعرب بدلاً من أن تكون حلاً، وأصبحت تجمعاً يعمل على أساس إسقاط الواقع العربي لمصلحة الواقع الدولي أو الواقع الإسرائيلي، بدلاً من الارتفاع به إلى الدرجة العليا. أما المقاومة الإسلامية، سواء كانت في لبنان أو في فلسطين، فإنّها تمثل جامعة الشعوب العربية التي تتطلَّع إلى تحقيق القوة والحرية والانتصار في المعارك المستقبلية مع كلِّ الأعداء، سواء كانت المعارك معارك سياسية، كما في المعركة مع أمريكا ومع حلفائها في أوروبا، أو معارك عسكرية كما في المعركة مع إسرائيل.

لذلك نقول إن الجامعة العربية هي جامعة الأنظمة العربية الخاضعة لأمريكا، والتي ليست لها علاقة بالشعوب العربية، بينما المقاومة تمثل جامعة الشعوب العربية والإسلامية التي تجمع العرب بأجمعهم كما تجمع المسلمين. وهذا ما لاحظناه عندما انطلقت الشعوب العربية والإسلامية لتقف مع المقاومة ولتصفِّق لها، ولتعتبر أنها صنعت لها التاريخ من جديد.

المرجعية الدينية

         

س: ما هو الدور الذي يجب أن تقوم به المرجعية الشيعية إذا ما تعرض الشيعة بشكل عام إلى خطر على وجودهم؟                                                
   

المرجعية الدينية عندنا هي مرجعية فتوائية لا مرجعية قيادية


ج: إنني آسف أن أقول إنّ المرجعية لا تزال في إطارها التقليدي الذي عاشته في التاريخ، والذي يعتبر أن علاقة المرجع بأتباعه ومقلِّديه هو أن يطلق لهم الفتاوى ويعطيهم بعض التعليمات في الحقوق الشرعية، لذلك فالمرجعية عندنا هي مرجعية فتوائية وليست مرجعية قيادية، ونحن نبحث عن مرجعية تنفتح على كل الواقع الإسلامي الشيعي، لتجيب عن كل علامات الاستفهام التي يعيشها شباب الشيعة الذين أخذوا بأسباب الثقافة والعمل وواجهوا التحديات الكبرى، والتي يعيشها الشيعة في العالم أمام التحديات التي واجهتهم ويراد لهم أن يواجهوها. إنّنا مع احترامنا لكل المرجعيات الفتوائية، لا نجد أنّ هناك مرجعية شاملة يمكن لها أن تحتضن هذا التحدي الكبير الذي يعيشه الشيعة في العالم، وأكاد أقول ليست هناك مرجعية إسلامية ولا عربية.

         

س: سماحة السيد، هل من كلمة توجّهونها إلى الأدباء والشعراء والمثقفين والإعلاميين في ظل هذا المناخ العام، وفي ظل ما حدث حرب في تموز؟ وأين موقع هؤلاء في هذه المعركة؟
   

على الفنانين أن يعطوا كل فنهم لكل مفردات تجربة المقاومة


ج: إنّنا نقول لكلِّ الذين يحملون فكراً وقلماً وفناً، أن يدرسوا هذه التجربة الفريدة في العالم العربي والإسلامي، ليعملوا على أساس أن يعطوا كلّ فنهم لكل مفردات هذه التجربة، من أجل أن يؤصِّلوا الجانب الفني في التجربة بعدما انطلق المجاهدون ليؤصلوا الجانب الواقعي لها. إنّنا نجد أن الشعراء والأدباء والفنانين يتحدثون عن معارك التاريخ التي قد لا تحمل الكثير مما تحمله هذه المعركة، لذلك نقول لهم إنّ عليكم أن تعيشوا عصركم وتجربتكم وانتصاراتكم وهزائمكم في هذا المجال، لأنّ دور الأديب والشاعر والفنان والمثقف أن يعيش عصره، وأن يعيش إنسانه، وأن يعيش الواقع الذي ينفتح على المستقبل في كل مطلع شمس.

ونقول للإعلاميين، إنّ الإعلام رسالة، لأنّه هو الذي يبلّغ الناس بالحقائق، وهو الذي يعطي الوعي للناس في أوضاعهم وفي أمورهم.

لذلك، فهم يحملون رسالة كبرى، لأن عليهم أن يقدموا الحدث إلى الناس بطريقة أصيلة فنية، يستطيع الناس من خلالها أن يعرفوا الحدث من خلال خلفياته وظروفه وأهدافه، ومن خلال ما يُراد له أن يحققه من تجارب جديدة للإنسان وللمستقبل.

شكراً لسماحتكم على هذا اللقاء.

الإثنين في 9-7-2007

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 24 جمادى الثاني 1428 هـ  الموافق: 09/07/2007 م
اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية