القيمة الانسانية بين المادة والروح

القيمة الانسانية بين المادة والروح

نص المقابلة التي أجرتها مجلة  الحدث اللبناني مع سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

مع العلامة السيد محمد حسين فضل الله.. تكتمل العناصر الجميلة.. فتسطع الحقيقة. على أصداء الكلام وحافة السؤال، يضمّد العلامة سواد دهشتنا وفراغنا اللاهث، ليقتحم بسرّ قوته أوقاتنا المبعثرة.. على أشلاء إنسانيتنا..

العلامة.. تتعثّر عيناه ظمأى للروح.. يناديها فينا، تتأجل.. توقفها أشواك المادة الحادة.. ويبقى مراقباً لمن يضمّد جروحها.. "بالقيمة".. لكن "فاقد الشيء لا يعطيه"...

العلاّمة.. يفرد جناحي حكمته.. بتواضع ملاك.. ليرسل النور إلى النور.. وليكسر إيقاع "عولمة الاحتكار".. ويبارك "حضارة الروح" المنتزعة "لنصعد دائماً إلى فوق.. إلى القيمة".. في حديث فلسفي فقهي متدفق للـ"الحدث اللبناني"، يعتبر العلامة السيد محمد حسين فضل الله أن "الاستغراق في المادة يجعل الإنسان يعود إلى ما قد نسميه الروح، لأن المادة مهما قدمت نفسها للإنسان، فإنها تنتهي به إلى الجدار المسدود"..

ويرى فضل الله أنه "عندما تكفُّ التربية عن تأهيل القيم في الإنسان، يصبح من الطبيعي أن تجفّ ينابيع القيمة في نفسه"..

وعن رأيه في شكل الحلول التي تقدمها الدولة اللبنانية للشعب وتأتي فارغة من الطابع الإنساني، فيعلّل ذلك "بفاقد الشيء لا يعطيه".

ويتطرق العلاّمة في المقابلة إلى علماء الدين "الذين ابتعدوا عن رحابة القيمة في نظرتهم إلى الآخر".. وعن حادثة المطران غريغوار حداد.. ونقاط أخرى عديدة تصبّ في محور "الإنسان في زمن الاستهلاك":

عودة إلى الروح

 * لماذا فقد الإنسان اليوم علاقته بالكون وبالمقدّس؟

ـ نحن لا نستطيع أن نعطي هذه المسألة عنواناً شمولياً، فهناك الكثير من المواقع التي نلاحظ فيها أن الإنسان لا يزال يعيش مع ربه، من خلال الإيمان أو التطلع إلى الأمل الكبير الذي قد يتحسّسه بفطرته في شكل غامض. كما أن علاقة الإنسان بالكون هي علاقة متحركة وجدلية، باعتبار أن الفرد يكتشف في كل يوم شيئاً جديداً يدفعه إلى التساؤل أو إلى البحث وملاحقة الاحتمالات والإمكانات، وهذا الذي يفسّر التقدّم العلمي الذي يلهث العلماء في دائرته نحو المجهول الذي يحاولون أن يحوِّلوه إلى معلوم.

فالإنسان لم يفقد اهتمامه بالكون أو بالله، لكن الواضح أن الإنسان استغرق في مشاكله العديدة، ولا سيما المعيشية منها والأمنية والسياسية، التي جعلته يعيش في دائرة مفصولة عن العالم وعن إيمانه الذي يختزله في داخل نفسه، فهو بات يعيش مفردات هذه المشاكل في تفاصيل حياته اليومية.

* لكن يبدو لنا أنّ الإيمان اتخذ شكلاً جديداً اليوم، خصوصاً أننا نعيش في زمن مادي استهلاكي، فكيف يستطيع الإنسان في هذه الحالة أن يشعر بإيمانه؟

ـ إنني أتصور أن هذا الاستغراق في المادة يجعل الإنسان يعود إلى ما قد نسمّيه الروح، لأن المادة مهما قدّمت نفسها للإنسان في شهواته وغرائزه وتطلعاته، فإنها تنتهي به إلى الجدار المسدود، لأنه كلما استغرق في المادة كلما فقدت من حيويتها في نفسها، فالإنسان يتطلع عادةً إلى نداء الغريزة في الجنس أو في الطعام أو في الشراب، فتستهويه حالة معينة إذا ارتوى منها شعر بتفاهتها أو بأنها تمثّل حالة روتينية لا تجتذب تطلعاته.

حتى بتنا نجد أن الإنسان لا يشعر بوجود امتلاء في نفسه خلال ممارسته للمادة، لأنه يظل يحس بالروح، ولعلنا نلاحظ أن الإنسان الذي يتطلع إلى المادة يحاول أن يعطيها شيئاً من الخيال أو من الأجواء والمناخات التي تحيط به، فهو مثلاً يحب أن يأكل في جو من الموسيقى ومن الجمال الطبيعي، كما يحب أن يمارس الجنس في أجواء من المشاعر والأحاسيس والعواطف التي تخرج عن العملية الميكانيكية التي تتمثل بلقاء الجسد بالجسد. كل هذا يعني شيئاً من الروح، لأن الإنسان لا يشعر بمعنى المادة في داخل نفسه إلا من خلال الروح.

كما نلاحظ أن الإنسان عندما تضيق به الأوضاع يشعر بالحاجة إلى الروح أكثر، حتى إذا لاحظنا وتابعنا ما يحصل في الغرب، ولا سيما في أمريكا التي تعيش المادة بكل ماديتها وجدرانيتها، فإننا نجد أن هناك الكثيرين ممن يأتون إليها قادمين من بلاد الشرق أو من آسيا والهند، ويثيرون بعض الصرعات الروحية، فإن حركاتهم تلقى اهتماماً واستقطاباً بشكل عام.

وقد يؤسس هؤلاء بين وقت وآخر مدينة تضم الأشخاص الذين يتبعونهم، وعندما ندرس حالة الذين يعيشون في جو روحي ضبابي قد يكون خرافياً، نسأل أنفسنا لماذا ينطلق هؤلاء في هذا الاتجاه؟ إنني أتصور أن فقدان الغرب للكثير من الروح جعله يعيش في حالة من الضياع، وفي جو يدخله إلى زنزانة مادية، لذلك نجد أن الإنسان بدأ يعود إلى آفاق الروح. ونحن نلاحظ أن هناك صحوة إسلامية ومسيحية بدأت بالظهور، وإلا كيف نفسّر زيارات البابا إلى مختلف البلدان في العالم حتى تلك التي تجذّرت فيها العلمانية.

مادة تتروّح وروح تنطلق عبر المادة

* ألا تعتقدون أن الجسم الديني تأثر نوعاً ما بالمناخ العام؟
ـ نحن نتصور أن الإنسان يبقى إنساناً، لأنه ليس روحاً فقط، وإنما هو مزيج من المادة والروح معاً. فنحن نقول إن الإنسان يمثّل قبضة من الطين ونفخة من روح الله، كما أن الدين لا يبرر انفصال الإنسان عن المادة، لأنه ليس حالة روحية تجريدية، بل هو يمثل المنهج الذي يجمع بين المادة والروح، فالإنسان يمارس حياته المادية في ظل الأخلاقية الدينية طالما أن الدين لا يدعو إلى أن يهمل الفرد دنياه وغرائزه.

* إذاً، كيف تشرحون التناقض الكبير بين إمكانية الاتصال بالعالم بثوان بفعل التطور التكنولوجي الكبير، والابتعاد عن الجار وشريك العمر؟

ـ إن المشكلة هي أن المفاهيم المادية عندما استغرقها كثير من الناس أبعدتهم، ليس عن الروح فقط، وإنما عن المعنى الإنساني المادي، لأن لقاء الإنسان بجاره أو بشريك عمره هو أن يشعر بهذا الشريك في داخله وروحه وتطلعاته، فالإنسان ليس روحاً محلقة في الفراغ، بل هو عبارة عن مادة تتروّح وروح تنطلق عبر المادة. ولكن يحدث أحياناً أن تطغى المادة على الروح كما يطغى شيء مادي على آخر، فهناك أناس يهتمون بالطعام أو بالشراب أكثر مما يكترثون للجنس.

* لماذا برأيكم فقدنا القيمة في حياتنا؟

ـ إن قضية القيمة تعني أن ننقذ إنسانية الإنسان وأن نبرزها، وهذا يحتاج إلى مناخ جيد وتربية ملائمة، لأنه عندما تكف التربية عن تأصيل القيمة في الإنسان، فلا يعود يشعر أنها تمثّل معنى إنسانيته ورحابة وجوده، يصبح من الطبيعي أن تجفّ ينابيع القيمة في نفسه.

* لكننا اليوم نحقق هويتنا ضمن مجموعة، بحيث بتنا نعامل كعدد أو كصورة وفقدنا ذاتيتنا الخاصة؟

ـ هذا الشعور مردّه إلى أننا كنا دائماً نحدّق بالخارج ولا ننظر إلى الداخل. فنحن نحرّك اهتماماتنا لما هو خارج ذاتنا، ونهتم بعدد الأموال التي نملك وبعدد الأشخاص الذين يصفقون لنا. لذلك نجد أن الإنسان يملك ثقافة واسعة في ما هو خارج ذاته، ولكن لا يملك الثقافة المماثلة في داخل ذاته، هذا يعني أنه ابتعد عن أن يحدّق إلى نفسه أو أن يفرح ويعيش ذاته في الداخل.

فاقد الشيء لا يعطيه

* ألا تعتقدون أن الحلول التي تقدمها الدولة تأتي فارغة من الطابع الإنساني؟

ـ إن فاقد الشيء لا يعطيه، فالذين يسيطرون على الدولة لا يعيشون معنى القيمة في أنفسهم، لذلك لا يدركون قيمة الآخر. لكن المسألة لا تقتصر على الدولة فقط، وإنما تشمل المناخ العام الذي ابتعد عن آفاق الروح وعن إثارة الجانب الروحي في علاقة الإنسان بالآخر، وهذا ما نلاحظه عندما تثار قضية الطائفية في العلاقات الإنسانية ولا تثار قضية الدين مثلاً أو القيم الدينية والروحية.

حتى الذين يعتبرون أن الله محبة وأن على الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، يغرقون في المسائل الطائفية التي تزرع الحقد بدل المحبة، فهم حوّلوا الجانب الديني إلى جانب مادي عشائري يتحدث فيه عن الشخص بدل القيمة.

لذلك، أنا أتصوّر أن علماء الدين، سواء المسيحيين أو المسلمين، قد ابتعدوا عن رحابة القيمة في نظرتهم إلى الآخر، وبدأوا يطيّفون الدين ويحوِّلونه من القيمة المنفتحة إلى الدائرة التي تحبس الآخر في زنزانةٍ من الحقد والعداوة.

* ألا تعتقدون أن الشباب اللبناني يمزج اليوم بين الموروث القديم والتجديد والحداثة، وينتج عن هذا الأمر إما الأصولية المتطرفة وإما الانفلات الكلي؟

ـ المشكلة هي في فقدان المناخ الهادىء الذي يدفع إلى التفكير بعقلانية وموضوعية وهدوء. فهناك نوع من الحالة الانفعالية التي لا تكف عن توليد عناصر الإثارة المتلاحقة وتبعد الإنسان عن التفكير في الواقع. لذلك، إن هذا التطرف يبعدنا عن التوازن، فنبدأ بالبحث عما يشبع توترنا الداخلي. ومن الطبيعي أن الاعتدال لا يشبع هذا التوتر والانفعال. من هنا، يجد الإنسان في التطرف، سواء كان تطرفاً نحو اليمين أو اليسار أو الأصولية أو الانفلات التام، أنه يريح بذلك حالة التوتر التي ترتقي باللاعقل.

* هل تعتقدون أن هذه الأسباب كانت وراء الاعتداء على المطران غريغوار حداد؟

ـ ما تعرّض له المطران وما يتعرض له الكثيرون من علماء الدين أو المثقفين ينطلق من خلال التعصب الذي يجعل الإنسان لا يعترف بالآخر فيشعر بضرورة إلغائه.

ومن البديهي أن هذا الأمر لا يؤدي إلى نتيجة ما يفكر به المتعصب، فهو يوحي لنفسه أنه مخلص لفكره ولآرائه، ولا يلتفت إلى أن إخلاصه هذا يجعل الآخرين يبتعدون عنه، لأن موقفه يسيء إلى إنسانيتهم.

لذلك، نحن نفرّق بين التعصب والالتزام، فمن حق الإنسان أن يلتزم بفكره مئة في المئة، لكن عليه أن يحترم التزام الآخر، وأن يدخل في حوار معه ليصل إلى الحقيقة الضائعة.

* لكن، ألا ترون أن تعاطي "الكبار" مع هذا الحادث لم يكن ناضجاً؟

ـ قد يكون كذلك، لأن المسألة هي أن الكبار لم يكونوا كباراً في رحابة القيمة، بل كانوا كباراً في قوة الموقع فقط.

* برأيكم ما هي أسباب الحروب الدائرة حالياً؟

ـ في الحرب يصل التوتر إلى حالة لا يجد فيها الإنسان أي حل لما يعيشه سوى بالقتل وبإلغاء الآخر، لذلك قد تكون الحروب هي نوعٌ من التنفيس، وقد تكون أيضاً حلاً لمشكلة الإنسان الذي يدافع عن نفسه.

عولمة الشركات الاحتكارية

* ما رأيكم بالنزعة المعاصرة التي تبشّر، كما تدل الأبحاث العلمية، بتحوّل لدى الإنسان إلى أن يصبح كائناً عالمياً؟

ـ إن مسألة أن يصبح الإنسان عالمياً أو مناطقياً.. أو عرقياً أو قومياً.. هي مسألة ثقافية يعيش فيها الإنسان إنسانيته من خلال الآخر، وهذا قد لا يتحقق، لأن الإقليميات تجعل الإنسان يخلص ويتعصب لقومية معينة أو وطن معين أو طائفة، حتى أن العولمة التي طرحت مؤخراً تنطلق من خصوصية الجهة التي تستفيد منها، لأنها عولمة الشركات الاحتكارية التي تريد أن تسقط كل الحواجز التي تعيق الامتداد إلى حياة الشعوب بهدف الربح والكسب، ولو كان ذلك على حساب الشركات الصغيرة.

لذلك، نحن نعتقد أن مفردات الحضارة المادية تجعل الإنسان يفقد الجانب الروحي القيمي، خصوصاً عندما يتحوّل الفرد إلى كائن اقتصادي بدلاً من أن يكون كائناً روحياً إنسانياً، فكلما أخلد والتصق بالأرض كلما بات يتحرك من خلال التراب وليس من خلال الهواء، فالمشكلة هي أن الناس أخلدوا إلى الأرض، ونحن نعرف أن هناك جدلية بين الأرض والسماء، لأن الأرض تستوحي النور من السماء، من الفضاء الرحب والهواء الطلق المتحرك، والسماء تطل على الأرض لتعطيها المطر والنور.. لكن بعض الناس لا يتطلعون إلى فوق، فتختلُّ المعادلة الإنسانية التي هي عبارة عن حوار الأرض مع السماء أي المادة مع الروح.

* تقول الممثلة جان مورو: "الصلاة موجودة في كل مكان، حتى في أعمالنا اليومية، طي الثياب، الكتابة على صفحة نظيفة، وفي تشدّدنا بإتقانها، كلها صلوات في ذاتها"، هل نحن في زمن الصلاة التي تتكلّم عنها مورو؟

ـ  الصلاة ليست التناغم بين الإنسان وتطلعاته وغرائزه، إنما هي الحوار الروحي المفتوح بين الله والإنسان، بحيث يعيش الله في عقل الإنسان، فيتوازن عقله بالحق، ويعيش الله في قلبه فينبض بالمحبة، لذلك نقرأ في القرآن الكريم ما يأتي: {وأقيم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}.

فكلما انفتح الإنسان على الصلاة أكثر وتحوّل إلى روح تحلّق لتلتقي بالله، كلما عاش القيمة في حياته أكثر، وبذلك ينفتح على الآخر، فهذا الكلام يتجاوز معنى الصلاة في عمقها الروحي، ويجعل منها حالة قائمة في المادة.

أما الطقوس الدينية، فهي قد تتحوّل إلى تقاليد وعادات وحالة روتينية تفقد معناها في نفس الإنسان، بحيث تصبح شبيهة بأشياء جامدة لا معنى لها، ولكن عندما يعطي الإنسان هذه الطقوس عنصراً من روحه وشعوره وإحساسه، فإنها تنبض بالحياة وتمنح الفرد روحاً وقيمة.

من جهة ثانية، على الإنسان أن يدرس موقعه من الله في كل لحظة يشعر فيها أنه ابتعد عن ربه، عليه أن يتعرف دائماً إلى عظمة الله في الوجود، لكي يستطيع أن يجد الله في كل شيء يراه، باعتبار أن الوجود هو مظهر لقدرة الله ورحمته، لذلك على الإنسان أن يخرج من هذا الجمود في التصاقه بالجدار المنتصب أمامه، وأن يحاول أن يحلّق ليكتشف الله.

ولكي ندرك إنسانيتنا، علينا أن نضحي من أجل القيمة في حياتنا، فالإنسانية تتجلى في التضحية من أجل الإنسان، وفي الشهادة من أجل قضية محقة، وفي إنكار الذات من أجل الآخر.

* كيف تصف الوقت والمكان؟

ـ الوقت يمثّل عمرنا، فهو ليس شيئاً مفصولاً عنا، نحن نملأ الوقت ونفرغه، فعندما نحرك الوقت في الفراغ نجعل منه شيئاً ضائعاً أبله، وعندما نملأه بالفكر والجهد نجعل منه كائناً حياً نراقبه ويراقبنا.

أما المكان، فهو المساحة التي نتحرك فيها، لكننا نحن الذين نؤنسن المكان عندما نعطيه شيئاً من إنسانيتنا، فعندما نزرع الأرض فإننا نضفي عليها جهدنا وإنتاجنا وطاقاتنا التي تجعل البذرة تنمو في مناخ ملائم، فهناك تزاوج بين الإنسان والأرض.

* متى يصبح الوطن في مستوى أحلامنا؟

ـ عندما نحوّل أحلامنا إلى واقع، وعندما نشعر بمسؤولية أحلامنا، فالإنسان الذي يجعل أحلامه خيالاً سيظل يعيش في متاهات الخيال. أما الإنسان الذي يسعى إلى أن تصبح أحلامه مشروعاً واقعياً، تنزل حينها الأحلام إلى أرض الواقع لتزرعها في جنة من الأحلام.

لذلك، علينا أن نصعد دائماً إلى فوق، إلى القيمة. قد يكون هذا صعباً، لكنه ليس مستحيلاً، لأننا نجد الكثيرين ممن ارتفعوا إلى مستوى القيم وكبروا عن أن يصغّرهم البعض الذين يحسبون أنفسهم كباراً وهم ليسوا كباراً.

كارن عابد

25 ربيع الثاني1423 هـ الموافق 6/7/2002 .

نص المقابلة التي أجرتها مجلة  الحدث اللبناني مع سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

مع العلامة السيد محمد حسين فضل الله.. تكتمل العناصر الجميلة.. فتسطع الحقيقة. على أصداء الكلام وحافة السؤال، يضمّد العلامة سواد دهشتنا وفراغنا اللاهث، ليقتحم بسرّ قوته أوقاتنا المبعثرة.. على أشلاء إنسانيتنا..

العلامة.. تتعثّر عيناه ظمأى للروح.. يناديها فينا، تتأجل.. توقفها أشواك المادة الحادة.. ويبقى مراقباً لمن يضمّد جروحها.. "بالقيمة".. لكن "فاقد الشيء لا يعطيه"...

العلاّمة.. يفرد جناحي حكمته.. بتواضع ملاك.. ليرسل النور إلى النور.. وليكسر إيقاع "عولمة الاحتكار".. ويبارك "حضارة الروح" المنتزعة "لنصعد دائماً إلى فوق.. إلى القيمة".. في حديث فلسفي فقهي متدفق للـ"الحدث اللبناني"، يعتبر العلامة السيد محمد حسين فضل الله أن "الاستغراق في المادة يجعل الإنسان يعود إلى ما قد نسميه الروح، لأن المادة مهما قدمت نفسها للإنسان، فإنها تنتهي به إلى الجدار المسدود"..

ويرى فضل الله أنه "عندما تكفُّ التربية عن تأهيل القيم في الإنسان، يصبح من الطبيعي أن تجفّ ينابيع القيمة في نفسه"..

وعن رأيه في شكل الحلول التي تقدمها الدولة اللبنانية للشعب وتأتي فارغة من الطابع الإنساني، فيعلّل ذلك "بفاقد الشيء لا يعطيه".

ويتطرق العلاّمة في المقابلة إلى علماء الدين "الذين ابتعدوا عن رحابة القيمة في نظرتهم إلى الآخر".. وعن حادثة المطران غريغوار حداد.. ونقاط أخرى عديدة تصبّ في محور "الإنسان في زمن الاستهلاك":

عودة إلى الروح

 * لماذا فقد الإنسان اليوم علاقته بالكون وبالمقدّس؟

ـ نحن لا نستطيع أن نعطي هذه المسألة عنواناً شمولياً، فهناك الكثير من المواقع التي نلاحظ فيها أن الإنسان لا يزال يعيش مع ربه، من خلال الإيمان أو التطلع إلى الأمل الكبير الذي قد يتحسّسه بفطرته في شكل غامض. كما أن علاقة الإنسان بالكون هي علاقة متحركة وجدلية، باعتبار أن الفرد يكتشف في كل يوم شيئاً جديداً يدفعه إلى التساؤل أو إلى البحث وملاحقة الاحتمالات والإمكانات، وهذا الذي يفسّر التقدّم العلمي الذي يلهث العلماء في دائرته نحو المجهول الذي يحاولون أن يحوِّلوه إلى معلوم.

فالإنسان لم يفقد اهتمامه بالكون أو بالله، لكن الواضح أن الإنسان استغرق في مشاكله العديدة، ولا سيما المعيشية منها والأمنية والسياسية، التي جعلته يعيش في دائرة مفصولة عن العالم وعن إيمانه الذي يختزله في داخل نفسه، فهو بات يعيش مفردات هذه المشاكل في تفاصيل حياته اليومية.

* لكن يبدو لنا أنّ الإيمان اتخذ شكلاً جديداً اليوم، خصوصاً أننا نعيش في زمن مادي استهلاكي، فكيف يستطيع الإنسان في هذه الحالة أن يشعر بإيمانه؟

ـ إنني أتصور أن هذا الاستغراق في المادة يجعل الإنسان يعود إلى ما قد نسمّيه الروح، لأن المادة مهما قدّمت نفسها للإنسان في شهواته وغرائزه وتطلعاته، فإنها تنتهي به إلى الجدار المسدود، لأنه كلما استغرق في المادة كلما فقدت من حيويتها في نفسها، فالإنسان يتطلع عادةً إلى نداء الغريزة في الجنس أو في الطعام أو في الشراب، فتستهويه حالة معينة إذا ارتوى منها شعر بتفاهتها أو بأنها تمثّل حالة روتينية لا تجتذب تطلعاته.

حتى بتنا نجد أن الإنسان لا يشعر بوجود امتلاء في نفسه خلال ممارسته للمادة، لأنه يظل يحس بالروح، ولعلنا نلاحظ أن الإنسان الذي يتطلع إلى المادة يحاول أن يعطيها شيئاً من الخيال أو من الأجواء والمناخات التي تحيط به، فهو مثلاً يحب أن يأكل في جو من الموسيقى ومن الجمال الطبيعي، كما يحب أن يمارس الجنس في أجواء من المشاعر والأحاسيس والعواطف التي تخرج عن العملية الميكانيكية التي تتمثل بلقاء الجسد بالجسد. كل هذا يعني شيئاً من الروح، لأن الإنسان لا يشعر بمعنى المادة في داخل نفسه إلا من خلال الروح.

كما نلاحظ أن الإنسان عندما تضيق به الأوضاع يشعر بالحاجة إلى الروح أكثر، حتى إذا لاحظنا وتابعنا ما يحصل في الغرب، ولا سيما في أمريكا التي تعيش المادة بكل ماديتها وجدرانيتها، فإننا نجد أن هناك الكثيرين ممن يأتون إليها قادمين من بلاد الشرق أو من آسيا والهند، ويثيرون بعض الصرعات الروحية، فإن حركاتهم تلقى اهتماماً واستقطاباً بشكل عام.

وقد يؤسس هؤلاء بين وقت وآخر مدينة تضم الأشخاص الذين يتبعونهم، وعندما ندرس حالة الذين يعيشون في جو روحي ضبابي قد يكون خرافياً، نسأل أنفسنا لماذا ينطلق هؤلاء في هذا الاتجاه؟ إنني أتصور أن فقدان الغرب للكثير من الروح جعله يعيش في حالة من الضياع، وفي جو يدخله إلى زنزانة مادية، لذلك نجد أن الإنسان بدأ يعود إلى آفاق الروح. ونحن نلاحظ أن هناك صحوة إسلامية ومسيحية بدأت بالظهور، وإلا كيف نفسّر زيارات البابا إلى مختلف البلدان في العالم حتى تلك التي تجذّرت فيها العلمانية.

مادة تتروّح وروح تنطلق عبر المادة

* ألا تعتقدون أن الجسم الديني تأثر نوعاً ما بالمناخ العام؟
ـ نحن نتصور أن الإنسان يبقى إنساناً، لأنه ليس روحاً فقط، وإنما هو مزيج من المادة والروح معاً. فنحن نقول إن الإنسان يمثّل قبضة من الطين ونفخة من روح الله، كما أن الدين لا يبرر انفصال الإنسان عن المادة، لأنه ليس حالة روحية تجريدية، بل هو يمثل المنهج الذي يجمع بين المادة والروح، فالإنسان يمارس حياته المادية في ظل الأخلاقية الدينية طالما أن الدين لا يدعو إلى أن يهمل الفرد دنياه وغرائزه.

* إذاً، كيف تشرحون التناقض الكبير بين إمكانية الاتصال بالعالم بثوان بفعل التطور التكنولوجي الكبير، والابتعاد عن الجار وشريك العمر؟

ـ إن المشكلة هي أن المفاهيم المادية عندما استغرقها كثير من الناس أبعدتهم، ليس عن الروح فقط، وإنما عن المعنى الإنساني المادي، لأن لقاء الإنسان بجاره أو بشريك عمره هو أن يشعر بهذا الشريك في داخله وروحه وتطلعاته، فالإنسان ليس روحاً محلقة في الفراغ، بل هو عبارة عن مادة تتروّح وروح تنطلق عبر المادة. ولكن يحدث أحياناً أن تطغى المادة على الروح كما يطغى شيء مادي على آخر، فهناك أناس يهتمون بالطعام أو بالشراب أكثر مما يكترثون للجنس.

* لماذا برأيكم فقدنا القيمة في حياتنا؟

ـ إن قضية القيمة تعني أن ننقذ إنسانية الإنسان وأن نبرزها، وهذا يحتاج إلى مناخ جيد وتربية ملائمة، لأنه عندما تكف التربية عن تأصيل القيمة في الإنسان، فلا يعود يشعر أنها تمثّل معنى إنسانيته ورحابة وجوده، يصبح من الطبيعي أن تجفّ ينابيع القيمة في نفسه.

* لكننا اليوم نحقق هويتنا ضمن مجموعة، بحيث بتنا نعامل كعدد أو كصورة وفقدنا ذاتيتنا الخاصة؟

ـ هذا الشعور مردّه إلى أننا كنا دائماً نحدّق بالخارج ولا ننظر إلى الداخل. فنحن نحرّك اهتماماتنا لما هو خارج ذاتنا، ونهتم بعدد الأموال التي نملك وبعدد الأشخاص الذين يصفقون لنا. لذلك نجد أن الإنسان يملك ثقافة واسعة في ما هو خارج ذاته، ولكن لا يملك الثقافة المماثلة في داخل ذاته، هذا يعني أنه ابتعد عن أن يحدّق إلى نفسه أو أن يفرح ويعيش ذاته في الداخل.

فاقد الشيء لا يعطيه

* ألا تعتقدون أن الحلول التي تقدمها الدولة تأتي فارغة من الطابع الإنساني؟

ـ إن فاقد الشيء لا يعطيه، فالذين يسيطرون على الدولة لا يعيشون معنى القيمة في أنفسهم، لذلك لا يدركون قيمة الآخر. لكن المسألة لا تقتصر على الدولة فقط، وإنما تشمل المناخ العام الذي ابتعد عن آفاق الروح وعن إثارة الجانب الروحي في علاقة الإنسان بالآخر، وهذا ما نلاحظه عندما تثار قضية الطائفية في العلاقات الإنسانية ولا تثار قضية الدين مثلاً أو القيم الدينية والروحية.

حتى الذين يعتبرون أن الله محبة وأن على الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، يغرقون في المسائل الطائفية التي تزرع الحقد بدل المحبة، فهم حوّلوا الجانب الديني إلى جانب مادي عشائري يتحدث فيه عن الشخص بدل القيمة.

لذلك، أنا أتصوّر أن علماء الدين، سواء المسيحيين أو المسلمين، قد ابتعدوا عن رحابة القيمة في نظرتهم إلى الآخر، وبدأوا يطيّفون الدين ويحوِّلونه من القيمة المنفتحة إلى الدائرة التي تحبس الآخر في زنزانةٍ من الحقد والعداوة.

* ألا تعتقدون أن الشباب اللبناني يمزج اليوم بين الموروث القديم والتجديد والحداثة، وينتج عن هذا الأمر إما الأصولية المتطرفة وإما الانفلات الكلي؟

ـ المشكلة هي في فقدان المناخ الهادىء الذي يدفع إلى التفكير بعقلانية وموضوعية وهدوء. فهناك نوع من الحالة الانفعالية التي لا تكف عن توليد عناصر الإثارة المتلاحقة وتبعد الإنسان عن التفكير في الواقع. لذلك، إن هذا التطرف يبعدنا عن التوازن، فنبدأ بالبحث عما يشبع توترنا الداخلي. ومن الطبيعي أن الاعتدال لا يشبع هذا التوتر والانفعال. من هنا، يجد الإنسان في التطرف، سواء كان تطرفاً نحو اليمين أو اليسار أو الأصولية أو الانفلات التام، أنه يريح بذلك حالة التوتر التي ترتقي باللاعقل.

* هل تعتقدون أن هذه الأسباب كانت وراء الاعتداء على المطران غريغوار حداد؟

ـ ما تعرّض له المطران وما يتعرض له الكثيرون من علماء الدين أو المثقفين ينطلق من خلال التعصب الذي يجعل الإنسان لا يعترف بالآخر فيشعر بضرورة إلغائه.

ومن البديهي أن هذا الأمر لا يؤدي إلى نتيجة ما يفكر به المتعصب، فهو يوحي لنفسه أنه مخلص لفكره ولآرائه، ولا يلتفت إلى أن إخلاصه هذا يجعل الآخرين يبتعدون عنه، لأن موقفه يسيء إلى إنسانيتهم.

لذلك، نحن نفرّق بين التعصب والالتزام، فمن حق الإنسان أن يلتزم بفكره مئة في المئة، لكن عليه أن يحترم التزام الآخر، وأن يدخل في حوار معه ليصل إلى الحقيقة الضائعة.

* لكن، ألا ترون أن تعاطي "الكبار" مع هذا الحادث لم يكن ناضجاً؟

ـ قد يكون كذلك، لأن المسألة هي أن الكبار لم يكونوا كباراً في رحابة القيمة، بل كانوا كباراً في قوة الموقع فقط.

* برأيكم ما هي أسباب الحروب الدائرة حالياً؟

ـ في الحرب يصل التوتر إلى حالة لا يجد فيها الإنسان أي حل لما يعيشه سوى بالقتل وبإلغاء الآخر، لذلك قد تكون الحروب هي نوعٌ من التنفيس، وقد تكون أيضاً حلاً لمشكلة الإنسان الذي يدافع عن نفسه.

عولمة الشركات الاحتكارية

* ما رأيكم بالنزعة المعاصرة التي تبشّر، كما تدل الأبحاث العلمية، بتحوّل لدى الإنسان إلى أن يصبح كائناً عالمياً؟

ـ إن مسألة أن يصبح الإنسان عالمياً أو مناطقياً.. أو عرقياً أو قومياً.. هي مسألة ثقافية يعيش فيها الإنسان إنسانيته من خلال الآخر، وهذا قد لا يتحقق، لأن الإقليميات تجعل الإنسان يخلص ويتعصب لقومية معينة أو وطن معين أو طائفة، حتى أن العولمة التي طرحت مؤخراً تنطلق من خصوصية الجهة التي تستفيد منها، لأنها عولمة الشركات الاحتكارية التي تريد أن تسقط كل الحواجز التي تعيق الامتداد إلى حياة الشعوب بهدف الربح والكسب، ولو كان ذلك على حساب الشركات الصغيرة.

لذلك، نحن نعتقد أن مفردات الحضارة المادية تجعل الإنسان يفقد الجانب الروحي القيمي، خصوصاً عندما يتحوّل الفرد إلى كائن اقتصادي بدلاً من أن يكون كائناً روحياً إنسانياً، فكلما أخلد والتصق بالأرض كلما بات يتحرك من خلال التراب وليس من خلال الهواء، فالمشكلة هي أن الناس أخلدوا إلى الأرض، ونحن نعرف أن هناك جدلية بين الأرض والسماء، لأن الأرض تستوحي النور من السماء، من الفضاء الرحب والهواء الطلق المتحرك، والسماء تطل على الأرض لتعطيها المطر والنور.. لكن بعض الناس لا يتطلعون إلى فوق، فتختلُّ المعادلة الإنسانية التي هي عبارة عن حوار الأرض مع السماء أي المادة مع الروح.

* تقول الممثلة جان مورو: "الصلاة موجودة في كل مكان، حتى في أعمالنا اليومية، طي الثياب، الكتابة على صفحة نظيفة، وفي تشدّدنا بإتقانها، كلها صلوات في ذاتها"، هل نحن في زمن الصلاة التي تتكلّم عنها مورو؟

ـ  الصلاة ليست التناغم بين الإنسان وتطلعاته وغرائزه، إنما هي الحوار الروحي المفتوح بين الله والإنسان، بحيث يعيش الله في عقل الإنسان، فيتوازن عقله بالحق، ويعيش الله في قلبه فينبض بالمحبة، لذلك نقرأ في القرآن الكريم ما يأتي: {وأقيم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}.

فكلما انفتح الإنسان على الصلاة أكثر وتحوّل إلى روح تحلّق لتلتقي بالله، كلما عاش القيمة في حياته أكثر، وبذلك ينفتح على الآخر، فهذا الكلام يتجاوز معنى الصلاة في عمقها الروحي، ويجعل منها حالة قائمة في المادة.

أما الطقوس الدينية، فهي قد تتحوّل إلى تقاليد وعادات وحالة روتينية تفقد معناها في نفس الإنسان، بحيث تصبح شبيهة بأشياء جامدة لا معنى لها، ولكن عندما يعطي الإنسان هذه الطقوس عنصراً من روحه وشعوره وإحساسه، فإنها تنبض بالحياة وتمنح الفرد روحاً وقيمة.

من جهة ثانية، على الإنسان أن يدرس موقعه من الله في كل لحظة يشعر فيها أنه ابتعد عن ربه، عليه أن يتعرف دائماً إلى عظمة الله في الوجود، لكي يستطيع أن يجد الله في كل شيء يراه، باعتبار أن الوجود هو مظهر لقدرة الله ورحمته، لذلك على الإنسان أن يخرج من هذا الجمود في التصاقه بالجدار المنتصب أمامه، وأن يحاول أن يحلّق ليكتشف الله.

ولكي ندرك إنسانيتنا، علينا أن نضحي من أجل القيمة في حياتنا، فالإنسانية تتجلى في التضحية من أجل الإنسان، وفي الشهادة من أجل قضية محقة، وفي إنكار الذات من أجل الآخر.

* كيف تصف الوقت والمكان؟

ـ الوقت يمثّل عمرنا، فهو ليس شيئاً مفصولاً عنا، نحن نملأ الوقت ونفرغه، فعندما نحرك الوقت في الفراغ نجعل منه شيئاً ضائعاً أبله، وعندما نملأه بالفكر والجهد نجعل منه كائناً حياً نراقبه ويراقبنا.

أما المكان، فهو المساحة التي نتحرك فيها، لكننا نحن الذين نؤنسن المكان عندما نعطيه شيئاً من إنسانيتنا، فعندما نزرع الأرض فإننا نضفي عليها جهدنا وإنتاجنا وطاقاتنا التي تجعل البذرة تنمو في مناخ ملائم، فهناك تزاوج بين الإنسان والأرض.

* متى يصبح الوطن في مستوى أحلامنا؟

ـ عندما نحوّل أحلامنا إلى واقع، وعندما نشعر بمسؤولية أحلامنا، فالإنسان الذي يجعل أحلامه خيالاً سيظل يعيش في متاهات الخيال. أما الإنسان الذي يسعى إلى أن تصبح أحلامه مشروعاً واقعياً، تنزل حينها الأحلام إلى أرض الواقع لتزرعها في جنة من الأحلام.

لذلك، علينا أن نصعد دائماً إلى فوق، إلى القيمة. قد يكون هذا صعباً، لكنه ليس مستحيلاً، لأننا نجد الكثيرين ممن ارتفعوا إلى مستوى القيم وكبروا عن أن يصغّرهم البعض الذين يحسبون أنفسهم كباراً وهم ليسوا كباراً.

كارن عابد

25 ربيع الثاني1423 هـ الموافق 6/7/2002 .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية