النجاسات

النجاسات

وهي أمور:

الأول والثاني: البول والغائط من كلّ حيوان اجتمعت فيه الصفات التالية:

1 ـ أن يكون له نفس سائلة، والنفس السائلة هي العروق التي يشخب منها الدم عند الذبح، مقابل ما يسيح دمه ويجري جرياً من دون شخب.

2 ـ أن يكون غير مأكول اللحم، وذلك إمّا بالأصل كالأسد والهر والذئب ونحوها، أو بالعارض مثل البقرة التي يجامعها الإنسان فيحرم أكل لحمها، أو الشاة التي تشرب من لبن خنزيرة حتى تشتد وتنمو على ذلك الحليب، أو مثل الدجاجة أو الشاة التي تتغذى على غائط الإنسان حتى تنمو وتشتد.

3 ـ أن يكون من غير الطيور.

فمن فقد واحدة من هذه الصفات لا يحكم بنجاسة بوله وغائطه، فالطيور بجميع أنواعها محكومة فضلاتها بالطهارة، سواء كانت أهلية أو برية، من السباع المفترسة أو من غيرها، مما له نفس سائلة أو مما ليس له نفس سائلة.  كذلك فإنَّ الحيوانات التي يحل أكل لحمها، أهلية كانت كالغنم، أو برية كالغزال وحمار الوحش، محكومة بطهارة بولها وغائطها، وكذا يحكم بطهارة  فضلات الأسماك والتماسيح والأفاعي وسائر الزواحف والحشرات مما ليس له نفس سائلة.  لذا تختص نجاسة البول والغائط بالإنسان وبعض الحيوانات البرية المفترسة وغيرها، مثل الأرنب والثعلب والذئب والهر والفأرة والأسد ونحوها.

م ـ 60: إذا شك في حيوان أنه مما له نفس سائلة أو مما ليس له، أو شك في أنه من مأكول اللحم أو من غيره، أو شك في البعرة مثلاً أنها من فضلة الفأرة أو من فضلة الصرصور مثلاً ليكون نجساً من الأول وطاهراً من الثاني، ففي جميع هذه الحالات يحكم بطهارة البول والغائط.  وكذلك إذا علم أنه مما له نفس سائلة وعلم أنه من حيوان لا يسوغ أكل لحمه لكنَّه شك في أنه فضلة طائر أم أنه فضلة حيوان محرّم الأكل حكم عليه بالطهارة.


الثالث: الدم من كلّ حيوان له نفس سائلة، فيشمل دم جميع الحيوانات والإنسان ما عدا الأسماك والحشرات، مثل الأفعى والجراد والذباب والنحل ونحوها، أمّا الفأرة فالمعروف عند أهل الخبرة أنها مما يشخب دمه، فيكون دمها نجساً.

م ـ 61: الدم الذي يكون في البيضة نجس على الأحوط وجوباً، ولكنَّه حيث لا يعلم اتصاله بسائر أجزاء البيضة اتصالاً موجباً لسراية النجاسة فإنه لا يحكم بنجاسة البيضة، بل ينتزع الدم الموجود ويحكم بطهارة الباقي.

م ـ62: الدم الذي يخرج من البرغش والبرغوث ونحوهما محكوم بالطهارة حتى لو كان قد امتصه حديثاً من جسم الإنسان أو الحيوان.

م ـ 63: الدم المتجمد تحت الجلد لا يؤثر على طهارة ظاهر البشرة إلاَّ إذا انخرق الجلد وظهر ما تحته من دم فإنه يحكم بنجاسته ويتعامل معه على هذا الأساس.

م ـ 64: إذا شك في سائل أحمر أنه دم أو لا بنى على أنه ليس دماً، وإذا علم كونه دماً وشك في أنه من حيوان له نفس سائلة أو من غيره بنى على طهارته، وكذلك لو علم نوع الحيوان وشك في أنَّ ذلك الحيوان هل له نفس سائلة أو لا، أمّا إذا تأكد أنه من دم الإنسان ـ مثلاً ـ لكنه شك في أنه هل خرج منه مباشرة ليكون نجساً أو أنه امتصه البعوض ثُمَّ وقع الدم عليه ليطهر بهذا الانتقال فالحكم هنا هو النجاسة.

م ـ 65: الدم المتخلّف في الذبيحة بعد ذبحها بالطريقة الشرعية وبعد خروج الكمية المتعارفة محكوم بالطهارة، ولا فرق في الدم بين ما تخلّف في الجوف أو في العروق أو في القلب أو في الكبد أو في غيرها.

الرابع: المني من كلّ حيوان له نفس سائلة.  أمّا مثل المذي وغيره من الإفرازات التي يفرزها العضو التناسلي للرّجل والمرأة ـ ما عدا البول ـ فجميعها طاهرة، وكذلك يحكم بطهارة الإفرازات التي تخرج من الدبر غير الغائط.


الخامس: الميتـة من كلّ حيوان له نفس سائلة، والمراد بالميتة الحيوان الذي مات حتف أنفه بغير الذبح، أو الحيوان الذي مات ذبحاً ولكن بطريقة غير شرعية، وهو ما يقال له: "غير المذكى" في مقابل "المذكى" المذبوح بطريقة شرعية.  وهذا يشمل ميتة الإنسان وسائر أنواع الحيوان، أمّا الأسماك والحشرات مثل الأفاعي ونحوها مما ليس له نفس سائلة فميتته طاهرة.

م ـ 66: الحيوان المذبوح في غير بلاد المسلمين والمشكوك في ذبحه بالطريقة الشرعية محكوم بالطهارة وجواز الصلاة في أجزائه، غير أنه لا يجوز أكل لحمه، ولا بُدَّ أن يكون احتمال التذكية ـ في مقابل عدمها ـ احتمالاً معتداً به ناشئاً من الإمكانية الواقعية الحاصل بسبب وجود مسلمين كثيرين، أو من احتمال استيراده من بلاد إسلامية.

م ـ 67: يحكم بطهارة وذكاة اللحوم والجلود المأخوذة من أسواق المسلمين، وكذا يحكم بطهارة وذكاة المصنوعات الجلدية واللحوم المجمدة والمعلّبة المأخوذة من أسواق المسلمين، ولا يجب سؤال البائع المسلم عن مصدرها ولا عن ذكاتها، نعم إذا علم أنَّ المسلم قد أخذه من كافر أو من دولة كافرة لم يعامل معاملة المذكى إلاَّ إذا احتمل المشتري أنَّ ذلك البائع قد أحرز ذكاته قبل عرضه للبيع، من خلال رؤيته يأكل منه مثلاً، فإنَّه يصح التعويل على هذا الاحتمال في اعتبار ذلك اللحم مذكى.

م ـ 68: إذا علم أنَّ اللحم أو الجلد الذي في يد الكافر قد أخذه من مسلم أو من بلد إسلامي فإنه يعتبر مذكى، فيحكم بطهارته وجواز أكله، وإذا لـم يعلم بذلك فأخبره الكافر أنه من مسلم لم يكف إخباره لجواز الأكل منه إلاَّ عند حصول الاطمئنان من خبره أو من مصدر آخر.

م ـ 69: لا يُكتفَى ولا يُعتمَد على الشهادة الموضوعة على بعض اللحوم المعلّبة في البلاد غير الإسلامية بأنها مذبوحة على الطريقة الإسلامية، أو أنها بإشراف المركز الإسلامي الفلاني إلاَّ بعد حصول العلم أو الاطمئنان بصحة ذلك، والوثوق بالمركز أو المؤسسة المتصدية لذلك.

م ـ 70: في البلاد غير الإسلامية يقبل قول اللحامين وأصحاب المطاعم المسلمين الذين يدَّعون ذكاة اللحم الموجود عندهم، ولا يجب التدقيق والتحري عن مدى صدقهم ولو كانوا غير متدينين، اللّهم حيث يكثر اللحم غير المذكى في أسواق المسلمين، فإن الأحوط وجوباً تحصيل الوثوق بالتذكية حينئذ.

م ـ 71: يستثنى من نجاسة الميتة الأجزاء التي لا تحلها الحياة منها، وهي: الريش والصوف والشعر والوبر والسن والظفر والقرن والعظم والمنقار والظلف والمخلب والبيضة إذا اكتست بالقشر الأعلى، كذلك الأنفحة واللبن الذي في الضرع إذا أخذا من الحيوان محلل الأكل دون غيره، فإنهما طاهران ومحلل أكلهما حتى مع ملاقاتهما وملاصقتهما للحم الميتة التي يؤخذان منها، نعم إذا نتف الشعر أو الصوف مثلاً فإنَّ أصل الشعرة المنغرز في لحم الميتة نجس لا بُدَّ من تطهيره إذا علم بتحقّق الملاقاة مع الرطوبة.

م ـ 72: اللحم المقتطع من الحي حكمه حكم الميتة في النجاسة وحرمة الأكل، إلاَّ أن يقتطع من الحيوان المذبوح قبل استقرار موته فإنه لا إشكال فيه.  ولا بُدَّ لنجاسة المقتطع من انفصاله التام عن الجسد، فلو بقي معلّقاً ولو بجلدة رقيقة حكم بطهارته.  ولا يشمل ذلك مثل القشور التي تكون على الجسد وتنفصل بالحك أو بالنزع أو تسقط بنفسها فإنها محكومة بالطهارة.

م ـ 73: الحَمْل إذا بلغ مرحلة يتحرّك فيها ثُمَّ صار سقطاً ينجس بالموت، وإذا صار سقطاً قبل ذلك فاللازم احتياطاً اعتباره نجساً، وكذا الفرخ في البيضة في الحالتين.  أمّا ما يخرج من النفساء مع الولادة مثل المشيمة ونحوها فنجاسته محل تأمل.

م ـ 74: جلد الميتة لا يطهر بالدبغ، وجميع الميتات غير قابلة للتطهير إلاَّ إذا تحللت الجثة وتحولت إلى مادة أخرى كالتراب مثلاً، وإلاَّ ميتة الإنسان فإنَّ جثته تطهر بالأغسال الثلاثة الواردة في أحكام الأموات.

م ـ 75: فأرة المسك جلدة تنبت في جسد نوع من الغزلان وتحتوي في داخلها على العطر المعروف بالمسك، وهذه الفأرة إذا أخذت ونزعت من الغزال الحي أو الميت المذكى أو سقطت بنفسها فهي طاهرة مع ما في داخلها من المسك.

م ـ 76: إذا شك في الحيوان الميت أنه مما له نفس سائلة أو لا، أو أنَّ هذه القطعة هي من حيوان له نفس سائلة أو لا حكم على هذه الميتة بالطهارة.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وكذا رطوباتهما وأجزاؤهما التي لا تحلها الحياة، مثل الشعر والعظم وغيرهما، والنجس من الكلب هو البري، أمّا ما يسمى من الأسماك بكلب البحر فليس نجساً، وكذا خنزير البحر إن وجد.


الثامن: المشهور نجاسة الخمر وكلّ مسكر مائع بالأصل، والأقوى طهارته، أمّا أصناف المخدرات ونحوها من المسكرات الجامدة فهي طاهرة أيضاً.  وإن كان يحرم شرب الجميع، والأحوط استحباباً ترتيب آثار النجاسة على كلّ مسكر مائع بالأصل.

م ـ 77: قد حكم المشهور بنجاسة وحرمة العصير العنبي إذا غلا بالنار ولم يذهب ثلثاه، والأقوى طهارته، أمّا حرمة أكله أو شربه فهي الأحوط وجوباً، فإن ذهب ثلثاه صار حلالاً.
وأمّا إذا غلى أو تهيأ للغليان بغير النار، كأن يوضع في الشمس مثلاً حتى يصدر عنه صوت يقال له "نشيش"، فإنَّه يحرم بدون شك لأنَّ هذه هي الطريقة التي يصير بها العنب خمراً.  هذا ولا يضر الغليان، بالنّار أو بغيرها، بعصير غير العنب من الفاكهة، كالتمر والتفاح والزبيب وغيرها، إلاَّ أن يغلي بمرور الزمن مثلاً ونحوه من الطرق التي يتحول بها إلى خمر مسكر، فيحرم حينئذ وإن حكم بطهارته.


التاسع: الفقاع، والظاهر أنه هو "البيرة" المتعارفة في هذا الزمان، وهو شراب مخمر مسكر متخذ من الشعير، وبلحاظ اندراجه في الخمر المحرمة فإنَّ شربه حرام ولكنَّه طاهر على الأقوى، وإن كان الحكم بنجاسته هو الأحوط استحباباً، وليس من الفقاع ماء الشعير الذي يغلى ويشرب للاستشفاء، فإنَّه لا شك في طهارته وحليته.  وكذلك البيرة الخالية من الكحول فإنها ليست مسكرة بمقتضى ذلك، ولذلك يحكم بحليتها وطهارتها.


العاشر: المشهور نجاسة الكافر، وهو من لم يتدين بدين على الإطلاق، أو تدين بغير الأديان السّماوية من الأديان الوثنية، أو تدين بغير الإسلام من الأديان السّماوية، أو تدين بالإسلام وأنكر ما هو من الواضحات من شريعة الإسلام، كوجوب الصلاة وحرمة الخمر، بنحو أدى ذلك إلى تكذيب النبيّ (ص) وإنكار الرسالة، أو تدين بالإسلام ولكنَّه كان من النواصب الذين يكنون البغض والعداء لأهل البيت (ع)، أو من الذين يغالون فيهم فيصفونهم بصفات الألوهية.  والأقوى طهارة جميع هذه الأصناف من الكفار، وإن كان الحكم بالنجاسة هو الأحوط استحباباً، وخاصة في الكافر من غير أهل الكتاب.

م ـ 78: ابن الزنا طاهر، وكذلك يحكم بطهارة من شك في إسلامه وكفره وإن لـم يجرِ عليه سائر أحكام الإسلام.


الحادي عشر: قد يعدّ من النجاسات عرق الجنب من الحرام، سواء خرج حين العمل المحرّم أو بعده، وسواء في ذلك الزنا أو نكاح البهيمة أو الاستمناء مما هو حرام في ذاته، أو ما كان من نوع المحرّم عرضاً، كالجماع أثناء الحيض، ولكن الأقوى طهارته وجواز الصلاة فيه.


الثاني عشر: عرق الإبل التي تتغذى على غائط الإنسان حتى ينبت لحمها ويشتد عظمها من النجاسات، وهي التي يقال لها ولكلّ حيوان مأكول اللحم تغذى على ذلك (جَلاَّلة) والأحوط ـ وجوباً ـ إلحاق غير الإبل بالإبل في النجاسة.

 

وهي أمور:

الأول والثاني: البول والغائط من كلّ حيوان اجتمعت فيه الصفات التالية:

1 ـ أن يكون له نفس سائلة، والنفس السائلة هي العروق التي يشخب منها الدم عند الذبح، مقابل ما يسيح دمه ويجري جرياً من دون شخب.

2 ـ أن يكون غير مأكول اللحم، وذلك إمّا بالأصل كالأسد والهر والذئب ونحوها، أو بالعارض مثل البقرة التي يجامعها الإنسان فيحرم أكل لحمها، أو الشاة التي تشرب من لبن خنزيرة حتى تشتد وتنمو على ذلك الحليب، أو مثل الدجاجة أو الشاة التي تتغذى على غائط الإنسان حتى تنمو وتشتد.

3 ـ أن يكون من غير الطيور.

فمن فقد واحدة من هذه الصفات لا يحكم بنجاسة بوله وغائطه، فالطيور بجميع أنواعها محكومة فضلاتها بالطهارة، سواء كانت أهلية أو برية، من السباع المفترسة أو من غيرها، مما له نفس سائلة أو مما ليس له نفس سائلة.  كذلك فإنَّ الحيوانات التي يحل أكل لحمها، أهلية كانت كالغنم، أو برية كالغزال وحمار الوحش، محكومة بطهارة بولها وغائطها، وكذا يحكم بطهارة  فضلات الأسماك والتماسيح والأفاعي وسائر الزواحف والحشرات مما ليس له نفس سائلة.  لذا تختص نجاسة البول والغائط بالإنسان وبعض الحيوانات البرية المفترسة وغيرها، مثل الأرنب والثعلب والذئب والهر والفأرة والأسد ونحوها.

م ـ 60: إذا شك في حيوان أنه مما له نفس سائلة أو مما ليس له، أو شك في أنه من مأكول اللحم أو من غيره، أو شك في البعرة مثلاً أنها من فضلة الفأرة أو من فضلة الصرصور مثلاً ليكون نجساً من الأول وطاهراً من الثاني، ففي جميع هذه الحالات يحكم بطهارة البول والغائط.  وكذلك إذا علم أنه مما له نفس سائلة وعلم أنه من حيوان لا يسوغ أكل لحمه لكنَّه شك في أنه فضلة طائر أم أنه فضلة حيوان محرّم الأكل حكم عليه بالطهارة.


الثالث: الدم من كلّ حيوان له نفس سائلة، فيشمل دم جميع الحيوانات والإنسان ما عدا الأسماك والحشرات، مثل الأفعى والجراد والذباب والنحل ونحوها، أمّا الفأرة فالمعروف عند أهل الخبرة أنها مما يشخب دمه، فيكون دمها نجساً.

م ـ 61: الدم الذي يكون في البيضة نجس على الأحوط وجوباً، ولكنَّه حيث لا يعلم اتصاله بسائر أجزاء البيضة اتصالاً موجباً لسراية النجاسة فإنه لا يحكم بنجاسة البيضة، بل ينتزع الدم الموجود ويحكم بطهارة الباقي.

م ـ62: الدم الذي يخرج من البرغش والبرغوث ونحوهما محكوم بالطهارة حتى لو كان قد امتصه حديثاً من جسم الإنسان أو الحيوان.

م ـ 63: الدم المتجمد تحت الجلد لا يؤثر على طهارة ظاهر البشرة إلاَّ إذا انخرق الجلد وظهر ما تحته من دم فإنه يحكم بنجاسته ويتعامل معه على هذا الأساس.

م ـ 64: إذا شك في سائل أحمر أنه دم أو لا بنى على أنه ليس دماً، وإذا علم كونه دماً وشك في أنه من حيوان له نفس سائلة أو من غيره بنى على طهارته، وكذلك لو علم نوع الحيوان وشك في أنَّ ذلك الحيوان هل له نفس سائلة أو لا، أمّا إذا تأكد أنه من دم الإنسان ـ مثلاً ـ لكنه شك في أنه هل خرج منه مباشرة ليكون نجساً أو أنه امتصه البعوض ثُمَّ وقع الدم عليه ليطهر بهذا الانتقال فالحكم هنا هو النجاسة.

م ـ 65: الدم المتخلّف في الذبيحة بعد ذبحها بالطريقة الشرعية وبعد خروج الكمية المتعارفة محكوم بالطهارة، ولا فرق في الدم بين ما تخلّف في الجوف أو في العروق أو في القلب أو في الكبد أو في غيرها.

الرابع: المني من كلّ حيوان له نفس سائلة.  أمّا مثل المذي وغيره من الإفرازات التي يفرزها العضو التناسلي للرّجل والمرأة ـ ما عدا البول ـ فجميعها طاهرة، وكذلك يحكم بطهارة الإفرازات التي تخرج من الدبر غير الغائط.


الخامس: الميتـة من كلّ حيوان له نفس سائلة، والمراد بالميتة الحيوان الذي مات حتف أنفه بغير الذبح، أو الحيوان الذي مات ذبحاً ولكن بطريقة غير شرعية، وهو ما يقال له: "غير المذكى" في مقابل "المذكى" المذبوح بطريقة شرعية.  وهذا يشمل ميتة الإنسان وسائر أنواع الحيوان، أمّا الأسماك والحشرات مثل الأفاعي ونحوها مما ليس له نفس سائلة فميتته طاهرة.

م ـ 66: الحيوان المذبوح في غير بلاد المسلمين والمشكوك في ذبحه بالطريقة الشرعية محكوم بالطهارة وجواز الصلاة في أجزائه، غير أنه لا يجوز أكل لحمه، ولا بُدَّ أن يكون احتمال التذكية ـ في مقابل عدمها ـ احتمالاً معتداً به ناشئاً من الإمكانية الواقعية الحاصل بسبب وجود مسلمين كثيرين، أو من احتمال استيراده من بلاد إسلامية.

م ـ 67: يحكم بطهارة وذكاة اللحوم والجلود المأخوذة من أسواق المسلمين، وكذا يحكم بطهارة وذكاة المصنوعات الجلدية واللحوم المجمدة والمعلّبة المأخوذة من أسواق المسلمين، ولا يجب سؤال البائع المسلم عن مصدرها ولا عن ذكاتها، نعم إذا علم أنَّ المسلم قد أخذه من كافر أو من دولة كافرة لم يعامل معاملة المذكى إلاَّ إذا احتمل المشتري أنَّ ذلك البائع قد أحرز ذكاته قبل عرضه للبيع، من خلال رؤيته يأكل منه مثلاً، فإنَّه يصح التعويل على هذا الاحتمال في اعتبار ذلك اللحم مذكى.

م ـ 68: إذا علم أنَّ اللحم أو الجلد الذي في يد الكافر قد أخذه من مسلم أو من بلد إسلامي فإنه يعتبر مذكى، فيحكم بطهارته وجواز أكله، وإذا لـم يعلم بذلك فأخبره الكافر أنه من مسلم لم يكف إخباره لجواز الأكل منه إلاَّ عند حصول الاطمئنان من خبره أو من مصدر آخر.

م ـ 69: لا يُكتفَى ولا يُعتمَد على الشهادة الموضوعة على بعض اللحوم المعلّبة في البلاد غير الإسلامية بأنها مذبوحة على الطريقة الإسلامية، أو أنها بإشراف المركز الإسلامي الفلاني إلاَّ بعد حصول العلم أو الاطمئنان بصحة ذلك، والوثوق بالمركز أو المؤسسة المتصدية لذلك.

م ـ 70: في البلاد غير الإسلامية يقبل قول اللحامين وأصحاب المطاعم المسلمين الذين يدَّعون ذكاة اللحم الموجود عندهم، ولا يجب التدقيق والتحري عن مدى صدقهم ولو كانوا غير متدينين، اللّهم حيث يكثر اللحم غير المذكى في أسواق المسلمين، فإن الأحوط وجوباً تحصيل الوثوق بالتذكية حينئذ.

م ـ 71: يستثنى من نجاسة الميتة الأجزاء التي لا تحلها الحياة منها، وهي: الريش والصوف والشعر والوبر والسن والظفر والقرن والعظم والمنقار والظلف والمخلب والبيضة إذا اكتست بالقشر الأعلى، كذلك الأنفحة واللبن الذي في الضرع إذا أخذا من الحيوان محلل الأكل دون غيره، فإنهما طاهران ومحلل أكلهما حتى مع ملاقاتهما وملاصقتهما للحم الميتة التي يؤخذان منها، نعم إذا نتف الشعر أو الصوف مثلاً فإنَّ أصل الشعرة المنغرز في لحم الميتة نجس لا بُدَّ من تطهيره إذا علم بتحقّق الملاقاة مع الرطوبة.

م ـ 72: اللحم المقتطع من الحي حكمه حكم الميتة في النجاسة وحرمة الأكل، إلاَّ أن يقتطع من الحيوان المذبوح قبل استقرار موته فإنه لا إشكال فيه.  ولا بُدَّ لنجاسة المقتطع من انفصاله التام عن الجسد، فلو بقي معلّقاً ولو بجلدة رقيقة حكم بطهارته.  ولا يشمل ذلك مثل القشور التي تكون على الجسد وتنفصل بالحك أو بالنزع أو تسقط بنفسها فإنها محكومة بالطهارة.

م ـ 73: الحَمْل إذا بلغ مرحلة يتحرّك فيها ثُمَّ صار سقطاً ينجس بالموت، وإذا صار سقطاً قبل ذلك فاللازم احتياطاً اعتباره نجساً، وكذا الفرخ في البيضة في الحالتين.  أمّا ما يخرج من النفساء مع الولادة مثل المشيمة ونحوها فنجاسته محل تأمل.

م ـ 74: جلد الميتة لا يطهر بالدبغ، وجميع الميتات غير قابلة للتطهير إلاَّ إذا تحللت الجثة وتحولت إلى مادة أخرى كالتراب مثلاً، وإلاَّ ميتة الإنسان فإنَّ جثته تطهر بالأغسال الثلاثة الواردة في أحكام الأموات.

م ـ 75: فأرة المسك جلدة تنبت في جسد نوع من الغزلان وتحتوي في داخلها على العطر المعروف بالمسك، وهذه الفأرة إذا أخذت ونزعت من الغزال الحي أو الميت المذكى أو سقطت بنفسها فهي طاهرة مع ما في داخلها من المسك.

م ـ 76: إذا شك في الحيوان الميت أنه مما له نفس سائلة أو لا، أو أنَّ هذه القطعة هي من حيوان له نفس سائلة أو لا حكم على هذه الميتة بالطهارة.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وكذا رطوباتهما وأجزاؤهما التي لا تحلها الحياة، مثل الشعر والعظم وغيرهما، والنجس من الكلب هو البري، أمّا ما يسمى من الأسماك بكلب البحر فليس نجساً، وكذا خنزير البحر إن وجد.


الثامن: المشهور نجاسة الخمر وكلّ مسكر مائع بالأصل، والأقوى طهارته، أمّا أصناف المخدرات ونحوها من المسكرات الجامدة فهي طاهرة أيضاً.  وإن كان يحرم شرب الجميع، والأحوط استحباباً ترتيب آثار النجاسة على كلّ مسكر مائع بالأصل.

م ـ 77: قد حكم المشهور بنجاسة وحرمة العصير العنبي إذا غلا بالنار ولم يذهب ثلثاه، والأقوى طهارته، أمّا حرمة أكله أو شربه فهي الأحوط وجوباً، فإن ذهب ثلثاه صار حلالاً.
وأمّا إذا غلى أو تهيأ للغليان بغير النار، كأن يوضع في الشمس مثلاً حتى يصدر عنه صوت يقال له "نشيش"، فإنَّه يحرم بدون شك لأنَّ هذه هي الطريقة التي يصير بها العنب خمراً.  هذا ولا يضر الغليان، بالنّار أو بغيرها، بعصير غير العنب من الفاكهة، كالتمر والتفاح والزبيب وغيرها، إلاَّ أن يغلي بمرور الزمن مثلاً ونحوه من الطرق التي يتحول بها إلى خمر مسكر، فيحرم حينئذ وإن حكم بطهارته.


التاسع: الفقاع، والظاهر أنه هو "البيرة" المتعارفة في هذا الزمان، وهو شراب مخمر مسكر متخذ من الشعير، وبلحاظ اندراجه في الخمر المحرمة فإنَّ شربه حرام ولكنَّه طاهر على الأقوى، وإن كان الحكم بنجاسته هو الأحوط استحباباً، وليس من الفقاع ماء الشعير الذي يغلى ويشرب للاستشفاء، فإنَّه لا شك في طهارته وحليته.  وكذلك البيرة الخالية من الكحول فإنها ليست مسكرة بمقتضى ذلك، ولذلك يحكم بحليتها وطهارتها.


العاشر: المشهور نجاسة الكافر، وهو من لم يتدين بدين على الإطلاق، أو تدين بغير الأديان السّماوية من الأديان الوثنية، أو تدين بغير الإسلام من الأديان السّماوية، أو تدين بالإسلام وأنكر ما هو من الواضحات من شريعة الإسلام، كوجوب الصلاة وحرمة الخمر، بنحو أدى ذلك إلى تكذيب النبيّ (ص) وإنكار الرسالة، أو تدين بالإسلام ولكنَّه كان من النواصب الذين يكنون البغض والعداء لأهل البيت (ع)، أو من الذين يغالون فيهم فيصفونهم بصفات الألوهية.  والأقوى طهارة جميع هذه الأصناف من الكفار، وإن كان الحكم بالنجاسة هو الأحوط استحباباً، وخاصة في الكافر من غير أهل الكتاب.

م ـ 78: ابن الزنا طاهر، وكذلك يحكم بطهارة من شك في إسلامه وكفره وإن لـم يجرِ عليه سائر أحكام الإسلام.


الحادي عشر: قد يعدّ من النجاسات عرق الجنب من الحرام، سواء خرج حين العمل المحرّم أو بعده، وسواء في ذلك الزنا أو نكاح البهيمة أو الاستمناء مما هو حرام في ذاته، أو ما كان من نوع المحرّم عرضاً، كالجماع أثناء الحيض، ولكن الأقوى طهارته وجواز الصلاة فيه.


الثاني عشر: عرق الإبل التي تتغذى على غائط الإنسان حتى ينبت لحمها ويشتد عظمها من النجاسات، وهي التي يقال لها ولكلّ حيوان مأكول اللحم تغذى على ذلك (جَلاَّلة) والأحوط ـ وجوباً ـ إلحاق غير الإبل بالإبل في النجاسة.

 

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية